القول الفصل في أن همزة (يوم الاثنين) وصل
بقلم/ أ. د. محمد بن محمود فجَّال
يذهب بعض الكُتَّاب إلى رسم قطعة صغيرة تحت ألف كلمة (الاثنين) في عبارة (يوم الاثنين)، أي: بهمزة قطع.
وإذا رجعنا إلى كتب كثير من علماء الرسم الإملائي المُحْدثين لرأينا قولهم: إذا كان العَلَم منقولاً من لفظ مبدوء بهمزة وصل فإنَّ همزته بعد النقل تصيرُ همزةَ قطع.
وذكروا مثالاً على ذلك (يوم الاثنين) بأنَّ همزتَه قطعٌ؛ لأنه صار علماً على يوم، كما في كتاب المطالع النصرية، والنحو الوافي، وكتاب الإملاء لحسين والي، وغيرها.
وقد حقق المسألة والدي الأستاذ الدكتور محمود فجال -رحمه الله-، ونشر ذلك في كتابه "القلاد الذهبية في قواعد الألفية" قال:
همزة (يوم الاثنين) وصلٌ؛ لأنها من الأسماء العشرة التي نصَّ العلماء على وصل همزتها، وكونها صارت علماً على اليوم لا يخرجُها عن الوصل إلى القطع؛ لأنها كانت في عائلة الاسميّة، ولم تخرج من عائلتها حتى نقول بقطعها.
وإليكم نصوص إمام النحاة سيبويه.
قال في كتابه (3 : 198): إذا سميت رجلاً بـ (اِضْرِبْ) أو (اُقْتُل) أو (اِذهَبْ) لم تصرفه، وقَطَعْتَ الألفاتِ حتى يَصير بمنزلة الأسماء؛ لأنك قد غيّرتها عن تلك الحال.
ثم قال في (3 : 199): لأنك نقلت فعلاً إلى اسمٍ، ولو سميتَ رجلاً (اِنطلاقاً) لم تقطع الألف، لأنك نقلت اسماً إلى اسم.
ثم قال في (3: 199): فإذا سمّيت بـ (امرئ) رجلاً تركتَهُ على حالِه؛ لأنك نقلتَه من اسمٍ إلى اسم.
ثم قال في (3: 293): قولُ العرب: (هذا يومُ اثنينِ مباركًا فيه) و(أتيتُكَ يومَ اثنينِ مباركًا فيه) جعل (اثنين) اسمًا له معرفةً كما تجعلُه اسمًا لرجل.
قرّر سيبويه أنك إذا سميتَ شخصاً بفعل مبدوء بهمزة وصل، فإن همزتَه تصير بعد العلمية همزةَ قطع؛ لأنك نقلت فعلاً إلى اسم.
ولو سمَّيتَ باسمٍ مبدوء بهمزة وصل فإن همزتَه تبقى بعد العلمية همزةَ وصلٍ كما كانت.
وقد قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية (1466): وإذا سُمِّيَ بما أَوَّلُهُ همزةُ وَصْلٍ قُطِعَتِ الهمزةُ إنْ كانَتْ في منقولٍ من فِعْلٍ ، وإلاَّ استُصْحِبَ وَصْلُها.
فيقال في (اعْلمَ) إذا سُمِّيَ به: هذا إعْلمُ، ورأيتُ إعلمَ.
ويقال في (اخرج) إذا سُمِّي به: هذا أُخْرُجُ.
ويقال في المسمَّى بـ (اقْتِرَاب) و(اعتِلاَء): هذا اقترابٌ، ورأيتُ اقتراباً، وهذا اعتلاءٌ، ورأيت اعْتِلاءً؛ لأنه منقولٌ من اسميَّة إلى اسميَّة، فلم يَتَطَرَّقْ إليه تَغَيُّرٌ أكثرُ من التعيين بعدَ الشِّياعِ.
بخلافِ المنقولِ منَ الفعلية إلى الاسمية، فإنَّ التسمية أحْدَثَتْ فيه مع التَّعْيين ما لم يكن فيه، من إعراب وغيره من أحوالِ الأسماء. فَرُجِعَ به إلى قِياسِ الهمزِ في الأسماء وهو القَطْعُ.
وقال أبو حيان في تذكرة النحاة (331): قال الأخفش الأوسط: كلُّ فعلٍ فيه ألفُ وصلٍ سمَّيْتَ به رجلاً فإنكَ تقطع الألف، تقول: هذا إضرب، فإن سميت بـ (ابنٍ) أو بـ (امرأةٍ) وصلْتَ الألفَ لأنَّك تنقلُ اسمًا إلى اسمٍ فتتركهُ على حاله موصولاً.
ومثله في التبصرة والتذكرة (2: 542) ، وحاشية الدسوقي على المغني (3: 490)، وحاشية الصبان على شرح الأشموني (3 : 208)، وغيرها.
وهذه النصوص واضحة في أن همزةَ (يوم الاثنين) وما سُمِّيَ به من المصادر مثل (كلية العلوم الاجتماعية) و(ابتسام) و(ابتهال) همزةُ وصلٍ. أُبقيت فيها همزةُ الوصل على حالها لعدم نقل الكلمة من قبيل إلى قبيل.
والله ولي التوفيق.
ساحة النقاش