ارتفعت أصوات كثيرة تطالب بتشكيل حكومة إنقاذ وطني لتجاوز حالة الاحتقان السياسية والأمنية التي خلفها اغتيال القيادي اليساري البارز شكري بلعيد، يأتي هذا بالتوازي مع دعوات متواصلة للتظاهر والاحتجاج والإضراب العام في البلاد.

 

وكان رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي أبرز المطالبين بحل الحكومة الحالية التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، و الدعوة نفسها صدرت عن حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية "تحالف لمجموعات اليسار الراديكالي" التي ينتمي إليها القتيل.

 

وأكد الهمامي أن أحزاب المعارضة التونسية اتفقت أيضا على الدعوة إلى استقالة الحكومة الحالية لأنها "حكومة عاجزة، وغير قادرة على تسيير ما تبقى من الفترة الانتقالية".

 

وأعلن الهمامي عن تكوين تنسيقية وطنية لإدارة الشأن العام بالبلاد بعد حل حكومة النهضة والمجلس التأسيسي، وتضم التنسيقية كلا من الجبهة الشعبية، والحزب الجمهوري، وحزب المسار، ونداء تونس الذي يقوده السبسي.

 

وقال محللون إن المعارضة نجحت في استثمار عجز الحكومة عن حماية الأمن العام، وخاصة بعد اغتيال بلعيد، وسلطت عليها ضغوطا كبيرة ما دفع رئيس الحكومة إلى إعلان تشكيل حكومة كفاءات غير حزبية.

 

لكن مقترح الجبالي – الذي سعى في الفترة الأخيرة للتصرف باعتباره رئيس حكومة مستقلا – قوبل برفض شديد من حركة النهضة التي لوّحت بتجميد عضويته فيها، فضلا عن إسقاط مقترحه في المجلس التأسيسي.

 

ويشير المحللون إلى أن حركة النهضة – التي يهمين عليها خط الصقور بزعامة رئيس الحركة راشد الغنوشي – فوتت الفرصة على نفسها حين رفضت مقترح أمينها العام، وهو مقترح دعمه أحمد نجيب الشابي أحد قيادات الحزب الجمهوري، فضلا عن كونه مطلبا سابقا للمعارضة.

 

ويلفت المحللون إلى أن مقترح حكومة الكفاءات "التكنوقراط" كان مخرجا مشرّفا أتيح لحركة النهضة في ظل عجزها عن إدارة مختلف الملفات خاصة الأمنية والسياسية، فضلا عن فشلها في الاستجابة لشعارات ثورة 14 يناير الخاصة بتوفير آلاف فرص العمل، وبناء تجربة تنموية متوازنة تعيد الاعتبار لأبناء المحافظات المهمشة التي نهض أبناؤها بالثورة.

 

ويؤكد سياسيون مستقلون ومعارضون أن استمرار سيطرة الجناح المتشدد "ويمثله خاصة أعضاء الجماعة الذين كانوا في المهجر" على قرارات حركة النهضة لن يوصل البلاد إلا إلى المزيد من الأزمات.

 

ويشير هؤلاء بصفة خاصة إلى التحالف القائم بين هذا الجناح والمجموعات السلفية، وهو تحالف يرفع شعارا له "أسلمة" الدولة، وتطبيق الشريعة، وتكفير الخصوم والتحريض عليهم خاصة الوجوه البارزة.

 

وتحدثت أكثر من شخصية عن وجود قائمة جاهزة لاستهداف الخصوم السياسيين للجناح المتشدد في النهضة، وهي عمليات يمكن أن ينفذها شبان مشحونون بالتحريض والتكفير دون أن يأخذوا الإذن أو الأوامر من أي جهة.

 

وقال الباجي قائد السبسي، الذي تعتبره استطلاعات الرأي أبرز شخصية حالية بالبلاد، في تصريح لفضائية "نسمة " إنه توجد قائمة تضم عددا من المسؤولين السياسيين المستهدفين بالاغتيال وأنه على رأس هذه القائمة، وأن مسؤولين بوزارة الداخلية على علم بها.

 

من جانبه، أعلن أحمد نجيب الشابي "القيادي بالحزب الجمهوري والخصم العنيد لحركة النهضة" أن اسمه مدرج على "قائمة شخصيات مستهدفة بالاغتيال" وانه يتمتع بحماية رسمية منذ أربعة أشهر وفرها له رئيس الجمهورية منصف المرزوقي.

 

وكشف الاتحاد العام التونسي للشغل، أمس، أن أمينه العام حسين العباسي تلقى تهديدًا بالقتل، خلال اجتماع قررت على إثره أكبر نقابة عمالية إعلان إضراب عام بالبلاد احتجاجا على تردي الأوضاع الأمنية والاجتماعية.

 

وقالت الناشطة الحقوقية والكاتبة السياسية المعروفة أم زياد "نزيهة رجيبة" لـ"العرب" إن اسمها ورد على لائحة المطلوبين للاغتيال لكنها أوضحت أنها تلقت هذه المعطيات من مصادر غير رسمية.

 

وأضافت "أنا الآن عمري 68 عاما وإذا تطلب الأمر كذلك "التضحية" فنحن مستعدون لهذا الهدف، سأواصل الكتابة والتكلم كما كنت في السابق".

 

وأشارت أم زياد إلى أن الوضع في البلاد لم يعد يحتمل المزيد من الاغتيالات وأن من يقفون وراءها سيتم اكتشافهم، وستعود عليهم بالضرر الأكبر .

 

ويقول محللون إن تجاوز مخلفات اغتيال شكري بلعيد يبدأ بأن تتخلى حركة النهضة وحليفاها "المؤتمر والتكتل" عن عقلية الاستئثار بالحكم، خاصة أن المرحلة انتقالية، ويمكن أن يعودوا إليه عبر الانتخابات مجددا.

 

ولم يستبعد هؤلاء المحللون أن تضطر حركة النهضة إلى الاستجابة لدعوات الوفاق الوطني، واختصار المرحلة الانتقالية بخطوتين أساسيتين؛ الأولى هي إسراع المجلس التأسيسي في صياغة مسودة للدستور وتحديد موعد للاستفتاء الشعبي عليها، والثانية تكمن في ضبط خارطة طريق واضحة للانتخابات البرلمانية والرئاسية.

المصدر: كرمالكم الإخبارية
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 40 مشاهدة
نشرت فى 10 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,180,924