تشهد الثورة العلمية في عصرنا الحاضر وتيرة متسارعة لم يعرف لها نظير في تاريخ البشرية . وقد فتحت أبواباً عديدة لحل الكثير من المشكلات المختلفة وأولها تلك المتعلقة بالأغذية والدواء . وفي الوقت الذي تتزايد فيه أعداد سكان الكرة الأرضية وتزداد حاجياتهم للغذاء والدواء والكساء وغيره ، فإن الموارد الطبيعية الأرضية والمائية والنباتية والحيوانية تزداد تقلصاً يوماً بعد يوم نتيجة للتدهور والتلوث الناجم عن الاستغلال المفرط . ورغم التكثيف الزراعي المتراكم والاستخدام المتصاعد لوسائل الإنتاج من أنواع محصولية محسنة وأسمدة وغيرها ، إلا أن العجز الغذائي لا يزال قائماً ، بل أن الفجوة قد تتزايد .

وقد برزت الهندسة الوراثية في نهاية القرن الماضي لتعتمد التحوير الوراثي (الجيني) كحل لعدد من المشكلات المتعلقة بمستويات الإنتاج والجودة ومقاومة الآفات والتكيف مع بيئات مختلفة . نتج عن ذلك ارتفاع كبير في مستوى الإنتاج وانخفاض سعر التكلفة لعدد من المنتجات المحورة وراثياً والتي ارتفع عددها ليصل إلى 60 نوعاً خلال عقد من الزمن (1990-1999) ، واتسعت المساحات المزروعة بها عبر العالم لتصل عام 2002 إلى 52 مليون هكتار معظمها في أمريكا الشمالية ، وهذه الأرقام مرشحة لتتضاعف خمس مرات على الأقل بحلول عام 2010 .

ولعل أهم ما يميز مجال التحوير الوراثي هو الجدل القائم حالياً حول أثر الأنواع والمنتجات المحورة وراثياً على صحة الإنسان والحيوان وعلى البيئة بشكل عام . ورغم أن الأدلة العلمية لحد الآن ليست حاسمة ، فإن التخوف قائم من آثار السمية والتحسسية للبروتينات المستخدمة في التحوير الوراثي وخطر مقاومة الأجسام للمضادات الحيوية والخطر الناجم عن ما قد يحدث من هجرة الجينات المحتملة إلى الأقارب البرية والمحصولية وتقلص في التنوع الحيوي .

ومن أهم ما يشغل بال المزارعين ما يمكن أن ينتج من تحكم للشركات الكبرى في المزارعين ووضعهم تحت هيمنتها إذا نجحت في هندسة بذورها بحيث لا تعبر إلا عن الصفات التي تسمح هي ببيع كيماويات تنشيطها فيصبح المزارع أكثر اعتماداً على المدخلات الكيمائية التي تصنعها شركات البذور .

ورغم أن الدول المتقدمة هي التي تتزعم العمل في مجال التحوير الوراثي إلا أن الدول النامية تبدو في حاجة أكثر إلى الاستفادة من مزاياه إذا أمكن تجنب سلبياته ، إذ هي في حاجة أكبر إلى سد فجوتها الغذائية الكبيرة .

وقـد نظمـت المنظمة العربيـة للتنميـة الزراعية حلقـة العمل هـذه بجمهوريـة السودان ، وذلك مساهمة منها في توضيح الرؤيا حول هذا الموضوع الهام وحول الآثار السلبية للأنواع والمنتوجات المحورة وراثياً بالنسبة للخبراء وصانعي ومتخذي القرار في الدول العربية بقصد حماية صحة الإنسان والحيوان والنبات ، وكذا حماية حقوق المزارع العربي ، وذلك مع وضع الخطط واتخاذ الخطوات اللازمة للاستفادة في هذا التقدم العلمي الذي لابد من الأخذ به والاستفادة منه .

للاستفادة الشاملة الرجاء تحميل الكتاب من المرفقات

المصدر: المنظمة العربية للتنمية الزراعية

التحميلات المرفقة

alwaha100

Al Waha Company

  • Currently 154/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
53 تصويتات / 1162 مشاهدة
نشرت فى 21 فبراير 2010 بواسطة alwaha100

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

18,505