لقطة من اليوتيوب لمسلسل «طاحون الشر»
يبقى المخرج بسام الملا الغائب الأبرز عن أعمال البيئة الشاميّة لموسم 2012 وهو الذي اشتهر بهذا النوع من الأعمال، ويبقى هذا النوع من الأعمال الغائب الأهم عن شاشة قناة إم بي سي ككل عام، في حين احتل الشاشات الرمضانية مسلسل "طاحون الشر" الذي يشبه من حيث الشكل والمضمون مسلسل "باب الحارة" الذي شغل بأجزائه الخمسة المشاهدين طيلة خمس سنوات في شهر رمضان المبارك.
رنا سرحان - احتار المخرج السوري ناجي طعمي بين “ابن الميتة” و”ابن اليتيمة”، و”ابن الداية” و”كسر الرجال”، إلى ان تمّ الاعتماد على اسم “طاحون الشر” اسماً نهائياً للعمل الرمضاني التي تدور قصته في فترة الاحتلال الفرنسي لدمشق، حين تعرضت حارة «الكبادة» للكثير من الصدامات التي تتخذ طابع الثأر والحبّ والجشع والطمع بالسلطة. وبعد احتلال الفرنسيين لدمشق بعامين تقريباً تنهال على الحارة المشاكل من كل جانب، حتى أنه كثر القتل والصدامات بفعل تراكم أحداث كانت تحت الرماد في هذه الحارة، فتحتدم الصراعات على المال والسلطة والثأر لدم القتيل.
هروب وموت
صراع على السلطة والمال والقلوب أيضاً.. وهروب داية من حارتها مع طفل ماتت أمه أثناء ولادته وهي زوجة الزعيم الثانية التي توفيت بعد مخاضها بدقائق تاركة ابنها “زيدو”، فتقوم “فخرية” زوجة الزعيم الأولى بمحاولة لإبعاده عن الحارة، ويعيش حياة الفقر والحرمان إلا أن الظروف تعيده إلى الحارة مجدداً. تستعين فخرية بشقيقها عاصم الطامع بمال الزعيم للتخلص من الأخير كي يمنع زيدو من التعرف على أبيه. يتفاقم الصراع بين عاصم وزيدو الذي يتحول متراساً منيعاً للحارة وجامعاً لشملها بعد أن تفرقت على يد الأول، وبعد أن اكتشف بأنه ابن الزعيم الراحل.
ويقول ناجي طعمي لـ”الاتحاد” أن هذا العمل يلاحق بصورة رئيسية تفاصيل حكاية اجتماعية حدثت في أواخر عشرينيات القرن الماضي في دمشق، ويركز بدرجةٍ أقل على ملامح البيئة التي اعتاد هذا النوع من الأعمال التركيز عليها، ولكن دون إهمال التفاصيل التي تحظى باحتفاء المشاهد، وترقبّه في المسلسلات الشاميّة.
ويراهن المخرج السوري على النجاح الذي سيحققه العمل خلال شهر رمضان الكريم، وخاصة أنه يتناول قصة جميلة منسوجة بعناية فائقة مملوءة بالأحداث المشوقة، إلى جانب الكوكبة المميزة من النجوم السوريين الذين يضمهم العمل. ويتابع طعمي أن في العمل يبقى الزعيم محافظاً على وعد قطعه على نفسه أمام زوجته بأن لا يتزوج امرأة أخرى حتى بعد وفاتها، وذلك رغم أنه لم ينجب منها ولداً، ولكنّه في الحقيقة لا يعرف بأن له ولداً، والسر عند الداية.
الداية وسر الطفل
ويقول مروان قاووق كاتب العمل إنه عمل في هذا المسلسل على خاصية “الفلاش باك” لبعض الخطوط الدرامية في البناء القصصي للنص، أما عن الجانب التوثيقي في العمل، فيعتبر أنه وثق الأحداث ضمن الحارة الافتراضية ولم يوثق فيها الجانب السياسي والثقافي، كون هذين الجانبين كانا نشطين في تلك الفترة التي قدمت للتاريخ السوري والعربي المعاصر أسماء شخصيات ترفع لها القبعات احتراماً وعاش خلالها الكثير من الشخصيات ذات الثقل السياسي والثقافي، ولكن بما أنه بنى النص على أساس أن الحارة افتراضية فلم يقحم أي شخصية ثقافية أو سياسية في العمل لأنها سوف تبقى مهمشة وبعيدة عن الاهتمام الواجب، وبالتالي لن تأخذ حقها في العمل.
“الداية فخرية” التي تعرف سر الطفل الذي ولد في القبر وتهرب من الحارة قبل أن تعود إليها بعد ثلاثين عاماً، هي الفنانة القديرة منى واصف، تقول عن دورها في العمل: “أجسد دور الداية الهاربة من الحارة، وهي الوحيدة التي تعرف سر الطفل “زيدو” الذي ولد في القبر ثم تعود إلى الحارة بعد ثلاثين عاماً من الغياب بعد مقتل زوجها وابنتها لأسباب يكتشفها المشاهد مع تصاعد الأحداث”. وتضيف: “العمل يتناول في طياته فترة الاستعمار الفرنسي لسورية، ونرى خلال أحداثه تكشّف السر الذي بسببه خرجت “الداية فخرية” من الحارة، التي تعود إليها بعد أكثر من عقد من الزمن، ولكن هذه المرة ليس بمفردها وإنما مع ابن ينخرط في صفوف ثوار الغوطة ضد الاستعمار الفرنسي” .
تفاصيل البيئة الشامية
أما الفنان وفيق الزعيم فيعبّر عن سعادته لتواجد عدد كبير من “النجوم المهمين وأهم نجوم مسلسل “باب الحارة” في هذا العمل”، مضيفاً أنها حكاية لطيفة وجميلة، والمخرج ناجي طعمي، ورغم أنه يقدم عمل بيئة شامية للمرة الأولى بعد أن تميز بإخراج اللوحات والمسلسلات الاجتماعية، فاجأه بفهمه واحترامه لتفصيلاتها. ويعتقد أن العمل جاء بأيد أمينة، لأنه عندما يحترم المخرج بيئة العمل لا يخجل من السؤال عن تفصيلات هو يجهلها ويشعر بأنه يزيد لنفسه معلومة جديدة، وهو أمر لا يقلل من قدره بل يرفع من تميزه، عكس الكثيرين من المغرورين الذين يظنون أنهم يعرفون بالبيئة، فيقعون في مطب تزويرها وتشويهها، وهذا ما يحدث في كثير من أعمال البيئة الشامية.
ويضيف الزعيم أن احترام البيئة وتفاصيلها هو جزء أساسي من قبل صناعة الدراما، لأن صناعة الدراما لها علاقة بالكاتب، أما تفصيلات البيئة فلها علاقة بتاريخ الشعوب، وهو أمر لا يحق لأي تاجر أو انتهازي أن يشوه هذه الحقائق لأسباب مادية.
وحول إصراره على تقديم الأعمال الشامية، يجيب الزعيم أنه سعيد بأن يحسب على البيئة الشامية، لأن البيئة أصالة، ولكن بالمصادفة تمّ تقديم خمسة أجزاء متتالية من مسلسل “باب الحارة” وبتواجده وهذا شرف له.
بعد طول غياب
ويعيد “طاحون الشر” النجم “بسّام كوسا” إلى دراما البيئة الشاميّة بعد طول غياب من خلال قيامه بدور “عاصم بك”.. وفي المسلسل يعود فنّان الشعب “رفيق سبيعي” لأداء دور الزعيم.. السيدة منى واصف “الداية”، وائل شرف “زيدو”، ميلاد يوسف “بري”، ورامز أسود “أبو جوهر” رئيس الكركون..
والعمل من بطولة بسام كوسا ورفيق سبيعي وصباح الجزائري ومنى واصف ووائل شرف وناهد الحلبي، ولينا حوارنة، وليلى سمور، ووائل شرف، ولمى إبراهيم، وليليا الأطرش.. ونخبة من نجوم الشاشة السورية، وكتب القصة والسيناريو والحوار مروان قاووق، وإخراج ناجي طعمي، وانتاج شركة Golden Line، عمل تقدمه شاشات الفضائية السورية وقناة رؤيا الأردنية وقناة الجديد ضمن مائدة الدراما الرمضانية ليبقى للدراما السورية الشامية حضورها ككل عام.
شخصية متناقضة
يطلّ ميلاد يوسف للمرة الأولى بشخصية سلبية في “طاحون الشر” ويعزو انجذابه إلى دور “بري”، الذي يؤديه في المسلسل، الى التناقض الذي يعتريه، ورغم أنّ هذه الشخصية شريرة، إلا أنّها تتمتع بجوانب إنسانية، وخصوصاً ضعفها أمام علاقة حبّ تعيشها، إضافةً الى غنى النص وتطرّقه إلى علاقات تطرح للمرة الأولى في دراما البيئة الشامية على حد قوله.
ساحة النقاش