, 04:42 AM
المقاييس والموازين(اوزان الدراهم)
هذه الصفحة من كتاب الميزان في الأقيسة والأوزان : علي باشا مبارك - الناشر - مكتبة الثقافة الدينية - بورسعيد
وقد وضعنا جداول تشتمل على وزن الدراهم المحفوظة حتى الآن في خزانات الآثار بأوروبا من ضرب الخلفاء، وهنا نورد الوزن المتوسط لدرهم مما وجد من ضرب الخلفاء ليعلم مقدار وزن الدرهم فنقول:
إن متوسط وزن درهم من 12 درهما من ضرب عبد الملك بن مروان هو 2.861 جراماً.
ومتوسط وزن درهم من 58 درهماً من ضرب الوليد الأول 2.833 جراماً.
ووزن درهم من 12 من ضرب سليمان 2.851
ووزن درهم من 7 دراهم من ضرب عمر الثاني 2.800
ووزن درهم من 2 من ضرب يزيد الثاني 2.760
ووزن درهم من 25 درهماً من ضرب هشام 2.800
ووزن درهم من 4 دراهم من ضرب الوليد الثاني 2.870
ووزن درهم من ضرب إبراهيم 2.760
ووزن درهم من 6 دراهم من ضرب مروان الثاني 2.771
ووزن درهم من 5 دراهم من ضرب أبي العباس 2.814
ووزن درهم من 85 درهما من ضرب المنصور 2.822
ووزن درهم من 16 درهما من ضرب المهدي 2.816
ووزن درهم من 131 درهماً من ضرب هارون الرشيد 2.865
ووزن درهم من 22 درهما من ضرب الأمين 2.860
ووزن درهم من 14 درهما من ضرب المأمون 2.908
ووزن درهم من ضرب المعتصم وهكذا إلى المعتمد 2.873
وبالتأمل في هذا الجدول يظهر أن متوسط وزن الدرهم لمجموع دراهم الخلفاء هو 2.829 جراماً وأن أكبر متوسط وزن لدرهم هو 2.90 والمتوسط الغالب دائر بين 2.80 و 2.87
وفي الجداول الواردة في الخطط التوفيقية لجميع نقود الخلفاء من الفضة وزن الدرهم متغير فيكون 2.97 وينقص إلى 2.70 وحينئذ لا يمكن الجزم بأنه الأقل أو الأكبر ولكن يمكننا أن نقول: إن الوزن الحقيقي منحصر بين الأقل والأكبر فلا يكون أقل من الأصغر ولا أزيد من الأكبر، ويلزمنا أن نبحث عن مقداره بالتحقيق ونستعين في هذا البحث بأقوال العلماء الذين اشتغلوا بهذا الأمر.
وقبل الشروع في ذلك نمهد له فنقول :
إن جمهور علماء الإسلام أجمعوا على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخلفاءه الراشدين ومن تبعهم لم يتعرضوا للنقود.
قال المقريزي : إن المثقال منذ وضع لم يختلف جاهلية ولا إسلاماً وقال أيضاً : ولما بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الأموال في نقود الجاهلية فجعل في كل خمس أواق من الفضة الخالصة التي لم تغش خمسة دراهم، وهي النواة، وفرض في كل 20 ديناراً نصف دينار، وقال : والأوقية 40 درهما والرطل 12 أوقية فيكون الرطل 480 درهما والنص هو نصف الأوقية حولت صاده شيناً فقيل : نش، وهو عشرون درهما والنواة وهي خمسة دراهم.
قال : ولما بعث الله نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أقر أهل مكة على ذلك كله وأقر النقود في الإسلام على ما كانت عليه في الجاهلية، ونقل المقريزي للدلالة على ذلك حديثا رواه من طريق مسلم وأبي داود - رحمهما الله تعالى - من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مدها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها" فذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل بلد وما تختص به من كيل ونقد ا.هـ.
وخرج النسائي من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " المكيال مكيال أهل المدينة، والميزان ميزان مكة " ا.هـ.
وقال الخطابي : إنما جاء هذا الحديث في نوع ما يتعلق به أحكام الشريعة في حقوق الله تعالى دون ما يتعلق به الناس في مبايعاتهم وأمور معايشهم، وقوله : الوزن وزن أهل مكة، أي في الذهب والفضة خصوصا دون سائر الأوزان، ومعناه أن الوزن الذي يتعلق به حق الزكاة في النقد وزن أهل مكة، وأما قوله : والمكيال مكيال أهل المدينة إنما هو الصاع الذي يتعلق به وجوب الكفارات وتجب صدقة الفطر به ويكون تقدير النفقات وما في معناها بعياره.
وكل هذا شاهد عدل على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - لم يتعرضوا للنقود.
وذكر أبو العباس بن سريج أن درهم مكة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - خمسون حبة و 3/5 حبة وهو 6 دوانق وكانت النقود الجاري التعامل بها بين الناس في أرض الحجاز وغيرها نقود فارس والروم وغيرها وكانت مختلفة فلما استخلف أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - لم يغير النقود ا.هـ.
وذكر المقريزي أنه لما استخلف عمر لم يتعرض لشيء من النقود بل أقرها على حالها، فلما كانت سنة 18 من الهجرة وهي السنة الثامنة من خلافته ضرب الدراهم على نقش الكسروية وشكلها بأعيانها، وفي آخر مدته وزن كل عشرة دراهم 6 مثاقيل، فلما بويع عثمان ضرب دراهم نقشها الله أكبر، ولما اجتمع الأمر لمعاوية وجمع لزياد ابن أبيه الكوفة والبصرة قال : يا أمير المؤمنين، إن العبد الصالح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب صغر الدرهم وكبر القفيز، وقال : فلو جعلت أنت عيارا دون ذلك العيار ازدادت الرعية به رفقا ومضت لك به السنة الصالحة، فضرب معاوية تلك الدراهم السود الناقصة من ستة دوانق فتكون 15 قيراطاً تنقص حبة أو حبتين ا.هـ.
قلت : يتضح من هذا أن تعامل الناس إلى زمن معاوية كان بدراهم الجاهلية.
وقال المقريزي : وضرب زياد دراهم وزن كل 10 منها 7 مثاقيل، فلما قام عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - بمكة ضرب دراهم مدورة، وكان أول من ضرب الدراهم المستديرة، وكان ما ضرب منها قبل ذلك ممسوحاً غليظاً قصيراً، وضرب أخوه مصعب بن الزبير دراهم بالعراق وجعل كل 10 منها 7 مثاقيل ا.هـ.
وفي تاريخ البلاذري أن محمد بن سعيد قال : حدثنا سفيان بن عيينة عن أبيه أن أول من ضرب وزن 7 الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي أيام ابن الزبير. انتهى. وهذا يدل على أن وزن 7 حادث في الإسلام.
قلت : علمنا من ذلك أن النسبة 7/10 الواقعة بين الدينار والدرهم كانت حاصلة قبل عبد الملك لكنها لم تكن في كافة أنحاء المملكة وكانت هي وغيرها متعاملا بها، فلما آل الأمر إلى عبد الملك بن مروان بعد مقتل عبد الله ومصعب ابني الزبير ضرب السكة الإسلامية واعتبر فيها نسبة 7/10 وصار لا يتعامل في كافة أنحاء الخلافة الإسلامية إلا بالسكة الإسلامية ومنع التعامل بغيرها.
والنقود التي كانت على عهد عمر - رضي الله عنه - على مراتب ثلاث، كما ذكر ذلك في المبسوط، فكان بعضها 20 قيراطاً وبعضها 12 قيراطا وبعضها 10 قراريط، فالأولى وزن الدرهم وزن الدينار، والثانية وزن كل 10 دراهم ستة مثاقيل، والثالثة كل 10 دراهم خمسة مثاقيل.
وذكر في تاريخ البلاذري أن الدراهم كانت من ضرب الأعاجم مختلفة كبارا وصغارا فكانوا يضربون منها وزن مثقال وهو وزن 20 قيراطاً ويضربون منها وزن 12 قيراطاً ويضربون وزن 10 قراريط وهي أنصاف المثاقيل، فلما من الله بالإسلام واحتيج في أداء الزكاة إلى الأمر الوسط أخذوا 20 قيراطاً و 12 قيراطاً و 10 قراريط فصار المجموع اثنين وأربعين قيراطاً فضربوا على وزن الثلث من ذلك وهو 14 قيراطاً فوزن الدرهم العربي 14 قيراطاً من قراريط الدينار فصار وزن كل 10 دراهم سبعة مثاقيل، والظاهر أن ذلك كان في زمن عبد الملك حينما ضرب السكة الإسلامية ومنع التعامل بغيرها.
وتلخص من جميع ما سبق أنه قبل الإسلام كانت الدراهم مختلفة فكان منها ما كل 10 دراهم 6 مثاقيل، وما كل 10 وزن 5 وما وزن الدرهم وزن الدينار، وأن وزن 10 دراهم 7 مثاقيل حدث في الإسلام وصار لا يتعامل إلا بها من ابتداء زمن عبد الملك.
والآن نبحث عن مقدار الدرهم قبل زمن عبد الملك فنقول :
تقدم أن المثقال العربي هو ثلث المثقال الفرعوني ومقداره 4.72 وأن الدينار هو الدرهم الرومي ومقداره 4.25 وعلماء العرب لا تفرق بين المثقال الدينار، وبعضهم يقول : إن المثقال يطلق عرفاً على الدينار.
وتقدم أن المقريزي قال : إنه في آخر زمن عمر كانت العشرة دراهم ستة مثاقيل، فإذا فرضنا أن المثقال هو الدينار نجد حاصل ضرب 6 في 4.25 = 2.55 وضعف ذلك 5.10 ونقود الروم التي كانت جارية بين الناس المعروفة بالهرقلية كانت 5.664 جراما ولم يكن دراهم وزنها 5.10 والمقريزي ذكر أن الدراهم والدنانير وزنها في الجاهلية مثل وزنها في الإسلام مرتين، ونصف 5.664 هو 2.832 وهذا المقدار هو 6/10 المثقال العربي، فيظهر أن مراد المقريزي بالمثقال العربي ليس الدينار، وأيضاً لو قارنا درهم 2.55 بأصغر وزن موجود في الجدول السابق للدراهم نجده أصغر منه بكثير، ومعلوم أن مقدار زكاة الأموال ثابت لا يتغير، وكان يؤدى في زمن الخلفاء بنقودهم، وبما أن هذا لم يبلغ أصغرها فلا يصح اعتماده، لكنا إذا ضربنا مقدار المثقال في 6 نجد 6 × 4.72 = 28.32 وهذا المقدار هو مقدار أوقية الرطل المصري الروماني ، وحيث إنها 10 دراهم فالعشر هو مقدار الدرهم في آخر مدة الفاروق وهو 2.832 وهو لا يختلف عن وزن دراهم السكة الإسلامية، بل هو أكبر من دراهم يزيد الثاني ومن دراهم مروان الثاني، وأيضاً كان من ضمن الدراهم الجاري التعامل بها ما العشرة منها وزن ستة مثاقيل، وفي الجاهلية كان الدينار هو المثقال وغير ذلك كان في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نقد روماني اسمه الدينييهوهي 8 دوانق وكان يتعامل بها كما كان يتعامل بنصفها المسمى ساليك وكان = 4 دوانق وكان الرطل الروماني 60 دينييه والعرب جعلت الرطل 120 درهما والدرهم هو الساليك الروماني ، وتقدم أن الدانق الفرعوني = 0,708 جراما فتكون الدينييه 8 × 0.708 جراماً = 5.664 جراما ونصفها يكون هو الساليك أو الدرهم العربي في زمن الرسول = 2.832 جراما يساوي 4 دوانق لأن 4 × 0,708 جرام = 2.832 جراماً.
وهذا المقدار يساوي 6/10 من المثقال العربي يعني 6 × 0.472 جراماً، وبيان ذلك أن المثقال الفرعوني - كما تقدم - ثلاثة مثاقيل عربية والمثقال الفرعوني 20 دانقاً فالدانق حينئذ 1/20 فرعوني يساوي 3/20 عربي وحيث إن الدرهم العربي أو الساليك الروماني 4 دوانق فيكون :
4/20 فرعوني = 4 × 3/20 عربي أو
4/20 فرعوني = 3/20 × 6 عربي أو
4/20 فرعوني = 1/10 × 6 عربي
أو 4 دوانق فرعونية = 6/10 من المثقال العربي، وتقدم أن المثقال العربي 4.72 فعشره يكون 0.472 جراماً و6/10 منه هو 2.832
والنقد المسمى بالدينييه هو الذي أطلق عليه المقريزي اسم الدرهم البغلي وقال إنه 8 دوانق والعالم ( هرسيوس ) قال بذلك أيضاً و ( إدوار برنار ) قال : إن المثقال سدس الوقية المصرية الرومانية التي هي وقية الرطل المصري الروماني الذي قلنا : إن مقداره 339.84 جراما والوقية المذكورة 28.32 وكانت 10 دراهم فالدرهم حينئذ 2.832 وهذا الدرهم هو 4 جيراه عبرانية أو أوبول رومانية لأن :
4 × 0.708 جراما = 2.832 جراما
وهذا المقدار هو 1/5 المثقال الفرعوني لأن المثقال الفرعوني 14.16 جراما وخمسه 2.832 جراما وهذا الدرهم = 1/15000 من مكعب قدم الذراع الملوكي من الماء والقنطار الفرعوني يعادله 15000 مرة يعني أن 15000 × 2,832 = 42,5 كيلو والقنطار الفرعوني 12000 درهم بطليموسي كل درهم 3.54 جراما فنسبة الدرهم الذي كان قبل السكة الإسلامية، وفي آخر زمن عمر، وعلى موجبه كانت تؤخذ الزكاة وهو 2.832 إلى الدرهم البطليموسي كنسبة 5 إلى 4 لأن 5 × 2.832 = 4 × 3.54 جراما، وسيأتي أن الخمسة دراهم هذه هي النواة.
ولنا دليل آخر على أن درهم 2.832 هو الصحيح الذي يعتمد عليه وهو اتفاق النقلة على أن أغلب ما كان يتعامل به من أنواع الدراهم في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - والصدر الأول بعده نوعان من أنواع الدراهم : الطبري والبغلي، وقال المقريزي : والدرهم الطبري ثمانية دوانق والدرهم البغلي أربعة دوانق وقيل بالعكس ا.هـ.
وبعضهم قال : إنه في زمني بني أمية جمع الدرهمان وقسما نصفين فخرج من ذلك درهم ستة دوانق، وقال الماوردي : إن الذي جمعهما عمر - رضي الله عنه - وقال غيره : إنه زياد ابن أبيه، بل وقيل : إنه الحجاج، في زمن عبد الملك.
وكل هذه الأقوال يدل معناها على أن الدرهم الإسلامي هو نصف الدرهمين البغلي والطبري المساوي أحدهما أربعة دوانق والآخر ثمانية، فلو عثرنا على الدراهم القديمة التي كانت جارية في زمن عمر ومن بعده قبل عبد الملك ووقفنا على أوزانها الصحيحة ووجدنا أن نصف مجموع الدرهم الصغير والكبير هو 2.832 كان ذلك حجة قاطعة لكل شك، وقد وجدت في كتاب ( وسكيس كبيو ) بيان الدراهم الموجودة وعليها اسم عمر وكذلك الدراهم التي ضربها عمال الخلفاء قبل عبد الملك وهي هذه :
دراهم موجودة بمتحف مدينة باريس وعليها اسم عمر بالفارسي وبالعربي بسم الله.
درهم وزنه 3.48 درهم وزنه 3.92
درهم وزنه 3.92 درهم وزنه 3.92
والمجموع = 15.24 درهم عليه اسم عمر ضرب في طبرستان 1.82 ودرهم 1.90 عليه اسم عمر بالعربي ودرهم 1.90 ودرهم 1.82 ومجموع ذلك هو 7.44 ودرهم باسم سعيد بالعربي 1.82 والمتوسط 15.24/4 = 2.81 والمتوسط 7.44/4 = 1.86 ومجموع المتوسطين 5.67 ونصف ذلك 3.835 وهو يقرب من عدد 2.832 جداً.
والموجود في خزانة لوندره من ضرب عمال الخلفاء هي الدراهم الآتية :
اثنان ضرب عبد الله أحدهما 4.20 والثاني 3.90
اثنان ضرب سليم زياد أحدهما 4.10 والثاني 3.70
واحد ضرب عبد العزيز 3.97
واحد ضرب عبد الله بن الزبير 3.27
اثنان ضرب عبد الله حازم 3.97، 3.85
واحد ضرب خالد بن عبد الله 3.85
اثنان ضرب المهلب بن أبي صفرة 3.65، 3.70
اثنان ضرب أمية بن عبد الله 3.70، 3.70
اثنان ضرب الحجاج بن يوسف 3.87 والثاني 3.89
فلو استبعدت درهمي 4.20 و 4.10 اللذين مجموعهما 8.30 لكان مجموع الدراهم الباقية 49.02 وإن أخذت المتوسط يعني قسمت 49.02 على 13 يكون الخارج 3.77 وهو مطابق لمتوسط الدراهم المضروبة وعليها اسم عمر، ولو نسبت هذا للمثقال الذي هو 4.72 لوجدته ثمانية أعشاره، لأن عشر المثقال 0.472 وحاصل ضربه في 8 = 3.776 فعلى ذلك الدرهم البغلي الوافي الذي قيل : إنه ثمانية دوانق هو 3.776 وبما أن الدرهم الطبري نصفه فنضرب 4 دوانق في 0.472 نجد 1.888 وهو مطابق للدراهم الموجود عليها اسم عمر بالفارسي، وإن جمعت الدرهمين كان وزنهما = 5.664 وهو مقدار الدينييه الرومانية وهي عبارة عن 12 عشر مثقال ونصفها ستة أعشار المثقال = 2.832 وهو درهم عمر.
وذكر الشيخ شهاب في ذخيرته أن الدرهم المصري 64 حبة وهو أكبر من درهم الزكاة، فإذا أسقطت الزائد كان النصاب من دراهم مصر 180 درهما وحبتين فقط ا.هـ.
قلت : 180 × 64 = 1152 + حبتين = 1154 حبة يساوي النصاب.
ثم إن درهم مصر 3.125 جراما، فإن قسم على 64 حبة كان مقدار الحبة 0.049 وحاصل ضرب 0.049 × 1154 =565.46 وإن قسمت هذا الحاصل على 200 ينتج 2,83 وهو عين درهم عمر، وقد وجدت مع الخواجا ( لمبو ) أحد مستخدمي المكتبة الخديوية درهمين مستديرين أحدهما ضرب في واسط سنة 117 هجرية في خلافة هشام بن عبد الملك، والثاني ضرب في أصبهان في خلافة المأمون سنة 199 وقد أجريت وزن الدرهمين في حجرة الكيمياء بالميزان الحساس بمعرفة حضرة إسماعيل أفندي حسنين فكان وزن درهم هشام 2.754 جرام، ووزن درهم المأمون 2.81 جراما, والكتابة التي على كل منهما كوفية واضحة، ففي أحد وجهي درهم هشام : بسم الله ضرب هذا الدرهم بواسط سنة سبعة عشر ومائة، وفي الوجه الآخر : الله أحد الله الصمد ... إلى آخر السورة وفي دائره محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وقطر هذا الدرهم 27.5 ملليمترا ويزيد على قطر درهم المأمون بقدر 4 ملليمتر، وعلى أحد وجهي درهم المأمون محمد رسول الله - ذو الرياستين، وعلى الوجه الثاني بسم الله ، ضرب هذا الدرهم بمدينة أصبهان سنة تسع وتسعين ومائة، وفي دائره محمد رسول الله أرسله بالهدى ... إلى آخر الآية، وقطره 23.5 ملليمترا، فدرهم المأمون يقرب جداً من درهم 2.832 جرام الذي كان جارياً في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن خلفه من الخلفاء إلى زمن معاوية، وفرقه عن درهم عبد الملك هو ناشئ عن عدم إتقان الصناعة، ومن طول زمن الاستعمال لعدم انتظام استدارته. انتهى.
ثم إن درهم 2.832 لا يفرق عن درهم معاوية بن أبي سفيان، وذلك أن درهم معاوية 15 قيراطا إلا حبة أو حبتين وكان أقل من ستة دوانق، ودرهم عبد الملك 15 قيراطاً سواء وهو 6 دوانق، فصح أن درهم معاوية أقل من 6 دوانق ، فمتى علمنا درهم عبد الملك علمنا بالنسبة له درهم معاوية، ودرهم عبد الملك يمكن استخراجه من قول المقريزي : إن عبد الملك بن مروان ضرب الدنانير والدراهم فجعل وزن الدينار 22 قيراطا إلا حبة بالشامي وجعل وزن الدرهم 15 قيراطاً سواء والقيراط أربع حبات وكل دانق قيراطان ونصف ا.هـ.
قلت : إن المثقال العربي 24 قيراطاً ومقداره 4.72 فإن قسمت 4.72 على 24 تجد أن مقدار القيراط 0.1967 جراما وضرب هذا المقدار في 15 يحصل عنه الدرهم 2.950 ويكون هذا المقدار وزن درهم عبد الملك ومقدار الدينار يكون 21,75 ضرب مقدار القيراط 0,1967 = 4,28 وهو يزيد عن مقدار الدرهم الرومي وعن مقدار وزن الدينار الذي تقدم في الجدول السابق لمتوسط وزن دنانير الخلفاء, لكن إذا اعتبرنا قول محمد بن سعيد الوارد في تاريخ البلاذري القائل بأن وزن الدرهم من دراهمنا هذه 14 قيراطاً من قراريط مثقالنا الذي جعل 20 قيراطاً وهو وزن خمسة عشر قيراطا من أحد وعشرين وثلاثة أسباع نجد أن قوله هو الصواب لأنه بضرب 21 و 3/7 في مقدار القيراط وهو 0.1967 نجد أن مقدار الدينار 4.22 وهو وزن أغلب دنانير الخلفاء، وعلى ذلك فوزن درهم عبد الملك الذي نعتمد عليه ونعتبره في حساباتنا هو 2.95 ووزن الدينار 4.22 وذلك لأنه مطابق لما اتفق عليه علماء الإسلام من أن العشرة دراهم سبعة مثاقيل.
وقول المقريزي يخالف ذلك لأن العشرة دراهم 150 قيراطاً على قوله والسبعة دنانير 152,25 قيراطاً بخلاف قول ابن سعيد فإن العشرة دراهم في التقسيم المعتبر بمكة 140 قيراطاً والسبعة دنانير كذلك وفي التقسيم الشامي العشرة دراهم 150 قيراطاً والسبعة دنانير كذلك فالأصح حينئذ قول ابن سعيد.
والآن نبحث عن درهم معاوية فنقول : حيث إن درهم عبد الملك هو 60 حبة ويساوي 2.95 مقدار الحبة الواحدة يكون 0.0492 فإن طرحنا حبتين من درهم عبد الملك يكون الباقي هو درهم معاوية وهو 2.85 وهو قريب جداً من درهم 2.832 الذي تقدم أنه كان في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي زمن أبي بكر وعمر وعثمان.
ومما يثبت لنا أن هذا الدرهم هو درهم معاوية ما وجد في خزانة لوندره من ضرب زياد بن أبي سفيان وأورده ( واسكيس كبو ) في كتابه وقال : إن وزنه بغاية الضبط 2.85 .
وكون وزن الدينار 4.22 موافق للوزن المتوسط لكثير من الدنانير الواردة في الجدول السابق فبعض دنانير عبد الملك 4.25 وبعضها 4.22 ومنها ما هو 4.23 ومنها ما هو 4.26 .
وهكذا يوجد في دنانير الوليد الأول وغيره ما وزنه أكثر وأقل، والاطلاع على جدول العملة الذهب العربية المضروبة في عهد خلفاء المشرق الموجودة في الخطط التوفيقية كاف في ذلك.
وسبق أنا قلنا : إن الصنعة في وقت أن اتخذت السكة الإسلامية لم تبلغ غايتها في الإتقان فإن حسبنا درهم معاوية بالنسبة لدرهم عبد الملك وهو 2.95 نجد أن الحبة الواحدة 0.04923 جراماً أو 0.05 جراما والحبتين 1/10 من الجرام، ويكون مقدار الدرهم 2.85 وفرقه عن درهم عمر شيء يسير وبناء على ذلك يكون :
درهم عمر 2.832 جراماً
درهم معاوية 2.850 جراماً
درهم عبد الملك 2.950 جراماً
ودرهم عبد الملك هو 1/120 من الرطل البطليموسي الذي كان مستعملا في بلاد الشام، وتقدم أن مقداره 354 جراماً كما أن درهم عمر كان 1/120 من الرطل المصري الروماني الذي هو 339.84 وأن النسبة الواقعة بين درهم عمر ودرهم عبد الملك هي النسبة الواقعة بين الرطلين وهي : 100 : 96 يعني أن 100 درهم من دراهم عمر تساوي 96 درهما من دراهم عبد الملك.
وفيما سبق قلنا : إن المثقال الفرعوني القديم 14.16 جراماً كان منقسما إلى 20 قسماً فكان درهم عمر 4/20 منه أي 1/5 الدينار الفرعوني، ثم إن المثقال المذكور جعل منقسما إلى 24 قسماً بعد الخراب لبيت المقدس فصار مقدار القسم منه 0.59 جرام ودرهم عبد الملك 5 منها يعني 5/24 وعلى ذلك يكون 4/20 = 5/24 ومنها تنتج النسبة بين درهمي عمر وعبد الملك وهي 100 : 96 .
فعلى ذلك متى علم أحد الدرهمين فلا صعوبة في معرفة الثاني.
فمثلاً إذا علم درهم عمر نضربه في 100 ونقسم الحاصل على 96 ينتج درهم عبد الملك، وبالعكس إذا علم درهم عبد الملك نضربه في 96 ونقسم الحاصل على 100 فينتج درهم عمر، ودرهم عمر ودرهم عبد الملك هما منسوبان إلى المثقال الفرعوني.
وتقدم أن مقدار الزكاة المقدرة 5 دراهم في كل مائتي درهم من الفضة الخالصة من الغش ونصف دينار في كل 20 ديناراً، وحيث علمنا مقدار درهم الفضة في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين وهو 2.832 وعلمنا كذلك درهم معاوية وهو 2.85 ودرهم عبد الملك وهو 2.95 يمكننا معرفة حكمة تقدير النصاب بمائتي درهم ومعرفة ما هو الرطل الشرعي المجعول 12 أوقية على حساب الأوقية 40 درهما ، ولذك نقول : إن درهم الخليفة عمر 2,832 والوقية 40 درهما فيكون مقدارها بالجرامات 40 × 2.832 = 113.28 جراماً، ثم إن الرطل 12 أقية أو 480 درهماً فيكون مقداره 12 × 113.28 = 1.359.36 كيلو جرام، وإن نسبنا هذا المقدار إلى الرطل 339.84 نجد أنه يدخل فيه أربع مرات بلا فرق لأن 4 × 339.84 =1.359.36 كيلو، بمعنى أن الرطل الشرعي الذي هو 480 درهما أربعة أرطال مصرية رومانية.
وتقدم أن الرطل المصري الروماني 24 مثقالا فرعونيا فيكون الرطل الشرعي يساوي 4 × 24 = 96 مثقالا فرعونياً، وهذا واضح لأن :
96 × 14.16 = 1.359.36 كيلو، وهو عين السابق فمن هنا يظهر أن الرطل الشرعي هو منسوب للمثقال الفرعوني، ثم إن الوارد في السنة أن مقدار نصاب زكاة الفضة مائتا درهم ، وقلنا : إن الدرهم 2.832 فيكون 200 × 2.832 = 566.40 جراماً، وهذا المقدار هو مائة دينييه رومانية، لأن الدينييه تساوي 5.664 فالمائة 566.40 فينتج أن المائتي درهم وهي النصاب هي 100 دينييه رومانية وهي النقد الذي كان جاريا في بلاد الحجاز في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكان مقداره ثماني دوانق فرعونية ونصفه أربعة، وكانت الزكاة تؤدى من هذه النقود، ثم إن المائة دينييه هي رطل مصري روماني وثلثا رطل، لأن الرطل المصري الروماني :
339.84 جرام
وثلثاه 226.56 جرام
والمجموع 566.40
والرطل المصري الروماني 24 مثقالا فرعونياً وثلثاه 16 مثقالا فرعونيا فيكون النصاب الشرعي وهو 200 درهم 40 مثقالا فرعونياً، ومقدار الزكاة خمسة دراهم، والدرهم 2.832 وحاصل ضرب 5 × 2.832 = 14.16 وهو وزن المثقال الفرعوني ويكون في كل 40 مثقالا فرعونيا مثقال واحد أو 2.50 في كل 100 وهو ربع العشر كما تقول الفقهاء.
ثم إن الرومانيين كان لهم نقد يسمى الليبتون وهو عين المثقال العربي، وكان لكل 20 منه نصف الواحد يعني زكاة كل 20 مثقالاً نصف مثقال وذلك أنا قلنا : إن 40 مثقالا فرعونياً زكاتها مثقال، وحيث إن المثقال الفرعوني 3 مثاقيل عربية فتكون زكاة 120 مثقالا عربيا 3 مثاقيل أو كل 40 مثقالا عربيا مثقالا أو كل 20 مثقالاً 1/2 مثقال ونعلم أن المثقال 4.72 ونصفه 2.36 وهذا المقدار الأخير هو الدرهم الجوارقي الذي قال المقريزي : إنه 4.5 دانق لأ المثقال العربي أو الليبتون تسعة دوانق فكان يتعامل في وقت الرسول - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - بالليبتون ونصفه كما كان يتعامل بالدينييه ونصفها.
وفي بعض كتب العرب يطلق على نصف الليبتون اسم هرقلا، من اسم القيصر هرقليوس، وكان معاصرا للرسول - صلى الله عليه وسلم - وقبل الهجرة بسنة، يعني سنة 621 ميلادية، ضرب هذا القيصر مقدارا وافرا من هذه النقود للصرف على العسكرية، ومن ذلك كثر وجودها في تلك الحقبة ببلاد الحجاز، ولما من الله بالإسلام وتقررت الزكاة صارت بالطبع تؤخذ منها.
ثم إنا إذا اعتبرنا العشرين دينارا الذي هو النصاب أيضاً نجد أن مقدار الزكاة نصف دينار، وذلك أن في 20 مثقالاً عربيا نصف مثقال عربي كما سبق يعني 2.36 ونعلم مما سبق أن العشرة دنانير 9 مثاقيل ، فنحول العشرين مثقالا عربيا إلى دنانير فتجد أن العشرين مثقالا عربياً تساوي 22 + 2/9 دينارا وزكاة هذا المقدار 2.36 وزكاة الدينار الواحد خارج قسمة 2.36 على 22+ 2/9 وبإجراء العملية نجد زكاة الدينار الواحد 0.1062 جرام وزكاة العشرين ديناراً هي 20 × 0.1062 جرام = 2,124 وهذا المقدار يساوي نصف دينار لأن الدينار هو 4.248 فثبت أن في كل 20 دينارا نصف دينار كما هو الحكم الشرعي.
وبالمثل يثبت أن زكاة المائتي درهم خمسة دراهم، وذلك أن زكاة 20 ديناراً نصف دينار والدينار 4.248 جراما فالعشرون دينارا 84.96 وزكاتها نصف الدينار 2.124 والمائتا درهم هي 100 دينييه - كما سبق - أعني 566.4 جراما فيستخرج زكاتها من هذه النسبة 84.96 : 566.4 2.124 : س ومنه :
س = ( 2.124 × 566.4 )/84.96 = 14.16 وهذا المقدار يعني 14.16 يساوي خمسة دراهم كل درهم 2.832 جراماً فتكون زكاة 200 درهم مثقالا فرعونياً.
ويظهر مما قدمناه أولا أن النصاب الذي هو 200 درهم = 100 دينييه رومانية = 200 ساليك، وهو نقد روماني أطلق عليه في الكتب العربية اسم الدرهم الطبري ومقداره 2.832 أو 4 دوانق، وهو درهم عمر.
ثانياً : أن النصاب = 200 درهم = 1 رطل + 2/3 رطل مصري روماني.
ثالثا : أن النصاب = 200 درهم يساوي أربعين مثقالا فرعونيا وأن الخمسة دراهم المقدرة للزكاة هي مثقال فرعوني، وتكون زكاة الأربعين مثقالا فرعونيا مثقالا فرعونيا وزكاة العشرين مثقالا فرعونيا نصف مثقال فرعوني.
رابعاً : الأربعون مثقالا فرعونيا تساوي 120 مثقالا عربياً، والمثقال الفرعوني ثلاثة مثاقيل عربية، فالزكاة في كل أربعين مثقالا عربيا مثقال عربي، وفي كل 20 نصف مثقال.
خامساً : أن في كل 40 ديناراً ديناراً، وفي كل 20 نصف دينار، وحينئذ يثبت أن درهم عمر وهو 2.832 هو درهم الزكاة في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي زمن أبي بكروعمر ومن تبعهم من الخلفاء إلى أن جاء معاوية فجعل الدرهم 15 قيراطاً إلا حبة أو حبتين، ولما ضربت السكة الإسلامية صارت هي المستعملة في جميع أنحاء المملكة الإسلامية في الزكاة وغيرها، ومقدارها بالنسبة لمثقال عبد الملك لم يفرق عن مقدارها بالنسبة لدرهم عمر.
وذلك أن درهم عبد الملك 2.95 والنصاب 200 درهم فيكون مقداره 590 جراماً، وهذا المقدار عبارة عن رطل وثلثي رطل بطليموسي، والرطل البطليموسي 25 مثقالا فرعونيا وثلثاه 16 و2/3 فيكون النصاب يساوي 41,66 و 2/3 مثقالا فرعونياً ويكون مقدار الزكاة 5 × 2.95 = 14.75 يعني مثقالا فرعونياً و 1/24 من المثقال، والمثقال الفرعوني ثلاثة مثاقيل عربية فيكون النصاب 125 مثقالا عربياً.
ولتحويل 125 مثقالا عربياً إلى دنانير نقول إن كل 10 دنانير 9 مثاقيل عربية فيكون المقابل إلى 125 مثقالا عربياً يستخرج من هذه النسبة :
9 : 10 125 : س
ومنه س = (10 × 125)/9 = 138,88 دينارا .
وزكاة هذا المقدار 14.75 وزكاة الدينار الواحد تستخرج من قسمة 14.75 على 138.88 وبإجراء العملية نجد زكاة الدينار الواحد 0.1062 جراما ويكون زكاة 20 دينارا 20 × 0.1062 = 2.124 وهو نصف دينار طبقاً للنص الشرعي.
ومن هنا ينتج أن لا فرق بين الزكاة باعتبار درهم عمر أو درهم عبد الملك، وكذلك لو أردنا معرفة الزكاة باعتبار درهم معاوية فلا نجد فرقاً.
ساحة النقاش