د. محمد مطر الكعبي

الإنسان جزء من هذه الأرض، قال تعالى: (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً)، وإذا كان هذا الإنسان السويّ القائم له عالمه الخاص به، ولكل فرد من أفراده عالمه الخاص به، فكذلك عالم النبات الذي جعله الله زينة لهذه الأرض، فكل صنف منه عالم قائم بذاته، وكل واحد من صنفه عالم قائم بذاته، ولكنها كلها مشمولة بقانون التوازن فـي ذاتها، وقوانين توازن الوجود بها.

قال الله سبحانه عن الأرض: (وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ)، فقد نمت هذه النباتات بقدر موزون، قال عز وجل (وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ)، فإذا تأمل الإنسان هذه النباتات وأنواعها وما فيها وحياتها وموتها أدرك أنها عامل استقرار واستمرار فـي هذه الأرض، قال عز وجل:(وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الحَصِيدِ* وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ* رِزْقاً لِّلْعِبَادِ).

قال تعالى:( وَأَنزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجا ً* لِنُخْرِجَ بِهِ حَباًّ وَنَبَاتاً* وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً) ومعلوم أن الجنات وحب الحصيد وكل ذلك من النباتات، ولكن الله يوقظ العقول والضمائر إلى الاختلاف والتنوع فـي المظهر، والوحدة فـي المبدأ والجوهر، وهذا الاختلاف والتنوع يضفي التكامل والغنى والسعة على حياة الإنسان فـي فكره وروحه وجسده، قال سبحانه: (يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، وقد ذكر الله تعالى من نباتات الأرض أنواعاً عديدة، فذكر منها البقول، قال عز وجل: (مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا) وذكر الحبوب والسنابل قال تعالى: (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ) وذكر الله تعالى اليقطين، قال سبحانه:(وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ) وذكر النباتات بإجمال فقال عز وجل:(فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي النُّهَى) وجاء ذكر الزرع وإنباته فـي آيات كثيرة منها قوله تعالى: (يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ) وإن وجود الزرع والثمار يدعو الإنسان أن يحافظ عليه ويستكثر منه، فهو من النعم التي يستكثر العاقل منها، ويشكر ربه عليها، وشكرها هو المحافظة عليها ووضعها فيما أرادها الله تعالى.

 

هذا الذي تقوم به قيادتنا الرشيدة من توسيع المساحات الخضراء وتكثير النباتات والأشجار بألوانها وأنواعها حتى غدت الإمارات آية فـي الجمال والنضرة، وتفردت بحديقة الزهور المعلقة فـي واحة العين الغناء، ودخلت فـي كتاب التفوق الدولي “جينيس”، وما ذلك إلا عرفاناً من القيادة الرشيدة بنعم الله العظيمة فـي النباتات، وترقية للإنسان هذا الوطن إلى أرفع المستويات من الذوق والحسّ الكوني والجمال، ليندمج فـي قوانين هذا الكون، فيكون مبدعاً وهو يتأمل آيات الله الجميلة المنشورة فـي أرجاء هذا الوطن، ويتلو آيات الله المسطورة فـي القرآن الكريم، ويتعلم من هذه وتلك أن البشرية جزء من نبات هذا الأرض، لتكون متكاملة لا متضادة ولا متناقصة ضمن قانون كل شيء موزون (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) صدق الله العظيم.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 58 مشاهدة
نشرت فى 26 يوليو 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,221,496