مركز بحوث التقانه والسلامة الحيوية

يهتم بالتقانة الحيوية والهندسة الوراثية للنباتات

 المقدمه

البيوتكنولوجيا أو التقانة الحيوية تعنى ببساطة الوسائل أو الطرق techniques التى نستخدم بها الكائنات الحية من بكتيريا ونباتات وحيوانات أو أجزاء منها لتصنيع أو تحسين منتجات مفيدة للإنسان . والبيوتكنولوجيا biotechnology كلمة تتكون من مقطعين بيو bio وتعنى حياة وتكنولوجيا technology وتعنى تطبيق العلم أو المعرفة في الحياة العملية. والبيوتكنولوجيا بمعناها الواسع بدأت منذ أن استأنس الإنسان النباتات والحيوانات أى منذ حوالي عشرة آلاف عام. وقد استخدمها المصريون القدماء في صناعة الخبز والجبن والخمور منذ أكثر من ستة آلاف عام . أما البيوتكنولوجيا الحديثة فقد نشأت نتيجة التقدم الكبير الذي حدث في فروع العلم المختلفة، ففي أوائل السبعينيات من القرن العشرين استطاع العلماء لأول مرة فى تاريخ البشرية من عزل المادة الوراثية DNA  وإحداث تغييرات فيها. والDNA أو الحمض النووى الريبوزى المختزل موجود في جميع خلايا الكائنات الحية ويتكون من وحدات تعرف بالجينات genes أو المورثات وهى التي تحمل المعلومات أو الصفات الوراثية للكائن الحي وتساعد على انتقالها من جيل إلى جيل. 

ويعرف التعامل مع هذه الجينات بالهندسة الوراثية genetic engineering أو تكنولوجيا الDNA المطعم أوالمعاد تشكيله (recombinant DNA) واختصاراً rDNA وتتضمن أخذ جين أو أكثر من موضع معين في كائن حي ونقله إما إلى كائن حي آخر أو وضعه ثانية فى نفس الكائن ولكن في مجموعة أو توليفة مختلفة؛ والكائنات الناتجة بعد هذه العملية تعرف بالكائنات العبر جينية transgenic أو المحورة وراثيا GMO والبيوتكنولوجيا هي في الحقيقة مجموعة من التكنولوجيات المختلفة وتشمل ليس فقط الهندسة الوراثية، ولكن أيضا تحليل الDNA ، ورسم الخريطة الجينية، ونقل الجينات، وزراعة الأنسجة، التخمرات البيولوجية، والاستنساخ الحيوانى.  تحليل الDNA ورسم الخريطة الجينية genetic mapping مكن العلماء من أن يضعوا أيديهم على جينات معينة، تحمل صفات مرغوبة، فى جينوم الكائن الحى ونقلها باستخدام تكنولوجيا نقل الجينات gene transfer من كائن إلى آخر. كما إن زراعة الأنسجة النباتية plant tissue culture مكن العلماء من تنمية الخلايا لتنتج نباتات كاملة، وبها نستطيع الإكثار من الأنواع الممتازة من النباتات بسرعة وسهولة. أما التخمر الحيوى biofermentation فقد مكن العلماء من الإنتــاج المكثف mass production للأحياء الدقيقة، وتطوير ميكروبات تستخدم في المكافحة الحيوية للآفات التي تصيب النباتات، وإنتاج مخصبات بيولوجية. وعن طريق الاستنساخ cloning نستطيع إنتاج حيوانات متشابهة فى جميع صفاتها وبذلك نستطيع الإكثار من الأنواع الممتازة والنادرة . والأهداف التى يسعى العلماء حاليا لتحقيقها باستخدام البيوتكنولوجيا الحديثة فى النباتات هى نفسها تقريبا نفس الأهداف التى كان المربون يسعون لتحقيقها بالطرق التقليدية للتربية من خلط وتهجين وانتخاب وخلافه ، إلا أن التحوير الجينى genetic modification باستخدام البيوتكنولوجيا الحديثة يتميز بعدد من  الخصائص الفريدة :

 

1- التخصص والدقة :

يمكن اختيار الصفة المطلوبة، وتجنب الصفات غير المرغوبة، بمنتهى الدقة من بين آلاف الصفات التى يمتلكها النبات .

 

2- السرعة :

يمكن تثبيت الصفة المرغوبة فى جيل واحد، أما فى طرق التربية التقليدية فيتطلب الأمر عدة أجيال تستغرق سنوات .

 

3- كسر الحواجز بيـن الأنواع :

طرق التربية التقليدية تعتمد على التكاثر الجنسى ، أما تكنولوجيا rDNA فيمكنها نقل جينات من نباتات إلى نباتات أخرى لا تتوافق معها جنسيا ، بل من حشرات أو حيوانات أو بكتيريا إلى النباتات كما حدث فى حالة المحاصيل المقاومة للحشرات (Bt crops) حيث تم نقل جينات من البكتيريا إلى النباتات ، وبالتالى يمكن استنباط أنواع تحمل صفات فريدة لم توجد فى الطبيعة من قبل . وكنتيجة للفوائد المتوقعة من استخدام البيوتكنولوجيا في الزراعة فقد ورد فى تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة فى عام 2001 أن استخدام البيوتكنولوجيا فى الزراعة يعتبر خطوة جبارة بالنسبة للدول النامية. وقد كان الهدف الرئيسى المعلن من وراء تطوير وإنتاج النباتات والحيوانات المحورة وراثيا هو توفير الغذاء لملايين الجوعى والمحرومين من شعوب هذه الدول. وعبر عن ذلك نورمان بورلوجN. Borlaug   (أبو الثورة الخضراء) والحائز على جائزة نوبل بقوله: "وفرة الغذاء adequate food تعتبر أول مكونات العدالة الاجتماعية" وأضاف بأننا نمتلك الآن المعلومات والتكنولوجيات التي تمكننا من إنتاج الطعام الذي يكفى لتغذية البشر الذين سيعيشون على سطح هذا الكوكب فى عام 2025م. وقد وقع بورلوج مع 3300 عالم آخر من شتى أنحاء العالم (منهم 18 حائزين على جائزة نوبل) وثيقة لتدعيم البيوتكنولوجيا النباتية . ولكن ، هل وفرة الغذاء أو الكمية التى ينتجها العالم هى العامل المحدد لنسبة الجوع أو سوء التغذية؟  منظمة الأغذية والزراعة (الفاوFAO) تقول فى تقرير لها إن الإنتاج العالمى من الغذاء يكفى لسد حاجة الـ 6 مليارات إنسان الموجودين على سطح هذا الكوكب، إنتاج الحبوب وحده إذا ما تم توزيعه بالعدل يكفى لسد حاجة جميع السكان من الطاقة . المشكلة إذن ليست مشكلة إنتاج ولكنها، ويا للأسف ، مشكلة توزيع ، ولإدراك حجم الفجوة الاستهلاكية الضخمة بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية يكفى أن نشير إلى أن البلدان المتقدمة الغنية تضم فقط 20% من مجموع السكان فى العالم ومع ذلك فإنها تستهلك حوالي 86% من الاستهلاك العالمى ، وفى المقابل فإن أفقر 20% من سكان العالم يستهلكون فقط 1.3% من الاستهلاك العالمي. ورغم تصاعد النشاط الاقتصادي الذى يقدر حاليا بنحو 30 تريليون دولار سنويا، إلا أن حوالى 1.2 بليون شخص فى العالم يعيشون على أقل من دولار واحد يوميا. ولكن، والفضل لله، فان منطقتنا العربية (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) طبقا لتقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة عام 2002م هى أفضل منطقة فى العالم من ناحية عدالة توزيع الدخل ، بالإضافة إلى أن نسبة الفقر المدقع بها أقل ما يمكن، حيث يعيش 2.5% فقط من سكان هذه المنطقة على دولارا واحدا أو أقل، وهى نسبة بسيطة إذا ما قورنت بالنسبة العالمية ( 20% ). والسبب فى ذلك يرجع إلى أن الإسلام يحض على التكافل الاجتماعي ومساعدة الفقراء والمحتاجين،. وطبقا لتقديرات منظمة الفاو FAO فإن 40-55% من سكان الجنوب فى أفريقيا يعانون من سوء التغذية المزمن، بل أن حالتهم أكثر سوءً مما كانت عليه منذ 30 عاما مضت. نصيب الفرد من الحبوب فى جنوب القارة فى الوقت الحالي أقل بحوالي 19% مما كان عليه عام 1970م. والفجوة بين الإنتاج والطلب على الحبوب من المتوقع أن تقفز من 9 ملايين طن عام 1990 إلى 27 مليون طن عام 2020م  . إذن فالسبيل الوحيد للخروج من المشكلة هو أن ينتج الإنسان غذاؤه بنفسه بالكميات التي تكفيه ولا يعتمد على المنح والمساعدات التي غالبا ما يكون وراءها أهدافا سياسية، وقديما قالوا: "من لا يملك قوته لا يملك حريته" وما حدث فى الهند يعتبر مثالا يحتذى، فمنذ أكثر من ثلاثين عاما كان السكان هناك يعانون من سوء التغذية والفقر المدقع ولم يكن هناك أمل فى توفير الطعام لهذا العدد الهائل والمتزايد من السكان، ولكن بداية من نوفمبر 2002م أصبحت الهند أكبر مورد للقمح (1 مليون طن متري من القمح سنوياً). وفى الصين، انخفضت نسبة الفقر بحوالى 85% منذ عام 1978 نتيجة زيادة الإنتاج الزراعي وأدى ذلك إلى ثبات الأسعار وتحسن مستوى التغذية . وسنناقش فى هذا المقال بشئ من التفصيل أهم تطبيقات البيوتكنولوجيا الحديثة فى النباتات والتوقعات المستقبلية، ثم المخاطر البيئية والصحية التى قد تحدث .

 

أولا:  أهم تطبيقات البيوتكنولوجيا الحديثة فى النباتات :

يمكن تقسيم التطبيقات البيوتكنولوجية إلى :

أ- تطبيقات تهدف الى تغيير الصفات أو الخصائص المحصولية .

ب- تغيير خصائص المنتجات النباتية .

جـ- إنتاج مركبات صيدلانية .

د- إنتاج فاكسينات نباتية .

 

أ- الخصائص المحصولية Agronomic Traits  :

تحسين الصفات أو الخصائص المحصولية يمكن أن تساعد على زيادة الإنتاج بعدة وسائل أهمها :

1- زيادة كمية الغذاء التى ينتجها النبات الواحد .

2- تقليل الفقد فى المحصول نتيجة الإصابة بالآفات والأمراض أو الحشائش .

3- التغلب على الظروف البيئية المناوئة لنمو النباتات .

والفوائد المتوقعة نتيجة تحسين الصفات المحصولية هى زيادة إنتاج المحاصيل، والحصول على إنتاج مستمر ومتجانس، تخفيض تكاليف الإنتاج ، والاستفادة من الأراضي غير الصالحة لزراعة المحاصيل العادية، بالإضافة إلى تقليل العمالة وتوفير الوقت .

 

1- زيادة انتاجية النباتات Increasing Yields :

          في المعهد القومي الياباني للموارد البيولوجية ، تمكن العلماء من نقل جينات التمثيل الضوئى photosynthesis  من البطاطس إلى الأرز لزيادة كفاءته في إنتاج النشا النباتي. وقد أدت هذه العملية إلى زيادة المحصول بنسبة 30%.  علماء آخرون يحاولون تعديل الميتابولزم (التمثيل الغذائي) في النباتات عن طريق إبطال مفعول بعض الجينات لكي يتحول مسار بعض المغذيات nutrients من جزء إلى جزء آخر من أجزاء النبات. فمثلا النباتات الزيتية كالكانولا canola (الشلجم من عائلة اللفت) يزداد الإنتاج كلما زاد تركيز الأحماض الدهنية في البذور وليس في الأوراق . يستطيع العلماء أيضا، باستخدام البيوتكنولوجيا ، تطوير محاصيل أكثر قدرة على استخلاص العناصر الغذائية من التربة. مثال ذلك ما قام به العلماء المكسيكيون من تجارب أسفرت عن إنتاج نباتات عبر جينية لها القدرة على إفراز حمض الستريك citric acid من جذورها إلى التربة، فتزداد حموضة التربة قليلا ما يؤدى إلى انسياب أو تفكك المعادن المرتبطة بجزيئات التربة فيمتصها النبات بسهولة . النيتروجين أو الآزوت nitrogen هو العنصر السهل الممتنع ، فعلى الرغم من أنه يشكل أكبر نسبة من الهواء الجوى (80%)، إلا أن معظم الكائنات الحية بما فيها النباتات لا تستطيع الاستفادة منه فى صورته الغازية، وفى نفس الوقت لا تستطيع الاستغناء عنه، فهو إذن العنصر المحدد limiting factor لنمو هذه الكائنات. من هنا، يحاول الباحثون فى مختلف التخصصات معرفة أسرار العلاقة التكافلية التي تسمح لبكتيريا العقد الجذرية root nodules الموجودة في جذور النباتات البقولية كالفاصوليا والبازلاء من تثبيت النيتروجين الجوى وتحويله إلى أمونيا يستفيد منها النبات الذي يحتضن هذه البكتيريا في جذوره . وقد تعرف علماء النبات فى المجر وفى إنجلترا على الجين النباتى الذى يمكن النبات من تكوين علاقة تكافلية مع بكتيريا تثبيت النيتروجين الموجودة فى التربة.  وتعرف علماء الميكروبيولوجيا فى جامعة كوينزلاند فى استراليا على جينات البكتيريا التى تحفز النبات على تكوين العقد الجذرية وقد أدى التعاون بين علماء البيولوجيا في الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وكندا إلى فك شفرة الجينوم الخاص بإحدى سلالات بكتيريا تثبيت النيتروجين، وتمكن علماء كيمياء البروتينات من معرفة التركيب الدقيق للإنزيم البكتيري الذي يقوم بتحويل النيتروجين الجوى إلى صورة أخرى يمكن للنبات أن يمتصها ويستفيد منها .

 

2-نباتات تقاوم الآفات Pest-Resistant Plants :

لاحظ العلماء أن بكتيريا التربة المسماة (Bacillus thuringiensis Bt) تنتج بروتيناً طبيعيا يقتل الحشرات التي تتطفل على بعض المحاصيل الزراعية دون أن يضر بالمحصول نفسه أو بالإنسان . ويعد حفار الذرة الأوروبي European corn borer من أخطر الحشرات التي تصيب المحاصيل، إذ يكلف الولايات المتحدة وحدها 1.2 بلايين دولار سنويا ، ولذلك فإن محاليل هذه البكتيريا كانت تستخدم منذ ثلاثينيات القرن الماضي على هيئة رذاذ لرش المحاصيل الحقلية بدلاً من استخدام المواد الكيماوية . من هنا فطن الباحثون إلى إمكانية نقل هذا الجين البكتيرى المسئول عن إنتاج هذا البروتين القاتل وإيلاجه فى جينوم النبات حتى يستطيع إنتاجه بنفسه وبالتالى يتمتع بخاصية المقاومة الذاتية للحشرات. وهذا ما حدث بالفعل مع محاصيل الذرة والبطاطس والقطن وما زالت الأبحاث تجرى على قدم وساق لإحداث هذا التحوير الجيني فى بقية المحاصيل ذات الأهمية الاقتصادية. هذه البروتينات القاتلة للحشرات ستعطى النباتات حماية ولو جزئية تؤدى إلى التقليل من استخدام المبيدات الحشرية التي تضر بالبيئة وبالإنسان. وفى نفس الوقت تخفض من تكاليف شراء المبيدات وماكينات أو طائرات الرش والعمالة ...الخ .

وتجدر الإشارة إلى أن الآفات تتسبب فى فقد أكثر من نصف الإنتاج العالمى من المحاصيل، وتقدر الخسائر قبل وبعد الحصاد بحوالي 100 بليون دولار سنويا. وتختلف الخسائر من منطقة إلى أخرى فى العالم ، ففى أفريقيا مثلاً تقدر الخسائر الناجمة عن الإصابة بالأمراض والحشرات والحشائش بما يعادل قيمة المحاصيل التي تم حصادها مقارنة ب 50% فقط من قيمتها فى أمريكا الشمالية. ويتوقع الخبراء أن تؤدى المحاصيل المعدلة وراثيا لمقاومة الحشرات والفطريات (القطن - الذرة - الأرز - الفواكه - الخضراوات) إلى توفير 2.8 بلايين دولار من الـ 8 بلايين التي يتم إنفاقها سنويا فى مقاومة الآفات، وهذا سيفيد الدول التى تنتشر فيها هذه الآفات أكثر من غيرها. فمثلا، بين عامى 1998، 2001 حقق إنتاج القطن العالمي زيادة فى الدخل مقدارها 1.7 بليون دولار نتيجة زراعة القطن المقاوم للحشرات Bt cotton وقد تراوحت الزيادة فى المحصول نتيجة زراعته من 5-10% فى الصين، 10% فى الولايات المتحدة والمكسيك، 25% فى جنوب أفريقيا، 10-15% فى المناطق التى تنتشر فيها الحشرات فى أسبانيا. وحديثا (أكتوبر 2004) نشرت مجلة Economist البريطانية تقريرا أوضحت فيه أن المساحة التى زرعت من القطن المقاوم للحشرات فى العالم فى عام 1997م كانت 1.4 مليون هكتار hectare (الهكتار = 10 آلاف متر مربع) فقط، إزدادت في عام 2003 إلى 7.2 ملايين هكتار . أما فى أمريكا التى استنبطت هذا الصنف فتزرع منه حاليا 75% من إجمالي المساحة المزروعة بالقطن. والصين التى اعتمدت زراعته تجاريا فقط فى عام 1997 زرعت في عام 2001م 1.5 ملايين هكتار بما يعادل 30% من المساحة المزروعة وفى عام 2003 زرعت منه 2.8 ملايين هكتار . ورغم أن أسعار بذور المحاصيل المعدلة جينيا لمقاومة الحشرات (Bt crops) أعلى نسبيا من البذور العادية .

أثناء المؤتمر العالمي للتنمية المستدامة sustainable development الذي عقد تحت رعاية الأمم المتحدة في جوهانسبرج فى أغسطس/سبتمبر 2002 تظاهر مئات من المزارعين الهنود والأفارقة للمطالبة باستخدام البيوتكنولوجيا الحديثة في الزراعة. أحد المتظاهرين من جنوب أفريقيا يدعى T.J. Buthelezi قال أنه عندما زرع القطن المعدل وراثيا لأول مرة حصل على أربعة أضعاف ما يعطيه المحصول التقليدي ، وأضاف أنه أصبح يدخر نقودا للمرة الأولى في حياته وأصبح يستطيع سداد ديونه. وتشير الاحصاءات الى أن 75% من المزارعين (4.5 ملايين تقريبا معظمهم فى الصين وفى جنوب أفريقيا) الذين زرعوا القطن المعدل وراثيا  كانوا من أمثال هذا المزارع الفقير . ولكن يجب الحذر تماما قبل التوسع فى زراعة هذه المحاصيل، فهناك بعض المخاطر أو الجوانب السلبية التى قد تحدث � كما هو الحال دائما عند استخدام أى تكنولوجيا جديدة . وعلى سبيل المثال ما حدث فى عام 1999م بعد أن تمت الموافقة على الاستخدام التجارى لبعض المحاصيل المعدلة لمقاومة الحشرات (Bt-crops) لاحظ فريق من الباحثين العاملين فى مناطق مجاورة أن بروتين ال Bt يقتل كائنات غير مستهدفة non-target organisms مثل يرقات الفراشة الملكية monarch caterpillars ونتيجة لهذا التقرير قامت وزارة الزراعة الأمريكية USDA بتحقيق واسع وأبحاث مدعمة من قبل الحكومة لدراسة تأثير بروتين Bt  الذى تنتجه نباتات الذرة المحورة وراثيا على يرقات الفراشة الملكية، ولكن النتائج أثبتت أن الزراعة الحقلية للذرة Bt تشكل تهديدا طفيفا للغاية negligible على هذه الفراشات. ومع ذلك فقد أوصى العلماء بالمتابعة الدقيقة لتأثيرات هذه النباتات على البيئة فى المدى الطويل.

 

3- نباتات تتحمل مبيدات الحشائش Herbicide-Tolerant Plants  :

          الظروف الجيدة التى تسمح بنمو المحصول تسمح أيضا بنمو الحشائش والأعشاب فى نفس الوقت والمكان مما يقلل من إنتاجية المحصول نتيجة تنافس الحشائش معه على نفس الموارد المتاحة. في الزراعة التقليدية يتم القضاء على هذه الحشائش أما باستخدام مبيدات الحشائش أو بالحرث أو بالاثنين معاً . وغالباً ما يتطلب الأمر الرش عدة مرات أثناء دورة نمو المحصول مما يزيد من تكاليف الإنتاج ، بالإضافة إلى الأضرار البيئية الناجمة عن ذلك. أما الحرث فرغم أنه يؤدى إلى التخلص من الحشائش ومن بقايا المحصول السابق ويفيد فى تهوية التربة إلا أنه يعرض التربة للرياح والأمطار مما قد يؤدى إلى تآكل التربة وتعريتها soil erosion (خاصة فى الأماكن المعرضة للتعرية) وفقدانها لكثير من العناصر الغذائية مثل النيتروجين والفسفور. والاتجاه حاليا �خاصة فى الولايات المتحدة - يتزايد نحو الزراعة بدون حرث ولكن مفتاح نجاحه يكمن فى القضاء على الأعشاب الضارة، ومن هنا برزت أهمية المحاصيل التى تتحمل مبيدات الأعشاب . وقد استطاع العلماء استنباط أنواع من النباتات لا تتأثر بمبيدات الحشائش -يطلق عليها Herbicide-tolerant plants (Ht) مما يسمح للمزارعين باستخدام عددا من مبيدات الحشائش دون الأضرار بالمحصول الرئيسى . وقد تم إدخال هذه الصفة فى عدد لابأس به من المحاصيل الاقتصادية مثل القطن والذرة وفول الصويا والكانولا .

4- نباتات تتحمل الظروف البيئية السيئة Hardier Plants :

          بالإضافة إلى التحديات التى ذكرت سابقا (الآفات، الحشائش..الخ) تواجه النباتات تحديات أخرى فى غاية الأهمية مثل نقص المياه، ملوحة أو حموضة التربة، حرارة أو برودة الجو،... الخ ورغم أن المربين على مر العصور نجحوا في استنباط أنواع من النباتات تتحمل الظروف القاسية ، إلا أن هذا النجاح كان محدودا بسبب الصعوبات التى تعترض طريقهم أثناء عمليات الانتخاب والخلط بين الأنواع. لذا فإن العلماء يعلقون آمالا كبيرة على البيوتكنولوجيا الحديثة للتغلب على هذه العقبات .

 

الجفاف والملوحة :

نقص المياه من أكبر المشاكل التي تواجه الزراعة والتنمية ، فالحياة تقترن دائماً بوجود الماء، وقد أشار المولى عز وجل إلى هذه الحقيقة فى كتابه الكريم.. "وجعلنا من الماء كل شئ حي "الأنبياء:30 . ومازالت الزراعة تحظى بالنصيب الأوفر (70%) من جميع المياه المستخدمة فى العالم ؛ أكثر من 240 مليون هكتار أو 18% من الأراضي المزروعة فى العالم يتم ريها بالمياه . وأكثر من 40% من الغذاء العالمي ينتج من هذه الأراضي .وبالتالي فإن نقص المياه والجفاف المستمر يهدد كثيراً من الدول الأفريقية والآسيوية ويحد من مقدرتها على تغذية شعوبها. وطبقا لتقرير صدر عن الأمم المتحدة فى عام 2000م فإن 14 دولة أفريقية معرضة لنقص المياه ، وسيلحق بها 11 دولة أخرى بحلول عام 2025م. وطبقا لدراسة أعدها المعهد الدولى لإدارة المياه (IWMI) فإن ثلث سكان العالم سيعيشون فى مناطق جافة بحلول عام 2025م. والولايات المتحدة الأمريكية لم تسلم هى الأخرى من نقص المياه ، فقد تعرضت بعض ولايات الجنوب للجفاف فى الخمس سنوات الماضية، ولأول مرة تدفع الحكومة أموالاً للمزارعين فى ولاية جورجيا حتى يمتنعوا عن رى محاصيلهم بالمياه . وعلى الرغم من التوصل إلى بعض أنواع النباتات العبر جينية والتى تتحمل الجفاف والملوحة، إلا أن استخدامها عملياً فى الزراعة مازال بعيد المنال . فمعظم الأبحاث عليها كانت تجرى فى الصوب الزراعية greenhouses ولذلك فإنه من الصعب الاعتماد على النتائج المتحصل عليها وتطبيقها فى الحقول تحت الظروف الطبيعية الحقيقية .  ولكن يمكن استخدام هذه النباتات فى زراعة الأراضي المستصلحة حديثا، وبالتالي نزيد من مساحة الرقعة القابلة للزراعة فى المستقبل . ويجب ألا ننسى أن كثيرا من الأراضي الملحية نشأت من عدم المداومة أو الانتظام فى الرى أو بسبب نوعية المياه المستخدمة. لذلك فإنه يجب أن نعطى الأولوية لأسباب حدوث الملوحة وكيفية التغلب عليها، وإلا فإن الملوحة ستزداد فى التربة بدرجة قد لا تتحملها حتى النباتات المعدلة وراثيا لتحمل الملوحة.  وقد توصل بعض الباحثين إلى إنتاج طماطم تتحمل ملوحة أكثر ب 300 مرة مما تتحمله الطماطم العادية .

          فى جامعة كورنيل بالولايات المتحدة ، قام الباحثون بقيادة Ray Wu أستاذ الوراثة والبيولوجيا الجزيئية بتطوير نوع من الأرز مقاوم للجفاف والظروف البيئية السيئة. وقد نشأت الفكرة عندما لاحظ العلماء أن بعض النباتات الصحراوية تقلل نشاطها الى ما يقرب من الصفر وتبدو وكأنها ميتة عندما تشح المياه ، ثم تعود ثانية للحياة عندما يسقط المطر. يعتقد العلماء أن هذه الكائنات تنتج نوع من السكر يسمى الترى هالوز trehalose يساعدها على مواجهة الظروف البيئية الصعبة. قام الباحثون بهندسة جينات نبات الأرز من النوع basmati ووضعوا به الجين الذى يشفر لانتاج الترى هالوز (من بكتيريا أ. كولاى E. coli ) ونجحوا فى زراعة هذا الأرز (stress-tolerant rice)  وقالوا أنه استطاع المعيشة والنمو بنجاح فى التربة المالحة، وعند درجات الحرارة المنخفضة، وتحت ظروف الجفاف. ويتوقع العلماء أن يحل هذا الأرز الجديد مشكلة الغذاء في المناطق الجافة والمالحة .  ورغم النجاح الذى يمكن تحقيقه باستخدام الهندسة الوراثية، إلا أن التغيير الوراثي باستخدام الطرق التقليدية مازال محل تقدير واهتمام العلماء. فقد تمكن الباحثون من رابطة غرب أفريقيا لتنمية الأرز (W.A.R.D.A) ومقرها ساحل العاج � من خلط الأرز الأفريقى بالأرز الآسيوي لإنتاج أرز هجين hybrid يسمى NERICA ومعناها أرز جديد لأفريقيا. يستطيع هذا الأرز الهجين المعيشة والنمو تحت ظروف الجفاف فى أفريقيا، بالإضافة إلى أن إنتاجيته تفوق إنتاجية الأرز التقليدي وبالتالي يمكن استخدامه فى سد جانب كبير من الاحتياجات الغذائية للسكان في المناطق الجافة من أفريقيا. ومن المعروف أن إنتاج الغذاء في دول الجنوب الأفريقي يتناقص منذ الستينيات من القرن الماضي . وتجدر الإشارة إلى أنه يوجد نوعين رئيسيين من الأرز فى العالم هما الأرز الأفريقى والأرز الآسيوي ، والشيء الغريب أن حوالى 80% من الأرز الذى تنتجه أفريقيا هو أرز من النوع الآسيوي، 15% فقط من النوع الأفريقي .

 

ب- تحسين خواص المنتجات الغذائية Quality Traits :                                              

شهد عام 1994م أول منتج نباتى يتم تطويره باستخدام الهندسة الوراثية وطرحه فى الأسواق للاستهلاك البشرى ... إنها طماطم الفلافر سافر flavr savr التى أحدثت ضجة إعلامية فى ذلك الوقت وتحدث عنها الناس باعتبارها بداية لثورة جديدة تشهد معها الأسواق أنواع من المنتجات الزراعية لم يعرفها الناس من قبل . والفلافر سافر تم تعديلها بحيث تبقى على أغصانها حتى تصل إلى تمام النضج وحسن الطعم ، بالإضافة إلى إمكانية تخزينها لفترة أطول بعد الحصاد دون أن تتلف ، على العكس من ذلك الطماطم التقليدية (الغير معدلة) حيث يتم حصادها وهى مازالت خضراء ومتماسكة كى لا تنعصر أو تتلف قبل وصولها إلى المستهلك ، وأحيانا يتم إنضاجها بعد الشحن صناعيا بغاز الايثيلين. ورغم ذلك، لم تحقق الفلافرسافر النجاح المتوقع بالأسواق نظرا لارتفاع أسعارها من ناحية، ولعدم استساغة طعمها من ناحية أخرى، الأمر الذى أدى إلى توقف إنتاجها والبحث عن بدائل أفضل.ويعتبر تحسين القيمة الغذائية للمحاصيل من أهم الوسائل التى يمكن بها علاج أمراض نقص أو سوء التغذية malnutrition خاصة فى الدول النامية. فمثلا، الأرز الذهبى والطماطم الغنية بالبيتاكاروتين يفيد فى علاج نقص فيتامين A (أ)، البطاطس الغنية بالبروتين تفيد فى حالات نقص البروتين والأحماض الأمينية، وفول الصويا الغنى بالزيوت غير المشبعة يفيد فى تخفيض نسبة الكوليسترول والوقاية من تصلب الشرايين، والطماطم الغنية بالليكوبين  lycopene مفيدة للوقاية من أمراض القلب والسرطان...الخ .

 

1- الأرز الذهبى Golden Rice :

يعانى أكثر من 130 مليون طفل فى شتى أنحاء العالم من نقص فيتامين A ، يموت منهم 2 ملايين طفل كل عام، ويصاب بالعمى ملايين آخرين. هذا النقص فى الفيتامين يحدث بسبب الاعتماد على محصول أو اثنين من المحاصيل الأساسية كغذاء.فمثلاً الأرز لا يحتوى على المقادير الكافية من البيتاكاروتين التى توفر الاحتياجات المقررة من فيتامين (A) والبيتاكاروتين betacarotene ، هو المركب الذى يتكون منه فيتامين (A) فى
الجسم و12 وحدة من البيتاكاروتين تتحول فى الجسم إلى وحدة واحدة من فيتامين (A) ، وبالإضافة إلى وظيفته فى المحافظة على النظر فإنه يساعد على تأخير الشيخوخة والتقليل من مضاعفات مرض السكر ومخاطر الإصابة ببعض أنواع السرطان ويحسن من وظيفة الرئتين ، ويوجد بكثرة في الجزر والخضر والفاكهة الصفراء والبرتقالية مثل المانجو والكانتالوب والمشمش والكيوى والبطاطا (الحلوة) والبروكلى والسبانخ.  ويظهر نقص فيتامين (A) بوضوح فى قارة أسيا حيث يمثل الأرز المحصول الرئيسى فى غذاء السكان (تنتج أسيا 90% من محصول الأرز العالمي). فى جنوب شرق آسيا يصاب 5 ملايين طفل كل عام بالعمى ولو جزئيا على الأقل. وتقدر الاحتياجات اليومية من الفيتامين بحوالي 600 ميكروجرام (مكجم)، إلا أن السيدات الحوامل والمرضعات يحتجن أكثر من ذلك (ألف مكجم)، علماً بأن الجزرة الواحدة التى تبلغ 7 بوصات تعطى الجسم حوالى 2 مكجم من فيتامين (A) ولكن يجب الحذر من تناول جرعات تزيد عن الحدود المسموح بها نظرا لسميته . استطاع الدكتورIngo Potrykus من المعهد الفيدرالى السويسرى والدكتور Peter Beyer من جامعة Freiburg من تطوير سلالة من الأرز تنتج البيتاكاروتين فى الحبة نفسها (أوراق الأرز الخضراء التى لا تؤكل تحتوى على بيتاكاروتين) . وبسبب أن البيتاكاروتين يضفى لونا أصفر على الحبوب، فقد أطلق عليه الأرز الذهبى golden rice . أما الأساس العلمى الذى تم على أساسه تم تطوير هذا النوع من الأرز فقد استغرق حوالى عقدين من الزمان وتكلف ملايين الدولارات . باختصار ، فإن الأرز الذهبى ما هو إلا أرز يابانى تم تحويره جينيا بحيث يحتوى على دورة ميتابولزمية جديدة new pathway يتحول خلالها مركب طليعى للبيتاكاروتين precursor إلى البيتاكاروتين نفسه، في الجزء الداخلي الذي يؤكل من الحبة أو ما يطلق عليه الإندوسبرم endosperm.  تكوين هذه الدورة الجديدة  تطلب عزل اثنين من جينات نبات النرجس البرى daffodil وجينا آخر من البكتيريا وتكوين توليفة جينيه جديدة genetic construct تم إدخالها وإدماجها بنجاح فى جينوم الأرز اليابانى. هذه التركيبة الجينية الجديدة استطاعت أن تنتج ثلاث إنزيمات مختلفة فى نبات الأرز أدت إلى إنتاج البيتاكاروتين. وحتى الآن لم تعرف الجهة أو الهيئة التى ستتحكم فى توزيع هذا الأرز ومن الذى سيجنى أرباحه.، والبعض ينادى بجعله مجانا أمام شعوب البلدان النامية .

 

2- طماطم غنية بالليكوبيـن وأخرى بالبيتاكاروتيـن :

الليكوبين lycopene عبارة عن صبغة تقوم بعض النباتات بتخليقها لحمايتها من أضرار الذرات الحرة الناتجة من أشعة الشمس، وهو الذي يعطى اللون الأحمر للطماطم والبطيخ وغيرهما. والليكوبين من مضادات الأكسدة القوية التى تحمى الجسم من خطر الشوارد الحرة التى تنطلق نتيجة لعمليات الأكسدة التى تحدث فى الجسم ، ويساعد فى الوقاية من سرطان الثدي والبروستاتا ومن الأزمات القلبية (مجلة الفيصل عدد 301). والطماطم من أغنى مصادر الليكوبين المعروفة على الإطلاق ، وعن طريقها يحصل الإنسان على معظم ما فى جسمه من ليكوبين، ومن حسن الحظ أن الليكوبين لا يتأثر بالحرارة ولذلك فإن منتجات الطماطم تحتوى على ليكوبين بتركيز أعلى من الثمار الطازجة. والطماطم المطبوخة يستفيد الجسم منها أكثر من استفادته من الطماطم الطازجة نتيجة تكسير الخلايا الليفية للطماطم وإطلاقها الليكوبين الذى يذوب فى الزيت ويمتصه الجسم .

وقد قام علماء من جامعة Purdue ووزارة الزراعة الأمريكية USDA بإنتاج طماطم معدلة وراثيا بحيث تحتوى على كمية من الليكوبين تعادل ثلاثة أضعاف ما تحتويه الطماطم العادية. ويقول الباحثان هاندا أفتار ، وأوتر ماتو أصحاب الاكتشاف أن بحثهما يعتبر من الأبحاث القوية التى تدل على فائدة استخدام البيوتكنولوجيا الحديثة فى تحسين القيمة الغذائية للمنتجات الزراعية ، وبالتالى تحسين صحة المواطنين. ويتوقع هاندا أن تتوفر هذه الطماطم فى الأسواق فى المستقبل القريب. ومن الجدير بالذكر أنه قد تم اختيار هذا النوع من الطماطم ليتصدر قائمة المنتجات البيوتكنولوجية الأمريكية فى عام 2002م . وفى تجربة أخرى، توصل باحثون فى جامعة لندن إلى نوع من الطماطم المعدلة وراثيا بحيث تحتوى على كمية من البيتاكاروتين تعادل ثلاثة أضعاف الكمية الموجودة فى الطماطم العادية
والبيتاكاروتين ،كما سبق أن أوضحنا فهو يساعد فى المحافظة على البصر ، سلامة الأنسجة والخلايا ، سلامة العظام والجهاز العصبى والمناعى ويساعد أيضا فى الوقاية من السرطان والأزمات القلبية. والأبحاث على الطماطم لا تنتهى ، فقد اكتشف باحثون من USDA مع باحثين آخرين من قسم أبحاث النبات BTI بجامعة كورنيل الجين الذى يسبب نضج الطماطم (rin gene) ويعطيها طعمها المميز أو (Holy Grail) ، أى الكأس الذى شرب منه السيد المسيح فى العشاء الأخير كما يحلو للبعض تسميته) . وعند إبطال مفعول هذا الجين تظل الطماطم على أغصانها لفترة أطول ، وبالتالى تكتسب مزيداً من المغذيات خاصة الليكوبين ، ويتحسن لونها ومذاقها. ويأمل الباحثون أن يتمكنوا من تطبيق هذه الطريقة على أصناف أخرى من الخضراوات والفاكهة التى تتعرض للتلف والطراوة بعد حصادها بفترة قصيرة مثل الفراولة والموز والفلفل الكبير والليمون وغيرها .

 

3- ذرة ومحاصيل زيتية غنية بفيتاميـن  ( E ) :

فيتامين E  (هـ) من مضادات الأكسدة المعروفة بقوتها فى ترويض الجزيئات الحرة أو ما يعرف بالشق الطليق free radical هذا الشق الطليق يؤدى إلى حدوث سلسلة من التفاعلات تؤدى فى النهاية إلى انحلال غشاء الخلية وما بداخلها من جسيمات، مما يفتح الباب للأمراض القاتلة مثل السرطان والقلب � قاتل أميركا الأول - وفيتامين (E)  من مضادات الأكسدة المأمونة حيث يمكن للزيادة (حتى 1000 ملجم يوميا) أن تخزن فى مستودعات الدهن دون ظهور أثار جانبية أكثر من المغص أو اصفرار الجلد0 وتقدر الاحتياجات اليومية من فيتامين (E) التى تكفى لمنع الأمراض بحوالى 15 ملجم للبالغين، ولكنه حينما يعطى بكميات أكبر من هذه الكميات الدنيا ، فإنه يؤدى إلى تحسن المناعة والنمو والتناسل . وقد ثبت أنه ينشط عملية إنتاج الخلايا القاتلة الطبيعية وهى الخلايا التى تبحث عن الجراثيم أو الخلايا السرطانية وتقتلها، ويساعد أيضاً على إنتاج خلايا بيتا B-cells التى تنتج الأجسام المضادة للميكروبات . استطاع البروفيسور دين ديلابينا D. DellaPena أستاذ الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية بالولايات المتحدة التعرف على الجين المسئول عن تحويل الصورة الضعيفة من فيتامين (E) (جاما) الموجودة فى المحاصيل الزيتية إلى الصورة الأكثر قوة وفاعلية (ألفا). وقد نجح فى تحسين نبات ورد الماء أو ورد النيل (water cress, Arabidopsis thaliana) بحيث ارتفع معدل الفيتامين به حوالى 10 مرات. وحيث أن المسار pathway الذى يتحول به النوع جاما إلى النوع ألفا هو نفسه الموجود فى فول الصويا والذرة والكانولا ، فيعتقد الباحثون إمكانية تطبيق نفس الأسلوب على هذه المحاصيل . ومن المعروف أن فول الصويا والكانولا وهما من أفضل مصادر فيتامين (E) يحتويان فقط على 3 ملجم فى الحصة الواحدة، يمكن زيادتها إلى عشرة أضعاف هذه الكمية عند تعديلها وراثياً .

4- زيوت صحية من فول الصويا  Healthier Soybean Oil :

          كلنا يعرف أن الأحماض الدهنية المشبعة الموجودة فى الدهون الصلبة خطر على الصحة، لأنها ترفع من مستوى الكوليسترول السئ فى الدم (LDL). أما الأحماض الدهنية الغير مشبعة (PUF) الموجودة فى الزيوت السائلة فهى فى حد ذاتها غير ضارة، إلا أن رجال الصناعة يعملون لها هدرجة hydrogenation أى تشبيع الروابط الموجودة بها بالهيدروجين فتتحول من الصورة الطبيعية (سيز CIS) إلى الصورة (ترانس TRANS) الأكثر صلابة وثباتا والأكثر ضرراً فى نفس الوقت، مما حذا برجال FDA إلى ضرورة ترقيم labeling الأغذية التى تحتوى على هذا النوع من الزيوت ابتداءً من أول يناير 2006م. وتجدر الإشارة إلى أن الدهون المشبعة والدهون من النوع ترانس �كما تشير كثير من الدراسات- تزيد   من مخاطر الإصابة بمرض الشريان التاجى CHD ذلك المرض الخطير الذى يقضى على حياة 500 ألف مواطن فى أمريكا وحدها كل عام، بالإضافة إلى 13 مليونا آخرين فى قائمة الانتظار.        استطاع توم كليمنت Tom Clemente وزملاؤه فى جامعة نبراسكا الأمريكية ، عن طريق إبطال مفعول اثنين من الجينات فى فول الصويا، أن يزيدوا من مستوى حمض الأوليك oleic فى الفول - وهو من الأحماض الدهنية أحادية عدم التشبع MUF التى تنتج الدهون الجيدة- وأن يقللوا من إنتاج حمض البالمتيك palmitic وهو من الأحماض الدهنية المشبعة التى تنتج الدهون الضارة . يقول كليمنت أن الأبحاث التى أجريت على فول الصويا منذ عشرات السنين وحتى الآن هى التى سهلت له مهمته، فمنذ أكثر من 25 سنة والباحثون يحاولون إنتاج فول صويا غنى بحمض الأوليك oleic ولكنهم لم ينجحوا فى ذلك بسبب أن الجينات المسئولة عن إنتاج هذا الحمض هى جينات متنحية أو متخفية recessive بمعنى أنها دائما موجودة وإن كان تأثيرها لا يظهر إلا عندما يغيب الجين السائد. من هذه التجارب التقليدية استطاع كليمنت أن يحدد الجينات التى يجب إسكاتها silenced على حد تعبيره .

وتجدر الإشارة إلى أن زيت فول الصويا العادى يكتسب رائحة السمك بعد فترة من تخزينه مما يعنى أنه قد تزنخ rancid بسبب احتوائه على مستويات مرتفعة من حمض اللينوليك linoleic وهو حمض دهنى غير مشبع متعدد PUF وغير ثابت لذلك لا يمكن استعمال زيت فول الصويا الطبيعى فى الصناعة دون إضافة زيوت نباتية أخرى مهدرجة جزئيا لتحسينه وإطالة عمره . أما فول الصويا المعدل فينتج زيت يحتوى على 75-80% من حمض الأوليك (حمض غير مشبع أحادى) مما يجعل الزيت أكثر ثباتا ولا يحتاج إلى إضافة أى زيوت أخرى عند تصنيعه، مقارنة بزيت الصويا الطبيعى الذى يحتوى على
15-20% حمض أوليك .

 

5- منتجات لا تسبب حساسية : 

الحساسية للطعام هى استجابة الجسم المناعية لطعام يعتقد الجسم أنه مؤذ بالنسبة له. فبمجرد أن يقرر الجهاز المناعى immune system أن هذا الطعام مؤذ فإنه يكون أجسام مضادة له، وفى المرة التالية التى يأكل فيها الشخص هذا الطعام فإن الجهاز المناعي يطلق كميات كبيرة من المواد الكيماوية - بما فيها الهستامين- بهدف حماية الجسم. هذه الكيماويات تحدث سلسلة متتابعة من تفاعلات الحساسية التى يمكن أن تؤثر على الجهاز التنفسى والهضمى والجلد أو الجهاز الدورى. ويقدر الخبراء أن عدد المصابين بالحساسية فى أمريكا وحدها يبلغ 11 مليون مواطن.  وهناك مظاهر عدة لتفاعل الحساسية منها: التهاب الفم، تورم اللسان والزور، صعوبة التنفس، القئ ، التقلصات المعوية، الإسهال، انخفاض ضغط الدم، فقد الوعى وقد تؤدى إلى الوفاة والعياذ بالله. والأعراض قد تظهر فى خلال ثلاث دقائق وقد تمتد حتى ساعتين من تناول الشخص للطعام المسبب للحساسية.  ولا يوجد فى الوقت الحالى علاج ناجع للحساسية الناتجة عن الطعام ، ولذلك فإن أفضل شئ هو الامتناع عن تناول أى أغذية تسبب الحساسية. ويمكن أن يصاب الفرد بالحساسية من أى طعام بما فيها الخضراوات والفاكهة واللحوم، ولكن هناك حوالي ثمانية مواد تسبب 90% من حالات الحساسية وهى: (اللبن - البيض - الفول السودانى - الجوز- اللوز- السمك ، المحار - الصويا - القمح) . وفول الصويا ينتج بروتينا يسبب الحساسية لـ 6-8% من الأطفال، 1-2% من البالغين . وحديثاً ، استطاع العلماء التعرف على الجين (P34) الذى يشفر لهذا البروتين وتمكنوا من إبطال مفعوله . ويقترح L.Val Giddings نائب رئيس هيئة البيوتكنولوجيا الصناعية أنه يمكن القضاء على الحساسية التى يسببها الغذاء من منظور آخر هو تصميم أجسام مضادة monoclonal antibodies ترتبط مع وتزيل المركب الذى يتكون نتيجة اتحاد الأجسام الغريبة allergens مع الأجسام المضادة التى ينتجها الجسم وتثير الحساسية . يقول Giddings أن هذا النوع من العلاج ربما يكون مقبولا لدى الجمهور أكثر من الأغذية المعدلة وراثياً .

 

6- فاكهة وخضراوات دائما طازجة : Fresher Fruits and Veg :                   

            ربما نأكل فى المستقبل فاكهة وخضراوات أفضل طعما ومذاقا وأكثر نضارة مما نأكله اليوم ، فقد اكتشف بيتر ماير Peter Meyer- أستاذ النبات بجامعة ليدز بالمملكة المتحدة- ومساعدوه الجين الذى يشفر لإنتاج الهرمون الذى يؤدى إلى تأخير نضج المنتجات النباتية، وباستخدام البيوتكنولوجيا يمكن تفعيل هذا الجين أو الإكثار منه لإنتاج مزيد من الهرمون. يقول الباحثون أنهم رأوا نتائج مشجعة جدا، فعندما وضعوا أجزاء من النباتات المعدلة فى زجاجة بها ماء وجدوا أنها ظلت حية لمدة 6 شهور. ومن الناحية العملية، فالفوائد التى يمكن تحقيقها من هذا المشروع كثيرة وأهمها المحافظة على الثمار طازجة وبحالة جيدة عند نقلها من بلد إلى بلد ، وهذه الخاصية تهم الدول النامية أكثر من غيرها حيث يكون الإنتاج غزيراً أحيانا، ولكن لا توجد بنية تحتية أو مواصلات سهلة تمكنهم من الاستغلال الأمثل للمحصول ، ما يؤدى إلى خسائر اقتصادية كبيرة .

 

7- خس معدل بجينات العنب للوقاية من أمراض القلب والسرطان GM Lettuce :

          استطاع الباحث Tet Fatt Chia بالمعهد القومى للتعليم بسنغافورة عزل الجين الذى يشفر لمادة الريزفيراترول resveratrol بالعنب الأحمر وإدخاله فى نبات الخس الأحمر لإنتاج نفس المادة فى الخس . يقول الباحث أن لون الخس قد تغير إلى القرنفلى pink ولكن طعمه لم يتغير . ومعروف أن مادة الريزفيراترول مهمة فى رفع نسبة الكوليستيرول الجيد HDL وتخفيض السيئ LDL وبالتالى تساعد على الوقاية من أمراض القلب والشرايين. ويأمل الباحثون فى إدخالها إلى كثير من الخضراوات والفاكهة مثل السبانخ والطماطم والكرنب والبطيخ والفراولة وغيرها .


8- قهوة منزوعة الكافييـن Decaf. Coffee :

   القهوة منزوعة الكافيين التى تشربها حالياً ، يتم نزع الكافيين منها صناعيا بالمذيبات الكيماوية ، وهذه العملية مكلفة وتؤثر على مذاق القهوة . بالإضافة إلى أن بعض الدراسات (دراسة فى جامعة ألاباما Alabama شملت أكثر من 31 ألفا من النساء واستمرت أكثر من عشر سنوات) أثبتت أن كثرة تناول النساء المسنات (55 � 69 عاما) للقهوة المنزوعة الكافيين تزيد من فرص إصابتهن بداء الروماتويد الذى يصيب المفاصل rheumatoid arthritis ويحدث هذا المرض عندما يهاجم جهاز المناعة الجسم نفسه خاصة الأنسجة المحيطة بالمفاصل joints الأمر الذى يؤدى إلى تورم المفاصل وصعوبة تحريكها مع الشعور بألم شديد ، ويصيب هذا المرض النساء أكثر من الرجال . حديثاً ، توص�

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 257 مشاهدة

مركز بحوث التقانه والسلامة الحيوية

arcbiotech
يمثل المركز معملاً مرجعياً للكشف عن المواد المحورة وراثياً، وينظم إنتاج وتداول هذه الكائنات، بما يمكن السودان من تطبيق بروتوكول السلامة الحيوية. يمثل المركز أهم آليات تحديث البحث العلمى فى ظل معاناة العالم من ضعف فى الإنتاجية ونقص الإنتاج وشح فى الموارد والتغيرات المناخية فى ظل الزيادة المضطردة فى السكان »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

137,510