<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]--><!--<!-- <!-- /* Style Definitions */ p.MsoNormal, li.MsoNormal, div.MsoNormal {mso-style-parent:""; margin:0in; margin-bottom:.0001pt; text-align:right; mso-pagination:widow-orphan; direction:rtl; unicode-bidi:embed; font-size:12.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-font-family:"Times New Roman";} @page Section1 {size:595.3pt 841.9pt; margin:1.0in 1.25in 1.0in 1.25in; mso-header-margin:.5in; mso-footer-margin:.5in; mso-paper-source:0; mso-gutter-direction:rtl;} div.Section1 {page:Section1;} --> <!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

<!--<!--

        على جمال الدين ناصف

           بورسعيد  -  مصر

 

يكتب :

 

مقياس الشباب  و  الشيخوخة

 

 

          قد جرت العادة أن الأطباء و علماء الأحصاء يقدرون الشباب بالسن ،  فهو المقياس الذين يعتمدون عليه فى ذلك ،  فمن بلغ  سن العشرين أو قبل و بعد ذلك بقليل فهو شاب ،  إن أردت أن تعرف المخلوق أطفل أم شاب أم شيخ ،  ما عليك إلا أن تغمض عينك و تعد السنين ،  و لا تنظر إلى قوة أو ضعف ،  ولا إلى صحة أو مرض .  كما سار على هذا النمط أيضا علماء   اللغة ،  فقالوا :  مادام الإنسان فى رحم الأم فهو جنين ،  فإذا ولد فهو وليد ،  ثم إذا طقع الرضاعة فهو فطيم ،  فإذا كان يجاوز عشر سنين أو جاوزها قليلاً فهو ناشئ ،  فإذا كاد يبلغ الحلم أو بلغه فهو يافع و مراهق ،  ثم ما دام بين الثلاثين و الاربعين فهو شاب ، ثم هو كهل إلى الستين . 

 

       إلا أنه هناك فئة و أنا منهم  لا نعترف بأقوال الاحصائيين ، ولا أقول اللغويين ، فقد يسمى  فى عرفنا الشيخ شاباً متى حاز صفات الشباب ،  و قد يسمى الشاب شيخاً إذا حاز صفات الشيوخ ، فالعبرة عندنا فى التسمية  بالصفة لا السن ،  فهى من غير شك نظرة جريئة و مذهب جديد ينظر فيه إلى الكيف لا إلى الكم ،  و إلى النتائج لا إلى المقدمات ، و إلى الغاية لا إلى الوسيلة . 

 

           و لعلنا  رأينا  يأتى من أن إذا قسنا العلم و قسنا الكفاية ،  و قسنا الخلق و الصلاحية للأعمال لم نرجع فى شئ من ذلك إلى السن ،  بينما نرى أنه من المستهجن إذا قيس الشباب و الشيخوخة رجع إلى السن ..!!  فهى بذلك ترى أن السن ليس مقياسا للشباب ،  و إنما فى أحسن الأحوال ،  هو علامة للشباب ،،،  و قد تختلف العلاقة كحكمنا على الرجل بالعلم لأن لديه شهادة البكالوريوس فى الاقتصاد  أو الليسانس فى الحقوق ،  و قد يكون لديه  الماجستير أو الدكتوراة  و ليس بعالم ..!!   كما يكون الرجل فى سن العشرين وليس بشاب.  إن الشباب أو الشيخوخة معنى لا مادة ،  فقد تعلمنا فى مدرسة الحياة ومن قوانينها أن المادة تقاس بمادة ،  و المعنى يقاس بمعنى ،  فنحن نزن التفاح المادى بالكيلو المادى ،  و نقيس اللبن المادى باللتر المادى ،  و نقيس أبعاد الحجرة المادية بالمترالمادى ،    ولكن من السخف بمكان أن نقيس الفضيلة   أو الجمال أو القبح ،  بالكيلو أو  اللتر  أو  المتر ،    فلم نقيس الشباب و هو معنى بالسن وهى  مادة ؟؟  ولو قمنا بتدقيق النظر إلى المقياس الصحيح للشباب ، سنجده هو محصله  لمجموع قوى نفسية ،  هو حاصل جمع لصفات خلقية ، إن شئت فقل هى إرادة قوية تعزم العزم لا رجوع فيه ،  و ترمى إلى الغرض لا سبيل إلا إليه ،  تعترضالصعاب  فلا تأبه لها ، وقد  تقر بصعوبه الأمر ، ولكن لا تقر بإستحالته ، و الشاب هو العاطفه القوية المتحمسة الصحيحة ،  و مظاهر صحتها أنها ثابتة ، و ليست مائعة مضطربة تذهب تارة  يمينا و اخرى يسارا من غير غرض يحدد إتجاهها ،  وليست مائعة تحب فتذوب فى الحب ،  و تغضب فتجن فى الغضب ،  ألجمها بعض الإلجام .. العقل  و المصلحة  و الغرض .

 

          و الشباب هو أيضا الخيال الخصب الواسع الأفق  المترامى الأطراف  الذى يرسم الأمل و يبحث على الطموح ،  و يحمل المرء على أن يتطلب لنفسه ولأمته حياة خيرا من حياتها الواقعية .. هذا المزاج الذى يتجمع من إرادة قوية و عاطفة حية و خيال خصب هو الشباب ،    وبمقدار قوتها و تلاؤمها تكون قوة الشباب ،  و بمقدار نقصها تكون الشيخوخه ،   فإن شئت قلت أن الشباب موجب و الشيخوخه سالبة ،  و الشباب إقدام والشيخوخة إحجام ،  والشباب  نصرة و الشيخوخة  هزيمة  ..!!  

 

       و كما فى الماضى إعتادت الناس و جعلت الرأس من علامات الشيب والشباب ، فسواد الشباب و بياض المشيب و ما جرى عليه القول فى الشيخوخه و الشباب و هو أيضا مركز القول عند الشعراء و الأدباء حتى ألفوا فى ذلك الكتب الخاصة ، و من أشهرها كتاب " الشهاب فى الشيب و الشباب " ، أما علامات الشباب و الشيخوخة فى رأينا فليس موضعها الرأس ،  لأن موضعها القلب ،  فاليأس شيخ لأن اليأس ضعف فى الارادة و ضيق فى الخيال و برودة فى العاطفة ،  و الشيب شيب فى القلب لا شيب الرأس ،  فمن لم ينفعل لمواضع الانفعال ،  ولم يعجب من مواضع الاعجاب ،  ولم يستكره فى مواضع الاستكراه ،  و لم ينازل فى مواضع الكفاح ، ولم يطرب للموسيقى الجميلة و المنظر الجميل ،  ولم يهتج للأحداث ،  و لم يأمل و لم يطمح، فهو شيخ أى شيخ ، شاب قلبه و إن كان أسود الرأس حالكه .

 

     فإن أردت أن تعرف أشيخ أنت أم شاب ،  فسائل قلبك لا رأسك :  هل ينفعل لذلك انفعالا قويا فيهيم و يغار و يدافع و يضحى ؟  هل يتصل بالعالم فيتلقى أمواجه الأثيرة من الناس ،  و من الأرض ،  و من البحر و من الجبل ، و من السماء ، ثم يلقى بأشعته .. كما تلقى .. على كل من حوله ، فينفعل و يفعل ،  و يتأثر و يؤثر ،  فهو كالقمر يتلقى من الشمس ضياء وهاجاً ،  و يعكسه على الأرض نوراً وضاءً ؟  هل يبادل من حوله حباً بحب ،  عاطفة بعاطفة ، و خيراً بخير ، وأحياناً شراً بشر ؟  و هل يترك العالم خيراً مما تسلمه ؟ أو أنه قلب بارد كالثلج ، جامد كالصخر ، لا طعم له كالماء ، ميت كالجماد ، مغلف كالخرشوف ،  إن كان الثانى فشيخ ،  و إن كان الأول فشاب .

[email protected]

 

 

المصدر: على جمال الدين ناصف
alynassef

على جمال الدين ناصف - بورسعيد

  • Currently 55/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
17 تصويتات / 85 مشاهدة
نشرت فى 5 أغسطس 2010 بواسطة alynassef

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

12,122