موقع الواحة للعلاج الطبيعي:متى أمكن التداوي بالغذاء والحمية لا يعدل عنه إلى الدواء

متى أمكن التداوي بالغذاء والحمية لا يعدل عنه إلى الدواء

authentication required

حديث يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب:

أحياناً تأتي الشياطين للمريض من باب الدين ، وذلك بتذكير المريض حديث "السبعين الفاً " والحديث رواه الشيخان وجاء فيه :" يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ قَالُوا وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هُمِ الَّذِينَ لا يَكْتَوُونَ وَلا يَسْتَرْقُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ " . فتجد بعض المرضى يأتيك ويقول لك يا شيخ أريد أن أتوقف عن الرقية لعل الله أن يجعلني من اللذين لا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون ، وإذا تتبعت حال المريض تجده بعيداً كل البعد عن التوكل ، وقد يكونَ ممن يشرب الدخان ويشاهد التلفاز وما فيه من فتن ، ويسمع الأغاني ، ويعق والديه ، ويفعل كثيراً من المعاصي والمنكرات بل قد تجده لا يصلي ويريد أن يكون من السبعين ألفاً ممن لا حساب عليهم ولا عذاب .

 

  ولو سألت هذا المريض عن رأي العلماء في معنى هذا الحديث لقال لك لا أعلم ، ومن يرجع الى كتب أهل العلم يجد أن العلماء قد اختلفوا في معنى  الاسترقاء وفي شرح معنى هذا الحديث ، وقد احتج بعض الناس بهذا الحديث على ان التداوي مكروه ومعظم  العلماء على خلاف ذلك ، وقد حمل بعض العلماء قوله ( لا يكتوون ولا يسترقون ) على ما كانوا يفعلونه في الجاهلية ، فإنهم كانوا يكتوون ويسترقون في زمن العافية ، وقيل الرقى التي يحمد تركها ما كان من كلام الجاهلية ومن الذي لا يعقل معناه لإحتمال أن يكون كفرا ، يقول رَسُولَ اللَّهِصلى الله عليه وسلم إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ رواه أبي داود ، فدل على أن النهي إنما كان عن الرقى المجهولة أو التي فيها شرك ، وقيل بأن الاسترقاء المستحسن تركه في حق من كان له قوة على الصبر وعلى ضرر المرض ، والمطلوب فعله في حق الضعيف ولا يكون الاسترقاء منافيا للتوكل .

 

وفي كتاب  فتح القدير عند شرح المؤلف لحديث من اكتوى أو استرقى فقد  برء مـن التوكل ، لفعله ما يسن التنـزه عنه من الاكتواء لخطره والاسترقاء  بما لا يعرف من كتاب اللّه لاحتمال كونه شركا أو هذا فيمن فعل معتمداً عليها لا على اللّه فصار بذلك بريئاً من التوكل ، فإن فقد ذلك لم يكن بريئاً منه ، وقد سبق أن الكي لا يترك مطلقاً ولا يستعمل مطلقاً بل عند تعينه طريقاً للشقاء وعدم قيام غيره مقامه مع مصاحبة اعتقاد أن الشفاء بإذن اللّه تعالى والتوكل عليه ، وقال ابن قتيبة: الكي نوعان كي الصحيح لئلا يعتل فهذا الذي قيل فيه من اكتوى لم يتوكل لأنه يريد أن يدفع القدر والقدر لا يدافع. والثاني كي الجرح إذا فسد والعضو إذا قطع فهو الذي شرع التداوي فيه فإن كان لأمر محتمل فخلاف الأولى لما فيه من تعجيل التعذيب بالنار لأمر غير محقق.

 

وقيل المراد بترك الرقى والكي الاعتماد على الله في دفع الداء والرضا بقدره ، لا القدح في جواز ذلك لثبوت وقوعه في الأحاديث الصحيحة وعن السلف الصالح ، لكن مقام الرضا والتسليم أعلى من تعاطي الأسباب ، يقول الحافظ في تعليقه على الحديث نقلا عن القرطبي : إن الرقى بأسماء الله تعالى تقتضي التوكل عليه والالتجاء إليه والرغبة فيما عنده والتبرك بأسمائه ، فلو كان ذلك قادحاً في التوكل لقدح الدعاء ، إذ لا فرق بين الذكر والدعاء ، وقد رُقي النبي صلى الله عليه وسلم ورَقى وفعله السلف والخلف ، فلو كان مانعا من اللحاق بالسبعين أو قادحا في التوكل لم يقع من هؤلاء وفيهم من هو أعلم وأفضل ممن عداهم .ا.هـ.

 

روى مَالِك عَنْ حُمَيْد بْنِ قَيْسٍ المَكّيّ أَنّهُ قَالَ: دُخلَ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم  بِابْنَيْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبِ. فَقَالَ لِحَاضِنَتِهِمَا «مَالِي أَرَاهُمَا ضَارِعينِ» فَقَالَتْ حَاضِيَتُهُمَا: يَا رَسُولُ الله. إنّهُ تَسْرَعُ إلَيْهِمَا العَيْنُ. وَلَمْ يَمْنَعْنَا أَنْ نَسْتَرْقِيَ لَهُمَا إلاّ أَنّا لاَ نَدْرِي مَا يُوَافِقُك مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «اسْتَرْقُوا لَهُمَا. فَإنّهُ لَوْ سَبَقَ شَيءٌ القَدَرَ, لَسَبَقَتْهُ العَيْنُ».وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنِي أَنْ أَسْتَرْقِيَ مِنَ الْعَيْنِ .متفق عليه

 

ومن المعلوم أن التداوي من الأمراض من الأمور التي أمرنا بها نبينا محمدصلى الله عليه وسلم أمر ندب لا أمر وجوب. روى ابو داود في مسنده عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ مَرِضْتُ مَرَضًا أَتَانِي رَسُولُ اللَّهصلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَهَا عَلَى فُؤَادِي فَقَالَ إِنَّكَ رَجُلٌ مَفْئُودٌ ائْتِ الْحَارِثَ بْنَ كَلَدَةَ أَخَا ثَقِيفٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ يَتَطَبَّبُ فَلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ فَلْيَجَأْهُنَّ بِنَوَاهُنَّ ثُمَّ لِيَلُدَّكَ بِهِنّ.

وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ قَالَتِ الأعرابُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ألا نَتَدَاوَى قَالَ نَعَمْ يَا عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إلا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً أَوْ قَالَ دَوَاءً إلا دَاءً وَاحِدًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُوَ قَالَ الْهَرَمُ . حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ رواه الترمذي

وعَنْ أَبِي خُزَامَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ وَتُقَاةً نَتَّقِيهَا هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا قَالَ هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ. حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ  رواه الترمذي

 

وعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ . رواه أبو داود في مسنده

 

وعن عِمْرَانَ الْعَمِّيَّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ خَلَقَ الدَّاءَ خَلَقَ الدَّوَاءَ فَتَدَاوَوْا.رواه أحمد في المسند

 

وعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِجَارِيَةٍ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَأَى بِوَجْهِهَا سَفْعَةً فَقَالَ بِهَا نَظْرَةٌ فَاسْتَرْقُوا لَهَا يَعْنِي بِوَجْهِهَا صُفْرَةً .رواه مسلم

 والحديث الذي رواه أحمد عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  فَسَمِعَ صَوْتَ صَبِيٍّ يَبْكِي فَقَالَ مَا لِصَبِيِّكُمْ هَذَا يَبْكِي فَهَلا اسْتَرْقَيْتُمْ لَهُ مِنَ الْعَيْنِ. وفي رواية مالك في موطئه عن عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  دَخَلَ بَيْتَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  وَفِي الْبَيْتِ صَبِيٌّ يَبْكِي فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ بِهِ الْعَيْنَ قَالَ عُرْوَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  أَلا تَسْتَرْقُونَ لَهُ مِنَ الْعَيْنِ.

 

ويقول ابن حجر: والحق أن من وثق بالله وأيقن أن قضاءه عليه ماض لم يقدح في توكله تعاطيه الأسباب اتباعا لسنة رسوله فقد ظاهر صلى الله عليه وسلم في الحرب بين درعين ، ولبس على رأسه المغفر ، وأقعد الرماة على فم الشعب ، وخندق حول المدينة ، وأذن في الهجرة الى الحبشة والى المدينة ، وهاجر هو، وتعاطى أسباب الأكل والشرب ، وادخر لأهله قوتهم ولم ينتظر ان ينزل عليه من السماء ، وهو كان أحق الخلق أن يحصل له ذلك ، وقال للذي سأله يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ ؟ قَالَ اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ ، فأشار الى أن الاحتراز لا يدفع التوكل ، والله اعلم أ.هـ.( المرجع السابق ).

 

يقول ابن القيم رحمه الله في الطب النبوي :

  وفي الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي ، وأنه لا ينافي التوكل ، كما لا ينافيه دفع الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها . بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل ، كما يقدح في الأمر والحكمة ، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل ، فإن تركها عجزا ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه ، ودفع ما يضره في دينه ودنياه ، ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب والا كان معطلا للحكمة والشرع ، فلا يجعل العبد عجزه توكلا ولا توكله عجزا أ.هـ.

 

ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز بأن الاسترقاء لمن احتاج له لا يخرج المسلم من اللحاق بالسبعين ألفا حيث أنه مـحتاج للرقية ، ويرى حفظه الله تعالى استحباب العلاج من المرض أ.هـ.

ألم  تر  أن  الله قال  لمــريم

وهزي إليك الجذع يساقط الرطب

ولو شاء أن تجنيه من غير هزها

جنته ولكنْ كـل شيء لـه سبب

ومن المعلوم أن التداوي له أحكام خمسة واجب ، مستحب ، مباح ، مكروه ، ومحرم ،  فإذا ما كان الإنسان مصابا بسحر تهيج ، أو سحر غواية ، أو سحر عقوق أو سحر مرض، أو كان مصابا بمس وكان الجان الصارع من الكفار وكان مسيطراً على الإنسان وكان الشيطان يأزه لفعل المعاصي بأنواعها ولا يستطيع دفعه عنه ، وقد يكون المرض أو السحر أو المس يسبب المشقة للمريض وأهله عندها قد يكون التداوي واجبا للضرروة الملحة<!--[1] ؛ ومن القواعد الفقهية  "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب " .

alwa7a

وكل داء قدر على دفعه بالأغذية والحِمية، لم يُحاوَلْ دفعه بالأدوية

  • Currently 206/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
70 تصويتات / 861 مشاهدة
نشرت فى 24 أكتوبر 2009 بواسطة alwa7a

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

900,771