<!--<!--<!-- <!-- /* Font Definitions */ @font-face {font-family:"MCS Kofy5 S_I normal\."; mso-font-charset:178; mso-generic-font-family:auto; mso-font-pitch:variable; mso-font-signature:8193 0 0 0 64 0;} @font-face {font-family:"MCS Jeddah S_U normal\."; mso-font-charset:178; mso-generic-font-family:auto; mso-font-pitch:variable; mso-font-signature:8193 0 0 0 64 0;} @font-face {font-family:"Traditional Arabic"; panose-1:2 1 0 0 0 0 0 0 0 0; mso-font-charset:178; mso-generic-font-family:auto; mso-font-pitch:variable; mso-font-signature:24577 0 0 0 64 0;} /* Style Definitions */ p.MsoNormal, li.MsoNormal, div.MsoNormal {mso-style-parent:""; margin:0cm; margin-bottom:.0001pt; text-align:right; mso-pagination:widow-orphan; direction:rtl; unicode-bidi:embed; font-size:12.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-font-family:"Times New Roman";} @page Section1 {size:595.3pt 841.9pt; margin:72.0pt 90.0pt 72.0pt 90.0pt; mso-header-margin:36.0pt; mso-footer-margin:36.0pt; mso-paper-source:0; mso-gutter-direction:rtl;} div.Section1 {page:Section1;} --> <!--<!--<!--
<!--<!--
على جمال الدين ناصف
بورسعيد - مصر
يكتب :
بناء العلم و الخلق داخل الكليات الجامعية
يتبدى لى أن الكلية الجامعيه لها وظيفتان : وظيفة علمية و وظيفة خلقية ، و كلتا الوظيفتين مرتبطين ببعضهما ، فالضعف العلمى يتبعه ضعف خلقى و العكس بالعكس . كما أحسب أن وظيفة الكلية الجامعيه تختلف من الناحية العلمية عن المدارس الابتدائى و الاعدادى و الثانوى ، حيث فيهم توجه العناية إلى وسائل التعليم ، و كمية من العلم الثابت صحته ، أما فى الكلية الجامعيه فيكون فيها وسائل التعليم ثانويه ، و يكون القصد الاول فيها إلى البحث العلمى و وضع القضايا العلمية و الأدبية موضع البحث و النظر ، ولا يمكن ان اتصور مثلا ان هناك مدرسة من غير طلبة ، لكن اجد عندى استعداد أن اتصور أن يكون هناك مثلا كلية من غير طلبة ، و ذلك لعكوف فريق من العلماء و مساعديهم يبحثون و ينقبون ، بل ولو كان هناك طلبة فالجانب الاهم لا يقضى بين الفصول، و لكنه يقضى فى مكاتب الأساتذة و المكاتب العامه و المكتبات و المعامل . و من الجدير بالذكر أن قديما قالوا : " العلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ". و هذا ما ينطبق على التعليم و البحث الجامعى .
و من الجدير ايضا الاشاره اليه أن استاذية الجامعه تتبدى أمامى و أتصورها من نوع الرهبنة ، فكما ينقطع الراهب للعبادة فى دير ، ينقطع الأستاذ للعلم و خدمته ، فإن كان الراهب يعبد الله عن طريق الصوم و الصلاة ، فالأستاذ يعبده عن طريق العلم بجانب التكليفات الاخرى . فإن شغل الراهب بالمال و طرق تحصيله و حب الشهرة و الرياسه و الجاه فهو راهب فسد ، كذلك الأستاذ الجامعى العالم إذا شغلته العلاوات و المناصب و حب الشهره والرياسه و الجاه فهو عالم فسد ، ولكن فى المقابل يجب على الدول و الحكومات أن توفرا له وسائل راحته الضرورية التى تتناسب مع تفرغه للعلم و تضحيته للذائذ الحياة من أجل العلم ، فإن ضل بعد ذلك عن منهجه العلمى فاللوم كل اللوم عليه . و بذلك يكون العالم قد وطن نفسه على خدمة العلم وخدمة بلدة من طريق العلم ، وخدمة الانسانيه من طريق العلم ، لا غرض له بعد عبادة ربه فى الحياة الا خدمة العلم ، فيصبح العلم مثله الاعلى ، و العلم يصير لذته العظمى ، فيشغل به أكبر جزء فى مخه ، فى أكله و شربه و راحته و رياضته و أحيانا فى نومه ، فيشعر بأنه لا يخفف آلام الانسانيه الا الاخلاص فى الفكر ، و الإخلاص للعلم ، و مواجهة الحقائق كما تتبدو أمامه ، كائنة ما كانت و لو خالف الناس جميعا .
من أجل هذا كله تتطلب حياته الاستقلال التام ، بل أن الاستقلال له ألزم من الاستقلال السياسى ، لأن العلم لا يمكن أن ينهض إلا إذا كان حرا ، و العالم لا يعد عالما إلا إذا عشق الحق ، سواء كان ما اعتقده حقيقة يرضى بها الحكومة أو لا يرضيها ، يرضى بها السياسه و الساسه او لا يرضيهما ، يرضى الاراء الشائعه أو لا يرضيها . فإن كانت السياسة تعترف بأن من وسائلها المشروعة تقريب وجهات النظر ، فالعلم لا يعرف ذلك ، فلا يبيع رأيه بمال ولا بجاه و لا بمنصب بل ولا بالدنيا كلها و لا بحياته ، فهناك الكثير و الكثير من ضحوا بحايتهم من أجل نظرياتهم العلمية .
و أحسب أن هذا ما يجب أن يكون عليه الاستاذ الجامعى ، فإن انحرف عن هذا لم يكن أستاذا بحتا ، بل كان استاذا و تاجرا ، و كل ما فى الامر أنه تاجر بعلمه فى غير متجر . و أنى لا أنكر ان هذه النماذج كثيرة و موجوده فعلا ولكن لم نهيئ لها المكانه اللائقه ، فإن ظفرنا بها فى بيئة جامعية ضمنا نجاحها ، فسيصبح ذلك منارا يهتدى به المدرسون و الطلاب فى الظلمات ، و يكون نموذج حى للتضحية ، و مثل حى فى سمو الخلق ، و يعطى مثل حى لغلبة المعنويات على الماديات ، و بالتالى يكون خير على العلم و الخلق .
كما أن هناك عامل آخر فى البناء الخلقى فى الكليات الجامعيه يتم العمل على تحقيقه من خلال الجامعه ككل متمثل فى رئيس الجامعه و إدارتها و مجالس كليتها و عميدها و إدارتها ، فيجب ان تكون متمشسية مع الاستاذ فى الاستقلال التام ، لا تخدم الا شيئين هما العلم و الخلق ، ليس لها ان تخدم حزبا سياسيا ، ولا تخدم رغبة وزير ، بل تخدم العلم كعلم عالمى ليس له موطن ، و تخدم الخلق الانسانى و لو على مستوى الدولة لتضع نفسها مركز النجم الساطع فى السماء يسترشد به السارى ، مهما كان مؤمنا أم كافرا ، اسود أم ابيض ، فتكون موضع التقديس من كل الاحزاب و موضع الاكبار من كل الهيئات ، و تبقى حرة فى معالجة مسائلها ، حرة فى وضع برامجها ، حرة فى تصريف مالها فى حدود ميزانيتها ، كما انها تصبح حرة فى معالجة مشكلاتها كما ترى ، وقد تخطئ فى ذلك و لكنها تتعلم من الخطأ كما تتعلم من الصواب و بذلك تنمو من الداخل لا تنمو من الخارج ، فإن الكلية الجامعية إن فعلت ذلك ، كانت مثلا للطلاب يحتذى به فى تصرفاتهم , فنجدهم يخجلون أن يتحزبون إن كان كل الجو حولهم داخل كلياتهم لا يتحزب ، أنهم يعودون إلى آبائهم الروحيين إذا لعبت بهم الأهواء . إنهم يضبطون بأعمال اساتذتهم أخلاقهم ، و بجانب الاستاذ الجامعى و هيئة التدريس و الادارة الجامعيه ، فإن هناك عامل آخر من عوامل الخلق الجامعى و هو تكوين رأى عام بين الطلبة يشعر بالواجب و يقدر المسئولية ، و ليس بخفى عن أحد أن معظم هنات أو زلات الطلبة ترجع إلى فقدان هذا العامل الهام ، فلو كان هناك رأيا عاما يحتقر الطالب إذا كذب و يحتقر الهازل و يحتقر الطالب الذى تلفظ بألفاظ نابيه ، فما أعظم الاصلاح المرجو من وراء ذلك . فإن ساد رأى عام داخل الكلية الجامعيه يحتقر كل من يقبل على هذه السلوكيات و اكتفينا بالقانون فى المحاسبة فلا أمل فى النجاح . هذا بالاضافه الى الاكثار من اجتماع الطلاب بمناسبات مختلفة يتعرضون فيها للخطأ ، و يهيى الرأى العام فيها للنقد على هذا الخطأ ، و بالتالى يتبلور الرأى العام و يأخذ سبيله فى سلطانه على النفوس فيتكون قضاة منهم يحكمون على زلاتهم الامر الذى سيؤدى فى النهاية أن يسود الطلاب الشعور بالشرف و الندم على الهفوات الى تصدر عنهم و يكون بذلك قد تكون للكلية الجامعيه تقاليد أسست على قانون الشرف ، يخشى كل طالب أو طالبه كسرها كما يخشى من ارتكاب جريمة السرقه او الخيانة ، و نكون بذلك قد بث الروح بين الطلاب بشدة إرتباطهم بكليتهم ، فيفتخرون بأستاذهم الشهير بعلمه و مؤلفاته ، و يتابهون و يفتخرون بالنابغة في كلياتهم من اساتذتهم و طلبتهم ، و يستهجنون أعمال الخسه والنذاله و السلوك الوضيع ، ويشعر كل طالب بأنه جزء من الكل ، فيعتز بعزة الكل و يهون بهوانهم . و بالتالى فإن استاذا صالح يقوم مقام المنارة فى الكلية , و هيئة تدريس صالحه من الاساتذة و الادارة ، و أن يسود رأى عام بين الطلاب له سلطان على نفوسهم ، هذا ما يجب ان نسعى اليه لبناء العلم و الخلق الجامعى داخل كلياتنا الجامعيه .
ساحة النقاش