authentication required

<!--<!--<!--<!-- /* Style Definitions */ p.MsoNormal, li.MsoNormal, div.MsoNormal {mso-style-parent:""; margin:0cm; margin-bottom:.0001pt; text-align:right; mso-pagination:widow-orphan; direction:rtl; unicode-bidi:embed; font-size:12.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-font-family:"Times New Roman";} @page Section1 {size:595.3pt 841.9pt; margin:72.0pt 90.0pt 72.0pt 90.0pt; mso-header-margin:36.0pt; mso-footer-margin:36.0pt; mso-paper-source:0; mso-gutter-direction:rtl;} div.Section1 {page:Section1;} --><!--

<!--<!--

     على جمال الدين ناصف

           بورسعيد  -  مصر

 

يكتب :

لماذا ذهب الضحك عنى ..!!

 

 

        قد عرفت من أهل المناطقة فى أحد تعريفاتهم للإنسان : " الإنسان حيوان ضاحك "  و هذا عندى أظرف من تعريفهم الآخر : " الإنسان حيوان ناطق "  ،  فالانسان فى هذا الزمان       أحوج إلى الضحك منه إلى التفكير ،  أو على الأصح نحن أحوج ما نكون إلى التفكير و الضحك معاً ،  و لكن لِمّ  خصت الطبيعة الإنسان بالضحك ؟؟

 

       قد أرى أن السبب بسيط جداً .  فالطبيعة لم تحمّل حيواناً آخر من الهموم ما حمّلته الإنسان ، فهمّ الحمار و الكلب و القرد و سائر الحيوانات .. أكلة يأكلها فى سذاجة و بساطة  ،  و شربة يشربها فى سذاجة و بساطة أيضاً ، فإن نال الحمار قبضة من تبن و حفنة من فول و غرفة من ماء ،  فعلى الدنيا العفاء ،  ولكن تعال معى فانظر إلى الإنسان المعقد المركب !  يحسب حساب غده ،  كما يحسب حساب يومه ،  كما يحسب حساب أمسة ،  و يخلق من هموم الحياة ما لا طاقة له به ، فيحب و يهيم بالحب حتى الجنون ،  و يشتهى و يعقّد شهواته حتى لا يكون لعقدها حل ،  فإذا حلت من ناحية عقدها من ناحية  آخرى ،  ثم إذا سذجت اللذة و تبسطت لم تعجبه ، بل أخرجها من باب اللذة ،  و عقد أمله على لذة معقدة ,  حتى إذا تفلسف خرج بها عن المعقول ،  و حاول أن ينال ما فوق عقله ،  ولم تعجبه الأرض و السموات مجالاً لبحثه ،  إنما يريد و الماهية و الكُنه ،  و ويلاه من كل ذلك ... ! 

 

       كم أن الطبيعة عودتنا أن تجعل لكل باب مفتاحا ،  ولكل كرب خلاصا ،  ولكل عقدة حلا ،  ولكل شدة فرجا ،  فلما رأت الانسان يكثر من الهموم و يخلق لنفسه المشكلات و المتاعب التى لا حد لها ، أوجدت لكل ذلك علاجا  ،  فكان الضحك .. و بطبيعة الحال فإن الطبيعه ليست مسرفة فى المنح ،  فلما لم تجد للحيوانات كلها هموما لم تضحكها ،  و لما وجدت الإنسان وحده هو المهموم المغموم ،  جعلته وحده هو الحيوان الضاحك .

 

       مع ذلك لى نفس قد مهرت فى خلق أسباب الحزن ،   و نبغت فى اقتناص دواعيه ،  تخلقها من الكثير ،  و من القليل ، و من لا شئ ، بل و تخلقها من دواعى الفرح أيضا ،  وليست لها هذه المهارة ولا بعضها فى خلق أسباب السرور ،  كأن فى نفسى مستودعاً كبيراً من اللون الأسود ، لا يظهر مظهر أمام العين حتى تسرع النفس فتغترف منه غرفة تسود بها كل المناظر التى تعرض لها ،  ثم ليس لها مثل هذا  المستودع من الون الأحمر أو اللون الأبيض !!

 

   ما أحوجنى إلى ضحكة تخرج من أعماق صدرى فيدوى بها دوى !! ضحكة حية صافية عالية ،  ليست من جنس التبسم ،  ولا من قبيل السخرية و الاستهزاء ،  ولا هى ضحكة صفراء لا تعبر عما فى القلب ،  إنما أريدها ضحكة أمسك منها صدرى ،  و أدق بها الارض برجلى ،  ضحكة ملأ شدقى ، و تبدى ناجذى ،  و تفرج كربى و تكشف همى . 

 

     لست أدرى لماذا تجيبنى الدمعة ،  و تستعصى علي الضحكة ، و يسرع إلى الحزن ،  و يبطئ عنى السرور ، حتى لئن كان تسعة و تسعون سبباً تدع إلى الضحكة و سبب واحد يدعو إلى الدمعة ، غلب الدمع و أنهزم الضحك ،  و أطاع القلب داعى الحزن ولم يطع دواعى السرور ..!

 

   فالضحك بلسم الهموم و مرهم الأحزان ،  وله طريقة عجيبة يستطيع بها أن يحمل عنك الأثقال ،  و يحط عنك الصعاب ،  و يفك منك الأغلال  .. ولو إلى حين .. حتى يقوى ظهرك على النهوض بها ، و تشتد سواعدك لحملها . 

 

      حتى مظاهر رقى الأمم نجد فيها نواحى المضحكات ملائمة لاختلاف الطبقات :  فللأطفال قصصهم و ألاعيبهم و مضحكاتهم ، و لعامة الشعب مثل ذلك ,،  و للخاصة و ذوى العقول الراقية المثقفة ملاهيهم و انديتهم و مضحكاتهم .  فإن رأيت أمما ، كأممنا الشرقية ،  حرم مثقفوها من معاهد الضحك ،  وكانت مسلاتهم الوحيدة أن ينحطوا ليضحكوا ، أو يرتشفوا من الأدب الغربى ليضحكوا ، فهى أمم ناقصة فى أدبها ،  فقيرة فى معاهدها ،  أنه يعد ضرب من ضروب الظلمى و التخلف  التى نعيشها فى ظل فلسفه مظلمه .

 

      لماذا ذهب الضحك عنى و انا فى اشد الحاجه اليه  ،، لقد عرفت أننا يمكن بك نستغنى عن ثلاث أرباع ما فى الصيدليات من دواء بالضحك ، فضحكة واحدة خير ألف مرة من حبة " بنادول "  أو حبة " اسبرين "  لان الضحك هو علاج الطبيعة ،، و ما فى الصيدليات ماهو إلا علاج الإنسان ،  و الطبيعة أمهر علاجا و أصدق نظراً و أكثر حنكة .  ألا ترى كيف تعالج الطبيعه جسم الإنسان بما تمده من حرارة و برودة ،  و كرات حمراء و بيضاء ،  و آلاف من الأشياء يعالج بها الجسم نفسه ليتغلب على المرض و يعود إلى الصحة ،  ولا يقاس بذلك شئ من العلاج المصطنع . 

 

     أننى ابكيك ايها الضحك ،، فراقك عنى اجهدنى ادعوك أن تعود فأنا فى حنين اليك فهل تجيب  النداء ... كل من سمعنى أقترب منى عداه و قالوا لى : إضحك يدخل قلبك السرور . و أنا اقول لهم : أدخلوا السرور على قلبى أضحك . ففى المسأله ( الدور ) كما يقول علماء الكلام، و كما يقول الشاعر : 

                   مسألة " الدور " جرت                    بينى و بين من أجب

          لولا مشيبى    ما   جفـا                    لولا جفــاه لم  أشيب

 

    لقد قرأت قصة لطيفة تقول : أن بئراً ركب عليها دلوان ،  ينزل أحدهما فاراغا ، و يطلع الآخر ملآن ،  فلما تقابلا فى منتصف البئر سأل الفارغ الملآن : مم تبكى ؟  فقال : و مالى لا أبكى ؟  أخذ الرجل مائى  و سيأخذه و سيعيدنى إلى قاع البئر المظلم ..!  و أنت مم تضحك و ترقص ؟  فقال الفارغ :  و مالى لا أضحك ؟  سأنزل البئر و أمتلئ  ماءً صافياً و أطلع بعد إلى النور و الضياء .  و لعلى بذلك أدركت أن مؤلف القصة يلقى الضوء على أن الحياة مليئة بأشخاص يتولون عملا واحداً ، ثم هذا ينظر إليه من الجانب السار الفرح ،  و ذاك ينظر إليه من الجانب الحزين القابض .. ففهمت لماذا ذهب عنى الضحك ..!! فتعالى معى ،  فجرب أن تلقى الحياة باسما أحياناً ، ضاحكا أحيانا ،  و لتكن الدلو الراقص ،  ولا تكن الدلو الدامع ، مع الاعتذار عن التشبية و لتضحك معى ..

[email protected]

 

 

    

 

 

المصدر: على جمال الدين ناصف
alynassef

على جمال الدين ناصف - بورسعيد

  • Currently 49/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
16 تصويتات / 83 مشاهدة
نشرت فى 3 أغسطس 2010 بواسطة alynassef

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

11,969