جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
مقالة نقدية بقلم الاستاذ :صالح هشام / المغرب
الصورة خنق للبياض أم قتل للنص ؟! (وجهة نظر )
ونحن نتصفح المنشورات الأدبية والعلمية والإخبارية على اختلافها أنواعها على الحائط العام للفيس أو الخاص للمنتديات والمجموعات الأدبية يطالعنا كم هائل من الغث والسمين من الصور فتثير انتباهنا هذه الصور وفي بعض الأحيان تكون لوحات رائعة كاملة الإبداع فنطيل الوقوف أمامها مشدوهين ، ونمعن النظر ونتأملها ونتأوه في بعض الأحيان إعجابا أو نكدا ، ثم يزداد تعطشنا إلى مشاهدة المزيد من هذه الصور لإشباع غزيرة حب الاستطلاع والتطفل ! والمثير هو أننا لا نعير انتباها لما هو مكتوب و يديل الصورة سواء كان منشورا إخباريا أو قصة أو شعرا ، فننظر للسطور بخفض العين ، ولا ونرغب حتى في معرفة ما يحتويه هذا السواد ،و نعلنها حربا ضروسا على البياض في منتديات الفيس بوك وكيفما كانت النتائج أو الخسائر لا يهمنا الكيف ، ما يهمنا هو أن لا نترك للبياض متنفسا وحتى ذلك المتنفس للبياض نغطيه بالصورة والتي تكون في بعض. الأحيان مثيرة للمشاعر، سواء في القصة أو الشعر و هناك من يوظفها أيروتيكية وفي اعتقاده انها تأسر المتصفح ليقبل على قراءة النص !متشبعا بفكرة وهو (لائط بالقلوب التي نادى بها القدماء ) ،ويكون قد غاب عن ذهنه أنه حجب النص بصفة نهائية لأن المتصفح أشبع تطفله من خلال الصورة ليمر إلى البحث عن صورة أخرى أكثر إثارة ، وأقول إن توظيف الصورة أثناء النشر تضيع على الكاتب قارئا أو متصفحا لأن هذه الصورة تغنيه عن استعمال ذهنه وتوظيف فكره من أجل قراءة نصك كذلك المتبضع الذي يسأل عن أثمنة جميع المنتوجات ولا يشتري شيئا ، أضف إلى ذلك أن الصورة في بعض الأحيان توحي للمتصفح بمحتويات النص ، فييخبو في نفسه حب الاستطلاع والتطفل ، ما دامت الصورة فسرت له ما يستتر وراء السطور ،يجب أن نحدد موقفنا إذا كنا في معرض للصور إو في مرسم نتقبل نتيجة إعراض المتلقي على قراءة النص لأنك أشبعت فضوله قبل أن يلج إلى محتويات نصك ، وإذا كنت تنشر شيئا مكتوبا على مستوى اللغة المنطوقة فحاول أن لا تشتت انتباه المتصفح بين لغتين لغة الإشارة أو الصورة واللغة المنطوقة والمكتوبة ، فلا بد أن تحل إحداهما محل الأخرى ، فأنت عزيزي الناشر تريد أن تستحود على انتباه المتلقي بجميع الطرق ، فتشرح له ما تريد تبليغه بلغتين في آن واحد لغة الصورة ولغة الحرف دون وعي منك بأن العقل البشري لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقبل اللغتين معا لهدف واحد ! لهذا نجد في كثير من الأحيان أن اللوحة الإشهارية تكتفي بالصورة دون التعليق ،أو التعليق على المادة دون الصورة ، افترض أنك تشاهد شريطا سنيمائيا مدبلجا بغير لغتك الأصلية ، فماذا يقع ، فإن انتباهك يضيع بين قراءة السطور في الشريط أسفله فتضيع المشاهد على مستوى الصورة أو تضيع السطور و تقبل على المشاهد التي لاتفهم لغتها الموظفة ، هذه قناعة شخصية ، فعندما تنشر النص مرفوقا بالصورة فإنك كما لو كنت تفقد ثقتك في المتلقي في مدى مقدرته على ما خط قلمك فتعود به إلى الصفوف الأولى في المدرسة عندما كنا لا نقرأ درسا إلا بالصور ، ولكن هذا يستقيم مع مستوى العمر وتلك فترة وهذه فترة ، فعندما توضح منشورك للقاريء بصورة فهذا في اعتقادي هو عدم ثقة ، اتركه يغوص في سطورك وسيفهمها بطريقته الخاصة ولا تجبره على شيء ، أحترم تلك المنتديات التي تمنع النشر المرفوق بالصور فليس هذا راجع إلى اقتصادها في البياض وإنما أنا على يقين بأنها تعي مدى خطورة الصورة على امتصاص انتباه القاريء ،وبالتالي إحجامه عن القراءة ،فالنص الجميل كالمرأة الجميلة لاتحتاج إلى مواد التجميل ، والقبيحة تبقى قبيحة ولو غاصت في بحر من العطور والمواد التجميلية ، لهذا أقول لك أخي الناشر لقد تجاوزنا مرحلة شرح القصة بالصورة ولكل فترة رجالها قد تأسرني الصورة ،فاعلق عليها تعليقا يليق بها لا أن أشرح بها نصي ، ولا يجب أن يشكل لنا البياض عقدة فنعمل على خنقه بالصورة ، فهناك مثلا من يقلقه البياض لأنه كتب ومضة شعرية لا تتجاوز ثلاثة أسطر شعرية فيخنقها البياض فلا يجد بدا من أن يحجبه بصورة روماسية وفي بعض الأحيان تكون رومانتكية ، وقد لا يحترم هذا الناشر حتى شعور المتصفحين ، وفي أحيان أخرى هناك من يشاركك هذا النوع من الصور ، وتكون صفحتك رهن إشارة أبنائك ، أقول من خلال هذه المقالة يجب أن نفصل بين اللغتين لغة الصورة واللغة المكتوبة ، فكلاهما توصلان المعنى الذي تريده لكن لا تجمع بينهما واحترم مقولة لكل (مقام مقال ) الصورة في مكانها والنص المكتوب في مكانه ولا تغلب هذا على ذاك ، والله الموفق
بقلم الاستاذ~صالح هشام
الاحد ٢٩|١١|٢٠١٥
بقلم الاستاذ~صالح هشام
الاحد ٢٩|١١|٢٠١٥
المصدر: مقالة نقدية بقلم الاستاذ :صالح هشام / المغرب