•   تقديم

يمتد نهر النيل 6825 كيلو متر من منابعه بوسط أفريقيا إلى مصبه في البحر الأبيض المتوسط ويبلغ طول النهر في الأراضي المصرية 1800 كم. وقد أتاح نهر النيل للحضارة المصرية فرصة الظهور والاستمرار منذ ألاف السنين، وعند النظر في نهر النيل بالجزء الواقع في الأراضي المصرية نجد عدة جزر تكونت داخل هذا المجرى المائي، تكونت هذه الجزر على مجموعتين الأولى الجزر الجنوبية مثل الجزر الواقعة في نطاق محافظة أسوان وهي جزر تكونت نتيجة لاندفاع المياه بشدة في العقود الماضية ليشق طريقه داخل هذه التكوينات الصخرية والتي انفصلت عن بعضها لتكون جزراً نيلية مثل سالوحة وغزال وبيجا وإجليكا وجزر طميية تكونت نتيجة بطئ سرعة تيار الماء وخاصة بعد بناء السد العالي وتقع هذه الجزر الطميية في الشمال بداية من المنيا إلى مصب النهر في البحر الأبيض المتوسط مروراً بفرعي دمياط ورشيد.

 

  •  جزر نهر النيل من حيث العدد والتوزيع الجغرافي

تتباين البيانات المتاحة عن جزر نهر النيل من حيث العدد تبايناً شديداً تبعاً للجهة المسئولة عنها فنجد أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء قدر عدد الجزر بحوالي 163 جزيرة وفي تقارير معهد بحوث النيل تراجع هذا الرقم ليصبح 128 أما الهيئة العامة للمساحة فقط زادته إلى 181 جزيرة ومعهد بحوث الأراضي والمياه قدر عدد الجزر بحوالي 209 جزيرة ووزارة الموارد المائية ذكرت أن العدد هو 197 جزيرة في حين أن قرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 1969 لعام 1998 حدد 144 جزيرة هم محميات طبيعية وحدد أسمائها وموقعها الجغرافي في مصر وتقع هذه الجزر في 16 محافظة هي أسوان – قنا – سوهاج – أسيوط - المنيا- بني سويف- الجيزة - القاهرة – القليوبية – المنوفية – الغربية – كفر الشيخ – البحيرة – الدقهلية – الأقصر – دمياط).

وتفسر الباحثة التباين في عدد الجزر نتيجة لاختلاف أوقات الدراسة وأحجام ومساحات الجزر فهناك جزر صغيرة تغطى بالمياه كاملاً في فصل الصيف وجزر أخرى تختفي جزئياً ويختلف حجم الجزيرة من عدد الكيلومترات كما في جزيرة أبو الغيط (قليوبية) وهي أكبر الجزر حيث تبلغ مساحتها 10.5 كم وتتدرج الجزر لتصبح مساحتها 0.004 كم كما في جزيرة سعد بمحافظة البحيرة.

 وهناك مثال يوضح إختلاف مساحة الجزر وعدم وجود مرجعية يستخدمها الباحثون في تسجيل الجزر، كما في جزيرة العليقات بمحافظة قنا يوجد حولها مجموعة من الجزر الصغيرة التي تتراوح مساحتها من بعض أمتار إلى مئات الأمتار ولكنها كلها تغمر بالمياه في الصيف.

  •  جزر النيل مصدر قومي يجب تعظيم الاستفادة منه:

تبلغ مساحة الجزر المحمية بنهر النيل (144) جزيرة) حوالي 37150 فدان ( أي ما يعادل 160 كم) من أجود الأراضي وأخصبها ويجب على الدولة وصانعي القرار الاهتمام بجزر نهر النيل من دوافع بيئية للحفاظ على الطيور الهاجرة تفعلياً لاتفاقية دمسار للحفاظ على الأراضي الرطبة كمحطة للطيور المهاجرة والتي وقعت عليها مصر عام 1986 وحفاظ على نهر النيل من التلوث نتيجة الاستخدام الغير رشيد للمبيدات والأسمدة ومخلفات المنازل والحظائر مما يعطي كل هذه الأشياء الفرصة أن تتسرب إلى نهر النيل في غياب رقابة صارمة.

وأيضاً يمكن ترشيد العائد المتاح من استخدام هذه الجزر وتحويلها إلى أراضي زراعية خصبة يمكن أن توفر عائد مالي ضخم من زراعتها محاصيل أو خضر أو فاكهة تكون موجهة للتصدير كمنتج طبيعي لا تدخل فيه الأسمدة والمبيدات وغيرها، أو توفير الإرشاد الزراعي الذي يدفع في اتجاه زراعة المحاصيل ذات المتطلب القومي كالقمح والذرة ويضاف إلى ذلك تعظيم العائد البيئي منها بالاهتمام بإنشاء حدائق مفتوحة ومحميات لتكاثر الطيور ومشاهدتها ومنتجعات صحية وفنادق على ضفاف النيل في صعيد مصر .. تستثمر الوضع الطوبغرافي الفريد لتداخل جبال الكثبان الرملية على ضفاف النيل مع خضرة الجزر و تواجد الطيور البرية وتفرد المكان بمناخ جاف نظيف ينشده السياح من جميع أنحاء العالم ولاسيما في الشتاء ووجود تنوع نباتي يندر تواجده في بيئات أخرى ومطلوب حمايته وإكثاره للحفاظ عليه من الانقراض. ومن المعلوم أن تأجير بعض الأراضي على هذه الجزر للمنتفعين وتمليك جزء أخر منها يدر عائداً قدرة 15 مليون جنيه سنوياً وعند تطبيق أحد المقترحات السابق ذكرها يمكن أن يتضاعف هذا المبلغ عدة مرات مع الحفاظ على الوضع البيئي للجزر والمياه.

 

  •   التنوع الحيواني بجزر نهر النيل

تتنوع العناصر الحيوانية على جزر نهر النيل من الحيوانات المستأنثة مثل الحصان والجمل والحمار والأبقار والجاموس والماعز والأغنام إلى جانب الطيور المنزلية التي تشتهر بالأوز المصري والبط البلدي والدجاج والحمام وهي مصادر هامة لتوفير البروتين الحيواني لهذه الأسر المحدودة الدخل.

ثم الثراء الملحوظ من الحيوانات البرية ومن أشهرها الطيور وتقع 60 نوع منها السمان القمر والدجاج ذو المنقار الأحمر والعصفور الأخضر والبط البلدي أبو قردان والهدهد والغراب واليمام والبوم والعصفور القمري، كما يوجد من الزواحف 18 نوع من البرمائيات ثلاثة أنواع أشهرها الضفدع الأخضر والمهدد بالانقراض.

يضاف إلى هذا 21 نوع من العناكب و21 نوع من الثدييات مثل الفئران والثعالب والجرذان والثعالب والعرس والقط والنمس والخفافيش والجدير بالذكر أن الطيور هي الأعلى تواجداً على جزر النيل فبالرغم من أنه تم حصر عدد 60 نوع إلا أن 48 نوع منها مقيم يمكن استغلاله اقتصاديا وسياحياً و 35 نوع منها تتكاثر بالمنطقة مما يعظم الفائدة من الحفاظ على جزر النيل ويجعل هذا متطلب عالمي.

 

  •   التنوع النباتي بجزر نهر النيل

تتنوع النباتات على سطح جزر النيل من النباتات المزروعة في فصل الشتاء كالقمح والبرسيم والشعير والكرنب و الجرجير والطماطم والقلقاس والباذنجان والكوسة والخيار والفجل والقرنبيط والبصل والثوم أما زراعة الصيف فتشتهر بزراعة القطن والذرة و الذرة البيضاء وقصب السكر والأرز أما الفاكهة فأكثرها انتشارا النخيل والموز والعنب والليمون والبرتقال وغيرها.

ويوجد بجزر النيل النباتات التي تعرضت للقطع والإهمال في أماكن أخرى على جانبي النيل منها الهجليج والنبق والصفصاف البلدي والسنط العربي والسيال والأثل والنخيل والدوم والتندب والحباس ولبخ الجبل التي يندر تواجدها في مكان أخر.

يضاف إلى هذا عدد ليس بالهين من النباتات المائية مثل: ورد النيل والتسيلة والغاب والسمار والبردي أو عدس الماء والكوتس ونخشوش الحوت ويضاف إلى هذا عدد من الأعشاب البرية ذات القيمة الغذائية والعقائدية مثل الرجلة والملوخية والخبيزة والشاكوريا والجعضيض وعنب الدين.

 

  •   المشكلات البيئية بجزر النيل

1.   مشكلة بقايا المحاصيل الزراعية

تنتشر مشكلة تخزين المخلفات الزراعية وبقايا المحاصيل مثل حطب القطن والذرة وقش الأرز وكذلك مخلفات تنظيف الحقول كالبوص والحلفا وغيرها ومثل هذه النباتات تساعد على تكاثر الفئران والثعابين والذئاب وغيرها هذا بالإضافة إلى تلوث المظهر العام.

2.   مشكلة مياه الشرب

معظم سكان هذه الجزر إلا فيما تدر كجزيرة الوراق فهي تستخدم مياه الطلمبات كمصدر لمياه الشرب وبالتالي فإن سكان الجزر يستهلكون مياه غير معالجة وبالتالي تتعرض صحتهم للأمراض.

 

3.   مشكلة الصرف الصحي:

تعتبر مشكلة الصرف الصحي مشكلة صحية وبيئية تمس في الأصل سكان الجزيرة وتؤثر على صحتهم ورفاهية الأسرة ونظافة البيئة إلا إنها بدورها تؤثر على صحة سكان وادي النيل جميعاً لما يتسرب من هذه المياه الملوثة إلى مجرى النيل فالصفة العامة للصرف هو على مستودع تحت سطح التربة والذي يتسرب منه هذه المخلفات إلى نهر النيل عن طريق التربة المسامية.

 

4.   مشكلة النحر النهري للجزر

تزداد تصريفات النهر في فصل الصيف مما يتسبب في تأكل لحدود هذه الجزر ويؤثر سلباً على حياة السكان ونشاطهم الزراعي لأن بعض هذه الجزر تغمرها المياه في كلياً أو جزئياً كما تؤثر على صحة السكان من خلال انتشار الناموس والحشرات الضارة.

 

5.   مشكلة المواصلات:

كما هو معلوم فإن هذه الجزر تتوسط مجرى النيل ولذا فإن وسيلة الانتقال السائدة هي المراكب التي تربط الجزيرة بالتجمعات السكانية على شاطئ الأقرب لها ولذا فإن صعوبة الانتقال للمدارس ونقل المصابين للمستشفيات في الوقت المناسب هي من أهم المشاكل التي تؤثر على حياة وصحة ورفاهية سكان هذه الجزر بالإضافة إلى انعدام الأمان في هذه الوسيلة كما تؤثر مشكلة المواصلات سلباً على تسويق الحاصلات الزراعية مما يقلل العائد منها على الفلاح.

 

6.   مشاكل القمامة

بصفة عامة فإن النشاط الأساسي لسكان جزر النيل هو الزراعة مما يترتب علية الكثير من المخلفات الزراعية هذا بالإضافة إلى المخلفات المنزلية ومخلفات الحظائر التي تتراكم وتؤدي إلى تكاثر الحشرات وانتشار الروائح الكريهة وتتسرب هذه الملوثات إلى مياه النيل وكما هو معلوم أنه لا توجد أنظمة فصل أو تدوير القمامة وهذا يسئ إلى المظهر العام وإذا تم حرق هذه القمامة فإن المشكلة تتغير من مشاكل حشرات وميكروبات إلى أدخنة وغبار وملوثات ولكنها من نوع أخر.

 

7.   مشاكل أمراض النبات

تتسبب وقوع الجزر في نهر النيل بتعرضها إلى إهمال من المشرفين الزراعيين وتسبب ارتفاع نسبة الرطوبة في ظهور الكثير من الأمراض وخاصة في محاصيل الخضر مثل مرض تجعد واصفرار أوراق الطماطم ودودة اللوز الأمريكية الذي يصيب ثمار الطماطم بالإضافة إلى انتشار حركة أبو دقيق على أوراق الكرنب وتعفن الخيار.

 

8.   انتشار البطالة:

تنتشر البطالة بين المتعلمين في جزر النيل وذلك لزيادة عدد السكان وعدم وجود مشاريع صناعية أو منشات تعليمية تستوعب عدد المتعلمين ويضاف إلى هذا بطالة غير المتعلمين وخاصة بين الإناث، ويغذي مشكلة البطالة مشكلة التسرب من التعليم بسبب صعوبة الوصول إلى المدارس وتدني الحالة الاقتصادية للسكان.

 

9.   تأثير نشاط السكان سلباً على هجرة الطيور

تقع معظم جزر النيل ولاسيما الجنوبية منها على مسار هجرة الطيور ومن هنا إكتسب جزر النيل أهمية قصوى في كونها محطة لاستراحة وتكاثر وغذاء الطيور، وتتعرض الطيور المهاجرة لمخاطر عديدة نتيجة قمائم حرق الطوب وإنبعاث الدخان والهواء الساخن الذي يبعد الطيور عن هذه الجزر مما يفقدها الراحة والغذاء ويعرضها للهلاك، يضاف إلى ذلك الاستعمال الغير رشيد للمبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب والأسمدة الكيميائية التي تؤثر على حياة هذه الطيور عند تواجدها في هذه الجزر، يضاف إلى ذلك إزالة الكساء الخضري الطبيعي ببعض الجزر وإحلالها بالزراعات ومن المعروف أن الطيور المهاجرة تفضل المبيت بالكساء الخضري الطبيعي، يضاف إلى ما سبق تدهور بعض أراضي الجزر كما في الجزر الواقعة بين قناطر إسناو وقناطر نجع حمادي والتي تعرضت إلى التمليح وزيادة القلوية وارتفاع مستوى الماء نتيجة عمليات التجريف المتجددة لهذه الأراضي، ويؤثر هذا سلباً ليس فقط على الطيور المهاجرة ولكن على دخل السكان واستمرارية مصادر رزقهم من الزراعة على هذه الأرض.

 

  •   ومتطلبات حماية جزر نهر النيل والتنوع البيولوجي بها:

بالرغم من وجود التحديات السابقة التي تهدد الوضع البيئي على جزر نهر النيل فإنه يوجد مجموعة من الضوابط قامت بوضعها لجنة تابعة لجهاز شئون البيئة لتنفيذ متطلبات الحماية مثل:"

1.   إنشاء شبكة صرف صحي لكل جزيرة ومحطة تحلية تتناسب مع عدد السكان

2.   تخصيص محطة وسيطة لتجميع القمامة والتخلص الأمن منها.

3.   تطبيق نظم الزراعة العضوية المكافحة الحيوية.

4.   إنشاء مخطط عمراني صديق للبيئة على كل جزيرة.

5.   تنظيم رحلات توعية للمدارس والجامعات.

6.   ربط قاعدة البيانات الوطنية عن جزر النيل بمثيلاتها في دول حوض نهر النيل.

7.   توفيق أوضاع المنشات الملوثة للبيئة على هذه الجزر.

8.   جمع وتدوير المخلفات الزراعية.

9.   العمل على تنفيذ قانون البيئة لعام 1994.

10. إلزام المنشأت الخاصة بالأنشطة والواقعة على نهر النيل بدراسة الأثر البيئي.

 

إلا أن الوضع الحالي على هذه الجزر مازال يستغيث من تدخل الإنسان سلباً وانتظار من ينفذ البنود السابق ذكرها في منظومة تسمح بتعظيم الاستفادة من المنظومة البيئية بأكملها والمصادر الجمالية والتنوع البيولوجي على هذه الجزر مع إمكانية استدامتها لنفع الأجيال القادمة والمحافظة على نوعية مياه النيل شريان الحياة لمصر وخاصة في ظل التحديات المستقبلية والتي تنذر بتدني عائد النهر من المياه.

المصدر: أد. وفاء محروس عامر / المكتب العربي للشباب والبيئة
  • Currently 260/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
84 تصويتات / 6583 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

156,671