بقعة ساحرة تتناغم فيها الرمال الذهبية والشطآن اللازوردية في مشهد جميل حيث يتعانق فيه خليج السويس وخليج العقبة ليرتبطا إلى الأبد في محمية «رأس محمد» أروع بقاع العالم الطبيعية.

سميت المحمية بذلك الاسم لأنها تمثل رأس مثلث، تمثل سلاسل جبال جنوب سيناء بقية أضلاعه، وهي تشبه رأس رجل له لحية. وقد دخلت «رأس محمد» محمية في حوزة التراث العالمي عام 1983، وتبلغ مساحتها 480 كم2، وهي تبعد عن شرم الشيخ 12 كم. والذهاب إليها يكون من خلال المكاتب السياحية في شرم الشيخ، حيث يمكنك الاختيار بين وسيلتين إما أن تذهب إليها بحراً عن طريق نزهة بحرية بأحد اليخوت لممارسة رياضة الغوص ومشاهدة الشعاب المرجانية، أو بسيارة الرحلات أو السفاري وهي الأفضل حتى تستطيع التعرف عليها وزيارة معالمها، وتستغرق رحلة الذهاب من شرم الشيخ نحو 20 دقيقة حتى تصل إلى بوابة المحمية الطبيعية التي يطلق عليها بوابة «الله»، وهي بوابة صممها أحد المهندسين المصريين عقب حرب أكتوبر من مجموعة أحجار اسمنتية عملاقة تشبه الأحجار الجرانيتية بشكل لا يصدق، وقد اكتشف المهندس بعدها بأنها تشبه اسم لفظ الجلالة، ويحرص كل من يزور المحمية على التقاط الصور لها. وبمجرد دخولك ستنبهر بروعة التشكيلات الرملية الرائعة والتي تثير فيك الشوق والإثارة للتعرف على هذا الكنز الطبيعي، وما هي إلا ثوان، وتتوقف السيارة في أول محطة لها عند شاطئ السويسي المطل على خليج السويس، الذي قال في وصفه الأديب البريطاني «اي. ام. فورستر». ذلك الممر العظيم بجباله التي تميل الى الحمرة ومياهه المتلألئة تجده هنا فقط وليس في أي مكان آخر فهو حلقة الاتصال بين بلاد المشرق والمناطق الاستوائية. وتزين شاطئ السويس الأصداف والقواقع، وهو مرتع تخرج إليه العديد من الكائنات البحرية كالسلاحف البحرية المهددة بالانقراض والأحياء المائية النادرة، وهو ما يجذبك لكي تكتشف المزيد بالغوص في مياهه، أو ممارسة رياضة السنوركلينج والتي تستمتع فيها بمشاهدة كل ما هو نادر وغريب من الحيوانات البحرية، وربما تقابل الدرافيل وأسماك القرش، والترسة البحرية، وستشاهد سرطانات البحر التي تخرج من كهوفها الصدفية لتتجول في رشاقة وحذر، وأنواعا من الرخويات وقنافذ البحر والقشريات، كما ستستمتع بحوالي 200 نوع من الشعاب المرجانية، لكن عليك مقاومة كل هذا الجمال والالتزام بشعار السياحة البيئية الذي يقول «لا تأخذ معك إلا الصور ولا تترك إلا آثار أقدامك».

وبعد الاستمتاع بالمياه السويسية، يحين موعد المحطة التالية مع بحيرة المانجروف، وهي حقا قطعة من الفردوس تحيط بها أشجار المانجروف النادرة والتي لا توجد إلا في أربع مناطق في العالم منها مصر، وهو نوع غريب من الأشجار يمتص الملح من المياه، ويظهر الملح على أوراقه الخضراء، حيث يمكنك رؤيته وتحسسه عليها. ولكن يحظر على الزائرين السباحة فيها محافظة عليها ولكن يسمح بالتقاط الصور. بعدها تأخذك السيارة إلى مناطق الزلزال العظيم الذي هز مصر منذ مئات الملايين من السنين حيث شقت قناة صخرية يطلق عليها «قناة المانجروف» التي تفصل بين شبه جزيرة رأس محمد وجزيرة البعيرة وتجري من تحتها المياه بطول حوالى 250 م، كما تكونت حلقة تشبه البئر أيضا تطوف من تحتها مياه البحر الأحمر. بنظرة إلى السماء الصافية ستجد الطيور النادرة كالنورس والنسر العقابي واللقلق والبلشون بأنواعه، تحلق فوقك وتخطف عينيك لتتأمل بعمق جمال الطبيعة الخلابة من حولك. فرأس محمد تتمتع بكونها موطنا للعديد من النباتات البرية والزواحف والحشرات التي لا تظهر إلا ليلا، وتتميز بتنوع بيولوجي نادر، فإلى جانب الطيور والنباتات فهي موطن الثدييات مثل: الثعالب، والضباع، والأرانب الجبلية، والغزلان، والماعز الجبلي. كما توجد بها حفريات تتراوح أعمارها بين 75 ألف سنة و20 مليون سنة.

ومن أكثر المحطات إثارة بمحمية رأس محمد «البحيرة المسحورة» وهي بحيرة تتدرج ألوان مياهها لتجمع شتى ألوان المياه، ويقول البعض من عشاق رأس محمد إن هذه البحيرة تغير من لونها حيث يتغير لون المياه حوالي سبع مرات يوميا. بينما أطلق عليها البدو بحيرة التمني، فقد عهد البدو في الماضي ان يسبحوا فيها ويقوموا بإلقاء بعض الأحجار متمنين بعض الأمنيات، وهو ما يفعله السياح عند زيارتهم لها، حيث يقومون بالسباحة والاستمتاع بالمياه والرمال الملونة، كما يقوم البعض بتلوين وجهه بنثرات من هذه الرمال.

وبعد أن تلقي بأمنياتك في هذه البحيرة، تنتقل السيارة الى الحافة الشرقية لمحمية رأس محمد والتي تمثل حائطاً صخرياً مع مياه خليج العقبة. وعلى شاطئ يتسم بالرومانسية تحيطك الصخور من اليمين والشمال، تترك السيارة لبضع دقائق، مستمتعا بحمام شمس على الرمال البيضاء الناصعة أو بتسلق بعض الصخور المطلة على المياه مباشرة. كما يمكنك الغطس في أجمل مناطق الغطس في العالم، التي تمتلئ بالكهوف البحرية تتدفق منها أسراب الأسماك بمختلف الأحجام والألوان والكائنات البحرية التي لن تشاهدها في أي مكان آخر وتسبح معها في منتهى الأمان، حتى لتكاد تشعر بأنها تعرفك مسبقا وأنها ترحب بك في عالمها الخاص. وفي الأعماق ستشعر بأنك حقا في حديقة غناء تغمرها المياه، وستندهش لمنظر الرمال في الأعماق المغطاة بما يشبه الزهور، تحوم حولها أسماك تشبه الفراشات الملونة يطلق عليهاbutterfly fish ، وستقابل أيضا كائنات رقيقة هلامية بألوان متعددة كالروز والبنفسجي والأبيض والأصفر، وستجد حفريات بحرية مرت عليها ملايين السنين. كما ستبهرك روعة ألوان الشعاب المرجانية وتعددها ومنها المورقة بالنباتات البحرية، كما ستشاهد الشعاب النارية أو Fire corals وقد سميت كذلك لأنها تفرز مواد حارقة للجلد لمن يلمسها فقط ، لذا يحذرك منها المرشدون، كما ستشاهد الشعاب الملونة المتحركة وكأنك تسبح في لوحة تشكيلية بديعة.

أما المحطة الأخيرة فستكون رؤية خليجي السويس والعقبة من أعلى صخرة، حيث تشاهد من خلال منظار مكبر المنطقة المحيطة بأكملها. إن زيارة واحدة لمحمية رأس محمد ستجعلك متيما بها، وتعود لزيارتها مرات ومرات. ويمكنك الذهاب الى رأس محمد من القاهرة بسيارة مجهزة ويتم حجزها من خلال مكاتب السياحة وتستغرق هذه الرحلة نصف يوم. كما يمكنك الذهاب إليها في نزهة بحرية ممتعة لمدة يوم كامل، على يخت مجهز بجميع وسائل الراحة، وبرنامج النزهة البحرية يشمل 3 محطات للتوقف بين أمواج البحر الأحمر حيث يمكنك الاستمتاع بدرجات اللون الأزرق التي تصطبغ بها المياه، وفي كل محطة يمكن القيام بالغطس لرؤية آلاف الأنواع من الأسماك الملونة وأروع تكوينات الشعاب المرجانية، وخلال الرحلة يُقدم الغذاء والمشروبات والمثلجات والعصائر. وكل رحلة منهما تتكلف، حوالي 25 يورو للسائح وللمصريين 140 جنيها فقط

المصدر: جهازي
  • Currently 24/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
7 تصويتات / 103 مشاهدة
نشرت فى 27 مارس 2011 بواسطة amiro

ساحة النقاش

امير محمد ادريس

amiro
»

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

25,521