<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman","serif";} </style> <![endif]-->
سئل ثلاثة عمال بناء عما يفعلونه فقال أولهم بأن يقوم بلصق الأحجار بواسطة الاسمنت, فيما أجاب الثاني أنه يبني حائطا لمنزل, أما الثالث فقال: أنا أبني صرحا للبشرية .
وهذا الصرح هو الطفل والذي يجب أن نمنحه هبتين هما الأجنحة والجذور, الجذور كي يكون قويا ومتوازنا ومرتبطا بعائلته ومجتمعه, والأجنحة كي يستطيع التحليق في فضاءات العلم والثقافة, كما أن عدم تأمين احتياجات الطفل سيجعله يشعر بالوحدة والضياع وأنه غير مرغوب به, وبالتالي فإنه سيسلك سلوك سلبي للفت الانتباه وتركيز الاهتمام.
فهرم الحاجات الإنسانية يتكون في قاعدته من الأمان, ثم صعودا الحب والانتماء, الاحترام, الاستقلال, تحقيق الذات, ثم تجاوز الذات.
فالأمان حاجة أساسية جدا للطفل, فهو يحتاج الى أربع ضمّات للمعيشة, وثماني ضمّات للعناية و واثنتا عشرة ضمّة للنمو, كما أنه من الضروري التواجد فعليا في حياة الطفل من قبل الأم بشكل خاص مدة تتراوح بين ساعتين إلى خمس ساعات لتلبية حاجاته العاطفية وتعزيز شعوره بالأمان.
كذلك يشكل الحب حاجة ملحة بالنسبة للطفل, إذ ان التواصل مع الطفل صغيرا سيجعله يتواصل معنا كبيرا, كما الانتماء, إذ يجب أن يشعر الطفل بانتمائه الى أسرة تحبه وترعاه.
والأطفال في مجتمعنا محرومون من الاحترام والتقدير, يسمع الطفل خمسين الى مائة وخمسين ألف كلمة سلبية, بين سخرية وهجوم وكلام عنيف, مقابل أربعمائة إلى خمسمائة كلمة إيجابية, , فالطفل ذكي ومبدع, وكل ما نحتاجه لنكون مبدعين هو أن نعود أطفالا للبحث عن المعرفة, دون أفكار وقناعات مسبقة, نفكر بشكل حر.
الأم والأب هما من يعطيان الطفل معلوماته عن نفسه, وإن تقديم أحد الأبوين للطفل بطريقة إيجابية سيجعله يبحث عن أدلة تثبت هذا الكلام.
وبنمو الطفل ووصوله إلى مرحلة المراهقة فإنه يتحول من ترديد عبارات "قالت أمي" و"قال أبي", إلى "قال رفيقي في المدرسة", ثم يبدأ الطفل بالتمرد للبحث عن استقلاليته فيخالف أهله حتى وهو يعلم بأنهم محقّون, لكنه في النهاية يقلّدهم, وفي هذه المرحلة فإن التوجيه القسري المستمر للطفل و وانتقاده بشكل دائم يحدث ردة فعل سلبية جدا لديه, كما أن الأهل يكونون قد تعوّدوا على التحكم والسيطرة في سلوكهم مع الطفل, ويصعب عليهم بالتالي منحه استقلاليته و وفي النهاية فإنه لابد من توجيه الطفل ولكن بلطف.
وبعد حصول الطفل على استقلال كيانه فإن يبحث عن كل الطرق الممكنة لتحقيق ذاته ويكون عندها قد وصل الى مرحلة الشباب, ثم يبدأ بالتخطيط لتجاوز ذاته, أي للإضافة الى ما أنجزه من خلال تطوير قدراته وملكاته أكثر فأكثر.
هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة في تربية الطفل, منها المفهوم الذي يدعي متبنوه ان الطفل لا يفهم, فقد أثبتت الدراسات أن الطفل هو أفضل متعلم, حيث انه يتعلم كل شيء دون التمييز بين الصواب والخطأ والنافع والضار والحقيقة والخيال, وهو أيضا حساس جدا للغة غير المحكية والمتمثلة بتعابير الوجه واليدين وسواهما.
كما أن الكثير من الآباء يعتقدون أن طفلهم صغير ليوضع في قائمة الأولويات, ولكن قانون المزرعة يقول بأن ما تزرعه في الوقت المناسب لابد ون يحصد, والطفل الذي نتعامل معه بشكل صحيح منذ لحظة ولادته, بل وما قبل, فإنه سيغدو بالتأكيد إنسانا ذا شأن نفخر به, ومن أفضل طرق التربية في هذا العمر هو اللعب, وهو وسيلة لتقويم سلوكه عبر توجيه رسائل إيجابية أو تقديم نماذج إيجابية له, كما تشكل الحكايات بشكل خاص وسيلة ناجعة في توجيه السلوك وتعليم التفكير السليم للطفل وإيجاد البدائل, وخصوصا عندما تروى قبل النوم وبصوت هادئ ومقنع, ومشحون بالمحبة.
و يجب ألا نعتقد مطلقا ان الطفل غير قادر على حل مشاكله, فهو وعبر تشجيعنا إياه وتعليمه شيئا فشيئا عدم التصرف السريع حيال أي مشكلة وتوجيهه لتعلم التفكير والتخطيط لحل المشكلة, عبر تحديدها وطرح حلول ثم اختيار أفضلها, فإنه سيفاجئنا في قدرته على تجاوز الصعاب.
وانوه هنا الى ثقافة تدليل الطفل الخاطئة و التي تنطوي على المبالغة في حمايته, كما على التفهم الزائد لأخطائه وغير المبرر, فالطفل ذكي جدا, ويستغل ذلك, ويجب ألا نعتقد مطلقا أننا أذكى من أطفالنا, فهم مبدعون ونحن نمطيون, وإذا أراد البالغ أن يكون مبدعا فلا بد له ان يعود طفلا, ولكن بالمقابل فإن توقع الكثير قبل أوانه من الطفل يكون خاطئا جدا, فيجب أن نتيح له الوقت ليتعلم من تجاربه, فمن حق الطفل أن يخطئ.
ساحة النقاش