<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]--><!--<!-- <!-- /* Font Definitions */ @font-face {font-family:"MCS Jeddah S_U normal\."; mso-font-charset:178; mso-generic-font-family:auto; mso-font-pitch:variable; mso-font-signature:8193 0 0 0 64 0;} @font-face {font-family:"Arabic Transparent"; panose-1:2 1 0 0 0 0 0 0 0 0; mso-font-charset:178; mso-generic-font-family:auto; mso-font-pitch:variable; mso-font-signature:8193 0 0 0 64 0;} /* Style Definitions */ p.MsoNormal, li.MsoNormal, div.MsoNormal {mso-style-parent:""; margin:0cm; margin-bottom:.0001pt; text-align:right; mso-pagination:widow-orphan; direction:rtl; unicode-bidi:embed; font-size:12.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-font-family:"Times New Roman";} @page Section1 {size:612.0pt 792.0pt; margin:72.0pt 90.0pt 72.0pt 90.0pt; mso-header-margin:36.0pt; mso-footer-margin:36.0pt; mso-paper-source:0;} div.Section1 {page:Section1;} --> <!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
<!--<!--
على جمال الدين ناصف
بورسعيد – مصر
يكتب :
القمامة على أرض الكنانة
إن من أهم المشكلات التى طفحت على السطح فى الآونه الاخيرة ، هى تكدس القمامه فى معظم أماكن القاهرة الكبرى و المحافظات الاخرى ، الامر الذى رتب مشكله تظل قائمة لا تجد لها حل إلا فى مناطق معينة و تبقى محل شكوى الناس دائما و خاصة و نحن نحترز من الامراض الوبائية التى تحاصرالعالم وتحاصرنا اليوم ، و ما يدعو للاستغراب و لا أجد تفسير له هو كيف تكون مشكلة النظافة فى البلدان الاسلاميه ، مشكلة مستعصية إلى هذا الحد و هذا الشكل الذى تتقاسمه بعض البلدان الاخرى بشكل يدعو إلى الاستهجان .
فلو جرى الامر على المعقول لكان المسلم من أنظف الناس فى العالم ، فقد أرتبطت صلواته الخمس بالضوء ، و فرض عليه الاستحمام فى أوقات معينه ، و كان أول باب من أبواب فقهه باب الطهارة ، و لو سمعنا وصف"إبن سعيد " لمسلمى الاندلس فيقول فيهم :" إنهم أشد خلق الله إعتناء بنظافة ما يلبسون و ما يفرشون ، و غير ذلك مما يتعلق بهم . و فيهم من لا يكون عنده إلا ما يقوته يومه فيطويه صائما ، و يبتاع صابونا يغسل به ثيابه ، ولا يظهر فيها ساعة على حالة تنبو العين عنها " .
و ما يؤسفنى و يؤلمنى أشد الألم ما ذكره إبن سعيد نفسه ، عندما زار القاهرة ، وركب منها حمارا إلى الفسطاط إذ يقول :" فأثار الحمار من الغبار الأسود ما أعمى عينى ، و دنس ثيابى ، و عاينت ما كرهت ، و قلت :
لقيت بمصر أشد البوار ركوب الحمار و كحل الغبار
فقد ألم من منظر الفسطاط ، وقال إنه رأى شوارعها غير مستقيمة ، و رأى حول أبوابها من التراب الأسود و الأزبال ما يقبض نفس النظيف ، و يغض طرف الظريف ، و رأى البياعين يبيعون فى مسجد عمرو ، والناس يأكلون فيه ، و رأى فى زوايا المسجد العنكبوت ، قد عظم نسجه فى السقوف و الأركان و الحيطان ، و رأى حيطانه مكتوبا عليها بالفحم و الحمرة بخطوط قبيحة مختلفة من كتابة فقراء العامة ..... الخ .
و لست أدرى و أتساءل لماذا لم يلتفت الدعاة إلى هذا الامر فى الأمة ، فيدعون ويلحون فى الدعوة إلى النظافة ، و يضعون الخطط الدقيقه لها ، فإنها خير و سيلة للتقريب بين طبقات الأمة ، فقد يظن الناس أن النظافة غالية ، و أنها مرتبطة بالغنى ، وهذا خطأ بين ، فكم من غنى قذر ، ومن فقير نظيف ، و الأمر يتوقف على تعود النظافه أكثر مما يتوقف على المال ، فليست النظافة أن تلبس أغلى الباس ، و أن تأكل أفخم الطعام ، و إنما النظافة أن تلبس نظيفا و لو كان أحقر الثياب ، و أن تأكل نظيفا و لو كان أحقر الطعام . و إن كان ذلك من البديهيات الاولية ، و لكنا مع الاسف نكون مضطرون أن نقولها .
ولكن ليس الدعاة وحدهم مطالبون بذلك ، فلم تعد مشكلة تراكم القمامة قاصرة على مناطق بعينها دون غيرها ، بل أصبحت سمة مميزة للشارع المصرى سواء كان شارع رئيسى أو جانبى ، فى منطقة حيوية أو هادئة ، فى منطقة شعبية أو متوسطة أو راقية ... ألم يحن الوقت كى يكون شعارنا " مدينة نظيفة " ..!! و هل تقف الحكومات عاجزة طوال هذه العهود أمام وضع حل للمشكلة ؟ و هل العقل البشرى بما أنتجه من معارف و علوم يقف متفرجا أمام هذه المشكلة و التى تضج منها شوارع القرى و المدن فى مصر و فى البلدان الاخرى - لقد خرجت علينا دراسات قد أجراها معهد بحوث الاراضى و المياة و البيئة فى مصر ، قد كشفت عن أن قمامة القاهرة تعتبر من أغنى أنواع القمامة فى العالم ، وأن الطن الواحد منها يعادل 6000 جنية مصرى ، نظرا لما يحتويه من مكونات مهمة تقوم عليها الكثير من الصناعات التحويلية ، هذا و قد أثبتت الدراسة أن القاهرة تنتج لوحدها ما يقرب من 13 الف طن قمامة يوميا ، و إن الطن الواحد يوفر فرص عمل لعدد 8 أفراد على الأقل ، بما يعنى توفير 104 ألف فرصة عمل من خلال عمليات الفرز و الجمع و التصينع هذا على مستوى القاهرة الكبرى فقط .
ثم ما دور المؤسسات التعليمية فى هذا الشأن ، هل نقف أمام هذا التجاهل الذى غفل الجميع عنه حتى تبين لنا بزيارة بعض المدارس ان دورات المياة و الفناء و الفصول لا تصلح لتربية الماشية ...!! و الجميع ينتظر الحل السحرى من الحكومة التى هى لن تحل الا من خلال جهود الاخرين ، لماذا اصبحنا نرتكن الى الحلول السحرية و التى لم توجد ولن توجد بعد ، لماذا لم يلعب المعلم الدور الخاص به فى تكوين اتجاه محبب ناحية النظافة للتلاميذ بالمدارس و الحرص على أن يكون الفصل نظيف ، مما يعكس أثره على سلوك التلميذ فى الصغر فيكون له داعما فى الكبر ، أننا بحاجه لحل جزرى للمشكله من جميع الجوانب ، فلن نضع أمام كل مواطن عامل نظافه ، نعلم و نتعلم النظافه و إن كنت على يقين بأن مسألة النظافة مسأله نسبية يقدرها الشخص بنفسه لنفسه ، لكن عندما نتعلمها سوف يصير لها مقياس ملموس و معيار محدود ربما يتخذ كأساس للمقارنه لا تترك للنسبية الخاصه بكل فرد و بتقديره بمنطقة ما قدره هو بنفسه لنرقى بمجتمعاتنا جميعا وبالتالى تذوب الفوارق و تعم الديموقرطية ، و تتعدى النظافه ليس فى المكان فحسب ، بل الى الافكار و الادب و اسلوب التعامل و غيرها ، فالذى يفرق أحيانا بين عالم أرستقراطى و عالم ديموقراطى ، و أديب أرستقراطى و أديب ديمقراطى ، هو نظافة آراء الأولين و أفكارهم و أسلوبهم ، و عكس ذلك فى الآخرين . و لو التزم الجميع بالنظافه فى كل شئ ، لانهارت الارستقراطية و عمت الديموقراطية و كان الكل سواء فى الاحترام .
لقد آلمنى هذا الوصف لمصر ، و لو زارها اليوم لما عثر بحماره ، ولأقلته سيارة فخمة حيثما يقصد أن يتوجه فى أرض معبدة ممهدة ، لا تثيرغبارا و لا تدنس ثيابا ، ولرأى مسجد عمرو نظيفا ، لا يأكل فيه آكل ، ولا يكتب على حيطانه كاتب .
ساحة النقاش