تعزيز السلوك الإيجابي عند الطفل المصاب بفرط الحركة أسلوب علاجي ناجح

يعد اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من الأعراض الملازمة لكثير من مرضى التوحد، ما دفع كثيراً من العلماء والباحثين لدراسة أسباب هذا الاضطراب، محاولين اكتشاف أسبابه والتوصل لأفضل الطرق لعلاجه، والتغلب على آثاره التي قد تسبب نتائج سلبية ترافق الطفل طوال حياته.

أحمد السعداوي - يعد اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، متلازمة مكونة من مجموعة اضطرابات سلوكية وحركات جسمية تفوق الحد العادي أو المقبول، ويتميز هذا الاضطراب بنشاط حركي مفرط، بالإضافة إلى نقص في الانتباه والتركيز، ويظهر نتيجة أسبـاب عضوية أو نفسيـة، ما يؤثر في مستقبل الطفـل. ويمكن التعامل معه، وتخفيف حدة أعراضه بهدف مساعدة الطفل على التعلم وضبط النفس، ما يسهم في رفع مستوى ثقته بنفسه، ويتم التعرف إلى الطفل غالباً ما بين 5 و9 سنوات وتظهر علاماته بوضوح عند دخوله المدرسة، وتستمر أعراضه في فترة الطفولة والمراهقة، كذلك قد تستمر الأعراض وبعضها في 30 إلى 60% من الحالات إلى مرحلة الرشد، وهو أكثر انتشاراً بين الذكور عنه لدى الإناث بنسبة 2 : 1 وتصل في بعض الإحصائيات إلى 9 : 1، وفق ما يؤكده الدكتور وائل غنيم، من مركز أبوظبي للتوحد التابع لمؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية، والحاصل على دكتوراه في علم النفس الإكلينيكي والعلاج المعرفي السلوكي.

أعراض الاضطراب

 

عن أعراض هذا الاضطراب، يقول غنيم: «إنها تنقسم إلى ثلاثة أنواع، النوع الأول قد يظهر في سمات تشـتت الانتباه فقط، والنوع الثاني قد يظهر في سمات فرط الحركة فقط أو يظهر في كلاهما معاً، وهو النوع الثالث ويسمى هذا النوع بالنوع المركب أو المشترك، ومن أعـراض تشتت الانتباه كثرة النسيان، وعدم الانتباه للتفاصيـل، وفقدان الأدوات الدراسية، وعـدم الإصغاء والاستماع للكلام الموجه إليه، وسهـولــة التشتت بأي مؤثر خارجي، والفوضويــة، وفقـدان الأشيـاء الخاصــة، وإهمــال الواجبـــــات المنزليــة، أمــا عـن أعراض فرط الحركــة، فمنهـــا كثرة الكــلام، والقفـز والركض المفــاجئ ودون سبب، ومقاطعــة الآخرين في الكلام، والتململ، وعدم الجلوس في المقعد الدراسي».

 

وبالنسبة لأسبــاب اضطــراب تشتت الانتباه وفرط الحركــة، يقول غنيم «ما زالت أسبــاب هذا الاضطراب مجهولة، إلا أن الدراسات والأبحاث التي أجريت في هذا المجال أرجعت سبب هذا الاضطراب إلى العديد من العوامـل، منهـا العوامل البيولوجية أو الجينية أو الوراثية؛ حيث قالوا إن عامل الوراثـــــة يلعــب دوراً كبيــراً في حدوث هذا الاضطراب، ودللــوا على ذلك بـأن 90% من الأطفــال المصابـين بهذا الاضطراب يوجد بين أفراد أسرتهــم عضـو مصاب بهذا الاضطــراب، في حين ذكرت دراسـات أخرى أن 25% مــن والدي هؤلاء الأطفال كانوا يعانـون اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة في طفولتهــم، ويقول الباحثون إن التوائم لهم قابلية فيما بينهم لنقل جينات هذا الاضطراب تتراوح نسبتها ما بين 50 - 92%».

ويضيف «مــن العوامــل الأخـرى المسببة لهذا الاضطراب، العوامــل البيئيـة والاجتماعيـة، ومنها التفكــك الأسري وسوء التربية والخصومات داخل الأسرة، وما ينتج عن ذلك من حرمان عاطفي، بالإضافة إلى العوامل العضوية مثل التهاب المخ أو خلل في وظائف الدماغ الكيميائية نتيجة نقص الأكسجين بسبب تعسر الولادة أو تناول الأم أدوية معينة خلال فترة الحمل أو قلة النوم عند الطفل على المدى الطويل. كما أشارت بعض الدراســات الأخــرى إلى أن الإكثــار من تنــاول السكريـات التي تحتوي على مادة الكافيين المنبهة للأطفال والبالغين، مثل المشروبات الغازية والشوكولاته، قد يؤدي إلى الإصابة بهذا الاضطـراب، في حين أشارت دراسات أخرى إلى عدم تأثير هذه السكريات بشكل أكيد على سلوك الأطفال».

كيفية التشخيص

حول الكيفية التي يتم بها تشخيص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، يشير غنيم إلى أن ذلك يتم عن طريق فحص الطبيب النفسي للطفــل، لأنه قد تتداخل أعراض أمراض نفسية أخرى، مثل القلق أو التوحد وبعض الأمراض السلوكية الأخرى، كما أن التشخيص المبكر قد يساعد الطفل على تحفيز الانتباه والسيطرة على فرط الحركة والاندفاعيــة، لافتاً إلى أن الأدوية المتوافرة لا تشفي الطفل، بل تساعده على ضبط النفس والتعلم، إلا أن المهمة الأولى تبقى للأهل والمدرسة، فيجب عليهم الاعتراف بوجود مشكلة لدى الطفل وطلب المساعدة من الطبيب النفسـي.

ويلفت إلى أن هناك شروطاً يجب أن تتوافر لتشخيص هذا الاضطراب، منها استمرارية ظهور الأعراض والسمات ستة أشهر فأكثر، وأن تكون بداية ظهور الأعراض قبل سن السابعة من عمر الطفل، 
ووجود وظهور السمات المرضية على الأقل في بيئتين مختلفتين لهذا الطفل أو أكثر، ويجب أن تكون هذه السمات المرضية قد أثرت على مستواه الاجتماعي والدراسي تأثيراً واضحاً، ويجب التأكد من خلو الطفل من الأمراض الذهنية مثل الفصام والاكتئاب، وغيرها من الأمراض النفسية.

وعن مآل هذا الاضطراب أو ما يصل إليه في النهاية، يذكر غنيم أن الأعراض قد تخف عند سن البلوغ أحياناً تدريجياً ودون علاج، وقد تختفي أعراض فرط الحركة وتستمر أعراض نقص الانتباه أحياناً أخرى، وفي أغلب الأحوال يحدث تحسن نسبي (جزئي). وقد يكون الأطفال عرضة لاكتساب سلوك مضاد للمجتمع أو للإدمان أو لاضطرابات نفسية أخرى، إلا أن مع 15 إلى 20% من الحالات قد تستمر الأعراض حتى مرحلة الشباب، ويكون المصابون غير مبالين واندفاعيين وعرضة للإصابة بالحوادث المختلفة، وبعضهم تستمر لديه طوال العمر.

متطلبات العلاج

حول عملية علاج هذا الاضطراب، يوضح غنيم أن أول متطلبات علاج هؤلاء الأطفال، وجود مجتمع إيجابي يتقبل مشكلتهم، ومن طرق العلاج المستخدمة مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وللتأثير على سلوك هؤلاء الأطفال، العلاج المعرفي السلوكي، حيث يعتبر من العلاجات الناجحة والفعالة في معالجــــة هذا الاضطراب، فعادة ما يتلقى أطفال تشتت الانتباه وزيادة النشاط الحركي، كمية هائلة من التغذية السلبية مثل اللوم والعقاب وربما الإهانة، وهذا له أثر عكسي كبير على سلوك الطفـل.

ومن هذا المنطلق، يقول غنيم «نشأ العلاج السلوكي الذي يقوم على نظرية التعلم، حيث يقوم المعالج على تحديد السلوكيات غير المرغوبة لدى الطفل وتعديلها بأخرى مرغوبة من خلال تدريب الطفــل عليها في مواقف تعليمية، وعادة ما يستخدم التعزيز الإيجابي مع هذا النوع من العلاج، وهو يعني مكافأة الطفل بعد قيامه بالسلوك الصحيح الذي تدرب عليه، وقد يكون هذا التعزيز الإيجابي إمــا مادياً أو معنوياً مثل التقبيل وعبارات المدح والثناء أو الهدايا. وبهذا يكون المعالـج السلوكــي قد استبدل التغذية السلبية التي تؤدي إلى نتائج سيئة لا حصر لها بالاهتمام والتغذية الإيجابية التـي ترفع من مستوى تعلم الطفل الذي يعاني مرض تشتت الانتباه وفرط الحركة، وتضعه على الطريق الصحيح، بالإضافة إلى بعض الأدوية التي تعمل على التقليل مـن الحركــة الزائدة وزيــادة قـوة التركيز وتخفيف القلق والاكتئاب لدى الطفل»، مضيفاً «لا ننسى دور الأسرة والمؤسسات التعليمية، حيث تلعب دوراً مؤثراً في تحسن حالة الطفل من خلال توعية الوالدين بمعلومات مفصلـــة عن هذا الاضطراب، لأجل تعزيز السلوك الإيجابي عند الطفل وعدم اللجوء للعنف أو الضرب في حالـة السلوك السلبي».

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 116 مشاهدة
نشرت فى 20 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,171,355