الشبكة العربية لدراسات أخطار الألغام ومخلفات الحروب

كتب د. غسان شحرور

        في الرابع والعشرين من شهر أبريل/نيسان الجاري، وفي خطوة غير مسبوقة في التاريخ الإنساني، تقدمت جمهورية جزر مارشال الصغيرة بدعوى قضائية تستهدف الدول التسع النووية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، وتتهم فيها جزر مارشال الدول التسع "بالانتهاك الصارخ للقانون الدولي" لتقاعسها عن مواصلة المفاوضات حسبما تقضي اتفاقية منع الانتشار النووي التي يبلغ عدد أعضائها 190، ودخلت حيز التنفيذ في عام 1970، والتي تلزم من ينضم إليها بموجب المادة السادسة منها بوقف الانتشار النووي، والسعي في أقرب وقت ممكن إلى نزع السلاح النووي، وهذا ينطبق على أعضاء الاتفاقية من الدول النووية: الولايات المتحدة والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة وفرنسا والصين الشعبية، أما غير المنضمين كالهند وباكستان وكوريا الشمالية واسرائيل فتقاضيهم بموجب القانون الدولي العرفي.      

                تكتسب جزر مارشال أهمية خاصة حيث تمثل أهم ضحايا الأسلحة النووية، فقد  كانت خلال الفترة 1946-1958 موقعا للتجارب النووية الأمريكية التي بلغ عدد تفجيراتها 67، وهي ما تعادل في شدتها التدميرية إلقاء قنبلة ونصف من قنابل هيروشيما كل يوم ولمدة 12 سنة، الأمر الذي ألحق أضراراً جسيمة في بيئتها قد تمتد لمئات السنين.

       لقد مضت جزر مارشال في سعيها هذا رغم كونها دولة صغيرة جداً وفقيرة، لايزيد عدد سكانها عن نصف مليون، وتتكون من عدة جزر متناثرة شمال المحيط الهاديء، استقلت عن الولايات المتحدة في سنة 1986 وهي لاتزال تعتمد على معونتها السنوية اعتماداً كبيراً  لاحتضانها بعض قواعدها العسكرية. ولم تكتف جزر مارشال بذلك، فقد أقامت دعوى قضائية تستهدف تحديدا الولايات المتحدة الأمريكية أمام المحكمة الاتحادية الجزائية في سان فرانسيسكو.

       بهذا التحرك القضائي لجمهورية جزر مارشال، الذي لاقى ترحيباً كبيراً من نشطاء نزع السلاح، وحركات السلام، تكون قد أشعلت جبهة جديدة في المواجهة الدائرة بين مجموعة الدول النووية من جهة ونحو 146 دولة أيدت إبرام اتفاقية تحظر الأسلحة النووية، وعقدت مؤتمرها الأول في أوسلو حول العواقب الإنسانية للأسلحة النووية في ربيع 2013، واكتسب موقفها زخماُ جديداً مع اختتام مؤتمر نايريت في المكسيك خلال الفترة 13-14 شباط/فبراير 2014، وهي الآن تواصل جهودها لعقد مؤتمر فيينا لاستكمال خطوات وضع اتفاقية دولية ملزمة لحظر الأسلحة النووية.

        في هذه المناسبة نجدد مطالبة الحكومات ومنظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم، وكذلك وسائل الإعلام، المقروءة والمسموعة والمرئية، أن تدعم مسيرة حظر الأسلحة النووية، من أجل إبرام اتفاقية دولية، تعمل على حظر استخدامها، وصناعتها، ونقلها، والاتجار بها، أو الاستثمار فيها، بالإضافة إلى تفكيك الموجود منها، ووضع المنشآت النووية تحت الإشراف الدولي الكامل من أجل سلامة وأمن ورفاه المجتمع الإنساني في كل مكان.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 181 مشاهدة
نشرت فى 27 إبريل 2014 بواسطة anrolm

ساحة النقاش

الشبكة العربية لدراسات أخطار الألغام ومخلفات الحروب في الوطن العربي

anrolm
تضم عددا من المهتمين والعاملين في المجالات البحثية والإعلامية والإنسانية لمشكلة الألغام ومخلفات الحروب، وهي تسعى إلى تنسيق الجهود المبذولة في هذه المجالات، وتفعيلها عربيًا ودوليًا للإسهام في تخليص مجتمعاتنا العربية والإنسانية من براثن هذه البذور المميتة، التي تلوث أرضنا، وتعيق التنمية الإنسانية والمجتمعية فيها. تدعم الشبكة منذ تأسيسها »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

33,072