نعمان لحلو خلال حفل جامعة جورج تاون في قطر

لكبيرة التونسي - أشاد الموسيقار المغربي نعمان لحلو الذي زار أبوظبي مؤخراً بالتجربة الإماراتية على الخصوص والخليجية على العموم في مجال الطرب والغناء، وما تشهده من حراك ثقافي فني، مؤكداً أن دبي أصبحت منصة عالمية للفنانين والفنانات وأصحاب المشاريع الضخمة، كما نوه بالطفرة العمرانية التي تشهدها أبوظبي وجميع الإمارات الأخرى، لافتا إلى أنه يراها دائما متجددة.

وتندرج زيارة نعمان لحلو الباحث في الفن الأندلسي، للإمارات في إطار مبادرة خاصة تتعلق بالبحث عن شراكات لتوصيل الفن الأندلسي الذي يعتبره موروثاً حضارياً عاش أكثر من 11 قرناً، موضحا أن العالم العربي لازال بعيدا عن التعمق فيه وفهمه رغم احتوائه على الكلام الفصيح ووصفه بالفن العربي بامتياز، وأقدم فن حي على وجه الأرض، رغم ما يعلق به من شوائب، وأنه عازم عن تنظيفه على مستوى اللغة وإعادة التوزيع بما يناسب العصر دون فقدان حلته.

وشكلت الإمارات للموسيقار نعمان لحلو المحطة الثانية بعد قطر، إذ أحيا أمسية غنائية بجامعة جورج تاون بالمدينة التعليمية، وقدم محاضرة عن الفن الأندلسي ونوه بعراقة الفن المغربي وقيمته الحضارية باعتباره واحدا من أبرز مكونات الشخصية العربية المنفتحة على كافة الثقافات بما فيها الثقافة والحضارة الغربية.

 

وعن زيارته للخليج بشكل عام وللإمارات قال الفنان نعمان لحلو: الهدف الأساسي الذي أسعى إليه هو توصيل حضارة وثقافة وموسيقى المغرب للأشقاء في الخليج العربي، خاصة الفنون غير المعروفة نظرا للتنوع الكبير والموروث الثقافي الغني، فضلا عن السعي إلى إقامة ورش تجمع الموسيقيين العرب لتدارس سبل التبادل الثقافي في هذا المجال، خاصة الموسيقى الأندلسية.

 

وأضاف: هناك اهتمام كبير بمجال الموسيقى الأندلسية وبالبحوث المتعلقة بها، وعلمت أن هناك مراكز في بعض دول الخليج تهتم بكل ما هو أندلسي، وأنا كباحث في هذا الفن من واجبي التعريف به، وقد تلقيت دعوة لإحياء حفل في قطر التي أبدت اهتماما كبيرا بتبني هذا المشروع، بإعادة الاعتبار لهذا الفن العربي النبيل الذي طغت عليه الصورة خلال ثلاثة عقود الأخيرة التي تكون مبتذلة في أحيان كثيرة.

واقترح لحلو أن يجتمع المبدعون من 22 بلدا عربيا في إطار ورش سنوية لإعادة الاعتبار للجملة اللحنية العربية، موضحا أن جولته وبحثه التعاون في هذا المجال، من منطلق غيرته على المكنون العربي الجميل، لافتا إلى أن الموسيقى الأندلسية وصلت إلى بعض الدول العربية، خاصة دول شمال أفريفيا، لكن بها شوائب، مما دفعه للبحث عن إزالة هذه الشوائب وإعادة الإشعاع لها، حيث إن الجمل الموسيقية المغربية أصبحت موضة، يستعملها الفنان الخليجي بمفهومها الظاهر، مؤكدا على ضرورة الغوص فيها مما سيعطي جمالية أكثر للاغاني.

صناعة وحرفة

ويعد الموسيقار نعمان لحلو من مواليد مدينة فاس عام 1965، الذي يعتبر من أهم الموسيقيين المغاربة والعرب في جيله، حيث لم يكتف بالغناء والتلحين، بل هو كذلك مؤلف وباحث موسيقي ومحاضر في جامعات عالمية، ومن أهم أعماله «جبال الأطلس» مع الفنانة لطيفة رأفت و«شفشاون» و«أطفال الشوارع» و«لمدينة القديمة» وتغنى بالجبال والماء، وأحيا مدنا عتيقة بفنه، ومن آخر أعماله كتب لحلو المتأثر أغنية عن المرأة المغربية، وصفتها كلماتها بالجوهرة، ولم تلحن بعد، حيث أوضح أنه كان ينوي إهداءها لكل النساء المغربيات في اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف 8 مارس من كل عام، وقال إن الأغنية صناعة وحرفة ومهنة ولا تمثل فيها الموهبة إلا نسبة 20 %.

وأضاف: قضيت 8 سنوات في أميركا وعرفت تألقا ونجاحا في مجال الفن، وبعدها رجعت إلي مصر، التي يختارها أغلب الفنانين، لتشكل انطلاقتهم نحو الشهرة، وقضيت بها 6 سنوات التقيت بعمالقة الطرب، كمحمد عبد الوهاب وغيره، لكن في لحظة حقيقة مع نفسي وجدتني أغني بغير لهجتي، ورجعت إلى المغرب، كان الوضع صعبا للغاية، لكن الإصرار والعزيمة، ثم العمل والعمل.

الحركة الفنية

ويرفض أن يقترن اسمه بكلمة فنان، نظرا لما أصبح يشوب المجال من ابتذال، وقال: النجومية مع الفن شيء جميل، وإذا كانت على حساب الفن فإنني أفضل أن أكون حقيقة صغيرة على أن أكون ظلا، كما أنني أرفض أن ينادى علي بالفنان، وأفضل كلمة موسيقي أو موسيقار، حيث أصبحت صورة الفن مهزوزة أمام الجمهور، وأصبحت تتلخص في سيطرة الصورة، فالفن صفة وليست مهنة، أما إذا أخذنا الفن بمفهومه اليوم، فإنني لا أحب أن أقدم اسمي كفنان، وأستشهد هنا بكلمات أنشتاين في تعريفه للفن «من يشتغل بيده فهو عامل، ومن يعمل بيده وعقله فهو صانع ومن يشتغل بيده وعقله وروحه فهو فنان»، لذلك فإذا لم يكن الفنان شاملا ومثقفا وواسع الآفاق فإنه ليس فنانا.

تميز موسيقي

وقال إن موسيقى الخليج بها تميز وتفرد وإن الحركة الفنية في الإمارات خاصة، في ازدهار، خلال العقدين الأخيرين وما يعجبني في موسيقى الإمارات التي أصبحت حاضنة للفنانين، وشكل انطلاقة مشاريع كبرى في هذه الصناعة، هو أنها موسيقى أصيلة لا تشبه أي موسيقى، ولعل نجاحها يكمن في أن الدولة وضعت في خدمتها كل التقنيات، التقنية،الإعلامية، المادية، فمنذ 25 سنة لم تكن معروفة هذه الموسيقى في الدول المغاربية، لكن اليوم الكل يعشقها، بل تتصدر ما يعشقون سماعه، فهناك ما يميزنا عن باقي العالم في ظل عولمة تريد أن تأتي على الأخضر واليابس، لكن عندما تصل هذه العولمة إلى الثقافة فهذا شيء صعب، فالاختلاف في الفنون وتفرد كل بلد بموروثه الثقافي والحضاري هو ما يشكل هوية كل بلد.

تفرد مغربي

وتتفرد الأصوات المغربية التي برزت وتطغى على الأصوات الأخرى في جميع برامج الأغاني، بإتقانها كل اللهجات واللغات العالمية، حيث قال الموسيقار لحلو إن المغرب بلد لم يتأثر بالمد العثماني وظل صافيا ونقيا في عمرانه وفنه ومطبخه وأزيائه وتقاليده وعاداته، ويخطأ من يقول إن المغرب بلد عربي فقط، فهو أمازيغي، عربي، افريقي، أندلسي، أضف إلى ذلك أن المغرب بلد التعايش والتسامح، ولعل هذه هي الأسباب التي جعلت تجربة الأندلس تنجح، كما أن التنوع الجغرافي في المغرب ساهم في بلورة أصوات تتفرد بها البلاد، فهناك أصوات جبلية رائعة، وأصوات من السهل وأخرى من الصحراء، لكنها كلها تتقن كل اللهجات واللغات.

علاج بالموسيقى

وأضاف: الموسيقى من أكثر الفنون تأثيراً في النفس، حيث تنقل المستمع إلى حالة من النشوة الروحية والارتقاء بالمشاعر، وما يمنح الموسيقى قوة تأثيرها، تطورها الدائم الذي يحمل دوماً بعد مرحلتها الزمنية، ويعتبر فن الموسيقى الأندلسية، فناً عربياً فريداً قائماً بحد ذاته، حيث وصف الفيلسوف والعالم العربي يعقوب بن إسحاق الكندي (800 873) الذي وضع أول سلم للموسيقى العربية بالأحرف الأبجدية الموسيقى بقوله، « تعمل الموسيقى على توسيع وتقليص وتهدئة انفعالات الروح» وأسوة بجميع الفنانين والعلوم العربية التي تألقت في عصرها الذهبي، برزت الموسيقى الأندلسية. وبناء على هذا القول فإن الموسيقى الأندلسية كانت تستعمل كمساعد على العلاج في مرحلة الستينيات بمستشفى الأمراض العقلية بفاس، ووفق الموسيقار لحلو في أواخر الستينات، كانت فرقة البريهي للموسيقى الأندلسية تزور كل يوم أربعاء ويعزفون للمرضى ما يقارب 4 ساعات، ليتضح أن حالتهم النفسية تحسنت إلى أبعد حد، حسب ما أكده الدكتور المشرف.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 22 مشاهدة
نشرت فى 25 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,189,027