عمرو أبوالفضل

تصاعد الجدل مجدداً بسبب حكم قضائي بمنع المواقع الإباحية من شبكة الانترنت في مصر، وتعلل بعضهما بأن هذا الحجب أو المنع سوف يدفع الهيئات والمؤسسات وادارات المواقع العالمية لفرض حظر على آلاف المواقع الاسلامية والدعوية وتصنيفها، باعتبارها تقدم افكاراً متطرفة وتروج للعنف والإرهاب ومعاداة الآخر، بينما تمسك اغلب الفقهاء وعلماء الشريعة والاجتماع بضرورة الحجب لخطورة هذه المواقع وأضرارها العديدة المؤكدة على المجتمعات.

حول السلبيات المترتبة على هذه المواقع، يقول الدكتور أحمد فؤاد باشا المفكر الاسلامي المعروف، إن قضية حجب المواقع الإباحية من الموضوعات التي أثيرت كثيراً، وحذر من خطورتها الكثير من علماء الشريعة والصحة النفسية والاجتماع والاقتصاد، مؤكدا أن الدراسات الحديثة رصدت السلبيات المترتبة على انتشار هذه المواقع التي يزيد عددها على 450 مليون موقع، وتسخر لها موارد مالية مهولة تتجاوز 4 مليارات دولار سنويا.

إجراءات

 

حول الإجراءات المتبعة في بعض الدول، أوضح الدكتور أحمد فؤاد أن المجتمعات العربية والاسلامية تعاني وجود هذه المواقع، مبيناً أن العديد من الدول تمكنت من اتخاذ الاجراءات التي تحجب هذه المواقع، لكن تظل هناك بعض العقبات التي تحول دون حجبها نهائيا، حيث تزيد معدلات إنشائها بصورة مطردة تجعل من الصعب التعامل معها بصورة نهائية، كما أن تقدير ما اذا كانت المواقع الالكترونية والمنتديات ونوعية المحتوى يمكن تصنيفها على أنها إباحية، يختلف من جهة لأخرى ومن شخص لآخر، فضلاً عن استعانة الشركات المسؤولة عن هذه المواقع بأحدث انواع التكنولوجيا وأكثرها تعقيداً، ما يصعب التعامل معها من الناحية الفنية.

 

حرية المعلومات

قال إن هناك اتفاقات دولية خاصة بالانترنت وحرية المعلومات قد تغل يد الدول عن التوسع في حجب المواقع حتى لا تؤدي هذه الاجراءات الى تصنيفها على أنها من الدول التي تضع قيوداً على خدمة الإنترنت، مضيفا أن بعض الخبراء حذروا من وجود اجراءات انتقامية قد تتخذها الهيئات والمؤسسات وادارات المواقع العالمية في مواجهة حجب هذه المواقع، بفرض حظر على آلاف المواقع الاسلامية والدعوية وتصنيفها باعتبارها تقدم افكاراً متطرفة، وتروج للعنف والارهاب ومعاداة الآخر.

وأوضح أنه يمكن الاستفادة من تجارب الدول التي طبقت حزمة اجراءات لحجب المواقع الاباحية، مشيرا الى أن بعض الدول تلجأ الى تبني تطبيقات الانترنت الآمن، من خلال توفير برامج مجانية لحجب المواقع، وتكون متاحة للجميع بلا تكلفة، أو بتوفير خدمة مجانية لفلترة المواقع وتكون متاحة للجميع، ولكن بموافقة المشتركين وحسب رغبة المستخدمين، ويمكن توفير خطوط ساخنة بشركات الانترنت المحلية للإبلاغ عن المواقع الإباحية المراد حجبها.

كيان الأمة

أما الدكتورة امنة نصير الاستاذ بجامعة الازهر، فتؤكد أن المواقع الإباحية من اخطر الاسلحة التي تهدد كيان الأمة الإسلامية، موضحة أن الأضرار التي تسببها تلك المواقع بالانسان والمجتمعات في غاية الخطورة، فهي تخرج الإنسان المسلم من سلامة النفس ومن طهارة الروح، وتدخله في حالة من التشوه النفسي والدنس الروحي التي تؤرقه وتنغص عليه حياته وتقض مضجعه. كما أنها تؤثر بشدة على العلاقات الإنسانية، وتسهم بقوة في خلق سلوكيات إجرامية مختلفة.

وقالت إن ارتياد هذه المواقع من العادات السيئة التي تعطي شعوراً خداعاً، وتوقع صاحبها في الأوهام والخيالات، مبينة أن مشاهدة الأمور الإباحية تصيب الإنسان المسلم في اعز ما يملك لأنها تخترق مناعته الروحية والأخلاقية وتوازنه النفسي، وتقضي على ما بداخله من حرص وتقدير لقيمة العفة، وتثبط قدرته على ازداء الفاحشة والابتذال.

اضطرابات

تضيف أن آثارها السلبية تمتد الى اصابة الانسان بالاضطرابات النفسية، نظرا لما يعتريه من ازدواجية وتناقض في نفسيته، حيث يظهر امام من حوله متقمصاً دور المسلم الملتزم بالآداب والاخلاق والفضائل، على حين أنه عندما يختلي بنفسه يتخلى عن كل هذه المعاني الاسلامية، ويظهر اسوأ ما في ذاته بالإقدام على مشاهدة الفواحش والمحرمات والموبقات، فيصبح مخادعا لله تعالى وللناس.

وأشارت الى أن هذ العادة المرذولة تجعل الانسان دائم الشعور بتأنيب الضمير، مضيفة أن الدخول على هذه المواقع معصية وذنب كبير، ومن يقترفها يظل في حالة تأنيب للضمير ويعيش وهو يعلم انه على غير طاعة لله سبحانه منتظراً غضبه وعقابه.

وتقول إن مجتمعاتنا مستهدفة وتعاني ازمات ومشكلات كثيرة، وبعض القوى تحاربنا من خلال التكنولوجيا وثورة الاتصال، مؤكدة أن التكنولوجيا الحديثة والانترنت سلاح ذو حدين، وجانب المنافع والفوائد فيها كثيرة، وهي باب واسع للعلم والمعرفة والتعارف الانساني، كما أنها تحتوي على جانب سلبي قد يجلب مفاسد وشرور عظيمة لبعض ضعاف النفوس الذين يصرون على إهدار الايجابيات والنفع، واستخدامها في السوء وما يغضب الله تعالى.

ولفتت الى أن الاسر عليها دور كبير في مواجهة هذه الآفة الخطيرة، مطالبة الآباء والامهات بالاهتمام بتوجيه الابناء الى الطاعة والصلاح وبناء الشخصية والقدرات، من خلال الاطلاع والقراءة والرياضة وشغل اوقاتهم بالاعمال المفيدة، فضلا عن اتخاذ كل ما يلزم من احتياطات، مثل عدم تترك الكمبيوتر في غرفة الابناء، ووضع البرامج الخاصة بالحجب والاشتراك في خدمات الانترنت الآمن.

إغراق الإنسان

يرى الدكتور زكي عثمان أستاذ الدعوة الاسلامية بجامعة الازهر أن المواقع الاباحية هدفها الوحيد الإثارة والإلهاء وإغراق الانسان في الملذات وصرفه عن الطريق القويم، وقال إنها لم توضع أو تخصص لبناء الانسان وزيادة معارفه وتأهيله ثقافيا وانسانيا، والشركات التي تنشئها ليس لها هدف سوى الربح وجني الاموال الحرام، وإهدار آدمية الانسان، وإشعال رغباته وتسميم افكاره وكسر إرادته حتى يسهل قيادته وجره بعيدا عن الصلاح والتقوى.

وأضاف أن الانفتاح على العالم والوقوف على كل ما فيه من افكار وعلوم ومعارف مطلب اسلامي، مبينا أن الاسلام يحث على الاطلاع على منجزات العصر والمشاركة في المعارف، وإنجاز كل ما يؤدي الى رقي الانسانية وتحضرها، ويرفض ان تستغل العلوم الحديثة ومنجزات العلم في هدم المجتمعات وإفساد الانسان وهدم روحيته وأخلاقيته ونفسيته النظيفة، أو أن تسخر في غير طاعة لله وتعمير الكون وتحقيق السعادة للانسانية.

وشدد على ضرورة إصدار التشريعات الكفيلة بحجب هذه المواقع، لافتاً الى أن الدول مطالبة باتخاذ كافة الوسائل التي تحمي افرادها ومجتمعاتها مع خطورة المواقع الإباحية، وتوفير كل ما يلزم من أدوات فنية لتمكين الجهات المسؤولة عن الاتصالات وخدمات الانترنت من القيام بواجبها في حجبها وتوفير الانترنت الآمن النظيف المفيد.

وقلل من خطورة اتخاذ اجراءات انتقامية من جانب المواقع العالمية بفرض حظر على المواقع الاسلامية، موضحاً أن المواقع الاسلامية اغلبها يتبع هيئات ومؤسسات رسمية معروفة ومشهود لها بالعلم والدور التنويري في تقديم المعارف والثقافة التي تحض على التسامح والاعتدال والارتقاء بالإنسان.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 92 مشاهدة
نشرت فى 13 أكتوبر 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,278,953