موقع الشيخ / عبدالله بن فهد الواكد

خطب جمعة - دروس - محاضرات - مقالات - شعر - قصص وروايات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه الخطبة بعنوان ( تسوية الصفوف في الصلاة )
أخوكم عبدالله بن فهد الواكد



الخطبة الأولى





أيها الأحبة المسلمون :

قد تساهل كثير من المسلمين في أمر غاية في الأهمية ، إذ أن هذا الأمر يا عباد الله سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، بل إن كثيرا من المسلمين هداهم الله لديه علم بهذا ، بل ربما كان من طلبة العلم ، ولكننا جميعا تساهلنا بهذه السنة ، التي حرص عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، وحرص عليها خلفاؤه وأصحابه من بعده رضي الله عنهم أجمعين ، بل إن الله عز وجل يحب هذه السنة ، ولا شك أن إنكار بعض المصلين على من تحرى العمل بهذه السنة ، جعل بعض أئمة المساجد والجوامع يتساهلون بها ، ويتساهلون في حث المصلين عليها ، سيما في يوم الجمعة ، إن هذه السنة ياعباد الله هي تسوية الصفوف ، ففي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عواتقنا ويقول : ( استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ، وليلني منكم أولو الأحلام والنهى ، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) ، وفي الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم – يسوي صفوفنا كأنما يسوي بين القداح – حتى رأى أنا قد عقلنا عنه ثم خرج يوما فقام حتى كاد يكبر – فرأى رجلا باديا صدره من الصف – فقال : ( عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم )
فيا أيها المسلمون : إن تسوية الصفوف من تمام الصلاة ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة ) رواه مسلم ، وعند البخاري ( فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة ) ، ولا يستوي عند الله سبحانه وتعالى واصل الصف وقاطعه ففي الأمر وعد ووعيد ، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب ولا تذروا فرجات للشيطان ومن وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله ) أخرجه النسائي ، وفي حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف ومن سد فرجة رفعه الله بها درجة ) رواه ابن ماجه وصححه الألباني رحمه الله ، وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خياركم ألينكم مناكب في الصلاة وما من خطوة أعظم أجرا من خطوة مشاها رجل إلى فرجة في صف فسدها ) رواه الطبراني وصححه الألباني رحمه الله ،
فكم من الفضل العظيم ياعباد الله في ثنايا هذه الأحاديث الشريفة ، على أمر لا يزيد صلاة الجماعة إلا رونقا وكمالا وبهاء وجمالا ، وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه ، يعني وهم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال النعمان بن بشير رضي الله عنه : رأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه ، وقد قال صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داوود : ولو فعلت اليوم لنفر الناس كالحمر الوحشية ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ما أشد غربة أهل السنة والحريصين عليها ، وتسوية الصفوف ياعباد الله تكون بالمناكب من أعلى أي بالكتفين ، وبالأكعب من الأسفل ، أي تتساوى السيقان ، وليس المقصود أطراف أصابع القدمين ، ولكن الأكعب والسيقان ، لأن السيقان هي أعمدة الأبدان التي تقوم عليها ، ولأن بعض الناس قد تكون قدمه طويلة وقد تكون قصيرة ، فإذا ساوينا الصف بناء على أصابع القدمين لم يستو الصف ، لأن السائد عند كثير من الناس هو تسوية الصفوف بأطراف أصابع القدمين ، والصواب أن تكون التسوية بالكعبين والساقين ، وحتى لو كان المأموم عن يمين الإمام فإن تسوية الصف تكون كما ذكرنا ، ولا يتأخر المأموم عن الإمام كما هو شائع عند الناس اليوم ،
أيها المسلمون : إن من كمال تسوية الصفوف ، التراص في الصف ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك ، كما تصف الملائكة عند ربها ، يتراصون ويكملون الصف الأول فالأول كما ورد في صحيح مسلم ، والمراد بالتراص ، عدم ترك الفرج التي يدخل منها الشيطان ، وليس المقصود بالتراص التزاحم ، أو أن يضع المصلي قدمه على قدم أخيه فيؤذيه ، إنما بالتلاصق ، وقد جرب ذلك ، فالصفوف المتراصة المتلاصقة بالمناكب والأكعب ، لا يسرح أهلها في صلاتهم إنما يكونون في غاية الخشوع والحضور ، وأما إكمال الصفوف وكثيرا ما نحتاج لذلك في صلاة الجمعة لكثرة المصلين ، فإن ذلك من أفضل الأعمال فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا ان يستهموا عليه لاستهموا ) وخير صفوف االرجال ياعباد الله الأول فالأول ، وأما النساء فالآخر ثم الذي قبله ، ومن تسوية الصفوف التقارب فيما بينها وفيما بينها وبين الإمام لأنهم جماعة والجماعة من الإجتماع وليس من التباعد ،
وقد خص الله بالصفوف هذه الأمة ، وميزها على سائر الأمم ، فهم شابهوا بذلك صفوف الملائكة في السماء كما أخبر الله عنهم أنهم قالوا : ( وإنا لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون ) وفي صحيح مسلم من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ؟ ) قلنا : كيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال : ( يتمون الصفوف الأولى ، ويتراصون في الصف ) ،
أيها المسلمون : ولله الفضل والمنة ، الآن المساجد فرشت وأسرجت وكيفت ، جزى الله القائمين على شؤونها من ولاة الأمر ومن المحتسبين من المسلمين ، وهذه الفرش فيها خطوط طولية تعين الناس على تسوية صفوفهم ، وبقي على الناس أن يحرصوا على إكمال الصفوف الأول فالأول ، وعلى التراص وسد الفرج ، وأن يجعل المسلم لنفسه عملا يقوم به قبل تكبيرة الإحرام وهو أن يسوي نفسه مع جاريه من المصلين نسأل الله أن يعيننا جميعا على ذلك أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.





الخطبة الثانية



أيها المسلمون : ينبغي لأئمة المساجد أن يتعاهدوا صفوف المصلين ولو بين وقت وآخر وأن يحثوا المصلين على تسويتها ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، كما انه ينبغي أيضا على المصلين أن يحرصوا على ذلك وأن لا يأنفوا من تنبيه الإمام لذلك لأن هذا هو فعل النبي صل الله عليه وسلم بل هو أمره وسنته ،
واعلموا أيها الناس أن من فوائد تسوية الصفوف وإقامتها : حصول الإستقامة والإعتدال ظاهرا لتتحقق الإستقامة الباطنية ، ولئلا يتخلل الشيطان من خلال الفرج فيفسد على المصلين صلاتهم بالوسوسة كما ورد في الحديث ، ولا يغيب عنكم أيها الأحبة ما للصفوف المستوية المستقيمة من حسن الهيئة وجمال المنظر الذي يمكنهم من الصلاة بخشوع واتساع المساجد لهم ، وغياب وجوه بعضهم عن بعض حتى لا ينشعل بعضهم ببعض ، وأما إذا صلى الناس في الخلاء ولم يكن هناك فرش معلمة تضبط الصفوف فإنه حينئذ يتعين على الإمام تسوية الصفوف في كل صلاة ، حتى تستقيم الصفوف وتستو ، نسأل الله أن يعيننا وإياكم على أمور الدين والدنيا وأن يلهمنا رشدنا ، وأن يقينا شر أنفسنا والشيطان ،
هذا وصلوا وسلموا على خير البرية نبيكم محمد رسول الله فقد أمركم بذلك ربكم فقال عز من قائل: (إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيم

 

  

  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 981 مشاهدة
نشرت فى 10 فبراير 2011 بواسطة alwakid

ساحة النقاش

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عبدالله بن فهد الواكد

alwakid
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل - المملكة العربية السعودية »

عدد زيارات الموقع

63,510