عمرو أبو الفضل

الإمام المراغي من كبار علماء الفقه والحديث والتفسير، أمضى حياته في الدعوة ونشر صحيح الدين، ونقد أصحاب الباطل، ومحاربة التعصب المذهبي، وقوى الاستعمار، وتربص له خصومه وآذوه وضيقوا عليه وحرضوا على قتله، حيث قال فضيلة الشيخ منصور الرفاعي عبيد وكيل وزارة الاوقاف المصرية لشؤون الدعوة الأسبق، ولد محمد بن مصطفى بن محمد بن عبدالمنعم المراغي في 8 ربيع الثاني سنة 1298هـ/9 مارس سنة 1881م، بمدينة المراغة في مصر.

معارب دينية

وأشار إلى أنه نشأ في بيت علم ودين دفع ابنه إلى حفظ القرآن الكريم، وتلقي المعارف الدينية، ولما ظهرت نجابته أرسله أبوه إلى الأزهر ليكمل تعليمه فيه، فتلقى العلوم على كبار مشايخه، ودرس علوم العربية عن فضيلة الشيخ علي الصالحي، واتصل بالشيخ الإمام محمد عبده، وأخذ عنه التفسير والتوحيد والبلاغة، وفي سنة 1904م حصل على شهادة العلمية وهو في الرابعة والعشرين من عمره، وجلس للتدريس بالأزهر الشريف، ولفت إليه الأنظار ببراعته في الشرح والإبانة، حتى جذب إليه طلاب العلم، واختير قاضياً بالسودان لمديرية دنقلة والخرطوم.

 

وأضاف، في سنة 1907م اختلف هو وقاضي القضاة والسكرتير القضائي الانجليزي في وجهة النظر في اختيار المفتشين بالمحاكم الشرعية بالسودان، فقدم استقالته وعاد إلى مصر، وانكب على إلقاء الدروس الدينية بالأزهر، ولما زار وكيل الحكومة السودانية مصر في سنة 1908م، اختاره لمنصب قاضي القضاة، فاشترط أن يكون تعيينه بأمر من خديوي مصر، وليس الحاكم الانجليزي، وصدر أمر بتعيينه في 1 أغسطس سنة 1908م، وبذل جهدا للارتقاء بالعمل الدعوي والقضائي بمختلف مديريات السودان، غير أن الحاكم الانجليزي تخوف من استمراره في اصلاحاته فأنهى وجوده بالسودان فى سنة 1919م.

 

تولي المناصب

وعن مسيرة المراغي، لفت فضيلة الشيخ منصور الرفاعي عبيد إلى أنه عندما عاد الإمام إلى القاهرة تولى مناصب قضائية عديدة حتى تقلد منصب رئيس المحكمة العليا الشرعية وانصرف الى اصلاح منظومة القضاء الشرعي وتنظيم الأحوال الشخصية، وأقر عدم التقيد بمذهب الإمام أبي حنيفة والأخذ بالمذاهب الأخرى ومن آراء المجتهدين بما يناسب الزمان والمكان، وفي سنة 1346هـ تولى مشيخة الأزهر الشريف، فأقبل بعزيمة قوية على النهوض بالأزهر وعكف على دراسة قوانينه ومناهج الدراسة فيه وتطويرها، غير أن عقبات كثيرة وقفت في وجه الشيخ الإمام، وحالت بينه وبين الأهداف التي ينشدها فاستقال من منصبه.

وقال، قضى أكثر من خمس سنوات عاكفا في بيته على البحث والدراسة ومراجعة آراء المصلحين من قبله، ثم أعيد إلى الأزهر مؤيدا من آلاف العلماء والطلبة الذين اعتبروه منارة العلم والاصلاح، وباشر جهوده فى التطوير والإصلاح، فأصدر قانون الازهر وإنشاء لجنة الفتوى، وقسم الوعظ والإرشاد، وطور جماعة كبار العلماء.

وعرف الامام بالذكاء والورع والشجاعة والبذل وخوف الله والتبحر فى العلوم والمعارف، وخلف مصنفات كثيرة في الفقه وعلم الحديث والتفسير وعلوم اللغة، منها “الأولياء والمحجورون”، و”تفسير جزء تبارك”، و”وجوب ترجمة القرآن الكريم”، و”الزمالة الإنسانية” كتبها لمؤتمر الأديان بلندن، و”التشريع الإسلامي” و”مباحث لغوية بلاغية”، و”الدروس الدينية”.

وتعرض لمحن قاسية كادت تكلفه حياته بسبب موقفه من جور بعضهم، وتصديه لظلمهم الرعية وإنكاره خروجهم عن الشرع، وذكرت المصادر التاريخية انه عرضت عليه قضية مهمة وهو رئيس للمحكمة الشرعية العليا عرفت باسم هنري سكيني، فلوح له بعض أصحاب النفوذ بأن الحكمَ يجب أن يصدر لمصلحة أحد الخصوم، ولما رفض تدخلهم في عمله كادوا له وارادوا قتله واستأجروا من يقتله.

محنة

وأضاف، وكيل وزارة الاوقاف المصرية لشؤون الدعوة الأسبق، في آخر حياته تعرض لمحنة عنيفة انتهت بوفاته، وذلك عندما طلق أحد المسؤولين في عام 1945، وأراد أن يحرم عليها الزواج بعده، فأرسل إلى الشيخ يطلب منه فتوى تؤيد رغبته فرفض، فأرسل إليه الرسل يلحون عليه، وشنت عليه حملات الهجوم والتشويه، وكان الامام يعالج بمستشفى المواساة بالإسكندرية، فرفض الاستجابة، وضاق المسؤول ذرعا بإصراره على الرفض، فذهب إليه في المستشفى محتدا، فقال له الشيخ عبارته الخالدة: أما الطلاق فلا أرضاه، وأما التحريم فلا أملكه، وطال الجدال وصاح المراغي بأعلى صوته قائلاً: إن المراغي لا يستطيع أن يحرم ما أحل الله، وعلى أثر هذه المقابلة الصاخبة وما حدث فيها انتكست صحة الشيخ، ولم يلبث إلا قليلا حتى لقي ربه في رمضان سنة 1364هـ، راضياً مرضياً.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 133 مشاهدة

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,307,927