هناء الحمادي
كشفت دراسة اجتماعية حديثة، الارتباط الوثيق بين المشكلات الزوجية وكثرة مشاهدة القنوات الفضائية، وأن ثمة ارتباطا وثيقا وطردياً بين عدد ساعات مشاهدة المسلسلات الدرامية والخلافات التي تقع بسببها المشكلة بين الزوجين، أي أنه كلما زاد عدد ساعات مشاهدة التلفزيون، زادت احتمالات وقوع المشكلات بين الزوجين. وبينت الدراسة أن نسبة 84% من الأزواج، ضمن عينة الدراسة، يرون أن إدمان أحد الأطراف على متابعة تلك المسلسلات وتقليد الأبطال من أهم أسباب حدوث المشكلات الزوجية، حيث إن 45% من تلك النسبة كانوا يتشاجرون يوميا بسبب جلوس أحدهما لمتابعة القنوات الفضائية.
أوضح خليفة المحرزي رئيس المجلس الاستشاري الأسري في دبي، في دراسة أعدها بعنوان «أهم أسباب المشكلات الزوجية» بمشاركة عينة مكونة من 100 زوج وزوجة، أن 24% من الذين كانوا يشاهدون البرامج بشكل متقطع حدثت بينهم مشادات كلامية، مشيراً إلى أنه تم الطلب من عينة الدراسة الإجابة عن مجموعة من الأسئلة المتعلقة بأسباب المشكلات وآثارها على سلوكياتهم في الحياة اليومية.
وخلصت الدراسة التي انتهت مؤخراً، إلى أن الأزواج والزوجات يتأثرون سلبا بالمسلسلات، لإنها تعمل على غياب السلام العائلي ويقصد به عدم تقبل أطراف النزاع بعضهم لبعض، بل على العكس، يريد كل واحد أن يفكر الجميع كما يفكر هو، وبالتالي أن يتصرف على هذا النحو، إضافة إلى ما ينتج عن هذا الأمر من عدم احترام الأطراف لاحتياجات الطرف الثاني من تناول الوجبات أو استقبال الضيوف وزياراتهم، والسعي لفرض الرأي إما عن طريق الترهيب أو رفع الصوت أو ممارسة السلطة الزوجية.
ولفت إلى أثر ذلك على العلاقة الزوجية، خاصة عدم الاستقرار العائلي والمنغصات الزوجية والعائلية في محيط الأسرة، في إطار الانفعال السلبي والتسرع في الحكم على الشيء، مع ظهور بعض التصرفات الانفعالية، لذلك نجد الأزواج لا يستطيعون أن يكظموا الغيظ، ويتحاملون على أنفسهم إذا ارتكبت الزوجات ما يستوجب مثل هذا السلوك، والشيء نفسه تفعله الزوجات أيضا.
حكايات زوجية
وينتظر سالم محمد 30 عاما المسلسلات بكل شغف، لمتابعة الأحداث الدرامية التي تعرض على الشاشة، لكن إزعاج زوجته وحبها لمتابعة مسلسل آخر يولد أحيانا كثيرة مشاكل جمة.
ويقول في هذا الشأن، كثيرا ما يحدث خلاف يومي على المسلسلات فهي تقارنني برومانسية بطل أحد المسلسلات في تعامله مع زوجته وتتمنى أن يتعامل معها زوجها بالطريقة نفسها، لكن هذا الكلام كثيرا ما يزعجني مما يفاقم الحوار فيما بيننا ويؤدي إلى رفع الصوت، لكن بعد ذلك تهدأ النفوس، غير أن سالم لفت إلى أن كثرة تلك المشاحنات تخلق حالة من الارتباك داخل المنزل، وبالتالي تؤثر على جو السلام العائلي، فيشعر الفرد أحياناً برغبته في مغادرة المنزل والجلوس مع أصدقائه، وهذا الشيء مع تكراره يخلق حالة من الجفاء بين الزوجين، يجب أن لا يتركا لها مساحة بينهما حتى تسير الحياة بينهما إلى بر الآمان، وهو ما يحاول سالم تعويد نفسه عليه، وعدم الانسياق وراء ميوله في التمسك برأيه، ولكنه قد يترك آثاراً سيئة على علاقته ببيته وزوجته.
بينما عبد السلام حسين الراوي، 29 عاما، متزوج منذ خمس سنوات ينفي أن تكون تلك المسلسلات التي تعرض على الشاشة سببا في حدوث أي خلافات زوجية، مؤكداً أن زوجته من النوع الذي لايحب مشاهدة تلك المسلسلات الذي قد يبلغ عددها أكثر من 32 مسلسلا، هذا العام، ولا تجد الوقت الكافي للمتابعة، إنما تقضي وقتها ما بين إعداد المائدة واستقبال الضيوف والذهاب إلى العمل مع ترتيب أمور المنزل، ومتابعة شؤون أولادها.
وأكد الراوي أن عدم تعلق زوجته بالتلفزيون صفة جيدة، لأن إدمان المشاهدة يجعلها بلا شك تؤثر في حق بيتها وأولادها، وهناك سبب آخر قوي يجعله فرحاً بعدم تعلق زوجته بمشاهدة التلفزيون، هو أن أكثر النساء اللواتي يدمن المسلسلات يقعن فريسة لمظاهر الحياة، وبالتالي تزداد تطلعاتهن وطموحاتهن، فيما يفوق قدرات بعض الأزواج، ما يمثل أحد معاول الهدم لكيان أي أسرة.
إدمان المشاهدة
من جانبها، ذكرت فدوى مصطفى 28 سنة أنها بالفعل تعشق متابعة المسلسلات، وتحرص على متابعة أكبر عدد منها خلال شهر رمضان، لأنها بالفعل تدور جميعاً في إطار مثير وجذاب، وقالت فدوى إنها تتفاعل مع أحداث المسلسل وتتأثر بالمشاعر المختلفة لأبطاله، ولا ترى في متابعة المسلسلات أو التلفزيون أي مشكلة، طالما كانت المواد المقدمة من خلاله هادفة ومحترمة، وترى أنه يجب على الزوج ترك مساحة من الحرية لزوجته لمشاهدة التلفزيون، كونه وسيلة ترفيه محترمة، ويقدم للزوجة خبرات كثيرة في الحياة عبر القصص التي تدور في المسلسلات المختلفة.
ولفتت إلى أنها تحرص على أن لا تؤثر مشاهدتها للتلفزيون على واجباتها تجاه منزلها، ومع زوجها، رغم تلميحات زوجها في أحيان كثيرة إلى طلباتها التي تزيد بعد مشاهدتها مسلسلا ما لإعجابها بفستان أو بصبغة شعر أو ماكياج فلانة، إلا أن ذلك لا يؤدي إلى مشكلة معه، وإن حدث ذلك، يكون بسيطاً، مطالبة زوجها بأن يتحلى بالصبر وسعة الأفق كونه الأكبر عمراً والأكثر خبرة في الحياة وقدرة على احتوائها.
من جانب آخر، تشعر بالضيق والملل فاطمة قمبر، متزوجة حديثا، من جلوس زوجها لإدمانه على مشاهدة القنوات الإخبارية والبرامج الحوارية، سواء في شهر رمضان أو حتى في أوقات أخرى.
وتضيف، كثيرا ما تسبب تلك البرامج تأثيراً على نفسية زوجي، فإن كانت الأخبار سارة وبرامج الحوارات هادئة كان تعامله معي مثل الحمل الوديع، لكن متى زادت واشتد الحوار زادت المشاحنات والمشاكل فيما بيننا، حتى إنه من كثرة ذلك أصبحت أفضل الذهاب إلى بيت الأهل بعد الفطور حتى ساعات متأخرة من الليل.
وبنوع من الضيق تؤكد أن اهتمامه الأكبر أصبح بمشاهدة نشرات الأخبار ومتابعة الأحداث العالمية بدلا من التنزه والخروج والانطلاق، وهو ما أعطاها انطباعاً بأنه شخص متصلب المشاعر ولا يستخدم غير عقله فقط.
وأكدت فاطمة أن حياتها الزوجية تعرضت بالفعل لأزمات خطيرة كادت تدمرها بسبب إدمان التلفزيون، وقالت إنها تحاول الآن مع زوجها أن تشغله شيئاً فشيئاً عن تلك الفضائيات، بالحديث معه عن عمله أو أسرته، كون ذلك السبيل الوحيد للتغلب على هذا الإدمان الإخباري لديه، بحسب فاطمة.
تنوع الإعلانات
وينتقد الزوج خميس مبارك المشغوني تصرفات بعض الزوجات وانشغالهن بمشاهدة التلفزيون، بقوله: أصبح البعض من الزوجات يجلسن لساعات طويلة قد تصل إلى الفجر لمشاهدة تلك البرامج والمسلسلات غير الهادفة، متناسيات دورهن كزوجات وأمهات، مؤكداً في الوقت نفسه أن الخلافات الأسرية ظهرت أيضا بسبب تنوع الإعلانات الخاصة بالنساء، ما تسبب في تشجيع الزوجات على شراء المنتجات التي تعرض في قنوات التلفزة، ولو كانت في مراكز تجارية في إمارات أخرى بعيدة، ومن جراء ذلك رفض الكثير من الأزواج طلبات زوجاتهم بشكل مباشر، بسبب قيام الزوج بالتوجه لصلاة التراويح، وعدم توافر الوقت الكافي للزوج للتسوق مع زوجته، والموافقة على شراء احتياجاتها الكثيرة، ما أدى إلى تشاجر الزوجين ووقوع الخلافات الأسرية التي وصلت إلى حدّ التهديد بالطلاق.
نصائح زوجية
قال خليفة المحرزي رئيس المجلس الاستشاري الأسري في دبي، إن تراكم مشاعر الغضب بين الزوجين وغياب البوح، يؤدي إلى تآكل الأحاسيس الطيبة ويقلل من رصيد الذكريات الزوجية الحلوة، فالعناد هو أكثر الطرق فاعلية لإشاعة النكد في المنزل، واستمرار الزوجين في العناد معناه عدم النضج.
ودعا الزوجين إلى عمل جلسة إيمانية أو قيام ليل وتزويد العائلة ببرنامج روحاني إيماني كالصلاة أو جلسة بعد العصر لتفسير القرآن، والتركيز على صلة الرحم وتقوية العلاقات الاجتماعية، من خلال الزيارات والتنقل من بيت إلى بيت، وإن تعذر ذلك فبالاستفادة من الهاتف في الاتصال بالأهل، والاستفادة من اجتماع العائلة، مما يتيح للزوجين فرصة استثمار هذا الحدث لتقوية العلاقة فيما بينهما، وفيما بينهما وبين أبنائهما من خلال الحوار وتبادل الحديث.
ساحة النقاش