ربما لا يلقي كثيرون اليوم بالاً لأهم وسائل الإعلام التي نشعر بحنين جارف إليها، وهي تعيدنا إلى ذكريات عزيزة على قلوبنا، ألا وهي الإذاعة، التي ما زال لها عشاقها وإن قلّوا، فقد كنا نتابع الأخبار ونستمع ونستمتع بالبرامج والمسلسلات من عبر الأثير الذي لم يكن ملوثاً كما اليوم.
من المتع التي ما زلت مدمناً إياها الاستماع إلى الإذاعة، في أوقات أختلسها وأنا في الطريق إلى العمل، أو السفر، وأظن أن قلة قليلة التي ما زالت تحرص على متابعتها مع ظهور التلفزيون وبقية وسائل التواصل الإعلامي.
"أي شيء في العيد أهدي إليك" يشدو بها الراحل ناظم الغزالي لتلامس الوجدان، وشغاف القلب، فكم طربت أسماعنا بذاك الصوت الشجي والكلام الشعري الجميل، في ذلك الزمن الذي نحن إليه دوماً، خاصة ونحن غارقون في طوفان الابتذال والسطحية.
ما كان يأتي العيد دون أن نذكر تلك القصيدة لأبي ماضي، عشاقاً وأصدقاء وآباء وأمهات، وربما كانت أجمل هدية للكثيرين شريط "كاسيت" ناظم الغزالي، وما كانت تقدم هدية مهما غلا ثمنها إلا ورافقتها تلك الكلمات رسالة للتعبير عن خالص وبالغ الحب، فكانت القصيدة جسراً للعبور إلى القلوب.
كتب رجل إلى صديقه: لولا أنّ البضاعة قصّرت بي عن بلوغ الهمة لأتبعت المسابقين إلى برّك، وكرهت أن تطوي صحيفة البرّ، وليس لي فيها ذكر، فبعثت إليك بالمبتدأ بيمنه وبركته، والمختوم بطيبه ورائحته: جراب ملح، وجراب أشنان. وقد أهدى الطائيّ إلى الحسن بن وهب قلماً وكتب إليه:
قـــــد بعثنا إليك أكرمـــك اللــــه
بشيء فكن لــــــه ذا قبــــــــــول
لا تقسه إلى نــدى كفّك الغمـــــــ
ـــر ولا نيـــــلك الكثير الجزيــــــل
واغتفر قلّـــــــــــة الهديّــــــة منّي
إنّ جهــــد المقــــلّ غير قليــــــلِ
لرددت تحفتـــــه علـــيه وإن علت
عن ذاك واستهديت بعض خصاله
وقال المهديّ:
تفّاحــــــــةٌ من عند تفّاحــــةٍ جاءت فماذا صنعت بالفؤاد
واللّه مــــــــــا أدري أأبصرتها يقظان أم أبصرتها في الرّقاد
إيليا أبو ماضي:
أيّ شيء في العيد أهدي إليــك يا ملاكي، وكلّ شيء لديك؟
أسوار؟ أم دملجا من نضــــــــار؟ لا أحبّ القيود في معصميك
أم خمورا ؟ وليس في الأرض خمر كالتي تسكبين من لحظيك
أم ورودا؟ والورد أجمله عنـــدي الذي قد نشقت من خدّيك
أم عقيقـــــــا كمهجتي يتلظى؟ والعقيق الثمين في شفتيك
ليس عندي شيء أعزّ من الروح وروحــــي مرهونة في يديك
ساحة النقاش