إن اضطرابات النوم عند الأطفال رغم شيوعها، إلا أن هذه الاضطرابات في أغلب الأحيان مؤقتة وتتزامن مع تطور الطفل ومراحل نموه المختلفة. لذلك يجب أن لا نلقي بالاً ونشغل أنفسنا عندما يكون الوضع غير حاد، وتكون الحالة غير شديدة. لكن هذا لا يعني أن نُهمل اضطراب النوم عند الطفل خاصة إذا كان هناك احتمالات بأن يكون السبب عضوياً خاصة لدى الأطفال الرضع. أما إذا كان هناك ما يشير إلى وجود سبب عضوي عند الرضيع خاصة ارتفاع درجة الحرارة، أو ان كان الطفل يشكو مثلاً من أذنيه، ويحاول أن يعبث بهما أو بأحدهما، عندئذ يجب فوراً مراجعة طبيب الأطفال. أما إذا كان الطفل عدوانياً تجاه نفس وتجاه الآخرين، كأن يحاول ان يؤذي وجهه بأظافره أو أن يكون عدوانياً تجاه الآخرين مثل والدته أو اخوته، وتكرر هذا الفعل من الطفل مصحوباً باضطرابات في النوم فعندئذ يستحسن عرضه على طبيب نفسي مُتخصص في الطب النفسي للأطفال.
ليس بالضرورة مراراً أن يتدخل الطبيب في كل حالة من اضطراب النوم عند الأطفال، خاصة إذا كانت مؤقتة، وهناك ظروف تشرح سبب هذا الاضطراب. فقط عند تكرار الحالة، وعندما تُصبح حالة اضطراب النوم مُزمنة عند الطفل فيجب عندئذ تدخل الطبيب، وفي البداية يستحسن مراجعة طبيب العائلة أو طبيب الأطفال الذي يراجع عنده الطفل، وفي حالات قليلة قد يُحول طبيب العائلة أو طبيب الأطفال الطفل إلى طبيب نفسي متخصص في طب الأطفال النفسي
الظروف العائلية مثل الطلاق، والخلافات الزوجية، موت أحد الأقارب أو مرض شخص عزيز على الطفل قريب منه، وكذلك مرض أحد الوالدين أو الجدين قد يؤثر بصورة سلبية على نوم الطفل لذلك يجب أخذ هذه الأمور بعين الاعتبار، وعدم ترك الطفل دون رعاية لصيقة في مثل هذه الظروف ومحاولة شرح الأمور له، إذا كان يُدرك بعض من هذه الأمور. فالطلاق مثلاً يجب أن لا يكون الأطفال سلاح أحد الوالدين ضد الآخر، ولا يجب تعريضهم لمشاكل الطلاق وخلافاته المؤلمة إذا كان الطلاق مصحوباً ببعض المشاكل المعروفة عند حدوث مثل هذه المشكلة. إن كثيراً من الآباء والأمهات لا يعرفون مدى تأثير الطلاق على الأطفال، وما يسببه لهم من آلام نفسية، قد تصل إلى الاكتئاب، ومن أعراض الاكتئاب الأولية هو اضطراب النوم عند الطفل. للأسف عند حدوث الطلاق، وتحت تأثير الغضب فقد يسيء أحد الوالدين التصرف، ويحاول أن يكسب الأطفال إلى جانبه، فيكيل التهم والصفات غير الحميدة في الطرف الآخر، وهذا يقود إلى تشوش ذهني عند الطفل، فهو لا يعرف كيف أن أحد والديه سيئ بهذه الدرجة، مما يضعه في مأزق أخلاقي وربما في أزمة نفسية تمتد أبعادها إلى المستقبل في المراهقة، وحتى بعد مرحلة المراهقة.. وللأسف الشديد مرت علينا حالات كان الأطفال يضطرون تحت ضغوط أحد الوالدين للشهادة في المحكمة الشرعية ضد الطرف الآخر، وهذا الأمر يخلق في الطفل عدم الأمان، ويجعله يعاني من مشاكل نفسية جمة، في مقدمتها القلق والتوتر والاكتئاب والذي كما ذكرنا أحد أعراضه الاضطرابات في النوم.
أما وفاة شخص عزيز على الطفل مثل الجد أو الجدة، وعندما يكون الطفل في مرحلة لا يدرك ما معنى الموت، يستحسن شرح هذا الأمر له بطريقة تتناسب مع مستواه العقلي، فهناك تفاوت في مفاهيم الأطفال للأمور، حتى وإن كانوا في سن متقاربة. صدمة الموت قد تخيف الطفل وتجعله يتساءل عن اختفاء الشخص العزيز، وإلى أين ذهب؟ مما قد يجعله يشعر بقلق شديد، وخوف من الغموض الذي يحيط بهذا الاختفاء، ويجعله يفكر كثيراً عندما يلجأ إلى فراشه، مما قد يتسبب في اضطراب نومه، وخوفه مثلاً من أن ينام وحيداً بعد أن كان معتاداً على هذا الأمر، أو أن يطلب ان تترك الاضاءة في غرفته، بعد أن كان ينام في الظلام ولا يستطيع النوم والغرفة مضاءة. هذه التغيرات يجب أن يأخذها الوالدان بهدوء، وأن يتعاملا مع المشكلة بجدية، دون اللجوء إلى العنف أو اسكات اسئلة الطفل وترك الأسئلة دون اجابة.. مُعلقة في ذهن الطفل، أما موت أحد الوالدين، خاصة الوالدة، فتأثيرها بالغ جداً على الطفل، ولا يتقبل فكرة وفاتها، لذا يجب التعامل مع الطفل الذي توفيت والدته بحساسية، وحبذا لو كان هناك من يقوم في الفترة الأولى من الوفاة بالتعامل مع الطفل من النساء القريبات منه، خاصة الجدة للأم إذا كانت موجودة أو إحدى الخالات ويجب عدم المبالغة في تدليل الطفل وإنما معاملته برفق ولين، ومحاولة شرح الأمر له بالصورة التي يستطيع فهمها، وخسارة الطفل لوالدته في السنوات الأولى من حياته عامل رئيس في خلق مشاكل نفسية عنده أكثر من فقدوا أمهاتهم وهم في سن صغيرة، خاصة الفتيات. حيث كانت أحد العوامل في ظهور الاكتئاب عند النساء في مرحلة ما بعد البلوغ في دراسة شهيرة أجريت في منطقة كاميل ويل قرين في لندن، أجراها البروفيسور جورج براون، استاذ علم الاجتماع بجامعة لندن فكانت فقدان الطفلة لوالدتها قبل سن الحادية عشرة واحدا من أهم عوامل ظهور الاكتئاب عند النساء التي أجرى عليهن الدراسة.
كذلك يجب احترام طقوس الطفل عند النوم، فثمة أطفال لهم طقوس خاصة عندما يريدون أن يناموا، هذه الطقوس يجب احترامها من قبل الأهل أو من يشرف على تربية الطفل. من الأمور الشائعة أن يُشارك الطفل والديه الفراش حتى سن متأخرة قد تصل إلى سن ست سنوات أو أكثر. يستحسن ان يتم تعويد الطفل على أن ينام مع اخوته أو في غرفة منفصلة ابتداء من سن ستة أشهر إلى تسعة أشهر، حتى لا يتعلق بهما، وبعد ذلك يعاني صعوبة في النوم، ويضطرب عند النوم ويحاول اختلاق أعذار، مثل المرض أو الخوف أو أي عذر آخر حتى يبقى يشارك والديه في الفراش، ويجد الوالدان صعوبة في اجباره على النوم بعيداً عنهم، خاصة إذا كان طفلاً وحيداً.
بالنسبة للأطفال الرضع، يجب تنظيم عملية إرضاعهم، وليس ترك الأمر للطفل متى بكى أو جاع أرضعته والدته، لأن هذا يقود إلى اضطرابات في النوم بسبب حاجة الطفل للرضاعة وهو نائم، لذلك يجب ترتيب الرضاعة، بحيث تكون في أوقات معلومة، وتعرف الوالدة مواعيد الرضاعة، فلا يعاني الطفل من اضطرابات في النوم بسبب حاجته إلى الرضاعة. كذلك يجب إعطاء الطفل الوقت الكافي من النوم، مثل أن ينام وقت القيلولة لمدة ساعتين يومياً على الأقل ابتداء من سن الثانية أو الثالثة من العمر.
استخدام العلاج الدوائي يجب أن يكون في أضيق الحدود، وهو أمر غير مستحب في مرحلة الطفولة، ولكن إذا احتاج الطفل علاجاً لاضطرابات النوم، فيجب أن يكون من يصف له ذلك طبيب نفسي متخصص في الطب النفسي للأطفال، أو طبيب نفسي لديه خبرة في التعامل الدوائي مع الأطفال.
في حالة الاضطرابات الشديدة في النوم عند الرضع، يجب معالجة الأم أيضاً مع الرضيع
المصدر - موسوعة صحة الطفل - طبيب دوت كوم
ساحة النقاش