الشخص المتمتع بلياقة عالية أقدر على إدارة الصدمات الشعورية

أجرى باحثون من جامعة ماريلاند تجربة خيروا خلالها المشاركين في الدراسة بقضاء نصف ساعة في الراحة والاسترخاء، أو قضاء هذه المدة نفسها في التمرن على الدراجة ليومين متتاليين. ثم قاسوا مستويات التوتر والقلق لدى كل واحد منهم قبل بدء التجربة وبعدها. ثم طلبوا منهم مشاهدة سلسلة من صور المشاهد عدد منها يحمل مضامين جميلة وأخرى عنيفة وثالثة محايدة، ثم قاس الباحثون مستويات التوتر والقلق لديهم. فاكتشفوا أن مستويات التوتر والقلق ظلت منخفضة لدى الأشخاص الذين مارسوا نصف ساعة التمرن على الدراجة.

على الرغم من فوائد الرياضة المعروفة منذ القدم، لا يزال العلماء يُنقبون في مخزون منافعها، آخرها هو أنها تُخلص الجسم مما يترسب بداخله من تراكمات التوتر والقلق، وذلك وفق دراسة نُشرت نتائجها في العدد الأخير من مجلة “الطب والعلوم في الرياضة والتمارين”. لكن المفارقة أن جهود الباحثين والعلماء لم تُفلح إلى الآن في إقناع معظم الناس بمزاولتها. فهي تبقى في أذهان كثير من الناس مرادفة لإتعاب البدن وإجهاده، وهم لا يجدون في أوقات فراغهم مزاجاً لممارسة الرياضة، ولا لتكبد عناء القيام بهذه الحركة أو تلك.

فكل شخص يُحدث نفسه بعد يوم عمل متعب وشاق بإراحة جسده عبر التمدد على أريكة والقيام بشيء يجعله يستمتع دون أن يتعب، كأن يشاهد فيلماً أو يتواصل مع أصدقائه الافتراضيين عبر موقع اجتماعي ما، أو يلعب لعبة مسلية، أو يتبادل أطراف الحديث أو النكات مع رفيقه.

 

وإذا كانت همة غالبية الناس تضعف عن الانتظام في ممارسة الرياضة بسبب قلة الوقت وطول ساعات العمل وازدحام الشوارع وغيره من الأسباب، فإن الباحثين يقولون إن التصور الذهني للرياضة هو الذي يجعلنا لا نُقْبل عليها كما يجب، ومن ثم فإن تغيير هذا التصور هو الكفيل بجعل الرياضة منتشرة على نحو أوسع في كل مجتمع.

 

ويقول جي كارسون سميث، أستاذ مساعد بقسم علم الطاقة الحركية في كلية الصحة العامة بجامعة ماريلاند، “مع أن بعض الدراسات السابقة تحدثت عن آثار الرياضة في تحسين المزاج، فإنه لم يكن معروفاً ما إذا كانت هذه الآثار الإيجابية تدوم فترات أطول وتكون مدَداً للإنسان عند مواجهته مواقف باعثة للتوتر، أمْ أنها آثار لحظية مؤقتة تنقضي فور انقضاء الشخص من ممارسته للرياضة أو مغادرته النادي الذي يتمرن فيه”.

ولاكتشاف ذلك، قام سميث وزملاؤه بتخيير المتطوعين للمشاركة في الدراسة بقضاء نصف ساعة في الراحة والاسترخاء، أو قضاء هذه المدة نفسها (نصف ساعة) في التمرن على الدراجة ليومين متتاليين. وقاسوا مستويات التوتر والقلق لدى كل واحد منهم قبل بدء البحث وبعد نهايته. ثم طلبوا منهم مشاهدة سلسلة من صور الأطفال الرضع بابتساماتهم البريئة البهيجة، ووسط الدمى والألعاب في أحضان آبائهم وأمهاتهم وأفراد أسرهم.

كما عرضوا عليهم صوراً تحمل مشاهد عنيفة، وأخرى محايدة، مثل صور صحون وكؤوس وقطع أثاث. وعقب هذا، قاس الباحثون مستويات التوتر والقلق لديهم للمرة الأخيرة. فوجــدوا أن المشــاركين الذين أتموا نصــف ساعة من الرياضة أو الاسترخاء، انخفضـت مستويات التوتر والقلق لديهم بالمقارنة مع ما سُجل لديهم قبل البدء في التمارين أو الاسترخاء. لكن الباحثين سجلوا أنه بعد عرض تلك الصور عليهم، عادت مستويات الأشخاص الذين استرخوا إلى المسـتوى الذي كانت عليه في البداية، لكنها ظلت منخفضــة لدى الأشخاص الذين مارسوا نصف ساعة التمرن على الدراجة.

ويقول سميث “وجدنا أن الرياضة تُساعد على التخفيف من آثار شحنات الانفعال الذي يحدث جراء التعرض لمشهد إيجابي أو سلبي. فإذا كنت تتمرن، فإنك لن تُسهم فقط في تقليل مستوى توترك، بل ستُحافظ فترة أطول على مستوى أقل من القلق عندما تتعرض إلى مواقف مستفزة ومثيرة عاطفياً وشعورياً، وتكون أقدر على امتصاص صدمات الشحنات العاطفية السلبية”.

هشام أحناش

المصدر: موقع “msnbc.msn.com”
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 76 مشاهدة

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,278,434