عمرو أبوالفضل
لفريضة الحج منافع عظيمة في الدنيا والآخرة، وأداء الفريضة وإتيان النسك على الوجه المطلوب يستلزم أن يكون المسلم حريصا على أدائها بإخلاص لله تعالى واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والابتعاد عن مخالفة الهدي النبوي والخروج عن شعائره، إما بتفريط في فضيلة، أو بوقوع في بدعة ومعصية، حيث دلل على ذلك علماء الأزهر، بقول الرسول صلى الله عليه وسلم «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه».
حول مطالبة المسلم بضرورة الالتزام بالوصايا الشرعية، وعدم الوقوع في المخالفات والممارسات الخاطئة التي يتهاون فيها الكثير، قال الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق أن الحج ركن من أركان الإسلام فرضه الله تعالى على المستطيع مصداقا لقوله تعالى«ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا» آية 97 سورة آل عمران.
ثمرة الحج
يوضح ان هناك آدابا رفيعة يجب على كل محرم بالحج أن يلتزم بها حتى يتحقق له الكمال الروحي والسلوكي والأخلاقي وينال ثمرة الحج في غفران الذنوب وسعة الرزق، لقوله تعالى:”الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودا فإن خير الزاد التقوى واتقوا يا أولى الألباب” 197 البقرة، مضيفا أنه ينبغي على الحاج أن يبتعد عن الرفث وهو الجماع ودواعيه والكلام حوله وذكر النساء والفحش من القول أو الفعل وأن يبتعد عن الفسوق والمعاصي والسباب والشتم والقذف سواء كانت متعلقة بالإحرام أو عامة لكل ما نهى الله عنه، خاصة محظورات الإحرام كقتل الصيد، ولبس المخيط، وتقليم الأظفار، واستعمال الطيب.
أمور مهمة
شدد على أهمية أن يبتعد الحاج عن كبائر الذنوب وصغائرها، فلا يزاحم ولا يظلم في بيعه وشرائه، ولا يبخس الناس أشياءهم، ولا يسيء إلى أحد، مشيرا الى أن التخلص من سوء النية والمجادلة الباطلة والمخاصمة والمنازعة من الأمور المهمة حتى لا يتحمل الحاج ذنوبا عظيمة ويكون فى تصرفاته وسلوكياته تقيا نقيا متمسكا بالأخلاق الكريمة ويؤدي حجه كاملا ويعود من حجه كما ولدته أمه لقول الرسول- صلى الله عليه وسلم: “من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ”.
وحذر الدكتور محمد المختار المهدي الرئيس العام للجمعية الشرعية وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر من اعتبار فريضة الحج مجرد طقوس وأداء ومناسك بلا روح أو شعور بروحانياته أو خلق فاضله وسلوك قويم، مؤكدا أن المسلم يتحمل مشاق العبادة بصبر وإخلاص من أجل مرضاة ربه، ويبذل وسعه لأداءها على خير وجه، وهو ما يستوجب الابتعاد عن مخالفة الهدي النبوي والخروج عن شعائره، سواء كان من أسباب ذلك الجهل أو الاستحسان العقلي، أو تقليد غير أهل العلم الموثوق بعلمهم.
وقال إن سائر أعمال الحج من السفر والترحال واللباس إحراما وتحللا والسير طوافا وسعيا، والمكث بمنى وعرفة ومزدلفة والمبيت وقضاء الليل والنهار، ورمي الجمار، يجب أن تكون بنية التقرب إلى الله وقصد الاقتداء بالنبي، مبينا أن هناك أخطاء ومخالفات يقع فيها الحجيج مثل تأخير الإحرام واتخاذ بعض النساء لون خاص للأحرام، والتزاحم في الطواف، وعدم الترفق بالنساء وكبار السن وإيذاء الناس للاقتراب من الكعبة.
الحجر الأسود
يؤكد أنه لا يجوز تقبيل الركن اليماني من البيت لانه يستلم باليد فقط ولا يقبل، وعدم ابتداء الطواف قبل الحجر الأسود، لانه من الغلو في الدين الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، مضيفا أن بعض الحجاج يصرون على الوصول للحجر الأسود وتقبيله والاعتقاد في نفعه بذاته إذا استلموه مسحوا بأيديهم على بقية أجسامهم، أو مسحوا بها على أطفالهم الذين معهم وهو امر غير مشروع لأن النفع والضرر من الله تعالى وحده، ومن ناحية أخرى يؤدي هذا الفعل الى التزاحم والمشقة ويعرض الإنسان والآخرين للخطر وفيه فتنه بمزاحمة الرجال والنساء ويمكن لمسه أو الإشارة إليه، كما لا يجوز الالتزام بأدعية مكتوبة خاصة في الطواف تقرأ من مناسك أو تردد خلف قارئ بصوت عالي حتى لا تحدث ويتشوش بقية الطائفين ويذهب الخشوع. وأشار الى ان بعض الطائفين يخصص لكل شوط دعاء معينا لا يدعو فيه بغيره، حتى إنه إذا أتم الشوط قبل تمام الدعاء قطعه، ليأتي بالدعاء الجديد للشوط الذي يليه، وإذا أتم الدعاء قبل تمام الشوط سكت، موضحا ان هذه الأفعال لا أصل لها، اذ لم يرد عن الرسول-صلى الله عليه وسلم- دعاء مخصص لكل شوط، ويمكن يدعو الطائف بسائر الأدعية الشرعية، وبكل ما يحب من خيري الدنيا والآخرة، ويذكر الله تعالى بأي ذكر مشروع من تسبيح أو تحميد أو تهليل أو تكبير أو قراءة قرآن.
رمي الجمرات
يقول الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر إن رمي الجمرات عبادة ترمز الى إرغام الشيطان ولا يجوز أن يتصرف البعض فيها بعصبية وعنف وتشنج، موضحا إن الجهل بالأحكام يؤدي إلى التزاحم الشديد وإقدام البعض على رمي الحصا بشدة وعنف وصراخ وسب وشتم للشياطين الأمر الذي يؤذي الكثيرين، وقد يودي بحياة بعض الضعفة والمساكين.
وقال انه يجب على الحاج التأكد من وقوفه في حدود عرفه والنظر الى اللوحات الإرشادية المكتوب عليها بيان هذه الحدود، مشيرا الى أن الوقوف بعرفة لا يتطلب رؤية جبل الرحمة والصعود عليه وتعريض النفس للمشقة الشديدة والأخطار، كما يجب الالتزام بالآداب الإسلامية فى وقت الوقوف بعرفات والابتعاد عن المزاح وكل ما يشغل عن ذكر الله تعالى والإقدام على الطاعة والدعاء والتضرع والتحلي بالرحمة والسكينة والتلطف مع الغير والحرص على الآخرين.
ولفت الى ضرورة حرص الحجاج على أخذ الأحكام والطواف ومناسك الحج من أهل العلم والتوجه بالسؤال الى المتخصصين من المشايخ والعلماء ومراكز الدعوة والإرشاد ورفض البدع والتقليد الأعمى.
ساحة النقاش