للإعلام والتكنولوجيا نصيب دائم من قرارات ومواقف الاتحاد الأوروبي
تعتبر سياسات وإجراءات الاتحاد الأوروبي وأجهزته التنفيذية مثالاً بارزاً على دور المنظمات الدولية والإقليمية الفاعل في مجال الإعلام والتكنولوجيا بكافة فروعه، بل يمكن القول إن تأثير الاتحاد يكاد يكون يومياً من جهة ومحدداً للكثير من عوامل التنظيم والإعداد للمستقبل من جهة أخرى. ويمثل ما حصل مؤخراً دلالة واضحة على ثقل الدور الذي تتمتع به المفوضية الأوروبية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد، في حيّز زمني قصير، حيث أعلنت خطوات بالغة الأهمية في مجالين، الأول يتعلق بتغريم شركات عالمية كبرى تسهم إلى حد كبير في تشكيل المشهد التكنولوجي والإعلامي، والثاني هو مجال حقوق الملكية الفكرية للكتاب والفنانين.
وافقت المفوضية الأوروبية مؤخرا على التحرك قدما في تحديث نظام حقوق الملكية لحماية المؤلفين والفنانين في الاقتصاد الرقمي. وجاء في بيان أصدرته المفوضية أنها تعمل على تأمين حقوق الملكية الفكرية، التي يمكن أن تفي بالغرض في الاقتصاد الرقمي، الذي ينتظر أن ينمو سبع مرات أسرع من الاتحاد الأوروبي في السنوات المقبلة. وأضافت أن «العمل من أجل ورشة عمل للوصول إلى حقوق ملكية عصرية تضمن الاعتراف الفعلي، ومكافأة وتعويض أصحاب الحقوق، وتوفير حوافز مستدامة للإبداع، والابتكار والتنوع الثقافي».
ضربة قاسية
أكدت المفوضية أن الهدف من هذه الإجراءات هو إتاحة وصول أكبر واختيار أوسع للعروض القانونية للمستخدمين النهائيين مع السماح في الوقت نفسه بظهور نماذج جديدة للمؤسسات والمشاريع التجارية وتشجيعها على تجنب عروض القرصنة غير القانونية.
وفي هذا السياق، أعلنت المفوضية أنها ستطلق حوارا مع الأطراف المعنية في العام القادم، وتقرر في نهاية ذلك العام أي إصلاحات تشريعية تحتاجه في هذا السبيل. وقد رحبت جمعية المؤلفين للقطاع السمعي والبصري التي تمثل 120 ألف كاتب سيناريو ومخرج تلفزيوني وسينمائي بخطوة المفوضية. وكان نحو 16 ألف شخص وقعوا عريضة لحماية حقوق الملكية الفكرية في العصر الرقمي، وكان بينهم صانع الأفلام الشهير ويم ويندرز وكين لوش وايتوري سكولا.
وبموازاة أعلانها لتطوير حقوق الملكية وجّهت المفوضية ضربة قاسية إلى أهم سبع شركات لصناعة شاشات التلفزيون والكمبيوتر بينها شركات «إل جي» وفيليبس»، وذلك عبر فرض غرامات ضخمة وغير مسبوقة بحجمها بلغت 1.5 مليار يورو بتهمة تحالف هذه الشركات فيما بينها لأجل تثبيت أسعار أجهزتها لفترة طويلة بلغت عشر سنوات. وقال المفوض الأوروبي لشؤون المنافسة جواكين المونيا إن هذه الغرامة هي الأكبر التي تفرض على تحالف شركات (كارتل).
ووفق ما أوضحه ناطق باسم المفوضية؛ كانت الغرامة الأكبر التي فرضتها المفوضية على مثل هذه المخالفة قد بلغت 1.38 يورو في العام 2008 ضد تحالف لصناعة زجاج السيارات. أما الغرامة الجديدة فتتعلق فعليا بتحالفين يعملان لفرض أسعارهما عالمياً، واحد لأجل أجهزة التلفزيون وآخر لشاشات الكمبيوتر. وتشمل قائمة الشركات المتورطة بمخالفة القوانين الأوروبية أسماء مثل عملاقي صناعة الشاشات من جنوب كوريا إل جي للإلكترونيات وسامسونج والشركة التايوانية، كما من بينها شركة فيليبس الهولندية بشأن شاشات الكمبيوتر والتلفزيون معاً، أما التحالف لشاشات التلفزيون فيشمل كذلك باناسونيك اليابانية وتوشيبا اليابانيتين وتكنيكولور وطومسون. وقد تم استثناء شونجوا التايوانية من الغرامة بسبب دورها في كشف التحالف إلى الجهات القضائية، في حين نال بعض الشركات غرامات اقل من غيره بعد تعاونه في التحقيق وفق المفوضية.
وقد تآمرت الشركات في تموين وتجهيز وتسعير سي أر تي الذي يُعد بين 50 و70 % من سعر الشاشات.
إنتاج متعدد
إضافة إلى إجراءات مؤسسات الاتحاد الأوروبي لا بد من التنويه أيضا إلى ما أعلنه أيضا الاتحاد الأوروبي للإرسال مؤخرا عن ترتيبات لمساعدة أعضائه على التحول نحو إنتاج المحتويات المتعددة الشاشات، وذلك من خلال برنامج لتطوير بنية تحتية مشتركة وهيكلية منظمة بهدف التوجه نحو جميع المنصات بما يواكب التكنولوجيا الرقمية ولاسيما في مجال الإعلام المرئي-المسموع.
واجتمع الاتحاد مؤخرا في العاصمة البرتغالية برشلونة لمناقشة كيفية التقدم في هذا المشروع المسمى «استراتيجيات الإنتاج الإعلامي المدمجة والشاملة»، الذي تم وضعه لمساعدة الأعضاء في الاتحاد على توفير محتوى يلبي حاجات مختلف المنصات في وقت متواز، وبنوعية وجودة افضل وفعالية إنتاج أعلى.
ووفق موقع مختص بهندسة الإرسال، يرتكز مشروع استراتيجيات الإنتاج الإعلامي المدمج على مقاربة هذه التحديات مع الإقرار بأن على أقسام ودوائر الشؤون التقنية وشؤون المحتوى في مؤسسات البث والإرسال الأعضاء التعاون فيما بينها.
ودعا الاتحاد الأعضاء إلى تبني إنتاج الشاشات المتعددة في ثلاث مراحل تؤدي كل منها تدريجيا إلى تغيرات تقنية وتنظيمية. وكما حدد الاتحاد فإن معظم مؤسسات الإرسال بدأت الآن إنتاج وتوزيع محتوى لمنصات متعددة. ويشمل ذلك المؤسسات العاملة بمختلف أنظمة البث التلفزيوني جنبا إلى جنب محتويات لشاشات الأجهزة المحمولة. كما يشمل ذلك خدمات الراديو حيث معظم المؤسسات تملك الآن بوابات على الإنترنت من هذا النوع.
ويتزامن هذا التحول مع ضغوطات لخفض تكلفة وخدمات البث من خلال تزويد محتوى يلبي متطلبات الجميع في وقت واحد حيث إن اتحاد البث تؤمن بأن المشروع المذكور سوف يساعد على إنجاز ذلك. ويذكر أن الاتحاد الأوروبي للإرسال لا يرتبط مباشرة بالاتحاد الأوروبي، ولكنه يضم مختلف مؤسسات وشركات البث في دول الاتحاد الأوروبي من بين أعضاء ينتمون إلى 56 بلدا وأعضاء شركاء من 74 بلدا آخر.
ساحة النقاش