يقال اخْتَرْتُ فلاناً على فلان بمعنى فَضَّلْتُ؛ وخَيَّرْتُه بين الشيئين أي فَوَّضْتُ إليه الخِيار، وخارَهُ على صاحبه خَيْراً وخِيَرَةً وخَيَّرَهُ: فَضَّله.
ويقال آثَرْتُ فلاناً على نفسي: من الإِيثار وآثَرْتُك إِيثاراً أي فَضَّلْتُك.
وفلان أثِيرٌ عند فلان وذُو أُثْرَة إِذا كان خاصّاً.
ويقال: قد أَخَذه بلا أَثَرَة وبلا إِثْرَة وبلا اسْتِئثارٍ أي لم يستأْثر على غيره ولم يأْخذ الأجود؛ وقال الحطيئة يمدح عمر بن الخطاب، رضي الله عنه:
ما آثَرُوكَ بها إِذ قَدَّموكَ لها
لكِنْ لأَنْفُسِهِمْ كانَتْ بها الإِثَرُ
أَي الخِيَرَةُ والإِيثارُ، وكأَنَّ الإِثَرَ جمع الإِثْرَة وهي الأَثَرَة؛ وقول الأعرج الطائي:
أراني إذا أمـْـرٌ أَتَى فَقَضَـيتـه، فَزِعْــتُ إلى أَمْــرٍ عليَّ أَثِيـر
يريد المأْثور الذي أَخَذَ فيه؛ وقيل: وهو من قولهم خُذْ هذا آثِراً.
واسْتأْثَرَ بالشيء على غيره: خصَّ به نفسه واستبدَّ به.
أما الفَـرْق بيـن الاختيار والإيَثـار فهو أن الإيثـار على ما قيل هو الاختيار المقدم، والشــاهد قوله تعالى: “قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا” أي قـدَّم اختيارك علينا، وذلك أنَّهم كلَّهم كانوا مختارين عند الله تعالى لأنهم كانوا أنبياء.
واتّسع في الاختيار، فقيل لأفعـال الجوارح: اختيارية، تفـرقة بين حركة البطـش وحركـة الْـمَجَـسِّ وحركة المرتعش.
وتقول: اخترت الْـمَرْويَّ على الكتان أي اخترت لبس هذا على لبس هذا، وقال تعالى “وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ” أي اخترنا إرسالهم.
وتقول في الفاعل: مختار لكذا، وفي المفعول: مختار من كذا، وعندنا أن قوله تعالى “... آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا... “ معناه أنه فضلك الله علينا.
وأنت من أهل الأثرة عندي: أي ممن أفضله على غيره بتأثير الخير والنفع عنده.
واخترتك أخذتك للخير الذي فيك في نفسك ولهذا يقال آثرتك بهذا الثوب وهذا الدينار، ولا يقال: اخترتك به، وإنما يقال: اخترتك لهذا الأمر، فالفرق بين الإيثار والاختيار بيِّـن من هذا الوجه.
لسان الدين الخطيب:
لو كان لي في الهـوى اخـتيارُ ما شـــط بي عنكـم المــزارُ
رحــلتُ عـنكـــم ولي فــؤادٌ لــه بأحـــــوازكــم قــــــرارُ
ما حسُــنت بعــدكم وجــوهٌ عــندي ولا أعجــبت ديــارُ
وقــــادني نحــــوكـم غــرامٌ يهـــيج أشــــواقه ادكّــــارُ
فليــــس لي عنكـــم بـــراح ما اخــتلف الليـل والنهـارُ
ساحة النقاش