كيف يأتيك التواضع

 




العمل على إزالة سبب الهلاك فرض عين والتواضع ضد الكبر فالعلاج يكون بقطع أصول الكبر وجذوره من القلب ثم تهيئة البيئة الصالحة لتنمو محلها بذرة التواضع والمؤمن الصادق دائما جهده دائر بين التخلية والتحلية
فمن الأسباب المعينة على مجيء التواضع
أولا ـ حضور مجالس العلم ،، وهذا يستأصل جذور الكبر من القلب لأن الكبر ترعرع فى بيئة الجهل وكلما ازداد المرء جهلا كلما ازداد كبرا وعلوا فالعلم يذكر الإنسان ببدايته وأنه من تراب وقد جاء عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ثم من نطفة ثم من ماء مهين ثم من علقة ثم من مضغة وكان ضعيفا قبل قوته أعمى قبل بصره أصم قبل سمعه أبكم قبل نطقه جاهلا قبل علمه عاجزا قبل قدرته فقيرا قبل غناه عاريا قبل كسوته جائعا قبل شبعه فمن الذى نقله إلى هذه الأحوال الرفيعة الطيبة هل هو نقل نفسه أم هناك من تفضل عليه وأكرمه ونعمه وخلقه فعدله
وأصل ابن آدم من التراب الذى يوطأ بالأقدام ومن حمإ مسنون قد أسن فأنتن ثم صار بعد الأصل من نطفة قذرة ومنها فصله وإذا عير الرجل الرجل وأراد أن يصغر بقدره قال : لا أصل لك ولا فصل والأصل عند العرب الجد والفصل الأب فكأن أصله التراب وفصله النطفة لأن جده هو التراب وأبوه هو النطفة وهو بعد أبيه من نطفة فالأصل يوطأ بالأقدام والنطفة تُغسل منها الأبدان والثياب فها هو ابن آدم عبد ذليل أمره إلى غيره يريد أن لا يجوع ولا يعطش ولا يظمأ ولا يمرض فينزل به من ذلك خلاف مراده ويريد أن يذكر الشيء فينساه أو أن ينسى الشيء فيذكره ومجالس العلم فيها تُنزل السكينة وتُغشى الرحمة وتنجلى بصيرة القلب وتخشع الجوارح ويعرف العبد قدره وأصله وفصله
ثانيا ـ خدمة الآخرين ،، والخدمة ابتغاء وجه الله تعالى تورث التواضع وترسب فى النفس صفة اللين والشفقة والرحمة فالمتكبر يحب أن يكون مخدوما ويأنف من خدمة الآخرين ويستعلى على أن ينزل من مكانه ليقدم العون لغيره أما المتواضع فهو يتلذذ بخدمة الآخرين وهذا يزيده رفعة عند الله ورفعا لدرجته فى الجنة ، وكان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وهو إمام الأمة فى الفضائل كلها خير المتواضعين فكانت الأمة من إماء المدينة تستوقفه فيقف لها يسمع شكايتها وكان يجلس على الأرض يأكل فقال له بعض أصحابه يارسول الله تأكل كما يأكل العبيد فقال لهم ومن أعبد منى ؟ ولو أراد أن يكون ملِكا لكان ، وكان يطعم أصحابه ويخدمهم بنفسه فداك نفسى وأبى وأمى يارسول الله وكان صلى الله تعالى عليه وسلم يرقع ثوبه ويخصف نعله ويحلب شاته ويقم البيت ويجلس بين أصحابه كأنه أحدهم حتى يأتى الغريب فيسأل أيكم محمد ؟ وكان أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه يخدم امرأة عجوزا عمياء ينظف لها بيتها ويحمل لها الماء ويطعمها وهو آنذاك خليفة رسول الله 0
ثالثا ـ إنفاق المال ،، فالمال محبوب للنفس تصارع عليه وتحرص على جمعه وتخشى من نقصانه وتفرح بزيادته ومن تكبر بماله واستعلى على الناس بثروته فالعلة فى هذا الكبر هو المال الذى أصبح عبدا له ولا يخرج من عبودية المال إلا بإنفاقه فى وجوه الخير فبذل المال لوجه الله تعالى يُخرج حبه من القلب ويبرأ صاحبه من الرق والأسر له
والصحابة يروى عنهم فى هذا أخبار تشبه الأساطير إلا أنها حقائق سعدت بها الدنيا وسعد بها الوجود فكان الواحد يأتيه ألوف من الدراهم والدنانير فلا يأتى عليه الليل حتى ينفقها ويوزعها ويقسمها وهذا من عمق بصيرتهم وغزارة علمهم لأنهم يوقنون أن كثرة الدنيا موجبة لطول الحساب حيث سيسأل عن كل درهم سؤالين من أين اكتسبه وفيم أنفقه فأرادوا خفة الحساب بين يدى الله تعالى كما أرادوا رفع درجاتهم فى جنة الرضوان فقدموا المال لوجه الله ونفوسهم طيبة
رابعا ـ الجلوس مع الصالحين والمنكسرة قلوبهم ،، وهذا من أنفع الأدوية وأفضلها لإذابة الكبر فى القلب فالذى يجالس يجانس والقلوب بينها اتصال والطبع لص يسرق الخصال ومخالطة المتواضعين والبسطاء والمنكسرين تخلع عن النفس عباءة الكبر وتشعر الإنسان أنه عبد فرد كغيره من الناس لا يتميز عليهم بشيء ولذلك أمر الله تعالى نبيه بالصبر فى الجلوس مع الفقراء والبسطاء الذين لا يغفلون عن ذكره ولا ينشغلون عن طاعته ولا تلههم تجارة ولا بيع عن حبه وعبادته قال الله تعالى ((واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)) الكهف 28
وقال تعالى ((واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين)) الشعراء 215 وقال أحد الصالحين لا تصحب إلا من ينهضك حاله ويدلك على الله مقاله
وعن سليم بن منصور بن عمار قال : رأيت أبى فى المنام فقلت ما فعل الله بك فقال إن الله قربنى وأدنانى وقال لى يا شيخ السوء تدرى لم غفرت لك قلت لا ياإلهى قال إنك جلست للناس يوما مجلسا فبكيتهم فبكى فيه عبد من عبادى لم يبك من خشيتى قط فغفرت له ووهب أهل المجلس كلهم له ووهبتك فيمن وهبت له فهذه منافع الجلوس مع التائبين والعلماء والصالحين
وإليك صور من تواضع الصالحين فعن جبير بن نفير أن نفرا قالوا لعمر بن الخطاب والله ما رأينا رجلا أقضى بالقسط ولا أقول بالحق ولا أشد على المنافقين منك يا أمير المؤمنين فأنت خير الناس بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال مالك بن عوف كذبتم والله لقد رأينا خيرا منه بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال عمر من هو يا عوف فقال أبو بكر فقال عمر صدق عوف وكذبتم والله لقد كان أبو بكر أطيب من ريح المسك وأنا أضل من بعير أهلى
وسأل رجل الإمام مالكا عن مسألة فقال لا أحسنها فقال الرجل إنى ضربت إليك من كذا وكذا لأسألك عنها فقال له مالك فإذا رجعت إلى مكانك وموضعك فأخبرهم أنى قلت لك لا أحسنها وكان الإمام مالك عظيم المحبة لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مبالغا فى تعظيم حديثه حتى كان لا يركب فى المدينة مع ضعفه وكبر سنه ويقول لا أركب فى بلد فيها جسد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مدفون
وعن نافع أن رجلا سأل ابن عمر عن مسألة فطأطأ رأسه ولم يجب حتى ظن الناس أنه لم يسمع مسألته فقال له يرحمك الله أما سمعت مسألتى قال بلى ولكنكم كأنكم ترون أن الله تعالى ليس بسائلنا عما تسألونا عنه اتركنا رحمك الله حتى نتفهم فى مسألتك فإن كان لها جواب عندنا وإلا أعلمناك أنه لا علم لنا بها فهذه سيرة المتواضعين الذين أثمر العلم منهم خشية الله فعرفوا نفوسهم وقدرها حق قدرها وأنزلوها منزلتها فانقادت لهم ذليلة مطيعة حتى حملتهم إلى بر الأمان هذا والله تعالى ورسوله والمؤمنون أعلى والله أعلم
أنس فرج محمد فرج

افشاء السلام ينشر المحبة و المودة بين الانام

إن إفشاء السلام هو مفتاح القلوب وينشر المحبة و المودة بين الانام وحسب موقع الشبكة الاسلامية فانك اذا أردت أن تُفتح لك قلوب العباد فسلم عليهم إذا لقيتهم وابتسم في وجوههم، وكن سباقًا لهذا الخير يزرع الله محبتك في قلوب الناس وييسر لك طريقًا إلى الجنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم".
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ثلاثٌ يُصْفِين لك وُدَّ أخيك: أن تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه.
السلام تحية أهل الجنة:
ويكفي أن السلام هو تحية أهل الجنة الذين لا يختار الله تعالى لهم إلا ما هو أكمل وأحسن ، فقد قال الله عز وجل عن أهل الجنة: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} [الأحزاب:44 ، وقال سبحانه وتعالى: {لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً} [الواقعة:26 ، وقال: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ} [إبراهيم:23 .
السلام حق المسلم على أخيه:
إن إلقاء السلام ورده أحد الحقوق التي كفلها الشرع للمسلم على أخيه المسلم. أما إلقاء السلام ففيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه".
وأما رد السلام ففيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "خمسٌ تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز".
السلام سبب للبركة:
إذا أردت أن يبارك الله لك في نفسك وأهل بيتك فسلم عليهم كلما دخلت بيتك؛ فإن ذلك من أعظم أسباب البركة. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عيله وسلم: "يا بُني إذا دخلت على أهلك فسلِّم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك".
فأين أكثر المسلمين من هذا الأدب؟!
إفشاء السلام سبب العلو ورفعة الدرجات:
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفشوا السلام كي تعلوا".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه، فأفشوه بينكم، فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم، فإن لم يردوا عليه ردَّ عليه مَن هو خيرٌ منهم وأطيب".
إن الذي يبدا الناس بالسلام هو أقرب وأحب إلى الله ، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أولى الناس بالله مَن بدأهم بالسلام".




  • Currently 90/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 756 مشاهدة
نشرت فى 6 فبراير 2007 بواسطة areda

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,177,742