ثمة حروف وأسماء تدخل على الجملة الفعلية لتُلْقي بظلال من المعاني التي يقصدها مستعمل اللغة. ولذلك سيتناول هذا الموضوع صدر الجملة الفعلية، ويراد بذلك، الكلمات التي تسبق الفعل.
الأمثلة:
- قال تعالى: (عَمَّ يتساءلون) (سورة النبأ: 1).
- قال تعالى: (ومَنْ يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير) (سورة سبأ: 12).
- هلاّ تكتب الواجب.
- سيأتي أبي بعد قليل.
- سوف يشيخ الفتى.
- قال تعالى: (قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم) (سورة المائدة: 41).
- قال تعالى: (لن نصبر على طعام واحد) (سورة البقرة: 61).
- قال تعالى: (وما يخدعون إلا أنفسهم) (البقرة: 6).
- لا أُصادِقُ الخائن.
- هل سافر أخوك؟ نعم ...
- قد يأتي إسماعيل.
- يشجع محمد هذا الفريق. كلاَّ.
1. قال تعالى: (عَمَّ يتساءلون) (سورة النبأ: 1). يتضمن المثال الأول كلمة من الكلمات التي تتصدر الجملة الفعلية، فنجد كلمة (عمَّ) وأصلها كما - تعلم - (عن + ما)، وحذفت الألف في (ما) لكوْنها مسبوقة بحرف جر، ولاستخدامها في السؤال عن الأشياء. ومن ثم فإن حروف الاستفهام وأسمائه تتصدر الجملة الفعلية وذلك مثل: هل، ماذا، لم، بم، عمَّ...إلخ.
2. قال تعالى: (ومَنْ يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير) (سورة سبأ: 12). وتتصدر أداة الشرط (مَنْ) الآية الواردة في المثال الثاني. وهذه الأداة تجزم فعلين – كما تعلم – يسمى الأول فعل الشرط (يَزغ)، والثاني جواب الشرط (نذقه). ومن الأدوات التي تجزم الفعل المضارع: إنْ، ما، مهما، متى، أيان، أين، أينما حيثما كيفما، أي.
3. هلاّ تكتب الواجب. أما المثال الثالث فإنه يتضمن أحد حروف التحضيص وهو (هلاّ). فإذا جاء بعده فعل مضارع، فإنه يفيد التحضيض أي الدعوة إلى القيام بالفعل والحث عليه. أما إذا ذُكِرَ بعده فعل ماضٍ، فإنه يفيد التنديم أي إشعار (فلان) بالندم لتقصيره في أمرٍ ما. ومن حروف التحضيض والتنديم: ألاّ، لوما، لولا.
4. سيأتي أبي بعد قليل.
5. سوف يشيخ الفتى. لعلك لاحظتَ في المثالين الرابع والخامس أنهما يُسْتهلان بحرفي استقبال (السين، سوف) فهما يدخلان على الفعل المضارع ليفيدا هذا المعنى (الاستقبال). وكما تعلم، فإن الفعل المضارع يفيد الحال والمستقبل، ومجيء هذين الحرفين يجعل الفعل المضارع يفيد الاستقبال فقط. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل (السين، وسوف) يفيدان معنىً واحداً؟ وجواب ذلك أن (السين) تدخل على الفعل المضارع للتعبير عن قرب وقوع الحدث (الفعل)، أما (سوف) فإنها أطول زماناً من السين.
6. قال تعالى: (قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم) (سورة المائدة: 41). كذلك تُسْتهل الجملة الفعلية بحروف الجزم ففي قوله تعالى: (ولم تؤمن قلوبهم)، جُزِمَ الفعل (تُؤْمِنْ) لدخول أداة الجزم (لم) على هذا الفعل. فيقال في إعرابه: فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون. والرسم التوضيحي يوضح نوعي أدوات الجزم:
7. قال تعالى: (لن نصبر على طعام واحد) (سورة البقرة: 61). ويتضمن المثال السابع أحد حروف النصب التي تدخل على الفعل المضارع، ففي قوله تعالى: (لن نصبر) تُعْرب (لن) حرف نصب، و(نصبر) فعل مضارع منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. وإليكِ رسماً توضيحياً يبين حروف النصب.
8. قال تعالى: (وما يخدعون إلا أنفسهم) (البقرة: 6).
9. لا أُصادِقُ الخائن. وتلاحظ في المثالين الثامن والتاسع أنهما يبدآن بـ (ما، لا) للدلالة على النفي، فيقال - مثلاً -: (ما) حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب، و(يخدعون) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون، و(واو الجماعة) ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. ومن حروف النفي التي تدخل على الجملة الفعلية (لم، ولن، ولماّ) وقد أشرنا قبل ذلك إلى (لم، ولن)، وبقي لنا أن نوضح كيفية استعمال (لماّ). فهذه الأداة تدخل على الفعل المضارع فتقلبه إلى الماضي، ولكن النفي بها متصل بالحال، بل إنه يمتد إلى زمن التكلم، ومن ذلك قولنا: انتظرته ولماّ يأتِ. فكأننا نقول: ما أتى حتى هذه اللحظة لكن حضوره متوقع. x
10. هل سافر أخوك؟ نعم ... وفي المثال العاشر نجد أحد أحرف الجواب وهو (نعم)، وذلك جواباً لسؤال السائل: هل سافر أخوك؟ ومن أحرف الجواب كذلك: لا، بلى، أجل...إلخ.
11. قد يأتي إسماعيل. وأما المثال الحادي عشر فإنه يقدم نوعاً جديداً لصدر الجملة الفعلية ممثلاً في الحرف (قد). ويلاحظ في هذا المثال أنه متبوع بفعل مضارع، لذا فإنه يفيد هذين المعنين: التقليل أو التمني وذلك بحسب مقصود المتكلم، فقد يريد أنّ إسماعيل قلما يأتي (المجيء قليل)، وقد يعبر عن توقع مجيئه، فيكون المقصود هنا (أتوقع). ولمزيد من المعلومات، فإن الحرف (قد) إذا جاء بعد فعل ماضٍ فإنَّ له عدة معانٍ منها:
- (التحقيق) مثل: قد نجح أخي. فهذا الحرف يؤكد حصول النجاح.
- (الكثرة) مثل قوله تعالى: (قد نرى تقلب وجهك في السماء) (سورة البقرة: 144)، حيث أفاد هذا الحرف كثرة "تردده في جميع جهاته، شوقاً وانتظاراً لنزول الوحي باستقبال الكعبة.x" .
12. يشجع محمد هذا الفريق. كلاَّ. وأخيراً، نجد حرف رَدْع وزجر في المثال الثاني عشر كما في قولنا: (كلاّ) ففيه نفي قاطع، وزجر للمخاطب، وإشعار له بأن يرعوي، ويكف عن زعمه. ومن أمثلته في القرآن الكريم:
- (قال كلاّ بل لا تكرمون اليتيم) (سورة الفجر: 17).
- (كلاّ بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة) (سورة القيامة: 20).
- (كلاّ سيعلمون * ثم كلا سيعلمون) (سورة النبأ: 4-5).
فماذا لاحظت في صدر كل جملة فعلية في الآيات السابقة. لعلك وجدت أن الجملة الفعلية قد تتضمن أكثر من صدر، ففي الآية الأولى – على سبيل المثال – ثلاثة صدور، هي: (كلاّ، بل، لا).
|
|
|
|
|
|
|
يتناول هذا الموضوع مكملات الجملة الفعلية، فيقدم لك الطرائق التي تُوسِّع بها هذه الجملة التي تتألف من ركنين أساسيين وهما: الفعل والفاعل. ويتم اللجوء إلى هذه المكملات لأداء المعاني المختلفة.
الأمثلة:
- قال تعالى: (اذكروا اللهَ في أيام معدودات) (سورة البقرة: 203).
- قال تعالى: (وكَلَّمَ اللهُ موسى تكليماً) (سورة النساء: 16).
- قال تعالى: (قد جعل ربك تحتك سرياً) (سورة مريم: 24).
- قال تعالى: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً) (سورة السجدة: 16).
- قال تعالى: (فخرج منها خائفاً) (سورة القصص: 21).
- قرأت الكتاب إلا صفحةً.
- سرت إلى المسجد وأذان العصر.
- قال تعالى: (اذكروا اللهَ في أيام معدودات) (سورة البقرة: 203).
تتناول هذه الأمثلة مكملات الجملة الفعلية، ففي المثال الأول نلاحظ أنه يتضمن مفعولاً به وهو لفظ الجلالة (الله). والمفعول به كما تعلم اسم يدل على ما يقع عليه فعل الفاعل.
- قال تعالى: (وكَلَّمَ اللهُ موسى تكليماً) (سورة النساء: 16).
تأمل المثال الثاني تجد أن كلمة (تكليماً) مصدر منصوب، وهو مأخوذ من لفظ الفعل (كَلَّمَ). إذن، فإننا أمام نوع جديد من مكملات الجملة الفعلية، ألا وهو المفعول المطلق.
- قال تعالى: (قد جعل ربك تحتك سرياً) (سورة مريم: 24).
ويتضمن المثال الثالث ظرفاً وهو (تحت)، فيتبين لنا أن ظرف المكان، وكذلك ظرف الزمان يُعَدّان من مكملات الجملة الفعلية، فيمكن أن تقول: وضعت الحقيبة فوق المكتب، وجاء أخي عصراً وذلك لتنمية أو لتوسيع هذا النوع من الجمل.
- قال تعالى: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً) (سورة السجدة: 16).
وإذا تأملت كلمة (خوفاً) الواردة في المثال الرابع تلاحظ أنها تعبِّر عن سبب وقوع الفعل، فيُسمى المصدر المنصوب، مفعولاً له أو مفعولاً لأجله، ومن ذلك أيضاً قولنا: أصلي شكراً لله، وأتصدق رغبةً في رضا الله.
- قال تعالى: (فخرج منها خائفاً) (سورة القصص: 21).
ويقدم المثال الخامس أحد أنواع الحال وهو الحال المفرد ممثلاً في كلمة (خائفاً)، ويُلاحظ أنه وصْف نكرة منصوبة تبين هيئة صاحبها عند وقوعت الفعل (فخرج).
- قرأت الكتاب إلا صفحةً.
أما المثال السادس فإنه يتضمَّنُ إحدى حالات الاستثناء ممثلةً في كلمة (صفحةً) فهذه الكلمة تُعْرب مستثنى منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره لأن الكلام تام موجب. ويقصد بالتام أن المستثنى مذكور في الجملة، والكلام موجب لأنه لا يتضمن ما يفيد النفي.
- سرت إلى المسجد وأذان العصر.
ونكتفي بذكر نوع جديد من أنواع مُكملات الجملة الفعلية، ويتجلّى في المفعول معه كما تبينه كلمة (أذانَ) المسبوقة بواو بمعنى مع للدلالة على المصاحبة، فتعرب لفظة (أذان) بقولنا: مفعول معه منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
-
|
|
|
|
|
|
|
- الجملة في اللغة الجماعة من كل شيء. والجملة في علم النحو، ما تألَّف من جزأين أساسيين، هما المسند، والمسند إليه، بما يؤدي إلى معنى مفيد.
- الجملة الإسمية هي الجملة التي يقع الاسم في أولها وقوعاً أصيلاً بمعنى أن الاسم في أولها يستحق الابتداء به، وإن تأخر عن صدر الجملة.
- الجملة الفعلية تبدأ أصالةً بفعل تام وركنها الأساسي هو الفعل والفاعل أو نائب الفاعل.
- قد يكون المبتدأ مُعْرَباً أو مبنياً وقد يكون مصدراً مؤولاً، أما الخبر فيكون مفرداً أو جملة اسمية أو فعلية، أو شبه جملة (ظرف/ جار ومجرور).
- الأصل في المبتدأ أن يأتي معرفةً، وربما يأتي المبتدأ نكرة، ولكن بشروط يقال لها مُسوِّغات وهي كثيرة، نذكر منها: أن يكون المبتدأ مسبوقاً بظرف، أو جار ومجرور، أو استفهام، أو يكون متبوعاً بصفة، أو يكون دعاءً، أو مسبوقاً بنفي، أو يكون مُضافاً إضافةً لفظيةً، أو يكون اسم شرط، أو دخلتْ عليه لام الابتداء.
- يمكن توسيع الجملة الإسمية لإفادة كثير من المعاني الجديدة، وذلك باستخدام المكملات الآتية: المجرور بالحرف والإضافة، والنعت، والتوكيد، والعطف، والبدل.
- ينقسم الفاعل إلى ثلاثة أقسام، وهي: اسم معرب، واسم مبني، ومصدر مؤول، أما نائب الفاعل فقد يكون اسماً معرباً، أو اسماً مبنيا، أو مصدراً مؤولاً أو مصدراً صريحاً أو ظرفاً، أو جاراً ومجروراً.
- تدخل مجموعة من الحروف والأسماء على صدر الجملة الفعلية، وتدل على الاستفهام، والشرط، والتحضيض، والاستقبال، والجزم، والنصب، والنفي، والجواب، والتحقيق، والردع والزجر.
- يمكن توسيع الجملة الإسمية لإفادة كثير من المعاني الجديدة، وذلك باستخدام المكملات الآتية: المفعول به، والمفعول المطلق، والظرف، والمفعول لأجله، والحال، والمستثنى، والمفعول معه.
|
|
|
ساحة النقاش