authentication required

السم والعسل في مسلسلات رمضان

هجمت علينا الفضائيات والقنوات الأرضية بشلال من المسلسلات خلال أيام وليالي رمضان ، وبسبب البطالة الإختيارية التي أعانيها خلال هذا الشهر المبارك إستطعت متابعه بعض هذه المسلسلات ، ودارت العديد من المناقشات بيني وبين زوجتي عن أحداثها المختلفة ، وكثرة الشد والجذب بيننا حفزني لمحاولة مناقشة وتحليل محتوي ما شاهدته من مسلسلات من الناحية النفسية والإجتماعية .

لقد شاهدت مسلسلات الدالي وجدار القلب وعدي النهار وطيارة ورق وقلب ميت وقصة الأمس وفي أيد أمينة وشرف الباب وكلمة حق

ولاحظت

أولا : أظهرت المسلسلات الزوج علي أنه غدار ولا يتحمل الإغراءات ويعيش لنفسه فقط مما يجعله يلجأ للخيانة أو للزواج الثاني عند أي بادرة (زوج يسرا في أيد أمينة ، مصطفي فهمي في قصة الأمس ، نور الشريف في الدالي ، خالد الدالي ، زوج ميرفت أمين في طيارة ورق ، أحمد ماهر في جدار القلب. مقارنه بوفاء المرأة لذكري زوجها (مي نور في الدالي ، سيدات مسلسل عدي النهار ).

ثانيا : الأب هو السبب الرئيسي والمباشر في تدمير مستقبل أولادة سواء لإرتكابه جرائم ( شرف الباب / أحمد ماهر في جدار القلب / زوج ميرفت أمين ، وأسامة عباس في طيارة ورق، حسن حسني في كلمة حق) أو للزواج من أخري (مصطفي فهمي في قصة الأمس)أو لبخله وطمعه (جار يسرا وزوج أختها في أيد أمينة).

ثالثا : أظهرت المسلسلات وعلي غير المعتاد في الدراما العربية المرأة بصورة نموذجية ومثالية في أغلب المسلسلات فهي شريفة جدا وترفض الرشوة (د. كريمة ود. منال في جدار القلب مقابل طبيبين من الرجال شريف وواصف)، ترفض أن تعيش مع رجل مرتشي أو بأمواله ( هاله فاخر في شرف الباب ، منه فضالي في جدار القلب ) تساعد أخيها رغم أنه كاد أن يتسبب في سجن إبنتها ( سميرة أحمد في جدار القلب) ، تتحمل مسئولية الأسرة بعد سجن زوجها (سميرة عبد العزيز في قلب ميت ) ، تقف مع صاحب الحق (يسرا في أيد أمينة ) ،تضحي من أجل حبيبها (غادة عادل ، حنان في قلب ميت ) ، ترفض المجد الشخصي وتضحي من أجل الأسرة ( إلهام شاهين في قصة الأمس).

رابعا : كعادة المسلسلات المصرية في خلط السم بالعسل حيث أظهرت الشاب الذي به كل السلبيات (بلطجي / عاطل / إنتهازي/ سكري/ نصاب ) ومع ذلك محبوب جدا ويحترمه الجميع وحنون وجدع وغيرها من الصفات الإيجابية كما في حاله شريف منير في قلب ميت بل جعلته ملاكا وأوجدت له المبررات كأنه غير مسئول عن واقعه وهو من الأشياء الخطيرة جدا والمدمرة أيضا.

خامسا :قامت المسلسلات بتهميش دور الشباب وإظهارهم بصور التافه (السعدني في كلمة حق ) الإنتهازي (حازم ورضا وفرج في قلب ميت ، مصطفي وطاهر في عدي النهار ) الباحث عن الثراء بأي طريقة ( مدحت  وخالد في الدالي ، رضا وسلامة في قلب ميت ، د. شريف في جدار القلب) مقارنة بنموذج إيجابي ( المحامي ياسر في جدار القلب / الحسيني في عدي النهار) .

سادسا : ركزت المسلسلات علي أن الوسيلة الوحيدة للثراء هي الأعمال غير المشروعه سواء بالسرقه أوالرشوة أو الإتجار في الممنوعات وهو ما كان واضحا في مسلسلات شرف ، جدار القلب ، طيارة ورق ، عدي النهار ،في أيدي أمينة ،كلمة حق ، الدالي ، قلب ميت.

سابعا: الجحود الشديد المبالغ فيه من الأبناء رغم سماحة آبائهم (مينا في الدالي / حازم في قلب ميت / أبناء رجاء الجداوي في جدار القلب).

ثامنا : إستخدام الأولاد في الصراع الزواجي كنوع من أنواع العدوان علي الزوج (إلهام شاهين منعت أولادها من رؤية والدهم في قصة الأمس / هاله فاخر أخبرت أولادها بسرقة زوجها بعد علمها بنية زواجه ) وهو إستخدام في غايه الخطورة لأنه يدمر النموذج الإيجابي لدي هؤلاء الأطفال ويكسر داخلهم الأمان بصورة كبيرة.

ثامنا : اهتمت المسلسلات ببعض القضايا الإجتماعية ولكن تم عرضها بصورة سطحية جدا وبلا عمق مثل البطالة في قلب ميت ، أطفال الشوارع في أيد أمينة ، مشكلات المسنين في جدار القلب، المعاش المبكر في شرف.

وأهتمت المسلسلات بتدعيم العديد من القيم الإيجابية التي تخدم الصالح العام ومنها

(1)          فكرة عودة التلاحم والتراحم والمشاركة الوجدانية بين الجيران في الأفراح والأطراح وهو ما ظهر بشدة في مسلسلي قلب ميت (الحارة ) ، عدي النهار (أهل السطح)، يسرا مع جيرانها.

(2)          التماسك والترابط الأسري والتضحية من أجل الأبناء والأخوة وإيثار الأخ علي نفسة ومحاولة إسعاده (كريمة وعثمان والمحامي ياسرفي جدار القلب ، رضا في قلب ميت ، أولاد شرف )

(3)          بث روح الإنتماء والوطنية بين الشباب (رفع العلم في الدالي ، أغاني سيد درويش ورباعيات جاهين في طيارة ورق ).

(4)          الجرأة في محاربة الفساد وتحمل مخاطر هذا رغم ما يتعرض له الشخص من تنكيل له ولأسرته قد تصل إلي السجن أو الموت  ( المهندس هشام وأبو شامة في قلب ميت، كريمة في جدار القلب ، الصحفي في طيارة ورق).

(5)          رفض المال الحرام بعد معرفه مصدره (أولاد وزوجة شرف ، تماضر في طيارة ورق)

(6)          فكرة التسامح وألا يتحمل شخص جريرة والديه (الحسيني في تعامله مع مشكلة حماته في عدي النهار ، تماضر مع إبن زوجها في طيارة ورق).

(7)          العمل علي تغيير الإتجاه السلبي نحو دور رعاية المسنين وأنها ليست سجن أو منفي بل هو مكان يجتمع فيه أشخاص يجمعهم الحاجة إلي الصحبة وأنه ليس مكان كئيب وإن كان لم يأخذ حقه في المحتوي الدرامي.

ومن خلال هذا التحليل نري التحسن الكبير في تناول الإعلام لصورة المرأة لكن للأسف علي حساب تدمير صورة الرجل وهو خطأ يجب تداركه ،وظهر الإهتمام ببث روح الوطنية بين الشباب وهي من إيجابيات هذا الكم الكبير من المسلسلات

د.علي إسماعيل عبد الرحمن

مدرس الطب النفسي والأعصاب بطب الأزهر  

  • Currently 69/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
23 تصويتات / 427 مشاهدة
نشرت فى 2 ديسمبر 2008 بواسطة alysmail

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

106,306