البعض منا يكذبون كل ما يسمعونه من أخبار تحدث من حولهم أو بعيداً عنهم، وفي هذا الزمان لم يعد مستغرباً أن تسمع أو أن ترى ما كان نوعاً من المستحيل ذات يوم.
فقد تغير معنى المستحيل، فقد كان مستحيلاً أن تقطع آلاف الأميال في ساعات أو دقائق، وكان مستحيلاً أن تتحدث وتتصل بشخص عبر أسلاك، أو ألياف زجاجية، أو أن تتحدث وترى من تتحدث إليه في الوقت نفسه وتفصلك عنه آلاف وملايين الأميال، كان ضرباً من المستحيل أن يتحول العالم إلى كتاب مفتوح نراه ونحن جالسون على مقاعدنا أو في فراشنا، فإن كنت لا تصدق شيئاً يقال فلا تستنكره.
يروى أنه ورد بالمغرب في عهد السلطان أبي عنان رجل يُعرف بابن بطوطة كان رحل منذ عشرين سنة قبلها إلى المشرق، وتقلّب في بلاد العراق واليمن والهند، ودخل مدينة دهلي حاضرة ملك الهند، واتصل بملكها، وكان له منه مكان، واستعمله في أمر القضاء بمذهب المالكية، ثم انقلب إلى المغرب، واتصل بالسلطان أبي عنان، وكان يحدّث عن شأن رحلته، وما رأى من العجائب بممالك الأرض، وأكثر ما كان يحدّث عن دولة صاحب الهند، ويأتي من أحواله بما يستغربه السامعون، فتناجى الناس بتكذيبه.
ويقول الراوي: لقيتُ أيامئذٍ وزيرَ السلطان، ففاوضته في هذا الشأن، وأريتُه إنكارَ أخبار ذلك الرجل لما استفاض في الناس من تكذيبه. فقال لي الوزير: إيّاك أن تستنكر مثلَ هذا من أحوال الدول بما أنك لم تره، فتكون كابن الوزير الناشئ في السجن: وذلك أن وزيراً اعتقله سلطانُه ومكث في السجن سنين رَبِيَ فيها ابنه في ذلك المحبس، فلما أدرك وعقل، سأل عن اللحم الذي كان يتغذى به، فقال أبوه: هذا لحم الغنم.
فقال: وما الغنم يا أبتِ؟ تراها مثل الفأر؟! إذ لم يعاين في محبسه من الحيوانات إلا الفأر، فحسبها كلها أبناء جنس الفأر!
خميس لطفي:
على أرضنا لم يعمِّر دخيلُ .
وتاريخُنا شاهدٌ ودليلُ .
وأنتم أطَلْتُم هنا، وفسقتم وخيرٌ لكم كانَ، ألاَّ تطيلوا.
وكل سلامٍ لنا معكم كِذبةٌ، وبقاؤكمُ مستحيلُ .
ستنقرضونَ ، ونحن سنبقى
ويبقى الكثيرُ، لنا، والقليلُ.
ستبقى السماءُ لنا والهواءُ ويبقى الندى والنسيمُ العليلُ.
ستبقى الغيومُ وتبقى الرياحُ
وشمسُ النهار لنا، والأصيلُ.
لنا كل سهلٍ، لنا كل حقلٍ لنا البرتقالُ هنا، والنخيلُ
ساحة النقاش