موقع الأستاذ عبد الفتاح أمير عباس أبو زيد

موقع لغوي أدبي تربوي قبمي

الْثَّوْرَةُ بَيْنَ الْمُتَهَتِّك وَالْمُتَنَسِّك

كتب: د. حمدي شعيب15 يونيو, 2013 - 6 شعبان 1434هـ

 

"قَصَمَ ظَهْرِيِ رَجُلان:

عَالِمٌ مُتَهَتِّكٌ، وَجَاهِلٌ مُتَنَسِّكٌ".

كلمات رائعة للخليفة الرابع الراشد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

يبين لنا أن مصدر الخلل وأساس الهلاك ومنبع الضلال وينبوع الفتن؛ هما صنفان:

الأول؛ وهو العالم بالحق والمعروف بين الخلق بأنه صاحب دعوة وحامل رسالة وأنه نموذج للعباد الصالحين، وأنه رمز للأخلاق والخير؛ ولكنه ينتهك ما يحمله من خير وما يمثله من رسالة؛ سواء كان سرأ أو علانية.

والثاني؛ وهو الجاهل الذي يحاول أن يدلي برأيه، ويمارس سلوكيات أو أعمال دون علم وعن جهل؛ سواء كان يدري بجهله أو لا يدري!.

قاعدة إنسانية عامة:

ورغم أن ظاهر التغريدة أنها مرتبطة بالعبادة والأخلاق؛ كما يعرف من مقام قائلها رضي الله عنه.

ولكننا عندما نقرأها برؤية كلية عامة؛ نجد أنها قاعدة إنسانية عامة تصف وتلخص إشكالية خالدة؛ فنجدها تتكرر في كل المجالات الإنسانية والحياتية التي تحيط بنا ونعايشها ليل نهار؛ فنقابل هذين الصنفين في أحوالنا الفكرية والإعلامية والسياسية والطبية والعلمية؛ بل والتربوية والدعوية كذلك!.

أي أنك ستقابلهما في كل ما تسمعه وكل ما تشاهده وكل ما تقرؤه في الشارع وفي العمل وفي المنزل وفي الإعلام وفي كل تجمع بشري.

متنسكون ... ومتهتكون:

وما يهمنا الآن هو ما يحدث في واقعنا السياسي والفكري والإعلامي؛ نظراً للعلاقة القوية التي تربطهم، ونظراً لظروف تداعيات الثورة.

فنجد المتهتكين من الساسة والمفكرين والإعلاميين يحيطون بنا، ويعلو صوتهم؛ ما بين سياسي يتنقل من منبر إلى منبر ومن حزب إلى آخر، فيقول هنا كلاماً ثم يناقضه هناك، ولا يخجل من أن يبرره بحجة تغير الظروف، والمعادلات السياسية؛ ولو صدق لقال لتغير هواه!؟.

ونجد المتنسكين منهم؛ وقد وسموا أنفسهم بألقاب تصدمنا ليل نهار:

فهذا خبير أمني، ونظنه كان يعمل مرشداً أو مخبراً لأمن الدولة!.

وهذا ناشط سياسي؛ وذلك لأنه ينشط حسب ما يدفع له، أو حسب الفاتورة!.

وهذا ناشط حقوقي؛ وذلك لأنه ينشط حسب مواسم ومعدلات التمويل الخارجي لمنظمته الحقوقية!.

وهذا خبير استراتيجي؛ وذلك لأنه قرأ كتاباً من على سور الأزبكية في الاستراتيجية!؟.

وهذا ثائر، وذاك خبير إعلامي، و...!؟.

كما قال الشاعر ابنُ رشيق:

مما يزهدني في أرض أندلـس ... أسماء مقتدر فيها ومعتضــد

ألقاب مملكة في غير موضعها ... كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد

خروق في ثوب القضاء!:

والساحة القضائية لم تسلم أيضاً من المتهتك والمتنسك.

فكل يوم نصطدم بأحكام قضائية؛ أقل ما يقال حولها أنها مسيسة أو مجرد تصفية لحسابات أو كيدية!؟.

ونظراً لخطورة هذه الفئة المجتمعية؛ فإن المصير كان قاسياً وجاداً وحاسماً؛ فهو جنة أو نار:

"القضاة ثلاثة؛ قاضيان في النار وقاض في الجنة.

قاض عرف الحق فقضى به فهو في الجنة.

وقاض عرف الحق فجار متعمداً فهو في النار.

وقاض قضى بغير علم فهو في النار". [فهرس مستدرك الحاكم ـ كتاب الأحكام ـ هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وله شاهد بإسناد صحيح على شرط مسلم ـ7012]

كيف النجاة؟:

لهذا كان من الحكمة الإلهية أن يردد المسلم دعاءً بليغاً، ويكرره مراراً في كل ركعة يحذره من هذين الصنفين: "اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ". [الفاتحة6و7]

أي (وفقنا إلى معرفة الطريق المستقيم الواصل; ووفقنا للاستقامة عليه بعد معرفته. فالمعرفة والاستقامة كلتاهما ثمرة لهداية الله ورعايته ورحمته. ويكشف عن طبيعة هذا الصراط المستقيم. فهو طريق الذين قسم لهم نعمته. لا طريق الذين غضب عليهم لمعرفتهم الحق ثم حيدتهم عنه. أو الذين ضلوا عن الحق فلم يهتدوا أصلا إليه. إنه صراط السعداء المهتدين الواصلين). [في ظلال القرآن: سيد قطب]

فالخطورة تأتي عندما نفتقد المعرفة.

أو عندما نمتلك المعرفة ولكن سلوكنا الظاهري يخالفها.

فلابد من امتلاك المعرفة مع امتلاك السلوك الذي يترجمها على أرض الواقع بأمانة.

والنجاة هي أن نسير في طريقنا المستقيم، ونتجنب هؤلاء المتهتكين أو بالمتنسكين.

 

amer123123

اللهم احفظ المسلمين من شر وسوء المنافقين والخونة والعملاء والكافرين يارب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 65 مشاهدة
نشرت فى 21 يونيو 2013 بواسطة amer123123

ساحة النقاش

عبد الفتاح أمير عباس أبوذيد

amer123123
موقع لغوي تربوي وأدبي وقيمي الرؤية والرسالة والأهداف: رؤيتنا: الرؤية : الارتقاء بالمنظومة التعليمية والتربوية بما يؤسس لجيل مبدع منتمٍ لوطنه معتزاً بلغته فخوراً بدينه رسالتنا: السعي لتقديم خدمات تربوية وتعليمية ذات جودة عالية بتوظيف التقنية الحديثة ضمن بيئة جاذبة ومحفزة ودافعة للإبداع الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها · إعداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

14,401,745