authentication required

يتعجب كثير من الأمهات كيف كان الابن مطيعاً. فالأم تتعجب وهي ترى الفرق بين أسلوب كلام الطفل في عامه السابع وبين أسلوبه قبل ذلك. كان يقول في عامه الخامس كلمات لا يمكن أن يفهمها لكنها من النوع نفسه الذي يستعمله الأب. أما الآن فإنه يقول الكلمات التي يسمعها من أصدقائه، وقد يتلفظ ببعض الشتائم التي يسمعها في الشارع. بعد أن وصل إلى خارج حدود الأسرة. إنه الآن في المدرسة، إنهم الآن في الشارع، إنهم الآن يعيشون حياة المجتمع، إنهم يحاولون اختبار سلطة الآباء والأمهات وإلى أي مدى يمكن للابن أن يتجاوز حدود اللياقة بشرط ألا يعاقب، وأنا أنصح الأمهات بأن يتفهمن الأبناء وأن يعاقبنهم على الخروج على قواعد اللياقة والأدب.

وتلاحظ الأسرة أيضاً أن الابن لم يعد يهوى لعبة تقليد الكبار ويتجه إلى الألعاب الجماعية، وقد يلاحظ الآباء والأمهات بمزيد من الأسى أن أخلاق الابن تميل إلى الفساد، إنه دائماً يسبب التوتر ويخرج من البيت دون أن يغلق الباب وعندما يدق جرس الباب فهو يرفض أن يفتحه ويتباطأ في تنفيذ طلبات الأسرة. ولا يعلق ملابسه عندما يعود من المدرسة، ولا يمسح حذاءه، أو يهمل عاداته الصحية، أوأصبح يتكلم بصوت عال، ويتصرف بروح من العناد. وعندما يبدأ أحد الوالدين معاقبته على خطأ ارتكبه يتمادى في تصوير أنه مظلوم أو أنه يعيش مضطهداً في هذا المنزل.

الدكتور فؤاد أسعد، خبير التربية والعلاقات الإنسانية يقول:»إن الطفل يفعل كل ذلك وهو يعرف أنه مخطئ، لكنه يحاول دائماً أن يتحدى وأن يفعل ما يغيظ الأهل ليعلن أنه كائن موجود مستقل له إرادة غير إرادة الكبار. وعندما يشعر الابن بأن والديه يعارضان هذا الأسلوب من العناد والخروج عن القواعد، ويشعر بأنه لا مفر من الرضوخ لآرائهما، فإنه يقاوم حتى اللحظة الأخيرة بالكذب الأبيض. إنه يقول مثلاً: «أنا لم أفعل كذا إلا بناء على رغبة المدرسة.. لقد قالوا في المدرسة عكس ما تقولون تماماً».

 

«إن الطفل بطبيعة الحال يكذب في هذه المرحلة بهدف التمرد على السلطة التي كان يخضع لها من قبل خضوعاً مطلقاً، إنه أيضاً يدخل في مناقشات مستفيضة حول البديهيات، ويعلن عكسها تماماً. ويحاول أن يحاصر الأب بأسئلة عن المعلومات العامة، فمثلاً يسأل عن مكان الله، ويسأل هل الأنبياء لا يموتون.. إذن أين هم.. ويحاول أن يدخل في مناقشات لا نهاية لها، ويستعمل دائماً الكذب الأبيض ليدعم رأيه ويستند في هذا إلى آراء المدرسين التي لا يمكن أن يتفوهوا بها. إن الابن يحاول استخدام آراء الآخرين لتدمير شيء من سلطة الأسرة، ويكون الهدف دائماً هو أن يقول لأسرته ببساطة: «عزيزي الأب أنت لا تعرف كل شيء في العالم.. عزيزتي الأم إن معلوماتك محدودة».

 

إنني أؤكد مرة أخرى أن الطفل يضع نهاية للارتباط العاطفي الساذج الذي كانت بطلته الأم. ويعاملها كإنسانة يستريح لها وتناقشه وتحمل له النصيحة، دون أن يدخل في لعبة المنافسة. ويبدأ استعداد الطفل لفترة المراهقة، ويبدأ الطفل في اكتشاف العالم المحيط به. ويحاول أن يخلص في دراسته أو قراءاته الخارجية أو عقد الصداقة مع أقرانه».

ويكمل الدكتور أسعد:»إن رحلة التحرر من عشق الأم ثم التدريب على ضبط العواطف، هي تعبير عن كل مجالات النمو. لأن الإنسان يختلف عن الحيوان في قدرته على ضبط العواطف وتطويرها، وزيادة نوعيتها وترقية وسائل التعبير عنها. فالطفل بدأ في حب أمه خلال العام الثالث لأنه يقلد الأب. لكنه يكبت ذلك ليؤهل نفسه كي يكون كبيراً ناضجاً مثل الأب، وقادراً على أن تكون له قصته الخاصة.

ويقابل هذا الكبت لحب الأم تحول آخر من علاقة الابن بأبيه. فبعد أن كان الابن يرضخ للأب ويخاف منه ويعتبره المثل الأعلى، يبدأ أيضاً في التمرد على هذا الخوف وهذا المثل الأعلى ويحاول أن يكون نداً له وصاحب كيان خاص وعندما يتقبل الأب هذه الصداقة الجديدة، فإنه يتيح للابن فرصة كبيرة للنمو.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 121 مشاهدة

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,278,999