المقاتلات الإسرائيلية ألقت 17طنًا من المتفجرات المتطورة ودمرت المفاعل وأولمرت اتصل مباشرة ببوش وأبلغه: ما كان لم يبق 

في كتاب صدر جديدا في إسرائيل، يكشف المؤلفان يوسي ميلمان ودان رافيف، تفاصيل تُنشر لأول مرة عن قيام سلاح الطيران الإسرائيلي بقصف المفاعل النووي السوري في السادس من أيلول (سبتمبر) من العام 2007.
وشدد الكاتبان على أن السبب الوحيد الذي كان من شأنه أنْ يمنع العملية من الخروج إلى حيز التنفيذ، هو رد الفعل السوري على القصف، ذلك أن المخابرات الإسرائيلية، بحسب الكتاب، كانت على علم بعدد الصواريخ والمقذوفات التي تمتلكها سورية، كما كانوا على علم بأنه في حال حدوث مواجهة عسكرية بين الدولتين، فإن الرئيس الأسد سيُصدر أوامره إلى الجيش العربي السوري بقصف الدولة العبرية بعشرات آلاف الصواريخ، ولفت الكتاب إلى أن ترسانة الأسد الصاروخية قادرة على إصابة أي مكان في العمق الإسرائيلي، من مطارات عسكرية، ومراكز مكتظة بالسكان، وموانئ، وقواعد عسكرية وأماكن إستراتيجية حساسة مثل محطة توليد الكهرباء وحتى المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا، الواقعة جنوب الدولة العبرية.
كما كشف الكتاب معلومات جديدة حول تدمير المفاعل النووي السوري في دير الزور، قبل خمس سنوات، واغتيال اللواء محمد سليمان المسؤول عن المفاعل، فيما بعد، مما يعطي المزيد من البراهين على أن إسرائيل هي التي نفذت العمليتين.
وأكد مسؤولون إسرائيليون أنهم توقعوا أن ترد سورية بهجوم عسكري على إسرائيل وتقصف تل أبيب بالصواريخ، لكن سورية لم تفعل، كما أن أولمرت، الذي أصدر الأمر بتدمير المفاعل، اتصل هاتفيًا بالرئيس الأمريكي آنذاك، جورج بوش، الذي كان في زيارة لأستراليا وقال له بالحرف الواحد: أريد أن أبلغك فقط، بأن ما كان لم يبق بعد.
وكشف الكتاب أيضًا عن أن الرئيس بوش اتصل بأولمرت وأبلغه أنه سيرسل إلى إسرائيل وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، لكي تظهر معه في مؤتمر صحافي مشترك يعلنان فيه كل ما تجمع لديهما من معلومات حول وجود مفاعل نووي في سورية، ويطلبان تراجع سورية عن خططها النووية، لكن أولمرت رفض الطلب بنعومة، وقال إنه يفضل أن يدافع عن أمن إسرائيل بطريقة أخرى، فلم يعترض بوش، كما أن المؤلفين قالا في الكتاب إن أولمرت سار على درب رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، مناحيم بيغن، الذي أمر بقصف المفاعل النووي العراقي، بناءً على نظريته القائلة إن إسرائيل وحدها هي القادرة على الدفاع عن أمنها.
وكشف الكتاب أيضا أن الدولة العبرية اكتشفت بالصدفة، أمر وجود المفاعل النووي السوري في دير الزور، أما في أمريكا، فقد اعتقدت المخابرات هناك أن إسرائيل تعرف كل شيء في سورية، ولذلك لم تبذل جهودا زائدة لمتابعة ما يجري فيها، بينما في إسرائيل لم يتوقعوا أن تصرف سورية مبالغ طائلة على بناء مفاعل نووي في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة.
وقد عرف الإسرائيليون أمر المفاعل بالصدفة، خلال متابعتهم تحركات أحد أعضاء اللجنة السورية العليا للطاقة النووية، اللواء إبراهيم عثمان. فقد حضر إلى سويسرا للمشاركة في اجتماع للجنة الدولية للطاقة النووية في مطلع سنة 2007، وراحوا يراقبون شقته الخاصة القائمة في جنيف. وعندما غادرها ذات مرة، دخلها شخصان ونقلا كل ما في حاسوبه الشخصي إلى ديسك بحوزتهما وزرعا في الحاسوب ما يعرف باسم (حصان طروادة)، وهو جاسوس إلكتروني يلتقط كل عملية في الحاسوب ويسجل بالصوت والصورة ما يدور في محيط الحاسوب. كما جاء أن خبراء الموساد ذهلوا وهم يقرأون المواد التي التقطوها من الحاسوب، في شهر مارس (آذار) من سنة 2007، وكيف صدم مئير دغان رئيس الموساد في حينه، عندما أبلغوه، وكان في طريقه لإجراء اللقاء الأسبوعي مع رئيس الوزراء، أولمرت، فصدم هو الآخر وقال: ماذا يجب أنْ نفعل؟ وتقرر أن يجري الجيش استعداداته لحرب مع سورية، حيث توقعوا أن ترد هذه بهجوم حربي انتقاما، يتم خلاله قصف تل أبيب.
وفي السادس من سبتمبر (أيلول) 2007، أمر رئيس الأركان غابي أشكينازي قواته بالانطلاق، وأقلعت عشر طائرات مقاتلة من قاعدتها في مطار عسكري في الشمال الإسرائيلي باتجاه الجنوب للتمويه.
وفي الطريق انفصلت عن القافلة سبع طائرات مقاتلة واتجهت غربا إلى البحر ثم إلى الحدود التركية السورية. وقد نجحت في شل حركة الرادارات السورية، وقذفت المفاعل النووي خلال ثوان بالصواريخ ثم بقنابل ذكية تخترق الأرض، وعادت أدراجها من دون أن يكتشفها أحد. وقد خلفت وراءها دمارا شديدا وعشرات القتلى بينهم عشرة عاملين من كوريا الشمالية، على حد قول الكتاب. وواصل الإسرائيليون متابعة اللواء محمد سليمان، الذي كان يقود ما يسمى جيش الظلال، وهي الفرقة العسكرية التي كانت تعمل بسرية تامة تحت إشراف مباشر من الرئيس بشار الأسد، ولا يتاح حتى لوزير الدفاع أو رئيس الأركان التدخل في نشاطها. وتبين أنه استأنف على الفور نشاطه لإعادة تجربة بناء المفاعل في مكان آخر، فتقرر اغتياله.
وبعد 11 شهرا، وتحديدا في الفاتح من آب (أغسطس)، غادر سليمان قصر الرئاسة في دمشق بعد لقاء مع الأسد وتوجه إلى فيلا صيفية يملكها على شاطئ البحر في مدينة طرطوس الشمالية، حيث كان قد دعا أصدقاءه إلى حفل.
وخلال الحفل، أطل من البحر غواصان يحملان بندقيتي قنص، وأطلقا الرصاص مباشرة نحوه فأصيب في جبينه وسقط قتيلا، وعادا إلى أعماق البحر، وقال المؤلفان إن الموساد أراد من وراء اغتيال سليمان توجيه رسالة واضحة للأسد مفادها أن المخابرات الإسرائيلية تعرف كل شيء عن تحركاته، وأنه بإمكانها تصفيته هو الأخر، على حد تعبير المؤلفين.
و الاثنين نشرت صحيفة ‘هآرتس’ العبرية التحقيق الكامل الذي نشرته صحيفة (نيوركر) الأمريكية، والتي قالت إنه أصدق رواية حول القصف، حيث قال مُعده أن الطائرات الإسرائيلية انطلقت من قاعدة (رمات دافيد) في الشمال، وأن أولمرت وليفني وباراك تابعوا العملية عن كثب، وبعد انتهاء الطيارين من المهمة أسلوا لقادتهم الاسم السري: أريزونا، بعد أن قاموا بقصف المفاعل بدير الزور بـ17 طنًا من المواد المتفجرة، الأمر الذي أدى إلى تدمير الفاعل كليا ومقتل 35 عاملاً فيه.

المصدر: أخبار البلد

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,180,593