موقع الشيخ / عبدالله بن فهد الواكد

خطب جمعة - دروس - محاضرات - مقالات - شعر - قصص وروايات

authentication required
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 

هذه خطبة جمعة لم ألقها بعد وهي ليوم غد إن شاء الله
20-5-1430 هـ
كتبتها بمناسبة الأمطار التي هطلت على منطقة حائل
ولما آلمتني بعض الحوادث التي حدثت في السيول



أسأل الله أن ينفعني بها ومن سمعها وقرأها
ولا تنسو أخاكم من الدعاء

أخوكم عبدالله بن فهد الواكد


الحمد لله الذي أثار السحاب وأرسله ، وساق الغيث وأنزله ، أحمده عدد ما هطل علينا من سحاب ، وعدد ما ابتل من الحصى والتراب ، حمدا يليق بجلاله ، وينبغي لعظمته وكماله ، وأشهد أن لا إله إلا الله الغني عنا ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين ، فدعا العالمين إنسا وجنا ، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا
أيها المسلمون : هل علمتم أن تقصيرنا هو سبب تكديرنا ، وذنوبنا هي سبب كروبنا ، قال العليم القدير ( وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ) لو آمنا حق الإيمان لأمنا ، ولو أسلمنا حق الإسلام لسلمنا ، ولو اغتنمنا جواهر الزمن لغنمنا ، قال اللطيف الخبير (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍ مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَـٰهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) ، المعاصي أيها المسلمون : تفسد الديار العامرة، وتسلب النعم الباطنة والظاهرة ، زمانكم هذا زمان وأي زمان ، تلطخت فيه القلوب بالأدران ، وتلوثت فيه الجوارح بالإثم والعدوان ، ذنوب ومعاصي ، أثقلت الداني والقاصي ، إلا من رحم ربي ، فإلى الله المشتكى، ، قنوات فضائية ، ووسائل إعلامية ، وشبكات معلوماتية ، واتصالات سلكية ولاسلكية ، جلبت الغرائب والمصائب ، وأتلفت العفة والحشمة ، وعصفت بالخلق والحياء ، وهل جنينا مما ساء منها ، إلا الجرائم والفسوق ، والشذوذ والانحراف ، فصرنا إلى ظلم بين العباد قد انتشر، وغصب لأموال الناس بالباطل قد ظهر ، وأكل لحقوق البشر ، فكيف نغاث ، وبعضنا ببعضها قد لاث ، كيف نرجوا حصول الغيث وفي الناس أناس مقيمون على الغش ، مصرون على الكذب ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد برئ من الغش والكذب؟! كيف نمد أكفنا إلى الله ، وقد امتدت للحرام والمعصية ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى عليه وسلم : ( ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء : يا رب يا رب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغُذِّيَ بالحرام ، فأنَّى يُستجابُ له )
ألا وإن المكاسب الخبيثة تستدرج صاحبها حتى تمحقه محقًا، وتنزع البركة منه نزعًا ، فلولا الذنوب وآثارها، والمظالم وأوضارها ، لصبت السماء أمطارها ، ولأرسل الله مدرارها ،
أيها الأحبة المسلمون : إن هذا الغيث الذي رزقتموه ، وهذا الخير الذي أدركتموه ، لهو من الإبتلاء ، ليبلوكم الله ، أتشكرون أم تكفرون ، لأن الله سبحانه وتعالى قد علم قلة من يشكر وكثرة من يكفر فقال سبحانه
( وقليل من عبادي الشكور ) فاحمدوا الله الذي ضعضع لكم ثقال السحاب ، وأسبغ عليكم زلال الشراب ، وأروى لكم السهول والهضاب ، وأسال لكم الأودية والشعاب ، فسالت أودية بقدرها ، واحتمل السيل زبدا رابيا ، فاجعلوا مما رزقكم الله عونا لكم على طاعته ، ولا تجعلوا نعم الله سبلا لنقمته ، وخيراته مطايا لمعصيته ، فهذا الغيث الذي رزقناه ، رحمة من أرحم الراحمين ، وكرما من أكرم الأكرمين ، أما نحن ، فلسنا أهلا لهذا الغيث ، فكيف يغيث الله قوما للزكاة مانعين ، وللخيرات موعين ، وعن مساكينهم معرضين ، وبالأوامر مقصرين ، وللنواهي فاعلين ، وكأنهم بعقوبة ربهم غير مبالين ، وبعظيم نقمته غير مكترثين ، ألا وإن من صفات الخائف من عقوبة ربه ، الراجي لرحمة خالقه ، الذي يحوم حول التوبة ولما يدخل حماها ، أنه إذا ألم بذنب استتر ، وإذا قارف معصية استغفر ، وشر أهل البلاء المجاهرون ، قال عليه الصلاة والسلام : ((كل أمتي معافى إلا المجاهرون)) فلا يكن شكركم للغيث الغثاثة ، ولا تكن جوارحكم بما حرم الله عباثة ، ولحدود الله جثاثه ، سيحوا في أرض الله ، واشكروا فضل الله ، واذكروا إذ أنتم محرومون ، قد قلت أمطاركم ، وغارت آباركم ، وأقفرت دياركم ، وهلكت زروعكم وأشجاركم ، فرحمكم ذو الرحمة الواسعة ، تدارككم برحمته ، وأشفق عليكم بمنته ، فلله الحمد والثناء ، وعليه التكلان والرجاء ، ومنه الفضل والعطاء ،
هذه الأمطار والسيول نعمة عظيمة ، فلا تجعلوا مواسم الخير عليكم مصائبا ، كثير من الناس هداهم الله ، إذا نزل الغيث ، وسالت الأودية تجشم بنفسه وأهله بطون الأودية ، ومسالك الشعاب ، فعرض نفسه وأسرته للخطر ، قال تعالى ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) وقال سبحانه ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) هؤلاء الذرية الضعاف ، النساء والأبناء ، أمانة في أعناقكم ، فلا تجعلوهم عرضة للمهالك ، ولا تتهوروا بهم في المزالق والمدارك ،
أيها الأحبة المسلمون : أيها الشباب :
إذا تلبدت السماء برحمة الله ، فلا تدخلوا بسيارتكم واديا لا تعلمون مسيله ، ولا سيلا تجهلون كثيره وقليله ، ولا تغرنكم سياراتكم الفلانية ، فإن القوة لله جميعا ، كثير من الشباب هداهم الله يدخل أحدهم هو ومن معه بطون الأودية ، ويغامر في الشعاب ، وبين الجبال ، ثم إذا أسقط في يده وتورط ، وظن أنه هالك لا محالة ، وصار فسيح الأرض أمام ناظريه كسم الخياط ، جعل يستنجد الناس ، ورمى حبائل الملامة والتقصير والإهمال والتأخير ، على الجهات الأمنية ، وعلى الدفاع المدني ، وعلى فلان وعلان ، وكأنهم هم الذين رموه في بطن الوادي ، وأوقعوه هذا الموقع ،
نعم أيها الناس الجهات الأمنية ، والدفاع المدني ، جهاز مسئول عن ذلك ، لكنهم أيضا بشر لهم طاقات و إمكانات ، وخصوصا إذا كثرت الحوادث ، وأنت أيضا تقف معهم باتقائك الكوارث ، والوقاية خير من العلاج ، أنت أيها المسلم ، الدفاع المدني الأول لنفسك وأسرتك ، فلا تتهور وتجعل نفسك في هذا المأزق ، ثم تلقي باللوم على غيرك ، لقد رأيت بأم عيني صورا للأيام المطيرة الماضية ، سيارات وبعضها مما يوصف بالقوة ، يحملها السيل بين زبده ، ويقلبها كأنها علب ، ورجال ونساء كادت أن تكلبهم يد المنون ، لولا أن من الله عليهم بمن أنقذهم ، كل ذلك بسبب التهور ، واستسهال الأمر ، فيا أخي المسلم ، إذا هطلت الأمطار ، فاتق الأخطار ، إلزم أنت وأسرتك بيتك ، فإذا توقف المطر وذهب الخطر فاذهب حيثما شئت بحذر ، وإن كنت فاعلا ولا بد ، فلا تأخذ أسرتك ، ولا أولادك معك فتعرضهم للخطر ، فكم من أناس هلكوا في هذه الأخطاء ، وفرطوا في أمر رب الأرض والسماء ، فاتقوا الله في أنفسكم واتقوا الله في أسركم وذراريكم ، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، أيها المسلمون : أديموا الإستغفار ، آناء الليل وأطراف النهار ، لأن من أسباب نزول الغيث ، وسعة الرزق ، وكثرة الذرية ، دوام الإستغفار ، قال العزيز الغفار ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا )
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم





الثانية





الحمد لله الذي سمك السماء ، وأنزل منها الماء ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خير الرسل وأفضل الأنبياء ، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد أيها الناس : فاتقوا الله القائل ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )
أيها المسلمون : نعلم أن ما يحدث للناس من كوارث ومصائب في السيول وفي غيرها ، قضاء وقدر ، ولكن الأخذ بأسباب الوقاية والنجاة أيضا من القضاء والقدر ، لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرقى والتعاويذ أهي تنفع من قضاء الله عز وجل وقدره قال عليه الصلاة والسلام ( هي من قضاء الله عز وجل وقدره ) فالأخذ بأسباب الهلاك والأخذ بأسباب النجاة كلها من قضاء الله عز وجل وقدره ، اللهم إنا نحمدك ونثني عليك ، ونعبدك ونتوكل عليك ، لا ملجأ منك إلا إليك ، خضعت لك رقابنا ، وذلت لك أعناقنا ، ما تراكمت الكروب إلا كشفتها، ولا حلت الجدوب إلا رفعتها، أطعمت وأسقيت ، وكفيت وآويت، وأغنيت وأقنيت ، نعمك لا تحصى، وإحسانك لا يستقصى، قصدتك النفوس بحوائجها فقضيتها ، وسألتك الخلائق فأعطيتها ، نحمدك على نعمة الغيث حمدا يليق بكريم وجهك وعظيم سلطانك ، سبحانك وبحمدك ، لا رب لنا سواك ، ولا نعبد إلا إياك ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحابته أجمعين ، صلوا على نبيكم أيها المسلمون ، واذكروا نعمة الله وأنتم تشكرون ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ،،،،،

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 167 مشاهدة
نشرت فى 10 فبراير 2011 بواسطة alwakid

ساحة النقاش

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عبدالله بن فهد الواكد

alwakid
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل - المملكة العربية السعودية »

عدد زيارات الموقع

65,680