النوم جيداً شرط أساسي لتحقيق إنتاجية أفضل
إذا لم يكن للموظفين والعمال أسباب كافية لتفسير قلة الإنتاجية أو تراجعها، فهناك سبب رئيس قد يبدو لهم جديداً، ألا وهو الأرق. فقد أظهرت دراسة حديثة أن قلة النوم تتسبب في حدوث ما لا يقل عن 274 ألف خطأ، أي ما يقدر بأكثر من 30 مليار دولار سنوياً، وذلك على شكل حوادث وأخطاء يقترفها الموظف أو العامل داخل مقر العمل في الولايات المتحدة الأميركية وحدها.
وعلى الرغم من أن جميع الناس يعلمون أن قلة النوم قد تؤدي إلى الوقوع في أخطاء أكثر خلال مزاولة العمل بسبب قلة التركيز وضعف مستوياته، إلا أنه لا توجد دراسات كثيرة تتناول هذا الموضوع، باستثناء دراستين أُجريتا في فرنسا قام الباحثون خلالهما بمحاولة رصد نسبة العمال والموظفين الذين يتكرر وقوعهم في أخطاء بسبب معاناتهم من قلة النوم. وقد نُشرت في العدد الأخير من مجلة «أرشيفات الطب النفسي العام» دراسة جديدة هي الأكبر من نوعها إلى الآن، وقد تناولت آثار الأرق على الإنتاجية في بيئة العمل بالمؤسسات الأميركية.
وقد استخدم الباحثون بيانات من الاستطلاع الأميركي حول الأرق الذي أُجري على نطاق وطني، وشمل عمالاً وموظفين من مختلف الولايات والمدن الأميركية، إذ حرص الباحثون خلاله على الاتصال هاتفياً بنحو 10,094 شخصاً من العمال والموظفين الذين يتمتعون بتغطية صحية. كما سألوهم عما إذا كان سبق لهم التعرض لحادثة داخل مقر العمل، أو الوقوع في خطأ ما تسبب في تعطيل وتيرة العمل، أو التأثير سلباً على جودته بما يقدر بـ500 دولار أو أكثر. فطرحوا عليهم أسئلة من قبيل «باستثناء الحوادث، هل سبق أن ارتكبت خطاً كبيراً في فترة الاثني عشر شهراً الماضية من النوع الذي كلف المؤسسة التي تعمل بها 500 دولار أو أكثر؟».
ووجد الباحثون أن 20% من العمال والموظفين يعانون باستمرار من أعراض الأرق. بينما قال 4,3% منهم إنه سبق لهم في السنة الماضية ارتكاب خطأ فادح أو حادثة خطيرة بسبب قلة النوم في الليلة السابقة. ووجد الباحثون أن ما بين 15% و20% من أخطاء العمل والحوادث المهنية تقع بسبب قلة النوم أو الأرق. كما اكتشفوا أن العامل المصاب بالأرق يرتكب ضعف كمية الأخطاء التي يرتكبها زميله في العمل.
وكانت قيمة كل حادث أو خطأ من الأخطاء التي أقر المشاركون في الدراسة بالوقوع فيها يكلف رب العمل أكثر من 20 ألف دولار. ما جعلهم يستنتجون بعد ضرب هذا الرقم في عدد العاملين والموظفين الذين يعانون من أعراض قلة النوم في أميركا بقرابة 31 مليار دولار!
ويعتقد الباحثون أن في مصلحة أرباب العمل أن يساعدوا موظفيهم وعمالهم الذين يعانون من الأرق على رصده ومعالجته، لكنهم يعترفون بأن رصد كل شخص يعاني الأرق يبقى مسألة صعبة، نظراً لأنه ليس كل شخص مصاب بالأرق أو لم ينم جيداً في ليلة سيخبر رئيسه في العمل بالأمر، وحتى إن أخبره فهو لا يمكنه بذلك تبرير أي خطأ يقع فيه خلال يومه. وبالرغم من أن الدراسة الحالية تركز فقط على الأخطاء في العمل، فإن الباحثين يرون أن إيجاد علاجات وقائية للموظفين والعمال لتقليل معاناتهم من الأرق أو قلة النوم، لن يؤدي فقط إلى تقليل وقوعهم في الأخطاء والحوادث، بل التقليل أيضاً من طلب الإجازات المرضية والتغيب أو التأخر بسبب عدم القدرة على الاستيقاظ صباحاً. ويختم الباحثون بالقول إن بذل رب عمل أي شركة أو مؤسسة جهوداً في مصلحة صحة الموظف أو العامل، لا يعود بالنفع على الموظف فقط، بل يجعل بيئة العمل صحية أكثر وذات إنتاجية أفضل.
ساحة النقاش