أسراراً جديدة عن عمالة الجاسوس العطار للموساد
 الأسرار لم تنته.. والجعبة لم تفرغ في قضية الجاسوس المصري محمد عصام العطار، أو “جوزيف عطار” الذي ضبطته الاستخبارات المصرية بعد عودته من كندا. ملف القضية في نيابة أمن الدولة العليا عامر بالمفاجآت، واعترافات كاملة للجاسوس على مدار شهر كامل فرضت خلالها النيابة سرية مطلقة عليها، والجاسوس نفسه كان سعيداً بهذه السرية، طلب من النيابة عدم إبلاغ أسرته، ولم يعترض على عدم وجود محام يترافع عنه في أثناء التحقيقات.

ما قصة المقابلة الأخيرة بين ضابط الموساد والجاسوس قبل سفره إلى مصر؟

وما قصة الشاب العربي الذي دفعته المخابرات “الإسرائيلية” في تركيا للتأكد من ولاء العطار؟

كيف عاش العطار حياة الأثرياء في كندا، بعدما كان يستدين من المصريين في تركيا؟

أجابت عن هذه الأسئلة تحقيقات نيابة أمن الدولة واعترافات الجاسوس الذي يواجه تهمة الأشغال الشاقة المؤبدة، هو وضباط المخابرات “الإسرائيلية” الثلاثة الذين تحرك الإنتربول المصري رسمياً ليطلب تسليمهم من كندا وتركيا لمحاكمتهم في مصر.

* أريد السفر لمصر؟

- لماذا؟

أريد إنهاء بعض متعلقاتي، وزيارة أسرتي التي لم أرها منذ خمس سنوات، وسأذهب لجامعة الأزهر أستكمل إجراءات عودتي لدراستي.

هذه العبارات جاءت في اعترافات الجاسوس المصري عصام العطار في نيابة أمن الدولة العليا، وهو الحوار الأخير بينه وبين ضابط الموساد “الإسرائيلي” التركي الأصل تونجاي جوماي قبل السفر إلى مصر بأيام، وكان اللقاء في حديقة عامة في مدينة تورينتو ثاني أكبر المدن الكندية، حيث كانت دائما اللقاءات بين الشاب المصري المتهم بالتجسس وضابط الموساد الذي كان يقوم بتغيير الأماكن في كل مرة.

لم يلتق الضابط مع محمد عصام العطار في شقق مغلقة، لكن اللقاءات كانت تتم في مطاعم وأندية وفنادق ومتنزهات، وفي هذا اللقاء نفسه، أعطاه الضابط أوراقاً كانت تتضمن خريطة تساعده على السفر إلى “إسرائيل”، وورقة فيها اسم وهاتف ضابط الموساد الذي سيقابله عصام في تل أبيب، لكنه طلب منه أن يحفظ عن ظهر قلب مضمون هذه الورقة، ثم يتخلص منها حتى لا يكتشفها أحد في القاهرة.

 

بوابة الجاسوسية

 

وكشفت اعترافات الجاسوس لرئيس نيابة أمن الدولة العليا المستشار هاني حمودة أسراراً كثيرة من هذه القضية، قص عليه عصام أن الموساد راقبه لمدة شهر قبل قبوله العمل معهم، وخلال هذه الفترة تم تكليف أحد عملائهم من العرب الذين يعيشون في تركيا بالاقتراب منه، والتأكد من صحة حديثه لرجال السفارة “الإسرائيلية”.

تمكن العميل من الحصول على معلومات كاملة عن عصام، قدمها لضابط الموساد، ورشحه ليعمل معهم، وكان هذا العميل هو بوابة  إلى الجاسوسية، وبدأ الجاسوس المصري عمله ليخضع لاختبارات من الموساد في الفترة الأولى من عمله، للتأكد من ولائه الكامل، وتمكنوا من تقدير قدراته، فهو شديد الذكاء، شره للمال، متطلع، لا يعترف بالمبادئ، وهي صفات تعشقها المخابرات، وتحب أن يتصف بها أي عميل.

على غير المتعود عليه في أعمال المخابرات، كان الجاسوس العطار يقدم تقاريره مكتوبة وبشكل صريح، فلا توجد شفرة أو حبر سري أو مكالمات مبهمة، المثير أن “إسرائيل” أصبحت تهتم بأحوال العرب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

هذه كانت مهمة العطار، كانت تعليمات الموساد واضحة للجاسوس “نريد تقريرا عن معظم العرب الذين يحيطون بك، أسباب تركهم بلادهم، مشكلاتهم في دولهم، الأحوال الاقتصادية في دولهم”.

هذه كانت تعليمات رجال المخابرات الثلاثة الذين تعامل معهم محمد عصام العطار طوال أربع سنوات  كما ورد في اعترافاته  وتمكن في هذه الفترة من كتابة تقارير عن مئات العرب الذين تعرف إليهم في تركيا وكندا.

ورشح العطار كثيرين منهم للعمل مع الموساد، مؤكدا أن ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية سيئة، وبالفعل تعامل ضابط الموساد مع معلومات عصام العطار بجدية، وألقوا شباكهم حول الشباب العرب الذين رشحهم الجاسوس المصري.

وتوالت اعترافات العطار في القضية العامرة بالأوراق المثيرة، قدم للموساد على مدار ثلاث سنوات ونصف السنة معلومات أكثر أهمية عن أسرار حسابات الأثرياء العرب في بنوك كندا، واهتمت الموساد ببعضهم، طلب منه الضابط تونجاي جوماي المزيد من المعلومات حول بعض أصحاب هذه الحسابات.

كلف الضابط العطار إقامة صداقة مع هؤلاء الأثرياء، والحصول على أرقام هواتفهم، وعناوين منازلهم وتقديمها له.

وخلال فترة عمله في تورنتو، تحول العطار إلى شخص آخر، لا يشبه الذي جاء إلى تركيا فقيرا معدما في ،2001 حيث كان هاربا من حكم قضائي بسبب إيصال أمانة.

اشترى سيارة أحدث موديل وشقة في منطقة راقية، ملابسه كانت دائما “غالية الثمن، يتعطر بأغلى العطور الباريسية، وبعد أشهر، قام بتغيير سيارته إلى سيارة أحدث موديل 2006.

هكذا كانت تعليمات ضباط الموساد الذين طالبوه أن ينفق أمواله على المظاهر، ولا يقوم بإيداعها في بنك، حتى لا تكون دليلا ضده.

وكشفت الاعترافات الكاملة للجاسوس أنه لم يتم تكليفه أي مهمة عسكرية، ولم يتم تدريبه على الحصول على المعلومات في هذا الشأن، لكنه كان سيتم تكليفه مهمة كبرى خلال سفره ل”إسرائيل”.

وتقول اعترافات الجاسوس:

أخبروني أن ضابط الموساد الذي سيقابلني في تل أبيب سيخبرني بما سأفعله في الخطوة القادمة، هكذا كانوا يتعاملون معي، خطوة خطوة، فلا أعرف الشيء إلا في حينه، فهم لا يكلفونني بأشياء سأقوم بها بعد شهر مثلا، التكليف يكون يوما بيوم.

حينما عرفت والدة العطار بما حدث، قررت تكليف محامي الأسرة الدفاع عنه في المحكمة التي تستعد خلال أيام لتسلم أوراق القضية، بعد أن اعتمد المستشار عبد المجيد محمود النائب العام قرار المستشار هشام بدوي محامي عام أول نيابات أمن الدولة العليا بإحالة الجاسوس.. وضباط المخابرات “الإسرائيليين” الثلاثة إلى المحاكمة بتهمة التخابر.

كانت هذه المرة الأولى التي يتواجد فيها محام مع الجاسوس الذي كان بمفرده طوال التحقيقات، ولم يكن في القضية تسجيلات صوتية، أو صور خاصة بالجاسوس مع رجال المخابرات “الإسرائيلية”، لكن الجاسوس الذي حاول الإنكار لحظة ضبطه في مطار القاهرة تراجع عن إنكاره حينما أدرك أن رجال المخابرات العامة يعرفون عنه كل شيء، وكانوا يتابعونه منذ سنوات.

فهو ادعى في اللحظة الأولى أنه أجنبي، لا يعرف العربية، لكن رئيس نيابة أمن الدولة وضباط المخابرات أشاروا إلى كلمة مصر في خانة محل ميلاده في جواز سفره الجديد الذي كان يحمل اسمه: جوزيف عطار، الجنسية: كندي، الديانة: مسيحي.. وذلك بعد أن ذهب إلى إحدى الكنائس الكاثوليكية في كندا وغير ديانته.

  • Currently 165/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
55 تصويتات / 1507 مشاهدة
نشرت فى 8 فبراير 2007 بواسطة areda

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,175,968