التخطيط الفعال أُولى خطوات النجاح
يقول الكاتب هادي المدرسي في كتابه (فنون النجاح):
جاءني صديق قديم ذات يوم ، ومعه رجل في الأربعينيات من عمره قائلاً: صاحبي هذا يعاني مشكلة غريبة قد يكون لها ارتباط بالسحر، فهو لا يدخل في عمل إلا ويفشل فيه، حتى أصبح معارفه يضربون به المثل قائلين إنه صاحب (معجزة معكوسة)؛ فما وضع يده على ذهب إلا تحول إلى تراب.. فسألت الرجل عن رأسماله، فتبين أنه قد ورث عن أبيه مبلغًا من المال كبيرًا جداً، خسر معظمه لكن لا يزال الباقي كثيرًا.
ثم سألته عن الأعمال التي خاض غمارها وخسر فيها لأعرف إذا ما كان يختار الأهداف الخاطئة أم لا، فتبين لي أنه كان صاحب اختيارات جيدة، لأن آخرين نجحوا بها فعلاً. وبعد حوار طويل، اكتشفت مشكلته الرئيسية، فهو وإن كان يختار الأهداف الصحيحة ويستخدم وسائل جيدة لكنه لم يكن يمتلك طريقة العمل الصحيحة، فقد كان مثل مزارع بسيط في قرية إفريقية، يزرع الأرض قبل أن يفكر من أين يأتي بالماء الذي يسقي به الزرع، أوكيف يحصد المحاصيل أو أين يبيعها.. إنه لم يكن يخطط لأعماله.. وظيفة قيادية مشكلة صاحب "المعجزة المعكوسة" أنه تجاهل وضع خطة، وبذلك خطط للفشل. ومن المؤكد أننا لم نعتد في مجتمعاتنا، بما فيها من تخبط كبير في الحياة اليومية، أن نخطط وأن نجلس مع أنفسنا لدراسة هذا القرار ومراجعة تلك الخطوة، بل إننا نأخذ الحياة كيفما اتفق. نعم، نجري في كل الاتجاهات ونخبط خبط عشواء، وإذا سألت أحدنا: ما هي خطتك للوصول إلى هدفك؟ أجاب: لا وقت لدي لوضع خطة. ويعرف الدكتور طلال الشريف التخطيط بما يلي : التخطيط من الوظائف القيادية المهمة، يقع على عاتق القيادة وجوب النهوض به كوظيفة أساسية. ولا تنتهي هذه الوظيفة إلا بتحقيق الهدف من خلال نشاطات الجهة التي تعمل على تنفيذ الخطة. *
وعملية التخطيط تشتمل على عدد من الخطوات المنطقية هي: [1] التحديد المسبق للأهداف المراد الوصول إليها.
[2] وضع السياسات والقواعد التي نسترشد بها في اختيارنا لأسلوب تحقيق الهدف.
[3] وضع واختيار بديل من عدة بدائل متاحة لتنفيذ الهدف المطلوب، وتحديد الإمكانات اللازمة لتنفيذ هذا البديل.
[4] تحديد الإمكانات المتاحة فعلاً.
[5] تحديد كيفية توفير الإمكانات غير المتاحة.
[6] وضع البرامج الزمنية اللازمة لتنفيذ الهدف، برامج تتناول تحديد النشاطات اللازمة لتحقيق الهدف، وكيفية القيام بهذه النشاطات، والترتيب الزمني للقيام بهذه النشاطات ثم تحديد المسؤولية عن تنفيذ هذه النشاطات. لماذا الخطة؟ مثال بسيط سنضعه أمامنا سيغنينا عن كثير من الشرح لأهمية وضع خطة: أنت مثلاً عندما تريد الخروج مع أصدقائك في جلسة مسامرة مسائية تخطط للأمر وإن كنت لا تلقي لأمر التخطيط هذا بالاً لأنه يحدث في مدىً زمني روتيني ضيق، لا يجعله يصل إلى مرتبة "الخطة". لكن،.. بقليلً من التأمل، أنت تتصل بصديقك فلان وتطلب إليه أن يتصل بعلان، وتحددون مكان اللقاء وساعته جميعاً، وربما تحددون موضوع الحديث سابقًا. إنه تنسيق زمانيٌ مكانيٌ لا يُنْكَر. ألا يعد ما قمت به –بالرغم من قلته- خطة؟ بلى، هو كذلك بالطبع. وهذا يوضح لنا في عجالة أهمية التخطيط في حياتنا، وكيف نمارسه دون أن ندري. على الرغم من أننا بحاجة إلى إثبات الأمر بنقيضه، وتوضيح أن المتخبطين هم أشخاص فاشلون حتمًا ولن يدركوا النجاح إلا فيما ندر. إن التخطيط مكسب كبير إذا ما تم فهمه بطريقة صحيحة وإذا ما أعطي حقه كاملاً. فربح الوقت والوصول إلى الهدف بسرعة ووضوح، وعدم تبديد الطاقة والأموال ليسا أول ولا آخر المكاسب التي تنالها من التخطيط، ويمكنك أن تحدد إن كان عملٌ ما سيفشل أو سينجح من خطة العمل ومدى عقلانيتها وتجاوبها مع الهدف الذي ترمي إليه. إن التخطيط يقلل من نسبة الأخطاء المحتملة كثيرًا ويغلق الثغرات قبل الوقوع بها. كيف أبدأ؟ الهدف هو ما تحتاج إليه كي تبدأ وضع خططك والتلذذ بالأمر لما فيه من انضباط وشعور مريح بالقوة والسيطرة، ليس أمامك سوى أن تحدد هدفك بالضبط، ثم تضع خطتك للوصول إليه، هكذا بكل بساطة. ولنضرب لذلك مثلاً: بعد أن أنهى طالب دراسته الثانوية كان هدفه أن يصبح دكتورًا في علم النفس: هو يبدأ خطته أولاً بالبحث عن الكليات المتخصصة والأفضل في المكان الذي يناسبه وفي الوقت الذي يختاره أيضًا، ثم يخطط لمصاريف الإقامة والدراسة التي يتطلبها الأمر، ثم كيفية تحصيل المبلغ المطلوب في السنة الأولى، بل والسنوات التي تليها إن كان ذا بعد في النظر، ثم يخطط.. أين يتابع دراسته العليا وكيف.. حتى يصل -في خطته التي رسمها- إلى هدفه: دكتور في علم النفس. إن وضوح الهدف يساعد بشكل كبير على تبلور الخطة نفسها؛ لذا وجب الاعتناء أيضًا بمسألة وضوح الهدف هذه وتشذيبها إن كانت بعدُ ليست جَلِيَّة. كيف أضع خطة؟ من الأشياء التي لا يختلف فيها اثنان أن عدم وضع الخطط على الورق يهدم فكرة الخطة من بدايتها ويجعلها "في خبر كان" لذا فأول ما يجب عليك فعله هو أن تمسك بالورقة والقلم لتسجل أفكارك أولاً، ثم خططك بعدها. إنك -عندما تضع خططك على الورق- تبدأ صياغة حلمك بجدية وقوة،
فالخطة المكتوبة على الورق لها عدة ميزات ندرجها كما يلي:
1.وضوح الأفكار والخطة (لأنك تراها أمامك) وتجنب الارتباك والتخبط.
2.القدرة على تغيير وتعديل خططك متى شئت، والقدرة على حذف ما تريد وإضافة ما تريد حسب التطورات والتغيرات الطارئة.
الخطة الآن مكتوبة بين يديك، ربما ما زالت مبعثرة قليلاً لكن ذلك لا يهم في البداية.
ولكن كيف أتعامل مع خطتي ؟ اضغط للمتابعة
ساحة النقاش