أعيد قراءة "فوضى الحواس" لسيدة الكلمات #أحلام_مستغانمي
قرأتها للمرة الأولى سنة 2001،
أقرأها الآن ولا أقول كأنها المرة الأولى،
لا..هي مرة أخرى بإحساس آخر ووقع آخر للكلمات وأثر آخر يحدث بداخلي،
عبارات مررت بها من قبل،لم تحدث سوى حالة الإنبهار بقوة اللفظ ودقة اختياره وتلاحق التعابير،
فما تكاد تستوعب أحدها حتى تعاجلك أحلام بآخر،فتشعر وكأنك غارق وسط أمواج من السحر البالغ العنف واللذة.
أما في قرائتي للمرة الثانية، فإلى جانب كل ماسبق،هناك الدهشة ..نعم هي الدهشة والتي شرحتها لنا دروس الفلسفة حين أخبرتنا بأن لحظة الدهشة هي اللحظة التي ترى فيها الغريب فيما اعتادت عليه عيناك، فبعض ما رسمته من صور بكلماتك ياأحلام،كأنها صور إلتقطت من داخل قلبي.
ألهذا كان للقراءة هذه المرة، مذاق ساحرٌ؟
تذكرت يوما _ وما أظنني نسيته أبدا _ وقد كنت في بداية المرحلة الثانوية وبداية ولعي بلغتنا الجميلة
يوم ذهبت لمدرس اللغة العربية طالبة منه أن يشرح لي معنى كلمة صهباء
...ونحسب الكون عش اثنين يجمعنا والماء صهباء والأنسام ألحانا...
ما معنى كلمة صهباء ياأستاذي؟
ولن أنسى كيف كانت نظرة أستاذي لي وهو يهرب من إجابة سؤالي بل ويجيبني بسؤال شغله وهو:
ليه بتسمعي الحاجات دي؟
يابنتي،الشعر من الشعور.
أقسم لكم، أن هذا ماقاله لي ولن أنساه..
الشعر من الشعور،
وما اهتمامك بتلك القصيدة إلا لأنها لامست ما بداخلك !!! رفض أستاذي أن يخبرني بمعنى صهباء ولم يستطع أن يقول لي أنها الخمر.
تركني ونظراته حائرة في أمري، وكل خطيئتي هي أنني استمعت، أحببت، حفظت وحاولت فهم قصيدة همسة حائرة !
هل هي الحقيقة؟ وأننا حقاً نذوب فيما نسمع أو نقرأ إذا نطق بما نعجز عن وصفه من أمرنا أو صور ما أخفيناه بداخلنا؟
وهل قراءة فوضى الحواس بإحساس جديد، يرجع لما أصاب حواسي فجعلها تري "حديثا ما" هو الأجمل و "غيابا ما" هو الأطول و "جرحا ما" هو الأعمق و "شوقا ما" هو .........مالم أعد أحتمل منه مزيدا؟
أستاذي..كنت على حق،
فقد ابتليت بما أصاب حواسي بالفوضى.
..
ساحة النقاش