الشبكة العربية لدراسات أخطار الألغام ومخلفات الحروب

authentication required

الدين وتعزيز الدعم النفسي المجتمعي لضحايا الحروب ...د.غسان شحرور

Religion and Community War Trauma Healing

from Community Psychological Support for Victim of War and Conflicts,

Guide book by Dr. Ghassan Shahrour..

  تساعد التعليمات الدينية في مواجهة الأزمات والكوارث، وتعزز قدرة الفرد والأسرة والمجتمع على الشفاء والتعافي، يستطيع رجال الدين ومقدم العون النفسي الاستعانة بها والتذكير بأهميتها، لاسيما في المجتمعات المحلية المتضررة بمخلفات الحروب كالقنابل العنقودية والألغام

Communities affected by Explosive Remnants of War

نذكر منها 

Promoting Patience      الحث على الصبر

الصبر في اللغة هو الحبس والمنع، فيكون معناه حبس النفس على طاعة الله، وحبس النفس ومنعها عن معصية الله، وحبس النفس إذا أصيبت بمصيبة عن التسخط وعن الجزع ومظاهره من شق الجيوب ولطم الخدود والدعاء بدعوى الجاهلية.وأما الصبر على البلاء: ويكون هذا الصبر بحبس اللسان عن الشكوى إلى غير الله تعالى، والقلب عن التسخط  والجزع، والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب ونحوها. لقد أرشدنا الله إلى ما نقوله عند المصيبة .. وبين أن للصابرين مقاماً كريماً عند ربهم فقـال

وَلَنَبلُوَنّكُم بشيء مِنَ الخَوفِ وَالجُوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأموَالِ وَالأَنفُسِ وَالثّمَراتِ وَبَشِرِ الصّابِرينَ  الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ.      البقرة /155-157

كذلك إذا علم العبد أن المصائب كلها إنما بقضاء الله وقدره .. فيجب عليه الإيمان والتسليم والصبر.. و الصبر جزاؤه الجنة كما قال سبحانه

(وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً)     الإنسان/12.

وكل هذه الأنواع تدخل تحت قوله عز وجل

إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ

   كل الرسل والأنبياء صبروا على ما ابتلوا فيه.. وقرأنا قصصا كثيرة في القرآن الكريم عن صبر يونس، ووجوده في بطن الحوت، وصبر موسى على آل فرعون، ومريم على قومها، وعيسى على العذاب، ونوح مع قومه، وسيدنا أيوب عليه السلام ومرضه

الصبر في السنة

عن أنس قال: سمعت رسول الله يقول: إن الله عز وجل قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ـ أي عينيه ـ فصبر عوضته عنهما الجنة.

من كلام السلف في الصبر

 قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه

(وجدنا خير عيشنا بالصبر) وقال أيضاً: ( أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريم.

 وقال علي رضي الله عنه

(ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس بار الجسد). ثم رفع صوته فقال: ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له، وقال أيضاً ( والصبر مطية لا تكبو).

 وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله

(ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعوضه مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه).

       Tolerance and Forgiveness -   التسامح و الصفح   

نص الإسلام على التسامح مع مختلف

الأديان وجاء في الآية 69 من سورة المائدة

 "إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون"

 وهذا يعني أن الذين آمنوا (أي المسلمين) والذين هادوا (أي اليهود) وكذلك المسيحيين والصابئة، وباختصار: كل الذين يؤمنون بالله ويعملون ما هو صالح، لا يُخشى من أن يعذَّبوا في الآخرة أو أن يُحرَموا من النعيم. أليس في ذلك دليل على أن الإسلام يتجاوز في تسامحه طوائف المسلمين إلى بقية الأديان؟ وعندما كان الأمويون يحكمون الأندلس تسامحوا مع الجماعات اليهودية والمسيحية وشهد عصرهم، باعتراف الكتاب الغربيين أنفسهم، ازدهاراً لا يضاهى للثقافات الثلاث

- لقد أمرنا الله تعالى بالتسامح والعفو، حتى إن الله جعل العفو نفقة نتصدق بها على غيرنا! يقول تعالى

  (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) [البقرة: 219].

وطلب منا أن نتفكر في فوائد هذا العفو، ولذلك ختم الآية بقوله:  (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) فتأمل! بسبب الأهمية البالغة لموضوع التسامح والعفو فإن الله تبارك وتعالى قد سمى نفسه (العفوّ) يقول تعالى

(إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا) [النساء: 149].

- يقول تعالى

(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)           [الأعراف: 199].

- يقول تعالى مخاطباً كل واحد منا

(وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النور: 22].

- هناك آيات تستحق التدبر والوقوف طويلاً، فالله تعالى أمرنا أن نعفو عمن أساء إلينا حتى ولو كان أقرب الناس إلينا، فما هو سر ذلك؟ ولماذا يأمرنا القرآن بالعفو دائماً ولو صدر من أزواجنا وأولادنا؟ يقول تعالى

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التغابن: 14].

      Non Violence -اللا عنف 

كما أن علياً (عليه السلام) هو الذي هتف بأمرٍ من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) -عندما فتح المسلمون مكة المكرمة- بشعار: اليوم يوم المرحمة اليوم تحمى الحرمة.. بعد أن ردد سعد بن عبادة شعاره الجاهلي: اليوم يوم الملحمة اليوم تسبى الحرمة!.. وللقارئ أن يتأمل الفرق الكبير والشاسع بين الشعارين!! ليطمئن إلى أن السلم واللاعنف خيار استراتيجي في الإسلام.-في آية أخرى يدعو القرآن الكريم المؤمنين إلى عدم إيذاء الكافرين وإثارتهم عبر سبّ آلهتهم فقال سبحانه: ((وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْم)) ـ سورة الأنعام: 108..-من عهد الإمام علي (عليه السلام) إلى مالك الأشتر لمّا ولاّه على مصر قائلا: «فولّ من جنودك أنصحهم في نفسك لله ولرسوله ولإمامك، وأنقاهم جيباً وأفضلهم حلماً، ممّن يبطئ عن الغضب، ويستريح إلى العذر، ويرأف بالضعفاء على الأقوياء، ممّن لا يثيره العنف، ولا يقعد به الضعف» نهج البلاغة: الرسائل: 53 من كتاب له (عليه السلام) كتبه للأشتر النخعي لما ولاه على مصر.-وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «ليس القوي من يصرع الفرسان، إنّما القوي من يغلب غيظه ويكظمه»[75]. [75] ـ مستدرك الوسائل: ج9 ص12 ب97 ح10061.-وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من كظم غيظاً ملأ الله جوفه إيماناً، ومن أعرض عن محرّم أبدله الله بعبادة تسرّه، ومن عفا عن مظلمة أبدله الله بها عزّاً في الدنيا والآخرة»[76]. [76] ـ أمالي الشيخ الطوسي: ص182 المجلس 7 ح8. -وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «ثلاثة يرزقون مرافقة الأنبياء، رجل يدفع إليه قاتل وليّه فعفا عنه، ورجل عنده أمانة لو يشاء لخانها فيردّها إلى من ائتمنه عليها، ورجل كظم غيظه عن أخيه ابتغاء وجه الله»[77]. [77] ـ مستدرك الوسائل: ج9 ص12 ب97 ح10062.وقول المسيح أيضاً بكلماته الدالة على عمق روح مبدأ اللا عنف عندما قال: يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون(3). 3 إنجيل لوقا / 23 : 33 : 34. إن المسيحية بكل اتجاهاتها المتعددة ومذاهبها المتنافرة تتفق في قضية أساسية، وهي مبدأ اللا عنف كما نقل لنا (لوقا) في إنجيله قول السيد المسيح(ع): أقول لكم أيها السامعون: أحبوا أعداءكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، باركوا لاعنيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم(4)4 يوسف رياض، الصليب وكلمات المصلوب، مطبعة السلام للطباعة، القاهرة 2000، ص23. وتناقش المسيحية هذا المبدأ على أساس أن أصعب شيء على الطبيعة البشرية هو الغفران، وتؤكد على أن طبيعتنا تجد في الانتقام من الأعداء ألذ الأطايب، وفي التشفي من المسيئين شفاء من الغيظ.إن في التعاليم المسيحية وأحاديث السيد المسيح ومن جاء بعده من تلامذته تأكيد على مبدأ (اللا عنف) ونبذ العنف كمفهوم قابل للممارسة والتطبيق، وتأكيد ذلك قول السيد المسيح: طوبى للرحماء.. طوبى للأنقياء القلب.. طوبى لصانعي السلام(5).5 يوسف رياض، الموعظة على الجبل، مكتبة الأخوة، القاهرة 1999، ص 18.  

      Brotherhoodالإخاء الإنساني  

نجد مثل القران الكريم والسيرة والسنة النبوية يشيدان به ويعضدانه لأنه منطلق كل المعاني الكريمة مثل قوله تعالى :"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة خلق منها زوجها"الآية /سورة النساء /وقول النبي "ص"في ميثاق حجة الوداع :"أيها الناس, إن ربكم واحد, وإن أباكم واحد كلكم لآدم،  وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله اتقاكم, ليس لعربي على عجمي  فضل إلا بالتقوى "فالآية الكريمة و القول النبوي  الشريف يدلان على وحدة الأصل الإنساني, ووحدة الإنسانية  والإخاء الإنساني الواسع الشامل 

المصدر: كتاب الدعم النفسي المجتمعي لضحايا العنف والكوارث دكتور غسان شحرور
  • Currently 69/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 1044 مشاهدة
نشرت فى 25 فبراير 2011 بواسطة anrolm

ساحة النقاش

الشبكة العربية لدراسات أخطار الألغام ومخلفات الحروب في الوطن العربي

anrolm
تضم عددا من المهتمين والعاملين في المجالات البحثية والإعلامية والإنسانية لمشكلة الألغام ومخلفات الحروب، وهي تسعى إلى تنسيق الجهود المبذولة في هذه المجالات، وتفعيلها عربيًا ودوليًا للإسهام في تخليص مجتمعاتنا العربية والإنسانية من براثن هذه البذور المميتة، التي تلوث أرضنا، وتعيق التنمية الإنسانية والمجتمعية فيها. تدعم الشبكة منذ تأسيسها »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

32,488