موقع الشيخ / عبدالله بن فهد الواكد

خطب جمعة - دروس - محاضرات - مقالات - شعر - قصص وروايات

 

خطبة جمعة

بعنوان
( إمتحانات النصف الأول 41 )
كتبها
عبدالله فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
الخطبةُ الأولى
الحمدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وعلى آلهِ وصحابتِهِ أجمعين
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
أَمَّا بَعْدُ فَيَا عِبَادَ اللهِ : اتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الشَّبَابَ هُمْ عِمَادُ الأُمَّةِ ، هُمْ وِسَامٌ تَفْتَخِرُ بِهِ، وَرِدَاءٌ تَزْدَهِي بِهِ، تُجَالِدُ بِهِ أَعْدَاءَهَا وَخُصُومَهَا، إنهُمْ عِمَادُ الأمة وَمَجَامِعُ قُوَّتِهِا، إِنَّهُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا الشَّبَابُ ، نَعَمْ أَنْتُمْ ، فَلَا تَسْتَصْغِرْوا أنَفْسَكَم، بل اغتنموا شبابكم، كما أوصاكم بذلك نبيُكم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينما قال: (اِغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ)، فَاغْتِنَامُ الشَّبَابِ قَبْلَ فَوَاتِهِ ، مَطْلَبٌ تَقُومُ عَلَيْهِ أَبْنِيَةُ الأُمَمِ.
أَنْتُمْ أَيُّهَا الشَّبَابُ ، عِمَادُ الأُمَّةِ ، وَسِلَاحُهاَ فِي وَجْهِ أَعْدَائِهَا ، أَنْتُمْ مَنْ تُؤَثِّرُونَ فِي الأُمَّةِ سَلْبًا وَإِيجَابًا ، أَنْتُمْ مَنْ تَدْفَعُونَ عَجَلَةَ التَّأْرِيخِ نَحْوَ أَمَلٍ مُشْرقٍ ، وَمُسْتَقْبَلٍ زَاهِرٍ ، يُجْهِدُ الأَعْدَاءُ أَنْفُسَهُمْ فِي إِغْرَاقِكُمْ فِي وُحُولِ المُخَدِّرَاتِ ، وَمُسْتَنْقَعَاتِ الشَّهَوَاتِ ، وَيَنْشَطُ سَمَاسِرَتُهُمْ مِنْ بَنِي الجِلْدَةِ فِي مَوَاسِمِ الاِمْتِحَانَاتِ ، لِيُحَطِّمُوا رَجَاءَ الأُمَّةِ وَأَمَلَهَا، فَيُوهِنُونَ عَزَائمَ شَبَابِهَا ، لِيُدِيرُوا أُمَّتَهُمْ إِلَى الوَرَاءِ جَهْلاً وَحمقًا، وَلِيُوَجِّهُوا الأُمَّةَ، نَحْوَ مَفَاهِيمَ مَنْكُوسَةٍ ، وَسُلُوكٍ أَرْعَنَ، وَمَسْلَكٍ أَهْوَجَ، فَاحْذَرُوهُمْ وَحَذِّرُوا الأَبْنَاءَ وَالبَنَاتِ مِنْهُمْ ، فالشَّبَابُ هُمْ قُوَّةُ الأُمَمِ ، وَفَخَارُهَا وَذُخْرُهَا وَسَنَدُهَا.
فَياَ أَيُّهَا الشَّبَابُ: الأَرْضُ تُنْقَصُ مِنْ أَطْرَافِهَا، وَالنَّاسُ فِي رَحِيلٍ مُضْطَرِدٍ، سَيَرْحَلُ العُلَمَاءُ ، وَيَذْهَبُ المُفَكِّرُونَ وَالمُصْلِحُونَ، وَيَمُوتُ الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ  ، فَتِلْكَ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ فِي خَلْقِ اللهِ ، فَمَنْ سَيَسُدُّ مَكَانَهُمْ ؟ وَمَنْ سَيُكْمِلُ بِنَاءَهُمْ ؟ فَانْهَضْ بِأُمَّتِكَ ، فَالاِمْتِحَانَاتُ عَلَى الأَبْوَابِ ، وَالأُمَّةُ لاَ تُرِيدُ كَمًّا ، إِنَّمَا تُرِيدُ نَوْعًا ، مَا حَاجَةُ الأُمَّةِ بِالآلاَفِ مِنَ الشَّبَابِ ، وَالآلاَفِ مِنَ الشَّهَادَاتِ بِلاَ مَضْمُونٍ ؟! فَالشَّهَادَةُ بِحَدِّ ذَاتِهَا لَيْسَتْ مَطْلَباً ، إِنَّمَا المَطْلَبُ مَعَ هَذِهِ الشَّهَادَةِ هُوَ التَّحْصِيلُ العِلْمِيُّ ، وَالتَّمَكُّنُ المَعْرِفِيُّ ، الذِي تُبْنَى بِهِ المَصَانِعُ وَالمُنْشَآتُ ، وَتُقَادُ بِهِ التَّقْنِيَاتُ ، وَتُدَارُ بِهِ المُؤَسَّسَاتُ وَالشَّرِكَاتُ ، وَتُواكِبُ بِهِ الأُمَّةُ دَفَّ الحَضَارَةِ وَالرُّقِيِّ ، وَتَلْحَقُ بِالأُمَمِ المُتَقَدِّمَةِ فِي مَجَالِ العِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ.
أَيُّهَا اليَافِعُ المُؤمَّلُ : ذُبَّ عَنْ نَفْسِكَ هَذَا الرُّكُونَ ، وَاطْرَحْ عَنْكَ جِلْبَابَ الكَسَلِ ، اُتركْ رُفَقَاءَ الاِسْتِرَاحَاتِ التِي أَضْحَتْ مَعَاكِفَ ، لاَ يَبْرَحُهاَ الشَّبَابُ إِلاَّ لِلنَّوْمِ ، اُتركْ أَهْلَ التَّثْبِيطِ وَالتَّكْسِيلِ ، فَإِنْ كَانَتْ الاِسْتِرَاحَاتُ للِتَّرْوِيحِ ، فَلَيْسَ بِهَذِهِ السَّاعَاتِ الطِّوَالِ التِي أَخَذَتْ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ وَالشَّباَبِ عَنْ أَهْلِهِمْ وَذَوِيهِمْ وَبُيُوتِهِمْ وَمَصَالِحِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَدُرُوسِهِمْ ، وَتَنْمِيةِ مَعْرِفَتِهِمْ وَتَحْصِيلِهِمْ وَاسْتِثْمَارِ أَوْقَاتِهِمْ .
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : الأمَّةُ تَسْمُو بِالعُقُولِ ، وَالعُقُولُ تَحْتَاجُ إِلَى شَبَابٍ غَيْرِ كَسُولٍ ، فَلاَ تَكُنْ كَلاًّ عَلَى أُمَّتِكَ ، وَعِبْئًا عَلَى مُجْتَمَعِكَ ، لاَ تَصْحَبَنَّ إِلاَّ مَنْ يَشْمَخُ بِكَ إِلَى العَلْيَاءِ ، أَوَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلى اللهُ عَليهِ وَسَلمَ: (المَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُم مَنْ يُخَالِل)، وَقَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ : (إنِّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ ، وَالجَلِيسِ السُّوءِ كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الكِيرِ).
فَصَاحِبُكَ الذِي يُقرِّبُكَ لِمَا يُرضِي اللهَ ، وَيُعِينُكَ عَلَى الصَّلاَةِ ، وَيُبْعِدُكَ عَنِ المَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ ، وَيَحْرِصُ عَلَى نَجَاحِكَ وَتَفَوُّقِكَ ، وَيَحُثَّكَ عَلَى الخَيْرِ، يَحُثُّكَ عَلَى الدِّرَاسَةِ وَالمُذَاكَرَةِ ، وَيُعِينُكَ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ صَاحِبُ سُوءٍ.
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّـاٰلِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ ياٰلَيْتَنِى اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * ياٰوَيْلَتَا لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً * لَّقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ الذّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِى وَكَانَ الشَّيْطَـاٰنُ لِلإِنْسَـٰنِ خَذُولاً).
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ وَتَابَ عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ وَعَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ .

الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً.
أّمَّا بَعْدُ، فَيَا أَيُّهَا الشَّبَابُ : هَذِهِ هِيَ أَيَّامُ الاِمْتِحَانَاتِ ، قَدْ بَدَتْ طَلَائِعُهَا ، فَاسْتَغِلُّوا بَارَكَ اللهُ فِيكُمْ هَذِهِ الأَيَّامَ بِالجِدِّ وَالاِجْتِهَادِ وَذُبُّوا عَنْكُمُ الدَّعَةَ وَالرَّاحَةَ ، وَلا يُمَزِّقَنَّ الشَّيْطانُ وَقْتَكُمْ بِالتَّسْوِيفِ وَالقِيلِ وَالقَالِ ، فَمَنْ أَرَادَ شَيْئاً قَصَدَهُ ، وَمَنْ زَرَعَ شَيْئًا حَصَدَهُ ، وأخيراً يَا أَوْلِيَاءَ الأُمُورِ انْتَبِهُوا لِأَوْلَادِكُمْ، وَجَنِّبُوهُمْ قُرَنَاءَ السُّوءِ لاَسِيَّمَا فِي أَيَّامِ الإِمْتِحَانَاتِ هَذِهِ، حَيْثُ تَنْتَشِرُ المُخَدِّرَاتُ وَمُرَوِّجُوهَا وَيَخْرُجُ الطُّلَّابُ مِنْ مَدَارِسِهِمْ فَي أَوْقَاتٍ مُبَكِّرَةٍ وَمُتَفَاوِتَةٍ ، فَاحْرِصُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ وَتَحَمَّلُوهُمْ وَادْعُوا لَهُمْ.
أسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَهُمْ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَأَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ التَّوْفِيقَ وَالنَّجَاحَ وَالتَّفَوُّقَ وَالسَّدَادَ.
هَذَا، وَصَلُّوا وسَلّمُوا عَلَى مَنْ أَمَرَكُمْ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ ، فَقَالَ تَعَالَى: (إنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النّبِيِّ يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)


 

التحميلات المرفقة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 20 مشاهدة
نشرت فى 5 يناير 2020 بواسطة alwakid

ساحة النقاش

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عبدالله بن فهد الواكد

alwakid
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل - المملكة العربية السعودية »

عدد زيارات الموقع

64,248