نحالو العراق : ثروتنا من النحل مهددة بالتراجع

أين العسل العراقي .. ماسر غيابه وتراجعه ، النحالون ام خلايا النحل ؟ ام هو التسويف المرتبك وغير المنظم ، ام اسواقنا المشرعة الابواب والنوافذ للاستيراد دون حسيب او رقيب على المنتج الوطني .. اسئلة تتناسل عنها تساؤلات عديدة عن واقع تربية النحل في البلاد وعلاقة هذا بالقطاع الزراعي ،
وقبل هذا وذاك دور النحالين ونشاطات جمعيات وجماعات متخصصة في انتاج هذه المادة المهمة كغذاء ولماذا تراجعت وأي ظروف تلك التي واجهت تربية النحل في العراق كان لـ "المستقبل العراقي"
وقفة مع العديد من اصحاب المناحل ومربي النحل فماذا نطالع ..


العسل غذاء ودواء
اوضاع النحل وللظروف التي يواجهها شكلت بداية لقائنا مع السيد كاظم المحنا الذي توارث المهنة عن والده وقطع فيها شوطا متقدما بمحافظة النجف قائلا :
عسل النحل نعمة كبيرة عرفها الانسان منذ قديم الزمان ، وهي مادة استخدمت للتحلية وبأمكاننا استعمالها كبديل عن السكر لتحلية المشروبات والاطعمة وهو يصلح لاستعمالات اخرى كثيرة وينفع في علاج العديد من الحالات ، واستعماله بصفة عنصر طبيعي افضل من الاعتماد على الادوية واضاف حيدر"ويتكون العسل من سكريات مثل الجلوكوز والفركتوز ويحتوي على معادن كثيرة مثل المغنسيوم والبوتاس والكلس وكلورين الصوديوم والكبريت والحديد والفوسفات والزنك واليود كما يحتوي على فيتامينات بانواعها وتتغير هذه الفيتامينات بتغير الرحيق وذرور التلقيح الذي يمتصه النحل من النباتات .
ويقول العشاب "الصيدلاني" نجم محمد (60) سنة "وفي العسل توجد مواد كيمياوية نباتية تقتل الفيروسات والبكتيريا والفطريات الأمر الذي جعله بديلا جيدا لمضادات الجروح فهو يفيد في التغلب عن الحساسية والتهابات الحنجرة وألم المعدة والجفاف .
بينما يرى الباحث في معهد التغذية احمد محمود "ان تربية النحل في العراق عرفت منذ خمسة الاف سنة قبل الميلاد فالعهد السومري حيث وجدت كتابات على الالواح الطينية بشأن النحل تحمل وصفات استعماله لعلاج العديد من الامراض" مضيفا "وفي اور جنوب العراق وجدت ايضا كتابات يعود تاريخها الى 2000 قبل الميلاد تعدد فوائد العسل ، وقد استخدم البابليون هذه المادة لعلاج الامراض وجاء ذكر العسل في المسلة الشهيرة للملك حمورابي فيما وجدت بمدينة بابل التاريخية عملة نقدية تحمل صورة النحل . واجمالا فان هذه الممارسة كانت تتبع الاساليب البدائية في تربية النحل باستخدام الخلايا الطينية وجذوع الاشجار وبقيت حتى منتصف القرن الماضي .


ميزات العسل العراقي
وعن ميزات العسل العراقي كشف السيد كاظم حمود المحنا الذي يعد من النحالين القدامي في النجف الاشرف ويملك اكبر منحل هناك منذ العام 1982 "ان العسل العراقي فيه ميزات كثيرة تعبر عن جودته ونقاوته وذلك لوجود نباتات خاصة في الجانب الغربي من البلاد ومنها الكالبتوس ومناطق اخرى كاملة لاشجار (السدر) لايوجد مثيلها في بلدان اخرى .
واضاف "ولكم تراجع الانتاج بسبب تراجع الزراعة واهمال الارض حيث تراجع الانتاج سنة 2002 الى 400 خلية اي ما يساوي إنتاج ثلاثة اطنان مع كيلو غذاء ملكي واحد والسبب كما قلت تردي الزراعة وتراجعها .


تربية النحل أمس واليوم
وبشأن تربية النحل في العراق بين الامس واليوم وضعنا السيد الحسناوي في صورة الموقف قائلا "لقد كانت تربيته مدعومة من قبل المؤسسة الحكومية في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي حينما استوردت وزارة الزراعة العراقي آنذاك خلية "الانكسترون" للمرة الاولى وجاءت بنحل من السلالات الايطالية واليوغسلافية وتهجينه مع النحل المحلي والعمل على تشجيع وانشاء المناحل لدرجة وصل معها عدد الخلايا في العام 1980 الى مايقارب الـ "500" الف خلية وهذا رقم قياسي" ويضيف الحسناوي "وهو احد النحالين المعروفين في عالم الانتاج "ولكن للأسف نتيجة ظروف العراق آنذاك ومنها الحروب وماتبعها من اهمال للقطاع الزراعي قد أدت الى تدهور الانتاج بل وظهر عام 1985 طفيلي (الفارورة) للمرة الأولى في البلاد ما ادى الى هلاك معظم خلايا النحل لعدم توفر الاحتياطات اللازمة ضد هذا الطفيلي ويضاف لذلك بيع الدولة مناحلها الى القطاع الخاص الامر الذي ادى الى وصول انتاج الخلايا لادنى مستوياتها كما ظهرت في عام 1995 حالة "النحل الزاحف" التي لم يعرف سببها آنذاك ولكن بعد الاتصال بمنظمة الاغذية الدولية التابعة للامم المتحدة تسلم العراق أنواعا عدة من المبيدات والأدوية التي تدخل البلد لاول مرة ما ادى الى ازدهار النحل وانتعاش الخلايا وتزايد الانتاج حتى سنة 2003" .
وتابع مربي النحل قوله "ولكن مع الاحتلال تراجع الانتاج حركة اخرى وتدهورت طوائف النحل وكثرة الهلاك ضمن الفترة 2005 – 2008 حيث فقد ما يزيد على 75 % من النحل والمتبقي من النسبة اعتبرت خلايا غير منتجة لضعفها العام اذا كانت الخلية تنتج حوالي (15) كيلو غراما أما الآن فلا تزيد على (7) كغم ، ولا شك ان استمرار التلوث البيئي والاستخدام العشوائي للمبيدات دون تنظيم جداول ساهم في تدمير طوائف وسلالات نحل منتجة واضعفها" .


النحل وتلقيح المزروعات
اما قاسم المعاضيدي عضو جمعية النحالين العراقيين وصاحب منحل في بغداد فيقول: ان انتشار النحل يساعد في نمو الزراعة وعلى تكاثر الانتاجية للاشجار والثمار والنباتات كون النحل يشكل 80 % من الحشرات الملقحة للنباتات" مضيفا "على سبيل المثال لا الحصر هناك محاصيل تعتمد كليا على التلقيح الخلطي بواسطة الحشرات كالتفاحيات والحمضيات واللوزيات والذي يؤلف النحل 82 % من الحشرات التي تزورها ، وكذلك الوضع بالنسبة للقثائيات حيث يتضاعف انتاجها مرات وقد تبلغ تسعة أضعاف عند وجود خلايا النحل وسط حقولها وهذا هو شأن محصول القطن اذ يزيد انتاجه بنسبة 30 – 35 % عند وجود خلايا النحل "
وبحسب المعاضيدي فان الدراسات العلمية اكدت ان نحل العسل هو الملقح الاساس لأكثر من 130 صنفا من المحاصيل الزراعية في اميركا .
لهذا فان الاكثار من النحل والحرص على تنمية وتطوير خلاياه لايفيد في توافر الغذاء والدواء للانسان حسب ، وإنما يساعد وينمي الزراعة عموما وهذا عامل مهم لابد من مراعاته والالتفات الى دعم تربية النحل في بلادنا خاصة وان النحل انقرض بنسبة كبيرة بسبب تدهور الزراعة والتصحر وكثرة مناطق العطش .


"سم النحل
وبشأن تميز العسل العراقي عن الاعسال الاخرى وافضل انواعه قال النحال المعاضيدي "باختصار دخلت العراق حاليا اعسال لاتعرف شيئا عن مصدرها تباع باسعار زهيدة تتراوح مابين 2 -3 الاف دينار او ببساطة اقول ان مايدخل من اعسال يفترض بالجهات الرقابية الرسمية المعنية ان تفحصه وتدقق في مصادره لان ماغزانا من الاعسال ليس له اية صلة بالعسل ولانعرف ماذا يحمل ؟!
اما اجود انواع العسل فهو بدون مبالغة اعسالنا في المنطقة الوسطى والجنوبية وعموما لايوجد علميا وعمليا نوع واحد وانما في كل مرعى تجد شكلا معينا له لون ورائحة وكثافة وطعم جديد ، وكل نوع من الانواع يحمل نفعا اضافيا للانسان .
بينما تقول الكمياوية سندس عبد الرحمن "لقد خص الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم النحل في سورة النحل ذكر العسل (فيه شفاء للناس) ولم يقل للمؤمنين !
والعلماء اكدوا ذلك وعليه كل الاعسال نافعة فضلا عن انتاج النحل الاخر اذ جاء في محكم الكتاب الكريم "يخرج من بطونها شرابا" ولم يقل "عسلا" فقط ، والعلم قال يخرج من بطنها اربعة اشربة هي اولا – العسل وهو الاسهل شيء ، اما المادة الثانية فهو الغذاء الملكي وهذا تفرزه صغار النحل لامهم فقط ، وهو غذاء ملكي مركز جدا حيث يعادل الغرام وربع الغرام منه قنينة كاملة وفيه بالطبع انزيمات ومقويات واشياء اخرى في تركيبته لا يعرفها العلم حتى الان" .
واضافت الكيمياوية "وتنتج النحلة ايضا من حلقاتها البطنية الشمع ، ويقول العلم ان الشمع علاج لالتهاب القولون والحساسية الطبيعية والخريفية وعليه يمكن القول ان النحل يمنحنا علاجات بسيطة طبيعية ، حيوانية ، نباتية لكنها ذات فائدة .
يضاف لهذا كله يستفاد من (سم ، النحل) وهو مركب كيمياوي معقد ذو رائحة نفاذة تفرزها شغالات النحل فقط في حالة الدفاع عن الخلية ولها فوائد طبيعية خاصة وبمعرفة الطبيب لمعالجة مرض الروماتيزم ، وهناك كما قرأت وعلمت اليوم مستشفيات خاصة في رومانيا وعبر نظام (الكورسات) تعالج بسم النحل التهابات الفقرات ، الانزلاق وغيرها ! " .
لكاتب: المستقبل العراقي

14/9/2011 12:00 صباحا
المستقبل العراقي / مؤيد عبد الزهرة
تصوير / سعد الله الخالدي


WWW.FACEBOOK.COM/APICOLE
المصدر: www.apiculture.yoo7.com
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 223 مشاهدة
نشرت فى 2 أكتوبر 2011 بواسطة apiculteur

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

67,457