قطع العالم خطوات كبيرة في تحقيق طفرة علمية هائلة في التعامل مع المخلفات بشقيها الصلب والعضوي التي ينتجها الإنسان.

 

وقدم العلم حلولاً كثيرة لهذه القضية التي كانت تمثل إشكالية عند كل دول العالم في الماضي تم حلها، ولازالت تمثل نفس الإشكالية عند عدد غير قليل من الدول النامية.

وتنوعت الحلول ما بين الحرق الآمن وإعادة التدوير والدفن الصحي المتوافق مع الاشتراطات البيئية.

وتصورنا أن المشكلة انتهت بصورة كبيرة أو في طريقها للنهاية.

إلا أن المفاجاة الدرامية أن إنسان هذه القرن حل المشكلة على الأرض، وصدرها للفضاء!

فقد أطلق عدد من العلماء مؤخراً صيحة تحذير من أن آلاف الأطنان من القمامة الفضائية تحوم حول الكرة الأرضية .. وأصبحت هذه القمامة الحائرة التي تحاصرنا تشكل خطراً كبيراً على الرحلات الفضائية المأهولة، والأقمار الصناعية العاملة، وكذلك رجال الفضاء خلال سيرهم خارج مركباتهم.

وللأسف فإن هذا المشهد يعيد إلى الأذهان تخيل صورة الأرض في مراحلها الأولى وما كانت عليه من بكارة ونظافة وجمال، شوهها الإنسان بتقدمه العلمي وسطوته وإصراره على تدمير الجمال.

وبالرغم من أنه يبذل جهوداً حثيثة لإصلاح ما أفسده إلا أن الكائن البشري لم يستطع منع نفسه من تدمير الجمال في مكان آخر بعيد عن الأعين .. فانتقل إلى الفضاء وقام بفعلته الشنعاء هناك.

ويقدر العلماء أن هناك نحو 6000 طناً من القمامة الفضائية، بما فيها 13 ألف جسماً يزيد طوله عن 10سم تحوم في الفضاء، وقد تخلفت غالبية هذه المخلفات من المشروعات الفضائية التي قامت وتقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق والصين وفرنسا واليابان والهند.

وقد ناقش الاتحاد الأوروبي الخامس حول القمامة الفضائية الذي نظمته وكالة الفضاء الأوروبية والذي عقد أول ابريل الماضي في دارمستاد بألمانيا هذه القضية باستفاضة في حضور ثلاثمائة عالم وخبير من 21 دولة أوروبية.

وتوضح تقديرات وكالة الفضاء الأوروبية أن هذه القمامة تشمل أقماراً صناعية غير عاملة وصواريخ قديمة وقطع من سفن فضائية، خلفت على مدى أكثر من 50 عاماً من الأنشطة البشرية في الفضاء الخارجي.

ويذكر أن الجرد الرئيسي للقمامة يأتي من شبكة رصد الفضاء التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، التي تعتمد عليها غالبية الدول الأخرى للتعرف على البيانات.

ومن ناحية أخرى، تولي مرصد "تيدي" بجرز الكناري الأسبانية، رصد القمامة الفضائية طوال عقد كامل، تحت إشراف وكالة الفضاء الأوروبية.

وتشير وكالة إنتربريس سيرفيس إلى أن هناك 800 مركبة وقمر صناعي ما زالت عاملة في الفضاء، و>لك من أصل أكثر من 4600 مركبة، 6000 قمر صناعي أطلقوا إلى الفضاء الخارجي منذ عام 1957 حين أرسل الاتحاد السوفيتي سفينة الفضاء المشهورة "سبوتنيك".

ك>لك فإن غالبية القمامة الفضائية تأتي من عمليات تفجير في الفضاء قدر مجموعها بنحو 200 عملية.

كما يتزايد حجم القمامة الفضائية بسبب حوادث الاصطدام الواقعة في الفضاء نتيجة غياب القواعد التنظيمية.

ويؤكد الخبراء ان الخوف كله من أن "تزداد حوادث التصادم أكثر وأكثر مما ينشر كميات لا حصر لها من الجزيئات التي تصطدم بالأقمار الصناعية" فبسرعة 40000 كيلومتراً /الساعة، يمكن لأي جزئية صغيرة أن تتسبب في أضرار كبيرة لمركبات الفضاء.

واتضح أن هذا الخطر في 10 فبراير الماضي بالفعل حين اصطدمت المركبة الفضائية الأمريكية "إيريديم33" مع القمر الصناعي الروسي "كوزموس2251" غير العامل، فتحطمت المركبتان إلى مئات من الأجزاء والجزيئات التي تضاف إلى مجموع القمامة الفضائية.

وهك>ا تحول الفضاء إلى مقلب كبير للقمامة وكأن الأرض قد ضاقت بنا .. ولا يعلم أحد إلى الآن الانعكاسات التي يمكن أن يسببها هذا التسابق بين الدول الكبرى في الفضاء الخارجي .. وإلى أين تؤدي بنا.

فقد علمنا التاريخ أن فعل الإنسان سيرتد إليه دوماً بأضعاف الخسائر والمصائب التي سببها للطبيعة.

وعموماً عذراً أيتها الطبيعة المظلومة ورفقاً بنا.

المصدر: المكتب العربي للشباب والبيئة
  • Currently 198/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
67 تصويتات / 742 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

150,247