أي شخص مؤهل يكون قادراً على الحصول على كافة الصور الشخصية في كمبيوترك حتى لو قمت بإلغائها
يحيى أبوسالم
يفرح الكثير من الآباء والأمهات عند شراء جهاز تكنولوجي جديد، مثل الكمبيوتر الشخصي «المكتبي» لأحد أطفالهم صغار السن. وتزداد فرحتهم عندما يكون هذا الجهاز التكنولوجي الجديد، يمتلك من الذكاء الصناعي ما يجاري به عقول هؤلاء الأطفال، وتتناسب ميزاته ومواصفاته وقدراته العالية مع قدراتهم ومهاراتهم المتنوعة والمتفتحة، مثل الكمبيوترات «اللوحية الذكية». أما إذا كان الجهاز التكنولوجي الجديد المقدم لهذا الطفل عبارة عن هاتف ذكي مثل «آي فون» من آبل أو «جالاكسي نوت أو أس» من سامسونج أو «بلاكبيري» من ريم، فتكون الفرحة مضاعفة لهذا الطفل، وتكون ابتساماته المتناثرة والمرسومة بشكل متواصل على وجهه الصغير، سبباً في ابتهاج وفرحة الأهل، التي لا توازيها فرحة.
الصورة الفوتوغرافية، أو المتحركة في الماضي كان لها مكان واحد رئيسي، تخزن وتحفظ عليه قبل عملية طباعتها وتظهيرها، وهو على أفلام الكاميرات التقليدية القديمة والتقليدية، والتي كانت تستوعب لغاية 36 صورة كحد أقصى، قبل امتلاء هذا الفيلم والحاجة إلى إعادة استبداله. أما اليوم فيكفيك أن تشتري «ذاكرة تخزين»، ذات حجم 32 جيجابايت، لتتمكن من تصوير أكثر من 10 آلاف صورة رقمية، ذات وضوح عال على كاميراتك الحديثة.
«صوب وصور»
واليوم أيضاً لم تعد مثل هذه الكاميرات الرقمية على اختلاف أنواعها، المدمجة من نوع «صوب وصور»، أو الاحترافية من نوع «إس إل آر»، هي المكان الوحيد الذي تحفظ عليه مثل هذه الصور المختلفة التي يتم التقاطها وتصويرها بشكل بات اليوم «عشوائياً» لكثرة المساحات المتوافرة لمثل هذه الصورة. فالهواتف الذكية والكمبيوترات اللوحية، أصبحت الأداة المفضلة والرئيسية لالتقاط الصور هذه، لدى العديد من المستخدمين الهواة والمحترفين، وإذا كانت الكاميرات الاحترافية، تعجز عن الدخول إلى بعض الأماكن الحساسة، فالهواتف الذكية غير عاجزة عن ذلك، وستكون بكاميراتها الذكية التي توازي باحترافيتها الكثير من الكاميرات التقليدية، الحل الأمثل لدى الكثيرين لالتقاط الصور التي يصعب على غيرها من الكاميرات التقاطها.
احذر من صورك
هنالك خطأ جسيم يرتكبه العديد من المستخدمين، عشاق التصوير الفوتوغرافي «العشوائي»، الذين يصورون كل شيء تقع عليه عدسات كاميراتهم، سواءً التقليدية أو كاميرات أجهزتهم وهواتفهم الذكية أو حتى كاميرات كمبيوتراتهم المحمولة أو المكتبية. حيث ينسى مثل هؤلاء، ولكثرة الصورة التي يلتقطونها، أماكن وجود هذه الصور، على أجهزتهم، وينسون في بعض الأحيان، أن هذه الصورة التي التقطوها سابقاً أو التقطها لهم أحدهم، لا يجوز الاطلاع عليها، ولا يجوز لغير صاحب هذه الصور أو أفراد عائلته تصفحها ورؤيتها. وهو الأمر الذي قد تكون نتائجه وخيمة في حال اطلاع الأشخاص غير المخولين لذلك، على صور المستخدمين الشخصية.
المشكلة الرئيسية تكمن في الأجهزة الذكية سهلة الحركة والتنقل، وعدد الصور الكثيرة المخزنة عليها، وحتى مع إبعاد فرضية الاختراق والهاكرز القادرين على اختراق الأجهزة المكتبية التي يصعب تحريكها ونقلها من مكان إلى آخر، والتطفل وسرقة المواد والصور الشخصية لهذه الأجهزة المخترقة. فالمشكلة هنا أنك كمالك لهذه الصور الشخصية، لن تنتظر المخترق والهاكر لاختراق كمبيوترك والتطفل على صورك، بل تقوم وبطريقة أخرى بإعطاء هذه الصور وبحسن نية، لبعض الفنيين وخبراء تصليح الأجهزة التقنية الحديثة، عن طريق إرسال جهازك الذكي على اختلاف نوعه، للتصليح أو الصيانة. حيث يصبح كمبيوترك المحمول واللوحي وهاتفك الذكي، في مرمى ضعاف النفوس من هؤلاء الفنيين وخبراء تصليح الأجهزة. وتفقد وأنت ترسل إليهم هذه الأجهزة للصيانة أو الإصلاح من عطلٍ ما، كل الوعي والإدراك اللازمين، لإخبارك بأن هذا الجهاز لا يجوز إرساله لغير أقرب المقربين لك الاطلاع عليه، وعلى ما بداخله من صور ومواد شخصية. وأنت في هذه الحالة عندما تنسى أنك صورت على هذا الهاتف أو الكمبيوتر، المئات من الصور الشخصية، وتقوم بإرسال الجهاز لأقرب فني «غير موثوق»، وكأنك تخبره وتطلب منه بصورة غير مباشرة أن يقوم بنشر صورك، وأخذ نسخ احتياطية منها، وتوزيعها لكل من يريد.
أطفال التكنولوجيا
المشكلة الأخرى التي لا تقل أهمية عن المشكلة السابقة، هي أن التكنولوجيا الحديثة وما تقدمه من تقنيات وأجهزة ذكية، باتت اليوم في يد الصغير قبل الكبير. وبات الأطفال بالهواتف الذكية والكمبيوترات اللوحية التي بين أيديهم، يسجلون مراحل الحياة اليومية لأسرهم، وأصحبوا من خلال الصور العشوائية التي يلتقطونها بهذه الأجهزة، يوثقون مراحل حياة أسرهم لحظةً بلحظة، خاصها وعامها. والخطورة تكمن هنا، من عدم وعي هؤلاء الأطفال لما يقومون به، فهم لا يدركون الأبعاد الحقيقية والخطرة من عملية التصوير التي يقومون بها بشكل عشوائي، في الأوقات المناسبة وغير المناسبة لأفراد عائلاتهم.
وأقصى هَم للطفل من هذه الأجهزة التي تقع بين أيديهم أو يوفرها لهم آباؤهم وأمهاتهم، هو التعرف على هذه الأجهزة الذكية، وما توفره له من إمكانيات وميزات، وما تستطيع أن تمنح إياه من وظائف وقدرات. فتراهم وبحسن نيه يلتقطون صوراً خاصة جداً لأفراد عائلاتهم، وبدون شعور أو مبالاة من أفراد العائلة، ودون إدراك هؤلاء الأخيرين، بأن هذه الصورة التي التقطها طفلهم بعفوية وعشوائية، قد تكون سلاحا خطرا في يد بعض ضعاف النفوس إذا ما وصلت أيديهم إليها.
وإذا استثنينا المشاكل الأخرى من امتلاك وتوفير الأجهزة الحديثة في يد الأطفال صغار السن، فستبقى مشكلة مهمة لا يمكن استثناؤها أو التغاضي عنها، وهي مشكلة الصور العشوائية التي قد يلتقطها الأطفال لعائلاتهم وأفرادها من خلال هذه الأجهزة. ولهذا تعتبر عملية التوعية والإرشاد لمثل هؤلاء الأطفال، من مخاطر الكاميرات في الأجهزة الذكية، والمشاكل الكبيرة التي قد تنتج عنها الصور العشوائية التي يلتقطها الأطفال... هي من أهم الطرق في جعل الأطفال يدركون الخطر المحدق بهم والكامن من وراء استخدام مثل هذه الأجهزة في التقاط الصور العائلية والخاصة بعشوائية.
المواقع الاجتماعية
ولا يخفى على أحد اليوم أن برنامج وموقع جوجل + من الشركة الأميركية العملاقة جوجل، بات المنافس الرئيسي والمباشر، لأشهر وأكبر مواقع التواصل الاجتماعية في العالم، فيسبوك. حيث أصبح أعضاء جوجل + اليوم الفاعلين، يتجاوز عشرات الملايين من المستخدمين النشطين.
وذلك بفضل السهولة المطلقة في عمل ما يسمى بالدوائر الخاصة بالمستخدم، والتي يمثل كلٌ منها، مجموعة من الأعضاء المصنفين لهذا المستخدم حسب تخصيصاته وشروطه.
ومع سرعة انتشار جوجل +، والتحديثات الكثيرة التي تتوالى الشركة الأميركية جوجل المنتجة له، إجبار مستخدميه بعملها بشكل دوري، للحماية من الاختراق وزيادة الأمن والحفاظ على الخصوصية. تأتينا شركة جوجل بحركة ذكية في كل تحديث تقوم بعمله، كان آخرها وبعد التحديث الأخير الذي حصل عليه جوجل +، وأجبر المستخدمين على عمله. هو تخيير المستخدم في نشر الصورة التي يلتقطها بهاتفه أو كمبيوتره اللوحي الذكي «بالنيابة عنه».
بمعنى أنك وأنت تقوم بعملية التحديث للبرنامج إذا لم تنتبه إلى هذا الخيار، فستجد جميع صورك الخاصة والشخصية التي تلتقطها أنت أو يلتقطها أحد أفراد العائلة في هاتفك، قد تم نشرها بشكل مباشر وفوري على حسابك الخاص، ببرنامج جوجل +، ودون الرجوع إليك، مما يجعل مجموعات الأشخاص والأعضاء في دوائرك المختلفة يطلعون على هذه المواد الشخصية التي لا يجوز لغيرك الاطلاع عليها. وهو الأمر الذي يعتبر في غاية الخطورة، ويمثل انتهاكاً صريحاً ومباشراً لكل معاني الخصوصية الشخصية، والذي يجب على جوجل وغيرها من شركات المواقع والبرامج الاجتماعية المختلفة، مراجعته، وعدم إعطاء الحق لبرامجها بأن تقوم بالنيابة عن المستخدم للقيام بمثل عمليات نشر ورفع الصور وملفات الفيديو الشخصية بالنيابة عنه.
المستحيل الرابع
إذا كانت التكنولوجيا في الماضي القريب قد تمكنت من السيطرة على عقول مستخدميها بشكل كامل، فتكنولوجيا اليوم السريعة التي تأتينا على هيئة أجهزة وابتكارات تقنية مختلفة ومتعددة الأغراض والمهام، باتت تسيطر على عقولنا وأجسادنا أيضاً، سيطرة محكمة ومعقدة، يصعب على المتعامل معها انتزاع جسده المنحني أمام شاشات الكمبيوتر المحمول أو المكتبي بسهولة، ويجعل مفارقة المستخدمين لكمبيوتراتهم اللوحية، وعدم تجولها معهم ذهاباً وإياباً، في المنزل وخارجه، أمراً أصبح مستهجناً، وغير اعتيادي. أما تخلي مستخدمي الهواتف الذكية عن هواتفهم الملتصقة بأيديهم، والمخبأة في جيوبهم فبات اليوم أمراً يوازي بصعوبته «المستحيلات الثلاثة»، ويرتقي باستحالته لاعتباره مستحيلاً رابعاً، يضاف إلى قائمة هذه المستحيلات.
ساحة النقاش