إطلالة من قصر ناماسكار على مدينة مراكش
لا يكفي أن تتخذ مراكش صفة المدينة الحمراء تيمنا بطلاء مبانيها، إذ يجدر بهذه المدينة المزدانة بأطياف المشهد السياحي أن تستحق عن جدارة شرف كل ما في الطبيعة من ألوان. فهي لم تترك بابا من أبواب التنوع الحضاري والإرث الشرقي إلا وطرقته متباهية بمجد الأندلس الأزلي. والسفر إليها لأي غرض تكون محصلته بلا شك باقة منوعة من كل زهور الترفيه والتثقيف والاستجمام. وبين هذا وذاك تطل حتما جلسات الشاي المتناثر من علو تماما كالشلالات البهية التي تزين قصورها الغناء.
نسرين درزي - عند ذكر مدينة مراكش التي تجمع كل أطياف العبق المغربي، لا يمكن إغفال أنها دانة النخيل والحدائق الغزيرة التي اتخذها الشعراء متنا لقصائدهم على مر العصور. ومن يختار الترجل من عربات الخيل والمشي في حواريها العتيقة، يجد نفسه أمام كتاب تزيده أوراقه الصفراء قيمة أثرية. وتجتاحه من حيث لا يدري جاذبية استمدت قوتها من تراكم التاريخ الحاضر دوما على أرصفتها وبين طيات زخارف أقواسها وحجارتها التي تأبى أن تشيخ. ويأخذه سحر ينبعث مرة من قصورها على غرار قصري الباهية والبديع اللذين اعتبرهما قدامى المؤرخين من عجائب البنيان، ومرة أخرى من مدرسة ابن يوسف وقبور السعديين وأطلال السقايات. ومن القبة المرابطية في مراكش الشاهد الحي على جمالية الفن المعماري الأصيل. والتي تقع في الجهة الجنوبية لساحة ابن يوسف بالمدينة القديمة، وتتميز بنقوشها الفريدة وبقوسيها المزدوجين على شكل حدوة فرس.
كنوز ثقافية
تعود الحكايات الأولى لمدينة مراكش إلى عام 1070م. وهي منذ بداياتها تشكل ثمرة التوسع في إفريقيا والأندلس لتصبح الجهة الأبرز الشاهدة على زمن أبهر العالم ولايزال. وهي منذ تلك الحقبة الغابرة تتفرد بمعالم تاريخية لايزال الكثير منها قائما حتى اليوم كمفخرة للحضارة الأندلسية مثل صومعة الكتبية بمسجديها. ومعها الأبواب الأبية وآخر ما بقي منها باب “أكناو”، والأسوار العملاقة الصامدة أبدا. وهي مبنية من التراب المدكوك أو كما يعرف بالمصطلح المحلي بالـ”اللوح” أو “الطابية”.
ومع كل هذه المدلولات المعمارية والجمالية لمدينة مراكش التي يتنافس خبراء السياحة على إقامة مشاريعهم في ربوعها، يصبح من البديهي اختيار الموقع المثالي للإقامة فيها بقصد الاستمتاع بكل مآثرها مجتمعة.
ويرى فرانك مارنباخ الرئيس التنفيذي لمجموعة أوتكر لفنادق الصفوة أن قصر ناماسكار يتناغم بشكل مثالي مع موقعه في مدينة مراكش العريقة مكملا الإرث التاريخي للشمال الإفريقي، وما تضيفه إليه سمعة أوتكر العالمية في قطاع الضيافة.
ويذكر أن القصر هو أكثر من مجرد فندق، إذ يشكل بمرافقه الجمالية والخدماتية مفهوم المنشآت السياحية التي تحرص على التفرد وتعتبر وجهة متكاملة للفخامة. تماما كما يليق بالمجموعة الأم التي ينضوي تحتها والتي تحرص عبر مختلف فنادقها في أوروبا على توفير التجربة الأصيلة للإقامة. إذ تعتبر كنوزا ثقافية يتم الحفاظ عليها لتختبرها الأجيال، وتتلمس مع الوقت ذلك الانسجام المبهر ما بين العمارة التقليدية ومفردات الفخامة التي تحاكي متطلبات العصر. ويتحدث فرانك مارنباخ عن خدمة إضافية يتفرد بها قصر ناماسكار، وهي إمكانية نقل النزلاء بحسب الطلب عبر طائرة خاصة من مطار الدار البيضاء خلال 30 دقيقة. بدلا من طريق البر باتجاه مراكش، والتي قد يفضلها البعض ولاسيما أنها سالكة ومريحة حيث تترامى على طرفيها البساتين المزروعة ومعالم المدينة الباقية على صورتها الأصلية منذ عقود.
جداول وجنان
رائحة الياسمين المنبعثة مع نسمات الصباح والمساء من تحت القناطر التي تجمل بأبعادها اللانهائية أروقة الباحات الخارجية لقصر ناماسكار، تبوح بأحد أسرار الهندسة المعمارية فيها. والتي بقدر ما تخصص حيزا للبنيان الشرقي الممتد على مساحات مسطحة، تضع كل إبداعاتها في انسيابية المياه التي تفترش جنان القصر بجداول رقراقة على مد البصر.
ويشير فريديريك بيكار مدير عام القصر الذي افتتح في 6 أبريل 2012 إلى الخدمات الاستثنائية التي يتم توفيرها للسياح المقبلين من دول الخليج العربي، والذين ينعمون برفاهية الاستجمام. ويشير إلى الخصوصية التي يجدونها في هذه الربوع الهانئة منذ اللحظة الأولى لدخولهم وحتى تمتعهم بمختلف مرافقه. حيث الحدائق المخصصة للأطفال والنادي الصحي الذي يقدم مختلف علاجات الاسترخاء، إلى المطاعم المطلة على لوحات طبيعية والتي تقدم الأكلات المغربية التقليدية بطريقة عصرية مبتكرة.
ويوضح المدير العام أن القصر المكون من 41 فيلا وجناحا يطل على جبال الأطلس من جهة وتلال جبيلات الشهيرة في مراكش من جهة أخرى. ويبعد 30 دقيقة عن مطار مراكش الدولي و20 دقيقة عن ساحة جامع الفنا، الموقع الأثري المصنف من قبل منظمة اليونيسكو.
إرث هندسي
ويتحدث سمير دقاق نائب الرئيس للتطوير لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا من مكاتب الإمارات عن سعيه إلى تعزيز وجود مجموعة أوتكر في المنطقة. والتي أعلنت في وقت سابق عن تشييد أول فنادقها لو بريستول خارج أوروبا في مدينة أبوظبي عام 2013. ويذكر أن فندق لو بريستول - أبوظبي مكون من 185 غرفة تطبق معايير جديدة من عناصر الطراز والفخامة الأوروبية الكلاسيكية المعززة بنفحة فرنسية. ويلفت سمير دقاق إلى أن اختيار المجموعة وقع على إمارة أبوظبي لما تشكله من مكانة لافتة على خريطة السياحة العالمية خلال السنوات الفائتة. ويؤكد أن منشآت الضيافة التابعة للمجموعة تشهد إقبالا متزايدا بفضل إرثها الهندسي وتصميمها الأوروبي الكلاسيكي وخدمة العملاء ومطاعمها الحائزة جوائز عالمية. ويشير نائب الرئيس للتطوير إلى ما يضيفه قصر ناماسكار من وزن إلى قائمة المعالم السياحية في المغرب، ولاسيما أنه يراعي أقصى خدمات الضيافة المغربية المعهودة. وهو بذلك يرتقي بفريق عمله والقائمين عليه من الخبراء في مجالهم إلى تسجيل بصمة مشرفة على قائمة المنشآت السياحية في مراكش. وذلك بموازاة التوسع الحاصل في القطاع إلى شمال إفريقيا التي تقع ضمن أكثر الأسواق نموا على مستوى الإقبال في مجالي السياحة الترفيهية والثقافية.
فانج شوي
وبالعودة للحديث عن عوامل الجذب التي ترتكز عليها معظم معالم الضيافة في مراكش، يتحدث فرانك مارنباخ عن فلسفة فانج شوي التي يعود تاريخها إلى أكثر من 3500 عام. وهي نظام قديم من التناغم مبني على معتقدات صينية حول الطاقة المحيطة بنا. وتعني “الهواء والماء”، وتستخدم الجاذبية الإيجابية “تشي” لتحقيق النجاح والتي يعتقد كثيرون أنها تضمن التناغم البيئي بامتياز. ويشير إلى أنه عندما قام مالك ناماسكار فيليب سولييه بوضع تصور للقصر مع المهندس المعماري الشهير الفرنسي الجزائري عماد رحموني، قررا اعتماد فلسفة فانج شوي لتحقيق الحلم ببناء منشأة تكون أقرب ما يمكن إلى الطبيعة. وتحويل كل عناصر الطاقة إلى مصادر راحة تضمن الاسترخاء والاستجمام. ويقول فيليب سولييه إن الهدف الرئيسي من الحدائق هو رفع مستوى الطاقة وضمان مرورها بسلاسة.
مع تزويد الضيوف بمواقع فردية ينقطعون فيها عن العالم الخارجي بإرادتهم.
وبالتوازي مع مفهوم الطاقة الذي تتكامل معه الحواس الخمس، تتيح تجربة الإقامة في قصر ناماسكار الخضوع لبرامج مخصصة لعلاجات اليوجا يقدمها بيرومال كوشي، الأخصائي العالمي الشهير في هذه الرياضة الروحية الذهنية الجسدية. وهو هندي بدأ رحلته مع اليوجا عندما كان في الـ 12 من عمره. وقد حمله شغفه إلى تطوير هذه الرياضة حيث تنشر كتاباته في المجلتين العالميتين “يوجا جورنال” و”إيسبريه يوجا”. ويتشارك بيروما كوشي في تجربته مع نزلاء قصر ناماسكار حول تعزيز نقاط الطاقة في الجسم لضمان الراحة والصفاء والتواصل مع الناس والكون. وأكثر من ذلك يساهم الشيف أنطوان بيري بتوفير تشكيلة من قوائم الطعام النباتية والوجبات الخفيفة لتكملة النشاط الروحاني.
نحاسيات من ضوء
لا تخلو المنتجعات السياحية في المغرب عموما ومراكش خصوصا من تلك القطع الفنية التقليدية المشغولة يدويا على شكل مصابيح ضوئية وثريات ينهمر منها النور أشكالا هندسية. حتى أنها باتت انعكاسا تلقائيا لرموز التحف الأثرية المرتبطة بمشهد الديكور المغربي. وهذا ما يتفرد بتصنيعه بطريقة مبتكرة الفنان المغربي العالمي يحيى رواش الذي ولد في لندن عام 1972 وانتقل إلى مدينة مراكش عام 2002.
ومنذ ذلك التاريخ وأعماله الحرفية التي يتقن فيها لعبة الضوء والظلال، تنتشر لتزين أرقى قصور الضيافة في مراكش. ويذكر يحيى رواش أنه تعلم وتدرب وطور موهبته الفنية بنفسه. وأن كل القطع التي تحمل توقيعه منفذة يدويا بالكامل وهي نتاج إرث فريد وتقاليد منسية لتقنيات الأجداد. أما فنه فهو مزيج من التناقض والتكامل في آن. ويقول إنه افتتح متجره الخاص في فندق المأمونية، حيث يقدم مجموعة حصرية من التحف والهدايا والإكسسوارات المصممة بدقة عالية. وقد تم تكليفه بتنفيذ الأعمال الفنية في بعض الفنادق الرائدة منها فندقا قصر ناماسكار ورويال منصور في مراكش. وهو يعمل على مجموعة مكونة من 25 قطعة فنية بالتعاون مع الفنان مهدي قطبي وسيتم عرضها في باريس في “معهد العالم العربي” في شهري أبريل ومايو 2013. ويحرص يحيى رواش على تعريف العالم بأعماله الفنية، ويدرس حاليا خيارات إقامة صالات عرض في دبي والدوحة والرياض ومدن أخرى في المملكة العربية السعودية وأوروبا وآسيا.
ساحة الفنا
لا تكتمل الزيارة إلى مراكش إلا بالتجول لساعات عند ساحة الفنا التي تلخص بأمانة المشهد السياحي النابض للمدينة القديمة. وهي تشكل فضاء شعبيا للمشاهدة والتسوق والترفيه، وفوق ذلك كله للتعرف من كثب إلى الصناعات المغربية التقليدية التي لايزال الحرفيون ينقلونها بأمانة حتى اليوم.
والزوار الذين يرتادون ساحة الفنا من أنحاء العالم، هم على موعد مع مسرح مفتوح لعروض مروضي الأفاعي ورواة الملاحم التاريخية. ولن يغادروا المكان قبل التقاط الصور التذكارية مع عازفي الطبل والناي من بقايا الفرق الشعبية التي تختزل تراثا شفويا للساحة التي دمجتها منظمة اليونيسكو عام 1997 ضمن معالم الإرث الإنساني. ويتوسط ســاحة الفنا جامع الكـــتبية المشـتقة تسميته من “الكتبيين”، وهو اسم السوق التاريخي الذي يعتقد أنه كان على مقـربة من الموقع.
وقد بني جامع الكتبية الأول عام 1147م على أنقاض قصر الحجر المرابطي. أما المسجد الثاني فقد تم بناؤه عام 1158م، وهو يتميز بأعمدته وأقواسه المتناسقة وتيجانه الشبيهة بتلك الموجودة بجامع القرويين بفاس.
8 ساعات
يتحدث راشد العارضة مدير العمليات التجارية لطيران الإمارات في مطار الدار البيضاء عن المساعي المتواصلة لتطوير تشغيل الرحلات المباشرة إلى العاصمة المغربية. ويذكر أن الأسطول الجوي الضخم التابع للشركة وهي الناقل الوطني للدولة، يختار أفضل علامات الضيافة والخدمات الراقية التي تضعه دائما في المقدمة. ويعمل بحسب التوجيهات على إحاطة الركاب ممن يختارون مدينة دبي كمحطة لسفرهم إلى المغرب، ومنها إلى الدول الأوروبية أو الإفريقية، بكامل وسائل الراحة. ويؤكد راشد العارضة أن التقنيات المدروسة في تصميم مقاعد الطائرات المخصصة للرحلات البعيدة، لا تشعر الركاب ببعد المسافة في الجو. وهذا ما ينطبق على الرحلة إلى الدار البيضاء والتي تمر بيسر على مدى 8 ساعات، سواء في رحلة الذهاب في الـ7:30 صباحا أو في رحلة العو ة في الـ2:30 عصرا.
ساحة النقاش