امرأةٌ بَطَلَة ..!!
+ A- A
1
السائل (محمد العجمي): هل يجوز أن يقال في وصف الأنثى (بَطَلة، شُجاعة)، وغيرها من النظائر التي لا يسمعها الناس إلاّ في الرجال ؟
الفتوى 29 : الشجاعة والبطولة والخوف والجُبن صفاتٌ مشتركة ينعت بها الرّجال والنّساء. وفي الرجال من هو جبانٌ خوّارٌ، وفي النّساء من هي شجاعة بَطلة، وغلبة الرّجال عليهنّ في الشجاعة والإقدام بما اعتادوا عليه، ووافق طبائعهم وأجسادهم، كما قال:
كُتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جرُّ الذيولِ
وما تفاوت الرجال في الشجاعة والإقدام إلا بسبب ما كانت عليه نشأتهم وما عوّدهم عليه آباؤهم، ألا ترى إلى الرجال الذين امتهنوا صنعة النساء كيف يتطبّعون بطبائعنّ ؟ وإلى بعض النساء اللاّتي يبرزن في مواطن الرجال وميادينهم اضطرارًا أو اختيارًا كيف ترى منهنّ ما لا تراه في كثير من الرّجال؟ وفي (الحاكم): أنّ النّبيّ لم يقتل في بني قريظة النساء ولا الصبيان، إلا امرأة نودي باسمها لتقتل، فضرب عنقها وهي تضحك شَجاعةً. وفي التواريخ من أخبار هند امرأة أبي سفيان، وأم حكيم بنت الحارث، وأم عمارة وأم سُليم امرأة أبي طلحة، وتماضر الخنساء، والزّرقاء بنت عدي بن قيس الهمدانية، وأسماء بنت أبي بكر وموقفها مع الحجاج ومؤازرتها لولدها عبد الله بن الزّبير ما هو معروفٌ. وقتال النساء في اليرموك كخولة بن الأزور، وأم أبان زوج عكرمة، وعزّة بنت عامر، ورملة بنت طليحة، وغيرهن مشهورٌ مدوّنٌ في كتب الأخبار، وممّا أفزع النّاسَ في عصر التتار أن نساءهم يقاتلن قتال الموت كرجالهنّ.
وإنّما احتجت إلى الاستطراد في ذكرهن لبيان أن هناك واقعًا يستوجب إسقاط ذلك الوصف عليه، فيقال للواحدة منهن: (بطلة، وشجاعة)، فلو لم ينقل شيءٌ في ذلك عن العرب لأغنانا ذلك عن البحث، فكيف والمعاجم كلّها إلاّ قليلاً منها قد نقلت هذا الوصف عن الأنثى، بل قيل عن المرأة المتشبهة بالرجال في بعض خصائصهم: (رَجُلَة)، ولم يشذّ من أصحاب المعاجم سوى ابن دُريد، فقد قال في كتابه (الجمهرة): >ولا يُقال: امرأة بطلة<، وهو باطلٌ مخالفٌ لما عليه كافّة النَقَلَةِ الأثبات، نسأل الله الثبات.
د. عبدالعزيز بن علي الحربي