<!--<!-- <!--
آداب عيادة المريض
فضل زيارة المريض:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: مما يعز علي في هذا المقام أن يكون هذا الدرس هو آخر درسٍ في سلسلة الآداب الشرعية، ولعل الفرصة تتاح -إن شاء الله- لإكمال هذه الآداب في مناسبةٍ قادمة، وفي ختام هذه السلسلة في هذه الأيام، لعلنا نتم الكلام عن بعض أبيات القصيدة التي ابتدأنا فيها، وهي قصيدة ابن عبد القوي رحمه الله تعالى. وكنا قد ذكرنا بعض أبيات هذه القصيدة العظيمة فيما سبق، ونختار أبياتاً أخرى من النصف الثاني من هذه القصيدة، لشرح بعضها والتعليق عليها، يقول رحمه الله تعالى:
ويشرع للمرضى العيادة فائتهم تخص رحمةً تغمر مجالس عود
أي: أن العيادة للمريض مشروعة، فائتهم، فإنك تمشي في الرحمة وتخوض فيها في ذهابك ومجيئك، وتكون مغموراً بالرحمة أثناء جلوسك فيها،
والعود: جمع عائد.
فسبعون ألفاً من ملائكة الرضا تصلي على من عاد ممسىً إلى الغد
إذا عاده في المساء صلوا عليه إلى الصباح.
وإن عاده في أول اليوم واصلت عليه إلى الليل الصلاة فأسندِ
إذا عاده في الصباح واصلت الملائكة عليه الصلاة إلى الليل، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا المقصود بقوله (فأسندِ)
أي: أسند الحديث في عيادة المريض والأجر فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
آداب الزيارة
تخفيف الزيارة أو تطويلها حسب حالة المريض:
فمنهم مغباً عده خفف ومنهم الذي يؤثر التطويل من متوَرِّدِ
من المرضى من يكون مغباً يعاد يوماً فيوماً، ومعنى الغب: قيل هو من (غب الإبل) وذلك إذا كانت تشرب يوماً وتترك يوماً، فقوله: فمنهم مغباً عده، أي: عده يوماً واتركه يوماً،
وقال بعضهم: إذا أراد أن يكون غباً، أي يوماً في الأسبوع. فمنهم مغباً عده خفف، أي لا تطل الجلوس عنده، (ومنهم -أي ومن المرضى- الذي يُؤثر التطويل من متوردِ)
والمتورد: وهو طالب الورود، وهو الذي يحب التطويل من الذين يقدمون عليه، والمرضى يختلفون، بعضهم يريدك أن تطيل عنده وتزوره كل يوم، وبعضهم قد يمل ويتعب من كثرة الزيارة والإطالة، ولذلك لابد من مراعاة الحال، ولذلك قال رحمه الله تعالى:
لا تنكد على المريض بكثرة الأسئلة
وفكر وراع في العيادة حال من تعود ولا تكثر سؤالاً تنكدِ
لا تكثر السؤال على المريض: متى جاءك المرض؟ وما هو شعورك؟ وكيف حالك؟ ونحو ذلك، كما يفعل بعض طلاب الطب مع المرضى. (ولا تكثر سؤالاً تنكدِ) تنكد على المريض.
ساحة النقاش