«المشاية» تعطي الطفل الأمان كي يحرك رجليه خلال الوقوف 

تمثل بداية مرحلة المشي محطة فارقة في مراحل النمو الحركي للطفل، وتعتبر هذه المرحلة من اللحظات الأكثر سعادةً في حياة الوالدين، وخاصة بالنسبة للطفل الأول، فالطفل يتخلى عن حبوه، ويبدأ في الانتقال الحذر من خطوة لأخرى، ويتسابقان في التقاط كثير من الصور الفوتوغرافية، أو تسجيل لقطات حية «بالفيديو» والاحتفاظ بها كحدث سعيد. حتى الطفل نفسه يفرح ببدء المشي، وأنه أصبح قادراً أن يكتشف ما حوله. لكن ما أن يتأخر الطفل عن المشي حتى يثير الكثير من القلق والشكوك والتساؤلات الحائرة للوالدين.

خورشيد حرفوش - قد يتعجل الآباء والأمهات رؤية طفلهم يمشي، ومنهم من يعوده على استخدام «المشاية» عندما يتعلم الوقوف، وهي وسيلة مساعدة تساعد الطفل على المشي، لكنها ليست ضرورية، فهي تمنح وتعطي الطفل الأمان فقط كي يحرك رجليه خلال الوقوف، لكنها لن تجعله يمشي قبل الأوان. وهذه واحدة من القناعات الخاطئة عند الأمهات.

الطفل عادة يمشي عندما يكتمل عامه الأول تقريباً، وأكثر الأطفال يبدأون بالمشي ما بين عمر عشرة أشهر وثمانية عشر شهراً. وهناك نسبة قليلة منهم يستطيعون المشي في عمر أقل من ذلك، وفي المقابل نجد أن هناك نسبة ليست قليلة ممن يتأخرون في المشي حتى عمر يتعدى سنة ونصف، كما أن هناك عددا قليلا قد لا يمشي حتى عمر السنتين. فما هي الأسباب؟ ولماذا يقلق الآباء والأمهات في حالة تأخر طفلهما عن المشي؟ ومتى تصبح مسألة التأخير مقلقة بالفعل؟

 

الدكتورة ماجي شريف، أخصائية طب الأطفال، توضح بعض الحقائق عن هذا الجانب، وتقول: «عادة ما يبدأ الطفل بالمشي بمساعدة من حوله في أكثر الحالات عندما تنتصب قامته، ويستطيع الوقوف جيداً، ومن ثم يمشي بمسند، أو يستند على الحائط، وتدريجياً يمتلك الجرأة ويعتمد على نفسه بحذر شديد إلى أن يمشي وحده، وبعض الأطفال يمشون وينطلقون دون مساعدة، ومن المهم التذكير بعلامات تطور الطفل الطبيعية في عمر سنة ونصف، من كافة الجوانب المختلفة، وأهمها عند الطفل الطبيعي، أنه ينطق عدة كلمات وبعض الجمل من كلمتين، ويستطيع رمي الكرة، ويلعب بالمكعبات، ويعرف بعض أجزاء جسمه، والتعرف على المحيطين به في بيئته، لكن يجب التفريق بين تأخر المشي، أي عدم محاولة الطفل الشروع بالمشي، وبين اضطراب مشيه أو المشي غير الطبيعي، ففي الحالة الأخيرة فإن الطفل يمشي بالعمر الطبيعي، لكن تكون مشيته مضطربة،

 

واضطراب المشي قد يكون بسبب خلع الورك أو تشوهات الطرفين السفليين أو إصابة عصبية مركزية».

علامات

تضيف الدكتورة ماجي: «يمكن اعتبار الطفل متأخراً في المشي إذا بلغ عمر سنة ونصف ولم تبدو عليه أي محاولات للمشي، لكن يمكن إجراء الفحوص المبكرة في هذه الفترة، وإذا لم يجد الوالدان ما يدعو للقلق فقد يراقب الطفل حتى عمر السنتين، لأن عدم مشي الطفل في هذا العمر لا يعتبر طبيعياً، لأن المشي من المهارات الحركية الذاتية المرتبطة بالجينات، والطفل يمشي وحده دون أي محرضات أو تعليم أو مساعدة، وليس ضرورياً أن يتعلم الطفل الحبو «الزحف»، ولو تأخر الزحف قد يكون الإشارة الأولى لتأخر المشي، وأكثر الأطفال يزحفون أو يحبون قبل أن يمشوا، وعدد من الأطفال يمشون دون أن يزحفوا أو يحبوا وهذا أمرٌ طبيعي ، وقلما يكون تأخر الزحف بحد ذاته ذا دلالة مرضية.

إن «المشاية» لا تُسَرع المشي ولا ينصح بها بشكلٍ عام خوفاً من سقوط الطفل من عليها، وقد تفيد في إلهاء الطفل إذا كان عند الأم الكثير من العمل، لكن بشكل عام يجب أن يبقى الطفل تحت المراقبة عند استخدامه للمشايّة، وهناك الكثير من الأسباب التي تتراوح بين السبب البسيط والعابر وحتى الإصابة الدماغية المركزية أو الإصابة العضلية التي تسبب تأخر مشي الطفل».

الأسباب

أما عن أسباب تأخر الطفل عن المشي، فتقول الدكتورة ماجي شريف: «هناك حالات تأخر في المشي ترجع لأسباب عائلية وراثية، حيث يلاحظ أن بقية أفراد الأسرة قد تأخروا قليلاً في المشي ويكون فحص الطفل العصبي طبيعياً، ويكون اكتسابه لبقية المهارات طبيعياً ولكن يحدث المشي دوماً بحلول نهاية السنة الثانية. كما يسبب نقص الفيتامين» د « الخرع أو الكساح، ويكون الفحص العصبي للطفل طبيعياً، وهناك حالات كثيرة تتحسن بتعاطي جرعات من فيتامين «د» واسداء النصيحة بتعريض الطفل للشمس. كما أن هناك تأخرا في المشي نتيجة إصابة الطفل بأمراض خطيرة في الأشهر الأولى، مثل التهاب السحايا، أو التهاب الدماغ، وملاحظة باقي جوانب نمو الطفل الأخرى، لأن بعض الأمراض العصبية المركزية التي تصيب الدماغ، كالتي يتعرض فيها الطفل للاختناق عند الولادة، ونقص الأوكسجين، أوالشلل الدماغي، وصغر محيط الرأس الشديد، ومن ثم يظهر الفحص العصبي للطفل هنا علامات هامة، كما يلاحظ تأخر بقية قدرات الطفل. وهناك أيضاً بعض الأمراض العصبية الوراثية، كتوسع الأوعية الوراثي، كذلك قد يرجع السبب إلى بعض أمراض العضلات، أو الضمور العضلي المبكر، وهو ما يتبين من الفحص الطبي، أو وجود بعض المتلازمات الصبغية المترافقة بتأخر تطوري ويظهر فيها علامات شكلية خاصة في الوجه مع أو بدون تشوهات أخرى. ومن ثم يتحرى الطبيب المعالج عن حالة الطفل وفترة الحمل والولادة وهل تعرض للاختناق عند الولادة من عدمه، والتاريخ العائلي، وعن تلقيه فيتامين د وتعرضه لأشعة الشمس، وبحث تطور قدرات الطفل الذهنية والحركية لكشف وجود إصابة ما في الجهاز العصبي، ونمو الكلام، ومدى تفاعله الاجتماعي».

العلاج

أما علاج تأخر المشي، فتنصح الدكتورة ماجي شريف، في حالة التأخر الناجم عن مرضٍ معين أن يعالج الطفل من المرض المسبب كنقص الفيتامين«د» ، وتعريضه للشمس، أما إذا كان تأخر المشي ناجما عن إصابات عصبية مركزية لا علاج لها كالشلل الدماغي، فيعالج بتطبيق العلاج الطبيعي أو الفيزيائي الذي قد يؤدي لتحسن في مشي الطفل حسب حالة كل طفل.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 84 مشاهدة
نشرت فى 24 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,179,781